30 يوليو 2009

تجمعات قرائية: 3 كتب في منتدى المعالي

تجمّعات قرائية: كتب "جدد حياتك" و "المناعة الفكرية" و"مع الله" في منتدى المعالي







أطلق منتدى المعالي قبل فترةٍ مبادرة متميزة حقًا بعنوان "صيفنا قراءة"، وهي عبارة عن تجمّع قرائي لأعضاء المنتدى لقراءة كتب يختارونها ثم يتناقشون حولها.

أبهرتني جدًا طريقة التنظيم التي اعتمدها المنتدى، وهي جديرةٌ بالتأمل والاستفادة. وطريقة التنظيم هذه ساعدت على رواج الفكرة بين أعضاء المنتدى وتقبلهم إياها، والمشاركة فيها.

في الخامس عشر من يوليو تم الإعلان عن الفكرة مع شعارٍ جميل جذّاب، ووُضعت وصلة لاستفتاء حول اختيار الكتب التي سيقرؤها الجميع. تم تصميم الاستفتاء ووضع 22 كتابًا، على أن يختار منها العضو 3 كتب على الأكثر. وكانت مدة الاستفتاء يومان.

في السابع عشر من يوليو كشف المنتدى عن أكثر 3 كتب اختارها المصوّتون (وعددهم 136)، ودعا الأعضاء إلى فعالية قرائية في الغرفة الصوتية الخاصة بالمنتدى (وللأسف ليست لديّ تفاصيل هذه الفعالية).

ما أبهرني أيضًا هو تصنيف المشاركين في النقاش إلى 3 درجات:
قارئ من الدرجة الأولى: يقرأ الكتاب ويناقشه ويدير جزءًا من النقاش
قارئ من الدرجة الثانية: يقرأ الكتاب ويناقشه
قارئ من الدرجة الثالثة: يقرأ الكتاب فقط دون مناقشته


وللعضو حرية الاختيار، على أن يضع صورة رمزية تم تصميمها مسبقًا تدل على درجته.

أما الكتب التي وقع عليها الاختيار فهي:
1- كتاب "جدّد حياتك" لمحمد الغزالي (من 26 رجب إلى 6 شعبان)
2- كتاب "المناعة الفكرية" لعبدالكريم بكار (من 7 شعبان إلى 18 شعبان)
3- كتاب "مع الله" لسلمان العودة (من 20 شعبان إلى 1 رمضان)

وأما النقاش فيأخذ شكلين اثنين، أولهما على شكل يوميات أثناء القراءة، بحيث يمكن للقارئ أن يطرح تساؤلا أو تعليقا حول جزئية ما من الكتاب بينما هو يقرأ الكتاب. أما الشكل الثاني فهو النقاش العام بعد الانتهاء من قراءة الكتاب.

أودّ أن أبعث من هنا تقديري الشديد واحترامي إلى منظمي هذا التجمّع في منتدى المعالي، ولكم أتمنى أن يتكرر هذا الفعل في منتديات عربية أخرى. كما أحب أن أشيد مجددًا بطريقة التنظيم. وتقتضي مني الأمانة أن أشير إلى أمرين في غاية الأهمية، لا انتقادًا بل غيرة على هذه المبادرة الجميلة:

أولا: اختيار الكتب
1- رغم الديمقراطية التي انعكست في وجود تصويت على الكتب، إلا أن الأعضاء لم يكن لهم دورٌ في اختيار الكتب التي يرشحونها. جاءت المبادرة ب22 كتابًا، وعلى العضو الاختيار منها فقط.

2- لم توضّح إدارة المبادرة المصادر التي رشّحت تلك الكتب، إلا بعبارة "انتُقيت من قبل قراء مهتمين". من هم هؤلاء القراء المهتمون؟ وما الآلية التي اتبعوها في ترشيح الكتب؟

3- لم يكن هناك تنوّع في الكتب المرشّحة، فالغالبية العظمى منها تصبّ في حقل الدين الإسلامي والتطوير الذاتي. كان هناك عنوان أدبي واحد "عزازيل" وغابت كتب العلوم والسياسة والاجتماع والتاريخ غير الديني. صحيح أن القراءة أمرٌ إيجابي في نهاية المطاف مهما كانت الحقول المعرفية، ولكن عندما تكون الكتب التي تم اختيارها كلها من نوعٍ واحد (دينية/إسلامية) فبالتأكيد هناك غياب في التوازن.

ثانيا: النقاش
لاحظتُ أنّ قراءة الكتاب الثاني قد بدأت في الوقت الذي بدأت فيه المناقشة العامة للكتاب الأول، وقد يسبب ذلك بعض التشتيت. ربما يكون من الملائم أن يُترك يومان أو ثلاثة للنقاش قبل الانتقال إلى الكتاب التالي.

أرجو أن يتقبل الإخوة في منتدى المعالي هذه الملاحظات بصدرٍ رحب، وأن يكملوا هذا المشوار المشرّف.
لمن يرغب في المشاركة، إليكم وصلة "صيفنا قراءة (الإعلان)" و "صيفنا قراءة (نتائج التصويت)"

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

29 يوليو 2009

قائمة المان بوكر 2009

الإعلان عن قائمة المرشحين لجائزة المان بوكر 2009



تم الإعلان بالأمس (الثلاثاء 28 يوليو )عن "القائمة الطويلة" للروايات المرشحة للفوز بجائزة المان بوكر الأدبية. وهي كما يقول المراقبون قائمة قوية جدًا تحتوي على أسماء وروايات لامعة. في القائمة (ج م كويتزي) واحد من اثنين فقط فازوا مرتين بهذه الجائزة، وفي القائمة أيضًا (أ س بيات) الفائز بالجائزة عام 1990، إضافة إلى أسماء أخرى وصلت إلى القائمة الأخيرة عدة مرات.

وفيما يلي القائمة (اسم الرواية بالأحمر، والمؤلف بالأزرق)

The Children's Book A.S. Byatt
Summertime J.M. Coetzee
The Quickening Maze Adam Foulds
How to Paint a Dead Man
Sarah Hall
The Wilderness Samantha Harvey
Me Cheeta James Lever
Wolf Hall Hilary Mantel
The Glass Room Simon Mawer
Not Untrue & Not Unkind Ed O'Loughlin
Heliopolis James Scudamore
Brooklyn Colm Toiben
Love and Summer William Trevor
The Little Stranger Sarah Waters


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدار جديد لأمين معلوف

إصدارات: كتاب "اختلال العالم" لأمين معلوف


صدر مؤخرًا عن دار الفارابي هذا الكتاب للروائي والكاتب الكبير (أمين معلوف). وفيما يلي نبذة من الكتاب كما جاءت في موقع دار النشر:

يجعل من العسير استتباب أي تعايش متناغم وأي نقاش حقيقي. وكذلك اختلال اقتصادي ومالي يجر الكوكب بأسره إلى منطقة من الاضطرابات يتعذر التكهن بنتائجها ويجسد بحد ذاته عوارض اضطراب في نظامنا القيمي. وأخيراً اختلال مناخي ناجم عن فترة طويلة من الممارسات غير المسؤولة...
هل البشرية بلغت "عتبة إفلاسها الأخلاقي"؟
في هذا الكتاب يسعى الكاتب إلى فهم أسباب بلوغنا هذا الدرك وكيفية الخروج منه. إن اختلال العالم في نظره مرتبط بحالة الإنهاك المتزامنة للحضارات كافة وبخاصة المجموعتين الثقافيتين اللتين يدّعي العالم نفسه الانتماء إليهما ألا وهما الغرب والعالم العربي، أكثر من ارتباطه بـ "حرب الحضارات". المجموعة الأولى تعتورها قلة وفائها لقيمها الخاصة؛ أما الثانية فواقعة في شرنقة مأزقها التاريخي.
إنه لتشخيص مثير للقلق غير أنه يفضي إلى بارقة أمل: الفترة العاصفة التي دخلناها قد تقودنا إلى صوغ رؤية ناضجة في النهاية حول انتماءاتنا ومعتقداتنا وتبايناتنا وكذلك حول مصير الكوكب الذي يعنينا جميعاً.
أمين معلوف صاحب عدة روايات: منها ليون الإفريقي، سمرقند، صخرة طانيوس (جائزة غونكور1993) وبدايات... يندرج هذا الكتاب الجديد في سياق كتابه السابق "الهويات القاتلة"، المنشور سنة 1998 والذي أصبح اليوم مادة تدريسية في برنامج العديد من الجامعات في العالم.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

28 يوليو 2009

تجمّعات قرائية: رواية "ملائكة الجبل الأخضر"

تجمّعات قرائية: رواية "ملائكة الجبل الأخضر" في منتدى عاشق عمان



أعتزم أن أعلن هنا في المدونة عن التجمعات القرائية الالكترونية، وأعني بها أي اتفاق بين أعضاء في منتدىً ما على قراءة كتاب معين، ثم مناقشته. لم أشأ أن أطلق عليها نوادي قراءة كما هو العرف، وذلك للتفرقة بينها وبين نوادي القراءة الفعلية التي لها أعضاء محددون، يلتقون دوريًا لمناقشة كتابٍ كانوا قد رتّبوا نسخًا منه لهم جميعًا.

وأول تجمّع أعلن عنه هنا عبارة عن مبادرة من العضوة (زوّان السبتي) في منتديات عاشق عمان لقراءة كتاب مُشترك ومناقشته. وبعد نقاشٍ مع أعضاء آخرين وقع الاختيار على رواية "ملائكة الجبل الأخضر" لعبدالله الطائي.

لمن يرغب في المشاركة، سيبدأ النقاش في العاشر من أغسطس.

هذه وصلة الموضوع في منتديات عاشق عمان

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

رواية جديدة لعلوية صبح

إصدارات: رواية جديدة لـ(علوية صبح)


صدرت مؤخرًا عن دار الآداب في بيروت الرواية الجديدة للروائية اللبنانية (علوية صبح) بعنوان "اسمه الغرام". جاءت الرواية في 336 صفحة من القطع المتوسط.

إصدارات سابقة للمؤلفة:
- مجموعة قصصية بعنوان "نوم الأيام"، مؤسسة الأبحاث العربية، 1986
- رواية "مريم الحكايا"، دار الآداب، 2002 (فازت بجائزة السلطان قابوس للابداع الثقافي 2006)
- رواية "دنيا"، دار الآداب، 2006

يمكن شراء الرواية عبر الإنترنت من مكتبة النيل والفرات:
من هنا

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

دردشات: ما الروايات التي تتمنى أن تتحول إلى أفلام؟

للنقاش: ما الروايات التي تتمنى أن تتحول إلى أفلام؟


هل هناك روايات قرأتها وتتمنى أن تراها على شاشة السينما (أو التلفاز)؟

وهل هناك روايات تتمنى لو لم تتحول إلى أفلام؟


بانتظاركم..



لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

27 يوليو 2009

إصدارات: رواية أزهار أحمد الأولى

إصدارات: الرواية الأولى للقاصة والمترجمة (أزهار أحمد)


صدرت مؤخرًا للقاصة والمترجمة العمانية (أزهار أحمد) روايتها الأولى بعنوان "العصفور الأول". الرواية صادرة عن دار الجمل، وتقع في 175 صفحة من القطع المتوسط.

جاء على الغلاف الخلفي للرواية (نقلا عن خميس السلطي في جريدة الشبيبة):

"عاودتني فكرة "القتل لمجرد الرغبة في القتل تذكرت قصة "محبوبة" .. الشر ممتع ومضيئ قلت لنفسي ، طردت الفكرة ولم أجرؤ على تذكرها لعلاقتها بفترة كآبة داخلية . كتبت وكتبت ، مبتهجا بكل كتاباتي وكنت كلما انتهيت من سطر سحبت سطرا آخر وراءه، لم أسترح ، كأن يدا ما أيقظت وحشا هائجا كان نائما منذ عشرات السنين ، الأفكار تتآكلني وتدور برأسي كناعورة مشروخة ، حتى سحبني التفكير في لحظة ما إلى الموسيقى ، كأصوات العصافير أو حتى نقيق الضفادع ، كيف أشرح حالة تشبه الرعد ، كيف أكتب صوت الرعد؟ هكذا تأخذنا فكرة الرواية حول أحداث مترابطة ومتشعبة في آن واحد".


وكان قد صدر للمؤلفة سابقًا:
- "أنا و يوكي"، قصص للأطفال، عام2007 عن مؤسسة الانتشار العربي.
- "الممثل"، مجموعة قصصية، عام 2007 عن مؤسسة الانتشار العربي

نُبارك للزميلة أزهار أحمد هذا الإصدار، ونتمنى لروايتها التوفيق.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

25 يوليو 2009

فيلم جديد عن رواية The Time Traveller's Wife

قريبا: فيلم عن رواية The Time Traveller's Wife


يُعرض في دور السينما العالمية قريبًا فيلم مقتبس عن الرواية الشهيرة "The Time Traveller's Wife" وهي واحدة من أكثر الكتب مبيعًا عالميًا.

الرواية من تأليف الكاتبة الأمريكية (أودري نيفينيجر Audrey Niffenegger) وصدرت عام 2003، وتدور أحداثها حول قصة حب بين رجل به خلل جيني نادر يجعله يسافر عبر الزمن فجأة بشكل متكرر وزوجته الفنانة التي تواجه مصاعب الحياة لوحدها بسبب غياب زوجها المتكرر.

الفيلم من بطولة (ريتشل ماكأدامز Rachel McAdams و (إيريك بانا Eric Bana).

يمكنكم مشاهدة الإعلان عن الفيلم هنا :
ملحوظة/تحذير: (صاحب المدونة غير مسؤول عن أية مشاهد قد تخدش حياء بعض القراء)



لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

24 يوليو 2009

إصدار جديد عن حقوق الإنسان العربي

إصدارات: كتاب "حقوق الإنسان في الوطن العربي: تقرير المنظمة العربية لحقوق الإنسان عن حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي"


صدر هذا الكتاب مؤخرًا عن مركز دراسات الوحدة العربية لمجموعة من الباحثين، وفيما يلي ما جاء عن الكتاب في موقع المركز:
يتناول هذا الكتاب /التقرير عرضاً مركّزاً لمسار حقوق الإنسان في الوطن العربي خلال العام 2008 وحتى منتصف العام 2009. ويتضمن ثلاثة أقسام رئيسية، تبدأ بـ مقدمة تحليلية مفصلة تستغرق، بنظرة كلية، أوضاع الحقوق الأساسية والحريات العامة في مجمل المنطقة، ويتناول القسم الثاني، أوضاع حقوق الإنسان في البلدان العربية، ويشمل القسم الثالث أثر الأزمات العالمية المتعددة وانعكاساتها على تلبية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتقييم نمط الاستجابة العربية في مواجهة هذه التحديات.
والجدير ذكره أن البلدان العربية لم تشهد مراجعة لسياساتها واستراتيجياتها تجاه حقوق الإنسان في ضوء ما حدث في العام 2008 وحتى منتصف العام 2009 من متغيرات دولية وضعت مسار حقوق الإنسان موضع مراجعة، ليس فقط في مجال الحريات المدنية والسياسية، بل وعلى الأخص في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
بل، على العكس من ذلك، فقد بادرت البلدان العربية إلى تعزيز سياساتها السابقة نحو إعلاء الاعتبارات الأمنية على الحريات المدنية والسياسية، والتراجع عن الإصلاحات السياسية المحدودة التي أدخلتها على تشريعاتها ونُظُمها، وتعللت بالأزمات المالية والاقتصادية للتحلل من البرامج والسياسات الاجتماعية بأكثر مما تأثرت قدراتها من هذه الأزمات.
وغني عن البيان، أن الانتهاكات التي يرصدها التقرير، لا تعبّر بالضرورة عن كل الانتهاكات، وإنما عمّا نما إلى علم المنظمة وأمكن توثيقه وتدقيقه.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

ترجمة جديدة لكتاب سوسيولوجيا الغزل العربي

إصدارات: كتاب "سوسيولوجيا الغزل العربي: الشعر العذري نموذجًا"


صدرت هذه الترجمة الجديدة للكتاب الذي ألفه (الطاهر بن لبيب) باللغة الفرنسية، هذه المرة من ترجمة المؤلف نفسه. صدرت الترجمة مؤخرًا عن المنظمة العربية للترجمة، وفيما يلي توصيف الكتاب كما جاء في مركز دراسات الوحدة العربية:

"إني على يقين من أن مَنْ يقرأ هذا الكتاب لا يعود، بعد قراءته، إلى ما ورثناه من أفكار عن الحب وعن الغزل عند العرب. إنّه يُحدث، فعلاً، قطيعةً مع الفكر السائد في موضوعه.

أعتقد أنّ لا أحد، قبل الطاهر لبيب، بذل الجهد وأصرّ عليه، بهذا القدر العالي من الموهبة والتحقيق معاً، ليتذوّق حكايات المحبّين، وليفكّك رموزها ويعيد بناءها، في الوعي الجماعي للقبائل ومخيالها...

عرفنا، أخيراً، لماذا شعر البعضُ بالحاجة، تحت سماء الجزيرة العربية، إلى قول الحب، كما لم يقله أحد قبلهم، ولماذا عشقوه".
المستشرق الفرنسي أندريه ميكال

عُرف هذا الكتاب، عربياً في ثلاث ترجمات مختلفة، صدرت بين عامي 1981 و1994. وهذه الترجمة الرابعة هي من وضع المؤلف وتقديمه.


• د. الطاهر لبيب: أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية سابقاً. الرئيس الشرفي للجمعية العربية لعلم الاجتماع. المدير العام للمنظمة العربية للترجمة. تنتمي أغلب أعماله إلى "سوسيولوجيا الثقافة".


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

23 يوليو 2009

ضربٌ من التسويق الرديء

ناشرون يستغلّون أسماء المشاهير


بقلم: روث مورتيمر


دائمًا ما تلفت انتباهي كلمة "الموعد النهائي deadline"، وإن كنتَ صحفيًا فهذه الكلمة هي ما يحدد ساعاتك وأيامك وأسابيعك. وبينما كنت أستعرض الكتب في مكتبة "W H Smith" مؤخرًا، دُهشتُ لاكتشافي أن (دان براون) مؤلف الرواية الشهيرة جدًا "شيفرة دافنشي" قد أصدر كتابًا جديدًا عنوانه "Deadline" مع عنوان فرعي مثير جاء فيه "الوقت لا يصبح مهمًا إلا عندما ينقضي".

في الحقيقة لم أعتبر "شيفرة دافنشي" كتابًا جيدًا عندما ظهر عام 2003، ولكن لا أحد يمكنه إنكار شعبيته الهائلة والتي أنتجت العديد من المقلدين. ومع بيع أكثر من 81 مليون نسخة وظهور فيلمين سينمائيين من روايات دان براون، لا شك أن الرواية تُعتبر من أكثر المبيعات نجاحًا في هذا القرن.

وهكذا التقطت كتاب Deadline. يا تُرى هل سيحكي معاناة صحفية شابة؟ وعندها لاحظت اسمًا آخر على الغلاف تحت اسم دان براون: (سايمون كيرنك Simon Kernick). وقلت في نفسي: "أهاا، إذن فعنوان الرواية هو" Simon Kernick: Deadline. ربما يكون كيرنك هو المحقق البطل في الرواية".

ولكنني عندما نظرتُ من قربٍ أكثر، تبدّى لي أنه في الحقيقة لم يكتب (دان براون) هذا الكتاب، وأنّ كيرنك ليس المحقق البطل. الغلاف الأمامي الذي يخبرك بفخر أن الكتاب "حصري" لمكتبة W H Smith، جاء فيه: "دان براون. إذا كانت تعجبك الروايات المثيرة سريعة الأحداث والتي لا يمكنك التوقف عن قراءتها، فنحن واثقون بأنك ستحب رواية سايمون كيرنك: Deadline". إذن فقد فهمت الأمر برمته خطأً. (كيرنك) في واقع الأمر هو مؤلف Deadline وليس (دان براون).

ما حدث هو عملية بيع كتاب لمؤلفٍ ما مع وضع اسم مؤلفٍ آخر لشدّ انتباه المشتري. بدلا من الإشارة إلى (دان براون) في الغلاف الخلفي لتوضيح أوجه الشبه بين أسلوب الكاتبين، يوضع اسم (دان براون) في الغلاف الأمامي ليبدو لك من أول وهلة وكأنه هو مؤلف الكتاب.

إن الثلثين العلويين من الغلاف يشيران إلى (دان براون) بدلا من (سايمون كيرنك)، والمتسوقون الكُسالى -مثلي- قد يشترون الكتاب بكل سهولة معتقدين أنه لـ(دان براون)، ولا يكتشفون الحقيقة إلا بعد دفع ثمنه.
يحيرني هذا النوع من التسويق. بطبيعة الحال أتفهم تأثير المشاهير في عالم النشر، فـ(دان براون) بكل تأكيد نجم من نجوم الكتابة، ويشبه في ذلك إلى حد ما نجمة البوب (مادونا). لقد أصبح اسم (دان براون) ماركة تقول للقراء بأن الرواية ستكون مثيرة ومتسارعة الأحداث. وعندما تُنشر رواية (دان براون) الجديدة [في شهر سبتمبر القادم] سيشتريها الملايين بغض النظر عما سيكتب عنها.

في الجهة الأخرى (سايمون كيرنك) هو "نجم صغير صاعد"، وعليه بكل تأكيد أن يرضى بدورٍ ثانوي مساند، حيث أنه لم يحقق لنفسه ماركة تنافس ماركة (دان براون). ولا يعني ذلك أن (كيرنك) نكرة، فقد حقق قدرًا من النجاح في روايات مثل "Relentless" و "Severed"، ولكن شهرته لا تنافس (دان براون).

قد يقول قائل بأن هذا ليس إلا نوعٌ من حملات التوصيات التي يقوم بها بائعو الكتب على الإنترنت منذ سنين. فإذا اشتريت رواية لـ(دان براون) من مكتبة أمازون، قد يرشح لك الموقع كتابا مثل كتاب (كيرنك). من المنطقي أنك إذا اشتريت رواية من فئة "الجرائم والإثارة" لـ(دان براون) فقد تعجبك روايات مشابهة.

وقد يقول قائل أيضًا بأنه في عالم يصبح فيه العديد من المشاهير "كتابًا" بمساعدة مؤلفين يكتبون لهم، ليس غريبًا أن تجد اسم شخص يُستخدم لبيع كتاب شخصٍ آخر. عندما نشر (ديفيد بيكام) سيرة ذاتية بعنوان "My Side" كان قد كتبها له مؤلف اسمه (توم وات Tom Watt) والذي تكفل بأن يكون كلام لاعب الكرة ذا قيمة على الورق. رغم ذلك كان اسم (ديفيد بيكام) على الغلاف الأمامي.

ولكنني لستُ الشخص الوحيد الذي شعر بالخديعة من ربط هذه الرواية بدان براون. هناك تعليق في موقع أمازون من شخص اسمه (L. Darmon) يقول فيه: "أعلنت مكتبة W H Smith عن هذا الكتاب قائلة "إذا أعجبك دان براون، فستعشق هذا الكتاب". في الحقيقة، هذا الكتاب لا يشبه دان براون في أي شيء، ولو أنني لم أحصل عليه مجانًا بعد شرائي رواية دان براون الجديدة، لما كنت أخذته وشعرت بأنني قد ضُحك علي بإضاعة وقتي في قراءته".

أغلب التعليقات جاءت حماسية للغاية وتمدح رواية (كيرنك). يقول صاحب إحدى التعليقات أن لا شيء أوقفه عن قراءة الرواية إلا العمل. وكثيرون قالوا بأنهم استمتعوا بالشخصية الرئيسية ويتطلعون إلى قراءة روايات أخرى لـ(كيرنك).
ولكن هذه التعليقات لا تلائم شخصا له أسلوب غير مميز يستحق عليه أن يُكتب اسمه بحجم أصغر بثلاث مرات من اسم شخصٍ آخر لم يكتب الرواية أصلا. قد لا تكون هذه الرواية من الكتابات التي تستهويني كثيرًا، ولكن من الواضح أن (كيرنك) لديه معجبون ينتظرون أعماله.

أعتقد أن الناشر (كورغي Corgi) قد أخطأ. بدلا من ألصاق الرواية بماركة (دان براون)، كان يجب عليه أن يحاول بناء سمعةٍ وأسلوبٍ مميز للمؤلف بطريقة أفضل. أقدّر أنها محاولة لبيع الكتب في وقتٍ عصيب، ولكن هناك مساحة كافية لنجم آخر على الأرفف. ليس هناك من "موعد نهائي" للتسويق الإبداعي يا (كورغي).

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

22 يوليو 2009

بلاستيك لوجيك القارئ الجديد


بلاستيك لوجيك: قارئ جديد خفيف بشاشة لمس كبيرة الحجم


مع ثورة القارئات الإلكترونية، ظهر الإعلان عن قارئ "بلاستيك لوجيك Plastic Logic" الجديد بمميزاته العديدة، والتي تفوق أي قارئ إلكتروني موجود حاليًا.


مواصفات القارئ:
* الحجم: 8.5 X 11
* الوزن: حوالي 368 غرام
* شاشة لمس بلاستيكية وليست زجاجية
* رفيع جدًا
* ذو بطارية طويلة العمر
* يعمل بتقنية اللاسلكي
* يمكنك من قراءة المجلات والجرائد بشكلها الطبيعي بعكس القارئات صغيرة الحجم
* يحتوي على لوحة مفاتيح في الشاشة تمكنك من كتابة الملاحظات على المستندات


لم تتم تسمية هذا الجهاز بعد، ويُعرف حتى الآن بقارئ بلاستيك لوجيك. هذا وسيبدأ طرحه في الأسواق العام المقبل، بسعرٍ لم يتم تحديده بعد.





لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

كن متلبسا بالقراءة

مبادرات قرائية: حملة "كن متلبسًا بالقراة Get Caught Reading"



من أكثر الحملات القرائية طرافة وإبداعًا تلك التي بدأتها (بات شرودر) رئيسة اتحاد الناشرين الأمريكيين عام 1999. في هذه الحملة يتم التأثير على المجتمع وإقناعه بأهمية القراءة ومتعتها، من خلال ضخّ المئات من الصور والإعلانات التي تشجّع على القراءة، إضافة إلى وضع شعار "كن متلبسًا بالقراءة" في كل مكان في شهر مايو تحديدًا، ولكن الحملة تستمر طوال العام. وكي تكون هذه الصور مؤثرة، يتم اختيار شخصيات بارزة في المجتمع من سياسيين وفنانين وكتّاب وإعلاميين ورياضيين، ثم تصويرهم وهم يقرؤون. ومن بين هذه الشخصيات لورا بوش قرينة الرئيس الأمريكي السابق، والممثل روبن ويليمز، والممثلة الشهيرة ووبي غولدبيرغ، وشخصيات كرتونية محبوبة مثل دونالد دك، والرجل العنكبوت. هذا وتم تصوير عشرات من أعضاء الكونجرس وهم يقرؤون لنشر هذه الصور في الحملة.

جاء في موقع الحملة أن هناك مئات من المدرسين وأمناء المكتبات الذين انضموا لهذه الحملة وخصصوا زوايا في المدارس والمكتبات من أجل القراءة، ولتصوير الطلاب وهم "متلبسون بالقراءة"، ثم تعليق هذه الصور في الصفوف.

يمكنكم مشاهدة العديد من صور المشاهير ضمن هذه الحملة، ومعرفة المزيد عن فعاليات الحملة من الموقع التالي:
http://www.getcaughtreading.org/index.htm








لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

20 يوليو 2009

مؤلف حياة باي يكتب عن المحرقة اليهودية

مؤلف رواية "حياة باي" يكتب رواية جديدة عن المحرقة اليهودية

(المصدر: جريدة التايمز أونلاين، 19 يوليو 2009)

توصل الكاتب الكندي (يان مارتل) صاحب الرواية الشهيرة "حياة باي Life of Pi" إلى اتفاق مع ناشر بريطاني لكتابة رواية جديدة عن المحرقة اليهودية، على أن تصدر العام القادم. وكانت هناك تساؤلات كثيرة حول سبب توقف الكاتب عن الكتابة بعد النجاح الباهر الذي حققته روايته الأولى، حيث فازت بجائزة المان بوكر وبيع أكثر من 10 ملايين نسخة منها.

وستكون الرواية الجديدة عبارة عن قصة خرافية شخصياتها من الحيوانات، وترمز في حكايتها إلى المحرقة اليهودية دون التطرق المباشر لأحداثها.

للاطلاع على الخبر بالإنجليزية:
http://entertainment.timesonline.co.uk/tol/arts_and_entertainment/books/article6719153.ece

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

كتاب جديد لأحلام مستغانمي

إصدارات: كتاب جديد لأحلام مستغانمي (نسيان com)


بعد إعلان بيروت عاصمة عالمية للكتاب، شهدت يوم الخميس الماضي حفل توقيع الإصدار الجديد للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، مع وصلة غنائية للفنانة اللبنانية جاهدة وهبه التي غنّت من أشعار أحلام مستغانمي. وأقيم الحفل في قصر اليونسكو برعاية وزير الثقافة اللبناني وسط حضور غفير.

جاء الكتاب الجديد بعد توقف مستغانمي عن إصدار الكتب بعد ثلاثيتها الشهيرة (ذاكرة الجسد/فوضى الحواس/عابر سرير). هذا ومُرفق بالكتاب قرص موسيقي لأغاني جاهدة وهبه من أشعار مستغانمي.

تداولت بعض مواقع الإنترنت على لسان الكاتبة أن هذا هو الجزء الأول من رباعية، وأن فكرته جاءت على إثر نصائح عاطفية كانت تقدمها الكاتبة لصديقاتها بعد مشكلات عاطفية.

الكتاب صادر عن دار الآداب في 340 صفحة ، وجاء على غلافه ختم ظريف مكتوب فيه "يمنع بيعه للرجال"!

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

19 يوليو 2009

ملحق الجسر يعود اليوم

عودة مُلحق الجسر الترجميّ


نشرت صباح اليوم جريدة الشبيبة العمانية ملحق "الجسر" الترجميّ الذي يصدر بالتعاون بين "أسرة الترجمة" بالنادي الثقافي و"مجموعة الترجمة" بجامعة السلطان قابوس. وهذا هو العدد الأول من "الجسر" في دورته الجديد مع جريدة الشبيبة بعد 13 عددًا أصدرتها "مجموعة الترجمة" مع جريدة عُمان قبل توقف الملحق عن الصدور العام الماضي.

أهم مواضيع العدد:
* في الترجمة: مقال "الملكية الفكرية وحق النشر والتأليف: وضع المترجمين" (ترجمة: يونس الحراصي)
* في العلوم: مقال "البقاء في عالم أكثر حرارة" (ترجمة: أحمد حسن المعيني)
* في التقانة: مقال "اختراع قد يغيّر وجه الإنترنت للأبد" (ترجمة: زوّان السبتي)
* في المذكرات: "حكاية سجن: مقطع من سيرة ذاتية لعماني بتنزانيا في عام 1960" (ترجمة: راشد بن سعيد الذهلي)
* يوميات الترجمة: "حكايات مترجم فوري" (بقلم: عيسى الشيباني)
* في القصة: "امرأة حزينة" (ترجمة: خلف سرحان القرشي)
و "الجانب الآخر من برج بابل" (ترجمة: فاطمة الشبلي)
* في الشعر: "من الشعر البلوشي" (ترجمة: خالد بن محمد البلوشي)
* نظرة في كتاب "مساجد عمان وأضرحتها التاريخية" من ترجمة الدكتور عبدالله الحراصي
* مقال: "د. عبدالله الحراصي وطلابه" (بقلم: أحمد الفلاحي)


مُلحق الجسر هو ملحق ثقافي يقدّم للقارئ العربي مجموعة من النصوص المترجمة في الترجمة والفكر والعلوم والأدب وغيرها من المجالات المعرفية، كما يسلّط الضوء على آخر أخبار الترجمة محليا وعالميا. "الجسر" من تحرير أحمد حسن المعيني وراشد بن سعيد الذهلي، ويصدر في يوم الأحد من الأسبوع الثاني من كل شهر في جريدة الشبيبة.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

17 يوليو 2009

نادي قراءة على اليوتيوب

تدشين نادي قراءة على اليوتيوب


كوّنت الشبكة التلفزيونية المستقلة (ITN) مع دور النشر (بنغوين) و(فيبر أند فيبر) و(راندوم هاوس) فريقًا لإنشاء نادي قراءة يستخدم قناة في موقع اليوتيوب، والذي سيُدشن اليوم بمقطع فيديو عن كتاب يحكي قصة ملك البوب الراحل (مايكل جاكسون).
ويستهدف نادي القراءة هذا الجيل الشاب المرتبط كثيرًا بالإنترنت وموقع اليوتيوب، ويُتوقع أن يحقق نجاحًا مثل الذي حققته برامج نوادي القراءة على التلفاز.
ومن بين الحلقات التي ستُعرض في يوم التدشين لقاء مع الروائية (أودري نيفينيغر Audrey Niffeneger) مؤلفة الرواية الشهيرة "Time Traveller’s Wife". هذا وسيكون هناك باب ثابت يقارن بين الكتب واقتباساتها السينمائية، وستسلط الحلقة الأولى الضوء على رواية My Sister’s Keeper والفيلم السينمائي المقتبس منها والذي يُعرض حاليًا في دور السينما العالمية.

هي خطوة إبداعية رائعة سوف تقرّب مستخدمي الإنترنت من الكتب.
وصلة الموقع:
http://www.youtube.com/user/beyondbooks

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

16 يوليو 2009

قراءاتكم: من سلسلة كيمياء الصلاة (قراءة عبدالله موسى الكندي)

قراءاتكم: كتاب "المهمة غير المستحيلة: الصلاة بوصفها أداة لإعادة بناء العالم" (قراءة: عبدالله موسى الكندي)


كتاب رائع اطلعت فيه على بعض أخطاء نفسي أثناء أداء الصلاة!!

هو دعوة لمراجعة إقامتنا للصلاة، فالكتاب الأول من السلسلة وهو بعنوان المهمة غير المستحيلة (حوالي 150 ص من النوع الصغير) لمؤلفه د. أحمد خيري العمري، دار الفكر

الكتاب يتحدث في البداية عن تجربة الكاتب مع موضوع مهم وكيف كان التحدي أمامه ليبدأ بتطبيقه، حيث قرر ونوى أن يبدأ بهذا الشأن العظيم وهو دون العاشرة أثناء مشاهدته لفلم الرسالة في إحدى قاعات السينما بصحبة وأخبره حينها أنه سيبدأ بالصلاة. بعدها ينتقل الكاتب إلى أسباب أداء الصلاة وكيف أن الكثيرين يؤدونها لسبب أو عدة أسباب لكنها رغم ذلك لا تؤدي مقاصدها. يؤمن الكاتب بأن إقامة الصلاة (حق الإقامة) هي إحدى مفاتح نهضة الأمة الإسلامية، والكتاب ليس مبحثا فقهيا ولكنه محاولة للبحث عن أسرار الصلاة وكيف تكون الصلاة عمادا للدين والعلامة الفارقة التي تسهم بشكل كبير في صياغة وصناعة انسان متميز وأمة متميزة..

تجدون بالأسفل تقريرا نقلته بتصرف من موقع المؤلف..



سلسلة "كيمياء الصلاة"

و هي سلسلة مكونة من خمس عناوين
1- المهمة غير المستحيلة الصلاة بوصفها أداة لأعادة بناء العالم
2- ملكوت الواقع : ممهدات و حوافز قبل الانطلاق
3- عالم جديد ممكن : الفاتحة كعدسة لاصقة على العين المسلمة
4- فيزياء المعاني : الهيئات نمط عمارة لبناء الانسان
5- سدرة المنتهى : حجر النهضة منصة الانطلاق


و السلسلة بمجملها تتحدث عن الصلاة كوسيلة لتغيير الذات من اجل تغيير المجتمع ككل.. انها الصلاة من اجل النهضة ..ليس النهضة بمعناها الاجتماعي الشامل فحسب ، بل النهضة بمعناها الفردي الشخصي التي لا يمكن فصلها حقا عن النهضة الشاملة…

من اجواء الجزء الاول.."المهمة غير المستحيلة"
هناك أربعة أسباب "شائعة" لتأدية الصلاة.. وربما كانت هناك أسباب أخرى أقل شيوعاً تندرج بدرجة أو بأخرى تحت واحدة من هذه الأسباب..
كل سبب من هذه الأسباب، يخفي وراءه "فكرة" مضمرة، عن الصلاة، وفهماً معيناً للصلاة، ولدورها في المجتمع (أو لعدم وجود هذا الدور على الإطلاق!).. ويؤدي هذا الفهم، إلى أداء هذه الصلاة.. بهذا الشكل، وهي تحمل معها هذا السبب..

فكرة "الصلاة ككفارة .."
أولها، فكرة أن الصلاة تكفر الذنوب التي تحصل بين أوقات الصلاة، وهي الفكرة التي تستمد من حديث (والصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن من الخطايا ما لم تغش الكبائر ) ·و لا جدال طبعا في صحة الحديث. و في ارتباطه الموضوعي ايضا بآية "الحسنات يذهبن السيئات"

فكرة "اسقاط الفرض"
ثاني هذه الاحتمالات هي فكرة "إسقاط الفرض" الرائجة جداً دونما سند من نص شرعي.. وهي الفكرة التي يقوم على أساسها البعض "بأداء" الصلاة – على أي حال، من أجل "النفاذ" من عقوبة عدم أدائها، وهم يعلمون ضمناً – أنهم سيحاسبون على أمور أخرى تخص الصلاة، وقتها، خشوعها، تمام أركانها، لكنهم، على الأقل يؤدونها، ويسقطون بذلك "عقوبة تركها"..

فكرة "الصلاة من أجل الراحة النفسية"
ومما لا شك فيه أيضاً، أن الصلاة، كهدف ثالث، يمكن أن تبعث على الراحة النفسية..
أناس كثيرون، سيشعرون بشيء مقلق، يوخز ضمائرهم أو يدق على رؤوسهم، إذا ما فاتتهم صلاة ما، أو إذا ما استيقظوا متأخرين وهرولوا ليلحقوا بعملهم دون أن يؤدوا الصلاة، وسيكون ذلك مزعجاً مثل خشبة صغيرة عالقة بين أسنانك، ليست مؤلمة حقاً – ولكنها مزعجة – ولن تتخلص من إزعاجها إلا بالتخلص منها..

فكرة "التواصل معه عز و جل"
ومما لا يمكن نكرانه، أن هناك فئة من المصلين، تستطيع فعلاً، أن تحقق عبر صلاتها تواصلاً ما، معه سبحانه وتعالى، وتلتذ بمناجاته وتجد في الصلاة "كوة" تنسحب إليها من معركة الحياة، وفي هذه الكوة هناك نوعٌ من الأمان والراحة النفسية والتوازن..

فكرة، فرض و كفى !
وهناك طبعاً الرد الأكثر شيوعاً والأكثر بساطة عندما نسأل عن السبب في الصلاة..
"إنها فرض، وكفى".. سيكون هذا شائعاً جداً..
وهي فرض بالتأكيد. وليس التشكيك في "فرضية" الصلاة بوارد هنا.. والبحث عن سبب لكون هذه الفريضة بهذه الدرجة من الأهمية، سيكرس أهميتها ويفعلها.. أما عندما تصطدم بهذا الرد "إنها فرض وكفى".. فأنت تعلم قطعاً أنها صلاة تؤدى من أجل "إسقاط هذا الفرض" وكفى..
كون الصلاة "فرض، وكفى" – يعكس فهماً معيناً يجعل أوامر الشريعة "بلا أسباب"، وإنما هي أوامر وكفى، دونما مقاصد، دونما أهداف.. فقط أوامر علينا أن ننفذها بحرفية "مفرغة" من الفهم..

لقراءة التقرير عن السلسلة كاملا:
http://www.quran4nahda.com/?p=56

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

15 يوليو 2009

للنقاش: كتاب تتمنى أنك لم تقرأه!

دردشات: هل هناك كتاب تتمنى لو لم تقرأه؟


أختار الكتب عادة بناء على نصائح من الأصدقاء، أو الإعلام بشتى وسائله من تلفاز وإذاعة وصحف ومجلات وإنترنت. لذلك، أستمتع في أكثر الأحيان بالكتب التي أقرؤها. ولكن أحيانًا هناك كتب لا تروقني، قد أنتهي من قراءتها، وقد أضرب بها بعد 50 صفحة عرض الحائط (حقيقة). هناك كتب أشعر بأنني أضعت وقتي قبل نقودي فيها!

لو كانت لديك-مثل الحاسوب- القدرة على التراجع عن عملٍ ما (undo)، فهل هناك كتاب تتمنى لو أنك تتراجع عن قراءته؟ أو تمحي من ذاكرتك تمامًا أنك قرأته؟

ملحوظة: مع أشد الاعتذار لمؤلف الكتاب الموجود في الصورة، فهي مجرد صورة وجدتها تعبّر عن فكرة النقاش، ولا تعبر إطلاقا عن رأيي في الكتاب.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

13 يوليو 2009

إصدارات: عليّ إمام المتقين

إصدارات: كتاب "عليّ إمام المتقين" لـ(عبدالرحمن الشرقاوي)


صدر هذا الكتاب مؤخرًا عن دار الشروق من جزأين، ولم أجد في الموقع نبذة عن الكتاب.





لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

قضية الفقه الجديد لجمال البنا

إصدارات: كتاب "قضية الفقه الجديد" لـ(جمال البنا)


وهذا إصدار حديث أيضًا لجمال البنا عن دار الشروق. فيما يلي نبذة عن الكتاب من موقع الدار:

فى هذا الكتاب القيم يتناول المفكر جمال البنا قضية تجديد الفقه الإسلامى، التى كانت الشغل الشاغل للمؤلف منذ أصدر سِفْرَه الكبير «نحو فقه جديد»، والذى يمثل الكتاب الذى بين يديك طبعة مختصرة وميَسَّرة منه، يميز فيها المؤلف بين العقيدة والشريعة والفقه، ثم فهم الخطاب القرآنى أيام الرسول، ومنذ أيام الرسول حتى اللحظة الراهنة. وينتقل المؤلف بعد هذا إلى معالجة قضية دور السُّـنَّـة فى الفقه بشقيه التراثى والمعاصر، ثم يحلل مستويات مرجعية الفقه الإسلامى، والحدود التى كانت دائمًا فى قلب هذا النقاش، قبل أن يختم كتابه الغنى بأصول الشريعة الإسلامية، مسلطًا الضوء على العقل والعرف والاجتهاد وموقع كل منها فى المنظومة المتكاملة للفقه الإسلامى المعاصر.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدار جديد عن الجهاد لجمال البنا

إصدارات: كتاب "الجهاد" لـ(جمال البنا)


صدر هذا الكتاب مؤخرًا عن دار الشروق، وفيما يلي ما جاء عنه في موقع الدار:

الكتاب الذى بين يديك يختلف عن جميع الكتابات والتصورات عن «الجهاد»؛ فالجهاد - كما ترى هذه الدراسة - كان فى الماضى والحاضر من أكبر الموضوعات التى أسىء فهمها، وأن هذا أفسح المجال فى العصر الحديث لأن يُظلَم من نَقَدة الشريعة، ومن سَدَنة الشريعة، وأن يُظلَم فى الداخل ويُظلَم فى الخارج، وأن يسىء تناوله والتعامل معه المستشرقون والجماعات الإسلامية على السواء؛ وإن استهدف الأولون الكيد للإسلام، واستهدف الآخرون الانتصار للإسلام.
وجاء هذا الخطأ فى الفهم نتيجة للخلط بين «الجهاد» و«القتال» واعتبارهما موضوعًا واحدًا، بل وتغليب القتال على الجهاد ومعالجة الجهاد باعتباره «قتالًا».. من هنا ينطلق هذا الكتاب الذى يقوم على التفريق الدقيق بين هذين المصطلحين فى القرآن والسنة والتاريخ الإسلامى.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدار جديد لمسعود ضاهر

إصدارات: كتاب "هجرة الشوام: الهجرة اللبنانية إلى مصر" لـ(مسعود ضاهر)

صدر هذا الكتاب حديثا عن دار الشروق للباحث مسعود ضاهر، ولم أجد في موقع الدار أي نبذة عنه.


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

كتاب جديد عن غرائب عهد فاروق وبداية الثورة المصرية

إصدارات: كتاب "غرائب من عهد فاروق وبداية الثورة المصرية" لـ(أحمد مرتضى المراغي)


صدر هذا الكتاب حديثا عن دار الشروق، ولم أجد في الموقع أي نبذة عنه.




لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدار جديد عن الأمراض المنقولة جنسيا

إصدارات: كتاب "كل ما تحتاج معرفته عن الأمراض المنقولة جنسيا" لـ(عبدالرحيم عبدالله)


صدر هذا الكتاب حديثا عن دار الشروق، وفيما يلي ما جاء عن الكتاب في موقع الدار:

يعرض هذا الكتاب المعلومات التى ينبغى أن يعرفها كل شاب وشابة من الناطقين والقارئين بالعربية كي يضاهى نظيره فى المجتمعات المتقدمة، ويشمل التعريف بمصطلح الأمراض الجنسية ومسبباتها وتاريخها والسلوكيات التى تدعم انتشارها وطرق الوقاية، كذا نبذة مختصرة عن الأمراض المختلفة: المسبب والأعراض والمضاعفات والعلاج والوقاية بأسلوب علمى مبسط، وهوامش تشرح بعض المصطلحات الطبية التى ترد فى المتن توخيًا لصحة الفهم من جانب القارئ.

تخرج الأستاذ الدكتور عبد الرحيم عبد اللـه من كلية الطب جامعة عين شمس عام 9591، ثم حصل منها على دكتوراه الطب عام 6691. يعمل أستاذًا للأمراض الجلدية والتناسلية بنفس الجامعة، كما حاضر كأستاذ زائر فى العديد من الجامعات الأوروبية والعربية بخلاف مؤلفاته العلمية (كتابان، وأطلس، و49 بحثًا منشورًا).
مقتنع بأن الإنسان المثقف طبيًّا يستفيد من العلاج والوقاية إذا مرض. له اهتمام خاص بتطوير التعليم الطبى وعضو المجلس الأعلى للثقافة بلجنة الثقافة الطبية. خبير الأمراض التناسلية بمنظمة الصحة العالمية

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدارات: خبايا القاهرة

إصدارات: كتاب "خبايا القاهرة" لـ(أحمد محفوظ)


أصدرت دار الشروق هذا الكتاب حديثا، وفيما يلي ما كُتب عن الكتاب في موقع الدار:

هذا كتاب مجهول الهوية والنسب، فحتى مؤلفه الأستاذ أحمد محفوظ لا نعرف له مهنة أو عنواناً أو عمراً، كما لا نعرف له إنتاجاً أدبياً أو معرفياً سابقاً أو لاحقاً...
وصلنا الكتاب بالصدفة كنسخة خطية جميلة وليس الأصل، ثم إذا بنا نكتشف له فيما بعد، طبعة شعبية من القطع الصغير رديئة غير معتمدة ومليئة بالأخطاء، بينما حرص الأستاذ أحمد محفوظ أن يذكر بين سطوره أن ثمة علاقة أدبية كانت تربطه بالشاعر الكبير حافظ إبراهيم وكم كتب عنه، مما يعنى أنه كان معمرا أو كبيرا فى السن عام 1958.
إذن لا مفر من النظر إلى كتاب «خبايا القاهرة» وتقييم محتواه التاريخى والمعرفى وكأنه سقط المتاع الذى يتخلف أحيانا عن المسافر العجول، لا بالمعنى التافه الذى يفتقر إلى القيمة المادية أو المعنوية للأشياء، وإنما لافتقار المؤلف للحرص الواجب وحسن التدبير للحفاظ على متاعه المعرفى من النسيان والضياع فى زحمة الحياة، خاصة أن هذا الكتاب نادر فى موضوعه واختيار مادته!

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدارات: الطريق إلى تل مطران

إصدارات: رواية "الطريق إلى تل مطران" لـ(علي بدر)


أصدرت دار الشروق مؤخرًا هذه الرواية. وفيما يلي نبذة عن الكتاب:
«علي بدر روائي بالغ التميز سواء في قدرته على فتح آفاق جديدة للرواية‏,‏ وإلحاحه على فهم الرواية بوصفها بحثا موضوعيا عن حقيقة ما‏,‏ أو شخصية‏,‏ أو ظاهرة دالة‏,‏ ولقد لفتت روايته «الطريق إلى تل مطران» الانتباه إليها‏,‏ سواء بتقنيتها‏ أم بموضوعها».
جابر عصفور
الأهرام القاهرية

«بنيت رواية «الطريق إلى تل مطران» لـ«علي بدر» على فكرة المغامرة السردية، إذ يرحل البطل إلى مكان غريب، فيستكشفه، ويعود منه بتجربة اعتبارية.. وتفتقر الرواية العربية إلى الحركة السردية البارعة التي تقيم صلة قوية بين الأحداث والشخصيات، بينما تنجح «الطريق إلى تل مطران» في تخطي كل ذلك، وتدفع بالرواية خطوة إلى منطقة الأدب الذهني الذي دشنه المؤلف في رواية «بابا سارتر».
عبد الله إبراهيم
الرياض السعودية

«هي واحدة من أهم الروايات العربية التي ظهرت في هذه المرحلة».
كوليت مرشليان
النهار البيروتية

«..عندما قرأت رواية «الطريق إلى تل مطران» شاقني عالمها الفريد، وكتابتها المرهفة لهوامش الثقافة العراقية الثرية، ومناخاتها السردية التي توشك أن تكون طالعة من إهاب القصص الروسي العظيم، ورؤاها الفكرية المثقلة بالفكر والفلسفة، وشخصياتها الإنسانية الفادحة الثراء».
صبري حافظ
أخبار الأدب المصرية

«إن رواية «الطريق إلى تل مطران» في جماعها قدمت تخييلاً ثراً للفسيفساء العراقية الإثنية والدينية والحضارية. و«تل مطران» بذلك تعزز الإنجاز الذي حققه علي بدر في بابا سارتر، ليتأكد بالروايتين امتياز صوت علي بدر في الرواية العراقية والعربية معا».
نبيل سليمان
الحياة اللندنية

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدارات: ثلاثية علاء الديب

إصدارات: ثلاثية علاء الديب


أصدرت دار الشروق هذا الكتاب حديثًا، من تأليف علاء الديب. فيما يلي نبذة عن الكتاب:

تدور ثلاثية علاء الديب الرائعة حول غربة أسرة؛ غربة مكانية وغربة نفسية.. تتبع الأب منير فكار، أستاذ الأدب العربي، في الجزء الأول(رواية أطفال بلا دموع)، تتبع الأم، سناء فرج، في الجزء الثاني (رواية قمر على المستنقع)، وأخيرا حياة الابن تامر فكار الشاعر التسعيني (رواية عيون البنفسج).. وفي الروايات الثلاث يغوص علاء الديب بعيدا في أعماق الصراع الأسري والإنساني، وكيف ينظر كل من الأبطال لنفسه وللآخرين، كل هذا بلغة شديدة الصفاء والشعرية تضفي طابعا فلسفيا يمس كل من يقرأ هذا النص.
ولد «علاء الديب» في المعادي عام 1939. صدر له حتى الآن خمس روايات تعد علامات بارزة في مسيرة الرواية العربية «زهر الليمون»(1978)، و«أطفال بلا دموع»(1979)، و«قمر على المستنقع»(1993)، و«عيون البنفسج»(1999)، و«أيام وردية»(2002). ومجموعتان قصصيتان. بالإضافة إلى ترجمات عديدة أهمها كتاب الطاو للفيلسوف الصيني «لاو تسو»، كما قدم واحدة من أفضل ماكتب في فن السيرة الذاتية عنوانها «وقفة قبل المنحدر»(1990). وقد حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2001.


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

12 يوليو 2009

قراءاتكم "الآلهة التي تفشل دائمًا"

قراءاتكم: كتاب "الآلهة التي تفشل دائمًا" لإدوارد سعيد (قراءة الخنساء الموسى)


الآلهة التي تفشل دائما
المؤلف :إدوارد سعيد
المترجم: حسام الدين خضور
الناشر: دار الكتاب العربي – التكوين للطباعة والنشر

الكتاب هو تجربتي الأولى للدخول في عالم ادوارد سعيد، حاولت قراءته قبل عام، لكن عدم جودة الترجمة، وعدم اكتراثي بالموضوع حينها دفعني للتوقف بعد الباب الثاني.
قبل فترة تناقشت مع زميلة حول المثقفين، ووجدتني مندفعة لقراءة هذا الكتاب مرة أخرى، وبنفس الترجمة، رغم حصولي عليه بترجمة أخرى تحت عنوان المثقف والسلطة، لكني آثرت قراءة هذه النسخة.
للكتاب ترجمة ثالثة أيضا بعنوان صور المثقف، وأجدني أميل حقيقة لعنوان الآلهة التي تفشل دائما، أكثر من أي عنوان آخر.
الكتاب هو سلسلة محاضرات ألقاها ادوارد سعيد في إذاعة بي بي سي عام 1992م.
ادوارد سعيد يرى المثقف شخص نخبوي، ذو رسالة، و لا منتم، ولا يكتسب رزقه من المعرفة، و ناقد للوضع الحالي، بغية إصلاحه، أو كما يصفه "منفي، هامشي، هاو، و مؤلف لغة تحاول أن تقول الحقيقة للسلطة".
يأتي الكتاب في 6 أبواب كان الباب الأول منها حول صور المثقف، وفيه حاول ادوارد سعيد توضيح صورة المثقف بتعديد صفاته، و ما خرجت منه في هذا الباب هو أن المثقف شخص يحمل رسالة ما، سواء قام بخدمتها أو لا، وقضية خدمة الرسالة هذه هي مثار الجدل دائما.
في هذا الباب أيضا وضح ادوارد سعيد هدفه من الكتاب، وهو أن انحراف المثقفين عن رسالتهم هي القضية التي دفعته لمناقشة هذا الموضوع، ولم يفته الإشارة على نخبوية طبقة المثقفين والتأكيد عليها بدءا من هذا الباب.
تعرض هنا أيضا لعدد من التعريفات التي وضعها بعض الكتاب وغيرهم للمثقف، وناقشها ليؤكد على انه لا يوجد تعريف محدد و ثابت للمثقف، وهو ما يصعب المهمة على مريدي تحديد وظيفة المثقف، ورسالته في المجتمع.
تركيز ادوارد سعيد على صفة يرى أنها الأهم للمثقف، وهي الحس النقدي، أي قدرة المثقف على النقد وانتقاد السائد اجتماعيا، وسياسيا، وحسب قوله عدم تقبله للصيغ الجاهزة، و الأفكار المختزلة، وليس هذا فحسب و إنما القدرة على الاعتراض علانية.
الباب الثاني جاء تحت عنوان ضبط الأمم والتقاليد في وضع حرج، وفيه أكد سعيد على أنه لا يوجد مفهوم محدد لمعنى أن يكون المرء مثقفا. ليؤكد على صعوبة تحديد مهامه والمفاهيم المتعلقة حوله، وتحدث عن علاقة المثقف بمجتمعه بدءا من لهجة الخطاب التي يجب أن تكون قومية، أي ليست ذات لهجة غريبة عن المجتمع، لان من يتبنى الإصلاح ويود إيصال رسالة لمجتمع ما، أول ما عليه الالتزام به هو لهجة الخطاب، والتي يجب أن تكون من نفس البيئة، وألا يستورد صيغا أو لهجات من أماكن أخرى.
هذه النقطة بالذات اعتقد أن كثيرا من مثقفي العالم الثالث لا يعونها، أو حتى لو عرفوا بها لا يطبقونها، جهلا بها، أو لانعدام وجود المعرفة الكافية بمجتمعاتهم، وانشغالهم ربما بتجارب غيرهم أنساهم ذلك، و أبعدهم عن المجتمع الذي يعيشون فيه، لذلك لا تلقى كثير من دعواهم أي صدى، وتقابل بالتجاهل لابتعاد أفكارها ولهجتها، حتى على بني قومهم، لذلك أكد المؤلف هنا على خصوصية كل مجتمع وأمة.
تحدث هنا عن معضلة كبرى تحدث دائما و هي خيانة المثقفين، وان المثقفين حسب تقسيم عالم الاجتماع ادوارد شلز، ينقسمون لقسمين، فهم إما سابحين مع التيار ومتكيفين مع الأمة، أو معارضين ومنتقدين (وأكد طبعا انه ليس الاعتراض لمجرد الاعتراض)، وهو الدور الأبرز الذي يؤكد عليه سعيد، وخطورة خيانة المثقفين على كل الأمم، هو وجود أمة من الناس تتبعهم أولا، خصوصا في حال تبريرهم للفساد الحاصل، والمظالم الني تقع عليهم، و إيجاد المبررات و الأعذار (والتي يكون إيجادها واختلاقها سهلا بالنسبة للمثقفين)، و ربما تشريع جميع ما تقوم به السلطات، وأنظمة الحكم من أخطاء، وهذه من المصائب التي تبتلى بها الأمم.
مهمة المثقف الأبرز لدى ادوارد سعيد هي التعبير عن رأيه المعارض، والمطالبة بحقوق شعبه و التذكير بها، والمظالم التي وقعت له، أو مازال تحت وطئتها، ولم يفته الإشارة على انه إضافة لذلك على المثقف أن يتملك الجرأة للحديث حتى حول الجرائم التي ارتكبها شعبه يوما، أو مازال يرتكبها! وهي المهمة التي اعترف بصعوبتها، ولكن دون تقليل من أهمية وجوبها.
الفصل الثالث تحت عنوان المنفى الثقافي مبعدون و مهمشون، أسهب في الحديث حول صفات المنفيين، وتحدث حول التغييرات التي تحدث للإنسان بسبب النفي، وكونه يعيش حالة وسط لا هو منتم بشكل كامل للمجتمع الذي يعيش فيه، ولا يستطيع التمسك بالانتماء لمجتمعه الأصلي البعيد عنه، وحتى المشاعر الداخلية والأحاسيس التي تمزق المنفي تحدث عنها ادوارد سعيد.
ما يهمني في هذا الباب هو أن ادوارد سعيد لم يقصد أبدا النفي بمعنى الابتعاد عن الأوطان، ولكن كان يقصد الغربة الداخلية للشخص، أو إحساس المثقف بلا انتماء لحزب، أو تيار، أو غيره، ولكن ليس الانفصال بشكل كلي، إنما ذلك الإحساس الذي يمنح للحس النقدي بالظهور، والذي يعطي المساحة للنقد، ولاكتشاف الأخطاء، ولان مجاراة التيار غالبا، والاندماج بشكل تام مع المجتمع، أو البيئة، سيفرض على المرء التغاضي عن الأخطاء، و السكوت عنها، وسيفرض على المثقف بعضا من الأنماط، سواء في التفكير، أو الحديث، أو غيره، والتي يفترض أن يتحرر منها، وبالتالي سيخفت الحس النقدي لدي المثقف، لأن ضريبة الذوبان في مجتمع، أو الانتماء لحزب هي السكوت عن الأخطاء الموجودة، والتخفيف من حدة النقد بل ربما تبرير الحالي، وسيصعب عليه التفكير بحيادية مرات، أو حتى النهوض بإصلاحات، أو طرح النقد، أو الأفكار، لأنها ستجعله منبوذا غالبا، لذا وجب على المثقف الشعور بالنفي حتى يُؤدي رسالته،
فكرة ادوارد سعيد هنا أيضا تعزز من فكرته حول نخبوية المثقف.
الفصل الرابع جاء تحت عنوان محترفون وهواة، وفيه قسم المؤلف المثقفين إلى نوعين المثقفين المحترفين، و هم المثقفين بسبب التخصص الأكاديمي في الجامعات مثلا، أو مجال العمل في مراكز الأبحاث، أو المؤسسات التعليمية، أو الصحف، و دور النشر، وبالتالي يخضعون لسيطرة المؤسسات، ويندفع للكتابة والتأليف لنيل المناصب، و الجوائز، والمكافآت، وتكون الثقافة مصدر زرق لهم، و القسم الآخر المثقفين الهواة، و هم الذين يندفعون للكتابة والتأليف والنقد، تبعا لنداء داخلي، و رغبة في التغيير و الإصلاح، دون أن يتبعوا مركز دراسات معين، أو حزب، أو جامعة، ولا يطمحوا لنيل الجوائز، أو المكافآت، أو يتزلفوا إلى السلطة، للحصول عليها، ولا تكون الثقافة هي مهنة لهم، أو مصدر دخل، ليسهل عليه الاعتراض، ولأنه يرى أن الحس النقدي يخفت في حال الانتماء لمؤسسة تعليمية، أو ثقافية، أو تيار، وسيفضل المثقف المسايرة بدلا عن المعارضة.
الفصل الخامس جاء تحت عنوان قول الحقيقة للسلطة، تحدث ادوارد سعيد عن رسالة المثقف –حدده بالمثقف العلماني- الرئيسية، وهي الدفاع عن حرية الرأي والتعبير، و أن أي تساهل، أو تجاهل لهذه النقطة، فهو خيانة لرسالة المثقف.
يبدو واضحا بعد الانتهاء من هذا الفصل، ما هو مغزى ادوارد سعيد من هذا العنوان، هو يقصد بعدما عرج على توضيح رسالة المثقف، ومن ثم وضح كيف على المثقف النظر بحصافة لممارسات السلطات، و إحياء حسه النقدي تجاه ممارساتها، ومطالبتها بالحقوق، وإذا حدث ثمة تزوير، أو خطأ، توضيحه للعامة، والحرص على توضيح الحقائق المغيبة لهم، و المطالبة بإرساء العدالة، دون الاكتراث لمسألة ما يمكن أن يحدث لك من تلك السلطة، أو الخوف من تجنب المجتمع لك وابتعاد الجماهير عنك.
يتحدث أيضا عن مسألة المطالبة بالعدالة، وانه من سوء الأخلاق، و الخسة، أن يطالب المثقف ويناضل من اجل تحقيق العدالة لمجتمعه فقط، أو طائفته، و يغض الطرف عن المطالبة بها للجميع، خصوصا المختلفين عنه.
وضح مثالا لتلك النقطة للمثقف الفرنسي –ألكسي دو تكفيل-، الذي تحدث عن تصرفات أمريكا المناهضة للعدالة و الإنسانية، في كتاب كبير، في نفس الفترة الزمنية التي كانت فيها فرنسا ترتكب المجازر في الجزائر، و تحدث لتبريرها، لأنها تحدث لشعب لا يرى هو لأسباب عنصرية دينية –فهم مسلمون-، أنها تستحق الشجب، ولم يطبق عليها تلك المعايير التي استخدمها لشجب سلوكيات أمريكا !
قول الحقيقة للسلطة ليس معناه الاعتراض فقط، و إنما الاعتراض بشكل عقلاني، والمطالبة بالمعقول، وطرح الاعتراض بصيغة مناسبة، ولكن بدون تزوير، والدفاع عنه (الدفاع عن الرأي وليس صاحبه)، والالتزام بمعايير واضحة للاعتراض، وتطبيقها بصدق على كل الحالات التي يراها، أو يعيشها، و يتحدث عنها، وليس ذلك معناه التخلي عن الوطنية، أو الإضرار بها أيضا، والأخيرة نقطة مطاطية لدى العالم الثالث، يدخل تحتها الإصلاح، و المعارضة، والخيانة أيضا بلا تفرقة.
سؤالان ربما ترد بعد هذا الفصل وهما لمّ الاعتراض على السلطات؟ ولمّ على المثقف تحديدا الاعتراض؟
لمّ الاعتراض ؟ السؤال الأهم ويجيب عليه المؤلف بأنه لأجل التغيير الذي يهدف لإيصال الحقائق، وتحقيق العدالة.
ولمّ على المثقف الاعتراض؟ لأنه مؤهل أكثر من غيره بسبب وعيه، وإدراكه، ورؤيته النافذة للأمور، لرؤية الحقائق بشكل أوضح، وللمطالبة بها، والدفاع عنها أيضا.
في هذا الفصل وضح إدوارد سعيد رؤيته للمثقف، و رسالته، بشكل واضح، بعد أن وضح خصائصه في الباب الثالث، و علاقته بمجتمعه في الفصل الثاني، وفي الرابع حدد المثقف الذي يعنيه بكلامه، وفي هذا الفصل حدد مهمته، و كيفيتها.
الباب السادس والذي كان بعنوان الآلهة التي تفشل دائما، تحدث فيه عن المثقفين المتحولين، تارة شيوعيين، وتارة إسلاميين، وتارة رأسماليين، وأخرى بعثيين، وناصريين، وهكذا، يتحدث عن الانتماء لحزب، أو الإيمان بفكرة والتعصب لها، والدفاع عنها، و عن التحول عنها أيضا بعد ذلك، والانقلاب عليها وبشدة، والتنكر لمبادئها، وربما الإيمان بما يخالفها والتعصب له وهكذا.
هو يرى أن عملية التحول تلك هي انتقال من رب سياسي، إلى رب جديد فقط، وانتقال من أقصى اليسار لأقصى اليمين.
تطرق في الكتاب للمثقفين العرب، الذين كانوا قوميين، ومن ثم ناصريين، وماركسيين مرة، وبعدها رأسماليين، مؤيدين للثورة الإيرانية، ومروجين لأفكارها، وبعدها مهددين من خطر إيران.
تلك المراحل كلها بدئا من الإيمان إلى التنقل هذا، يرى أن على المثقف أن لا يخوضها، لأن تلك الآلهة التي سيؤمن بها ستخذله غالبا، وسيضطر للتحول أو الدفاع الخاسر والخجول عنها، ولن يستطيع أداء مهامه على أحسن وجه، فهو لن يستطيع النقد، و لن يسهل عليه النظر بدقة إلى الأمور، وسيخفت حسه النقدي تجاه ما يدور حوله، فإذا كان تابعا لها سيكون عليه التبرير، والتطبيل ربما، وسيكون أداة في يدها في كثير من الأحيان، سواء أدرك ذلك أو لم يدركه، و سيكون صوتا لآخرين، لكنه لن يكون صوته، أو صوت الحقيقة التي ينشدها، سيضيع الكثير بذلك الانتماء، حيث تكون أداة من أدوات السلطة، تملي عليك ما تريد هي قوله، لا ما تريد أنت.
ادوارد سعيد يحث المثقف على رفض الدور الذي تحدث عنه المتنبي في بيته القائل:
إذا كَانَ بَعْضُ النَّاسِ سَيفاً لِدَوْلَةٍ *** فَفِي النَّاسِ بُوقَاتٌ لَهَا وَطُبُولُ
و باختصار هو يقول للمثقف لا تكن بوقا لأحد.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

حملة "كلنا نقرأ"

مبادرات قرائية: حملة "كلنا نقرأ" في البحرين


انطلقت بالأمس (11 يوليو 2009) حملة "كلنا نقرأ" في مملكة البحرين، ضمن فعاليات مهرجان "تاء الشباب" الثقافي الذي تنفذه مجموعة من الشباب المتطوعين.

راقتني الحملة كثيرًا، وأعجبتُ بالفعاليات المتنوعة الهادفة التي تتخلل الحملة، من حلقات نقاشية حول بعض الكتب، وترويج القراءة في الأماكن العامة، وتدشين بعض الكتب في المجمعات التجارية، إضافة إلى فقرات خاصة بالقراءة للأطفال. من بين الفعاليات:
- قراءة القصص للأطفال من سن السادسة إلى التاسعة
- حلقة نقاش رواية "عزازيل" مع مؤلفها الدكتور يوسف زيدان
- حلقة نقاش كتاب "الرجال من المريخ، النساء من الزهرة"
- حلقة نقاش رواية "زمن الخيول البيضاء" مع مؤلفها إبراهيم نصر الله
وغيرها من الفعاليات. يمكنكم الاطلاع على تفاصيل الحملة وفعالياتها من خلال الموقع التالي:
http://www.weallread.com/




لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

رواية A Cool Head

قراءات: رواية A Cool Head


تحدثتُ في هذه المدونة سابقًا عن مبادرة "قراءات سريعة Quick Reads" وهي عبارة عن كتب صغيرة بسيطة تشجّع على القراءة. اشتريت مجموعة منها قبل فترة، وقرأتُ أحدها بالأمس. هي رواية للروائي الشهير Ian Rankin، المعروف بروايات الجرائم. في الحقيقة، هي أقرب إلى القصة الطويلة منها إلى الرواية. هي تجربة أودّ سرد ملاحظاتي حولها:
- كتاب يُقرأ في ساعةٍ من الزمان
- اللغة سهلة جدًا ومبسطة مما يحقق هدف المبادرة
- الشخصية الرئيسة مثيرة في سذاجتها، ولكنني أعتقد أن المؤلف "أحرقها" في هذه القصة الهزيلة
- القصة ينقصها التشويق، وأحداثها متسارعة جدا بشكل مزعج
- حبكة القصة لا تدل على كاتب محترف أبدا

ما خرجتُ به من هذه التجربة هو أن هذه الكتب موجّهة لمن هم غير معتادين على القراءة، ويجدون صعوبة في اكتساب عادة القراءة. إن كنت معتادًا على القراءة، فستشعر بإحباط من هذه الرواية، أو القصة القصيرة . عمومًا، سأجرب الكتب الأخرى لاحقا.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدار جديد "ساطع الحصري: الدين والعلمانية"

إصدارات: كتاب "ساطع الحصري: الدين والعلمانية" لـ(أحمد ماضي)


صدر هذا الكتاب حديثا عن مركز دراسات الوحدة العربية. وفيما يلي ما جاء عن الكتاب في موقع المركز:

يسلّط الباحث الضوء على مسألتين اثنتين، من مسائل كثيرة، تناولها أبو خلدون ساطع الحصري، في كتاباته الغنية بالمواقف والنظريات، وعلى رأسها التأسيس للفكر القومي العربي. أما المسألتان فهما: الدين، و العلمانية.
فالحصري، إذ يمّيز بين الدين القومي والدين الأممي، يرى في الثاني العالمية والانفتاح، والميل إلى إيجاد رابطة أعم من روابط اللغة والتاريخ، كما يميل أتباع الدين الأممي كثيراً إلى معارضة القوميات، وفي هذا السياق يذكر المسيحية والإسلام. ويعتقد الحصري أن الأديان الأممية والعالمية لم تستطع أن توحّد القوميات، حتى عندما بلغت الذروة في سلطتها. ويذهب إلى عقد الصلة القوية بين الدين واللغة، وعلى هذا فاللغة العربية انتشرت كثيراً بواسطة الإسلام. لكن يبقى تأثير الدين في اللغة متغيّراً. جملة من التساؤلات التي تثير نقاشاً في هذا الخصوص، ولعلّ أبرزها ما كان يؤكده الحصري القومي أن الحضارة العربية كانت قومية، ولادينية، في آن معاً.
أما العلمانية في نهجه وكتاباته ومواقفه فقد كانت صريحة إلى أبعد الحدود، وهي برأي الباحث نابعة من الظروف التي كانت سائدة في الدولة العثمانية أولاً، والتي تعززت وتطورت بعد رحيله إلى الوطن العربي. لذا، يتفق الحصري في علمانيته مع طه حسين، رغم انتقاداته له، فهو يتفق معه بشأن الفصل بين السياسة والدين، فـ «السياسة شيء والدين شيء آخر»، و«لا يمكن إقامة السياسة على الدين، بصورة من الصور». وينسجم مع هذا ما ذهب إليه الحصري من فصل مطلق بين العلم والدين، مؤكداً أن هذا الفصل لا يفضي بصورة حتمية إلى اللادينية أو إنكار الدين أو التنصل منه، فلكلٍّ ميدانه ودوره. وبالنظر إلى نشدانه العلمانية فقد أكد أن الحضارة العربية لم تكن دينية، بل مدنية (علمانية). فهل هذا دعوة صريحة للعرب المسيحيين إلى الانخراط في العمل من أجل الإسهام في حضارة المستقبل، كما أسهموا في قيام الحضارة قبل الإسلام، وبعده؟


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

11 يوليو 2009

إصدار جديد "ما بعد النفط"

إصدارات: كتاب "ما بعد النفط" لـ(كينيث س ديفيس)


صدر هذا الكتاب حديثا عن المنظمة العربية للترجمة، بترجمة المهندس (صباح صدّيق الدملوجي). وفيما يلي ما جاء عن الكتاب في موقع مركز دراسات الوحدة العربية:

هل بدأ ينتهي عصر النفط؟
يبدو أن هذا شيء محتوم، وقد لا يكون الاختلاف إلا على توقيته.
وإذا ما حدث ذلك فما هو البديل؟ هل ستتوقف عجلة الصناعة والنقل اللذين تحرّكهما الطاقة النفطية؟ أسئلة تؤرق صُنّاع القرار الاقتصادي والصناعي والسياسي في مختلف أقطار العالم، وتؤثر في حياة كل فرد سواء أكان في ناطحات سحاب مانهاتن أم في واحات الصحراء الكبرى أم في أدغال الكونغو.
يركّز البروفسور ديفيس، وهو خبير جيولوجي نفطي، على المصادر الأخرى للطاقة التي يمكن أن توفّر البديل، وذلك على الرغم من رأيه في أن البحث عن الجدوى الفنية والاقتصادية لاستغلال هذه المصادر، كان يجب أن يبدأ قبل عشر سنوات ضاعت من دون إنجاز شيء يذكر، ولذا فإن السنوات المقبلة ستكون حرجة بحسب توقعاته.

• كينيث س. ديفيس: خبير جيولوجي بارز، عمل في الصناعة النفطية والتدريس الجامعي، أستاذ شرف في جامعة برنستون.

• صباح صدّيق الدملوجي: مهندس ميكانيك، عمل في الصناعة النفطية، وفي توفير الإسناد الهندسي للبحوث العلمية في العراق.


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدار جديد عن علم الفلك القديم

إصدارات: كتاب "تاريخ علم الفلك القديم والكلاسيكي" لـ(جان بيار فردي)





صدر هذا الكتاب حديثا عن المنظمة العربية للترجمة بترجمة الدكتورة (ريما بركه). وفيما يلي ما جاء عن الكتاب في موقع مركز دراسات الوحدة العربية:

يرسم هذا الكتاب المراحل الأساسية لتطور علم الفلك الغربي منذ عصر اليونان (مع ما تأثروا به من الحضارات القديمة) حتى عصر تفوق الميكانيك السماوي في العصور الكلاسيكية. وهو يعرض لوحة عامة لتاريخ هذا العلم بكل قواعده الأساسية التي يرتكز عليها علم الفلك الحديث، كما يركز على الاكتشافات المتوالية التي شهدها علم الفلك في تاريخه الطويل ويقدّم- بالإضافة إلى الأحداث العالمية المتعلقة به- أبرز العلماء الذين طوّروا دراسة الأجرام السماوية وأحدثوا انقلابات عظيمة في رصد السماء وتحديد بنياتها وقوانينها. ولا ينسى مؤلف هذا الكتاب أن يربط تطور هذا العلم بعلوم الرياضيات التي كانت في أساس عدد كبير من الاكتشافات الفلكية.

• جان بيار فردي: عالم فلكي يعمل في مرصد باريس، حائز على درجة الدكتوراه في العلوم.

• د. ريما بركة: مترجمة لبنانية، حائزة على الدكتوراه في علوم اللغة والمصطلح من جامعة السوربون- باريس.


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدار جديد في الفلسفة الأدبية

إصدارات: كتاب "بم يفكر الأدب: تطبيقات في الفلسفة الأدبية" لـ(بيار ماشيري)


صدر هذا الكتاب حديثا عن المنظمة العربية للترجمة من ترجمة الدكتور (جوزيف شريم). فيما يلي ما جاء عن الكتاب في موقع مركز دراسات الوحدة العربية:

صدر حديثاً عن المنظمة العربية للترجمة كتاب: "بمَ يفكر الأدب: تطبيقات في الفلسفة الأدبية" تأليف بيار ماشيري، ترجمة الدكتور جوزيف شريم.

"...إذا كان الأدب لا "يفكّر" كما تفكّر الفلسفة، ولا يحتمل وجود أفكار فلسفية جاهزة تضاف إليه وتُنتزَع منه، لأنها تكون بمثابة خلايا ميتة في جسد حيّ، وإذا لم يكن فناً لغوياً صرفاً ولا شكلاً خالياً من مضمون، فإنّ الأدب وهو يُنتج أشكالاً وصوراً وأنماطاً تعبيرية وصفية وسردية وحوارية، يُنتج في الآن ذاته "أفكاراً" ويطلق "رسائل"، ولكنها ليست أفكاراً مجردة كما هي المفاهيم الفلسفية، وليست رسائل مباشرة، كما هي الرسائل في التوجيهات الأخلاقية والمبادىء التعليمية، وكونها كذلك لا ينتقص من قيمتها كتجارب فكرية، بل يُكسبها صفة خاصة ويمنحها بُعداً آخر. إنها نسيج ضمن نسيج متشابك الخيوط كثير التشعب، متعدّد الألوان، على الباحث أن يُحسن تمييزها وملاحقة تعرجاتها والتفافاتها من دون أن ينقلها إلى نطاق آخر، ومن دون أن يجردها من طبيعتها الأدبية..."

• بيار ماشيري: فيلسوف فرنسي. ولد عام 1938. أستاذ في جامعة ليل الثالثة (فرنسا). من مؤلفاته:
Pour une théorie de la production littéraire (1966), Hegel et la société (1984), Avec Spinoza (1992).

• د. جوزيف شريم: أستاذ في جامعة الروح القدس- الكسليك، لبنان.

يقع الكتاب في 376 صفحة.

وثمنه 12 دولاراً أو ما يعادلها.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدار شعري حديث

إصدارات: ديوان "مرقد عابر بن عابر" لـ(محمد زينو شومان)

صدر هذا الديوان الشعري حديثا عن دار الفارابي، وفيما يلي مقطع من الديوان:

أوغلي في سلالمَ هذا الفضاءْ
واعلمي
أنني لا أزال أحلّقُ، خلفكِ، مندفعاً
عالياً
عالياً
مسرفاً في الهوى والجَلَدْ

ليس هذا سوى الامتحان الأخيرْ
لجميعِ الذكورِ من النّحل وهي تفرّ إلى حَتْفها
لاقتناصِ طريدتها الملكةْ

وما الفوز إلا لمن آثر الموتَ
من أجلِ شهوته المهلكهْ
تاركاً
نصلَ لذَتِه في ثنايا الجسدْ

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدارات-إشكالية الدولة والمواطنة والتنمية في لبنان

إصدارات: كتاب "إشكالية الدولة والمواطنة والتنمية في لبنان"

صدر هذا الكتاب حديثا عن دار الفارابي، من تأليف عدة كتّاب وإعداد (جاك قبانجي). وفيما يلي ما جاء عن الكتاب في موقع دار النشر:

تحاول المساهمات المتعددة الجوانب التي يحتويها هذا الكتاب الإجابة على الأسئلة التي تنبت في تربة العلاقات المعقدة والمتشعبة والمتفاوتة التي تربط مسألة الدولة بالمواطنة والتنمية في لبنان. إذ إنّ لكل من هذه المفردات في هذا البلد تاريخ مشحون بتوتر سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي ذي وجه طائفي طاغ. ويكفي المتابع أن يتصفح تاريخ مفهوم الدولة من جهة وتاريخ مشروع الدولة في مساره العياني منذ عشرينيات القرن المنصرم من جهة ثانية كي يدرك بدون صعوبة خاصة كم كانت الدولة، وما يتصل بها من ميادين اختصاص حصرية، عصية على انتزاع إجماع القوى المجتمعية المختلفة على مفهومها ودورها وحدودها وطبيعتها؛ وكيف كان مشروع الدولة مدار تنازع بين رؤى ومصالح متعارضة حتى حدود التناقض، لم يتمكن من حسمها حتى أكثر محاولات بناء الدولة جدية ووضوحاً، أي المشروع الذي اصطلح على تسميته المشروع الشهابي. لا بل قامت على انقاض هذا المشروع حروب متنوعة القوى والاستراتيجيات والأبعاد الداخلية والإقليمية والدولية لم تبق من الدولة نفسها سوى ذكرى لا زال بعضنا يحلم بيوم عودته...
...في الأعمال التي نقرأ في هذا الكتاب ثمة توزع للمحاور حسب عناوين ثلاثة مُقرَرة هي الدولة والمواطنة والتنمية. وقد أتاح تعدد المساهمات الخاصة بكل محور تناولاً متعدد المقاربات للمحور الواحد (بإستثناء محور الدولة)...

... لقد تمثلت المناسبة التي عرضت فيها وجهات النظر هذه في ورشة عمل حول "أي دولة، أي مواطنة، أي تنمية للبنان واللبنانيين؟" عقدت في 25 و26 من تشرين الأول في نادي خريجي الجامعة الأميركية في بيروت بدعوة وتنظيم من الجمعية اللبنانية لعلم الاجتماع بالتعاون مع مؤسسة هاينرش بُل .Heinrich Böell Foundation الألمانية.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدارات: مسرحية "غوانتنامو"

إصدارات: مسرحية "غوانتنامو"


صدرت هذه المسرحية عن دار الفارابي حديثا، من تأليف (فكتوريا برتن) و (جيليان سلوفو) وترجمة (مها بحبوح). وفيما يلي ما جاء عن الكتاب في موقع دار النشر:

فكتوريا برِتِن Victoria Brittain

عاشت فكتوريا برِتِن وعملت صحفية في واشنطن وسايغون ومدينة الجزائر ونيروبي ولندن. كانت تراسل العديد من دور النشر في بريطانيا وفرنسا وتسهم فيها بتقارير شاملة من مناطق عدة في العالم الثالث. عملت في صحيفة الغارديان عشرين عاماً، ووصلت مؤخراً إلى منصب محرر مساعد للشؤون الخارجية. تعمل حالياً أستاذاً مساعداً في كلية الاقتصاد، جامعة لندن. وهي رئيسة جمعية التضامن مع فلسطين - Palestine Solidarity، وعضو هيئة التحرير في Race and Class- (العنصر والطبقة) وأمينة الجمعية الدولية لحقوق الأرامل - Widows Rights International، وعضو المجلس التنفيذي في Respect Coalition- احترام الائتلاف.


جيليان سلوفو Gillian Slovo
عودة إلى غوانتانامو: ميثاق الشرف للدفاع عن الحرية
تعيش الكاتبة جيليان سلوفو في لندن، وهي من مواليد جنوب أفريقيا. تتضمن رواياتها العشر المنشورة خمس روايات بوليسية، بطلتها المحققة كيت باير Kate Baier، ورواية حول تاريخ عائلة: Ties of Blood - روابط الدم، ورواية تشويق: The Betrayal- الخيانة. تحولت مذكراتها العائلية: Every Secret Thing- كل الأسرار، إلى واحد من أكثر الكتب مبيعاً في العالم. أما روايتها: Red Dust - الغبار الأحمر، فقد أصبحت موضوعاً لتحقيق أجرته لجنة جنوب افريقيا للحقيقة والمصالحة - South African Truth and Reconciliation Commission، ونالت جائزة prix RFI temoin du monde في فرنسا، كما تحولت إلى فيلم بطولة هيلاري سوانك - Hilary Swank وتشيويتل إيوفور- Chiwetel Ejiofor. رُشِّحت روايتها الأخيرة: Ice Road- طريق الجليد، لجائزة أورانج - Orange Prize . تعمل حالياً على تأليف رواية جديدة.

غوانتانامو:
التزام شرف الدفاع عن الحرية
العرض الأول في شيكاغو
بقلم فكتوريا برِتِن و جيليان سلوفو
عن شهادات شفوية
إخراج نِِك بولينغ Nick Bowling
مسرحية غوانتانامو، أُنتجت في الأصل في لندن، عام 2004، حيث لقيت نجاحاً منقطع النظير، تبعه نجاح كبير آخر خارج برودواي، تستند المسرحية أساساً على مقابلات أجريت مع عائلات المعتقلين في خليج غوانتانامو. تمزج هذه الدراما المؤثرة بين الروايات الشخصية التي تأسر المشاعر والآراء القانونية والسجال السياسي وتجعل منها كلاً واحداً، وتضفي على عناوين الصحف العالمية بعداً إنسانياً، كما تلقي نظرة فاحصة على الخط الإشكالي الفاصل بين مسألة الحفاظ على الأمن القومي وبين حماية حقوق الإنسان.


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

قراءاتكم: الأسطورة والتراث-سيد القمني

قراءاتكم: كتاب "الأسطورة والتراث" لسيد القمني (قراءة حمد الغيثي)


المقدمة:

في هذا الموضوع سنتناول كتاب "الأسطورة والتراث" لسيد القمني. لن يكون حديثاً عابراً، بل قراءة متفحصة كفيلة بعرض ما احتواه هذا الكتاب، ثم لنا بعد ذلك أن نقيِّم ردة فعلنا تجاه ما فيه. والكتاب لولبيُ البنية، فيبدأ الكاتب "ليؤسس" مشاهد جزئية لقراءه ثم يستخدمها لاحقاً في بناء الصورة الأكبر لاحقاً.

لهذا نبدأُ من المقدمة، مقدمة الكتاب التي أرادها الكاتب تأسيساً للقاريء، يبين فيها الكاتب رؤيته للأسطورة والدين والتراث، والعلاقة الهلامية التي ننظرُ بها لكلٍ مما سبق. وإنه يعرضُُ المنهج في مقدمته، كي يفاجأنا لاحقاً بحفريتاه المثيرة.

"وكما هو حادث ومشاهد، ينجم عن وضع الدين كإحداثيات إعجازية، تخرق نواميس الواقع ومنطق الطبيعة وقوانين التطورـ تسلسل آخر للبحث عن معجزات جديدة، كانت مستبطنة فيه، مع انتظار راكد بليد وسقيم، لخلاص سماوي وإعجاز علوي يتدخل مباشرة، ليحل لنا أزمتنا ويعيدنا إلى عصر الفتوحات، فنحمل السيوف تتقدمنا جيوش الملائكة، فقط على الجميع أن يلتزم الفروض والسنن بكافة دقائقها من الصلاة حتى المسواك، وبدءً بطاعة الله وانتهاءً بطاعة أولي الأمرِ منا.

...وينادى بإلحاق كافة العلوم بمصدر سماوي، يصدر التأكيد بعجز العلم البشري وقصوره، وينتفي دور العقل الذي أنتج تلك العلوم خارج حدودنا العصماء، وإبان ذلك يتم تسفيه ذلك العقل وتلك العلوم، كلما تصور المتعالم التلفازي ذو العلاقات المعلومة والرائحة المميزة أنه قد عثر على ثغرة في ذلك العلم في غفلة من كل علماء الدنيا، ثم لا يجد مناصاً بعد كشف الثغرات والنفخ في النعرات من إحالة شبابنا بعيداً عن كتب الكيمياء والفيزياء والاجتماع والتاريخ والسياسة إلى كتاب الله وحده الذي يشمل كل ما تم الكشف عنه، ومالم يكتشف بعد، دون أن يكلف سيادته نفسه مرة واحدة بالكشف عن نظرية علمية واحدة من كتاب الله قبل أن يكتشفها علماء الدول المتقدمة الكافرة بعقولهم القاصرة."

يقولون لا تراث لنا غير العروبة والإسلام, فيؤكد العديد من مدوني التراث أن هذا التراث ذي الأبعاد الزمانية المكانية، لم ينشأ إلاَّ في جزيرة العرب (العروبة)، وزمنَ التقاء وحي السماء بالأرض (الإسلام) ليؤسس لهذا التراث، ويُفرض لاحقاً على الشعوب والأمصار المفتوحة مع قطيعة مع الماضي..

إهمال دراسة اللامعقول في تراثنا القديم (قبل الإسلامي) بدعوى أسطوريته يفقد تراثنا جزءً مهماً، ومُؤسساً. ثم إن هذا اللامعقول هو مهم أيضًا ليقودنا لدراسة المعقول ذاته. ويستفسر القمني إن كان الإسلام المرتبط بالعروبة ضرورةً قد جاء بقطيعة معرفية مع الأسطورة، حتى يمكن القول أن هذا معقول وذاكَ لامعقول؟ ثم كيف يفسر أصحاب تلك الرؤية مواضيع إيمانية -لا شأن للعقل بها- مثل حادثة الإسراء والمعراج، أو تصنيف دابة البراق تصنيفاً علمياً أو ناقة صالح..إلخ.

ويعتقد القمني أن الأسطورة تتناول الآلهة والأبطال الاجتماعيين والأحداث المهمة وفق لغة وتصورات وتخيلات وتأملات وأحكام تناسب العصر والمكان الذي صيغت فيه، وشكل الأنظمة والمستوى المعرفي. وهي في الوقت ذاته تشكل ثقافة عصرها، بحيث تبدو ذات خصوصية تربطها ببيئتها ومجتمعها بحيث يمكن من دراستها استقراء التاريخ الأصدق لزمنها ومكانها. أما الأديان فهي منتج حضاري نشأ في الحواضر أو المدن، فنشأة الدين وتطوره ارتبط بنضوج المجتمع وظهور التقسيم الطبقي.


الفصل الأول: الإله النقيض

يفتتح القمني الفصل الأول من كتابه هذا بذكر بعض الطرائف التي علق فيها المسلمون صدماتهم ومآسيهم واغترابهم عن الواقع على الشيطان، الذي تحول من مجرد رمز ديني إلى مارد كبير يتدخل في حياتنا فيفسد الأخلاق، ويسبب القحط، وتأخر الأمة الحضاري بإغوائه أبناءها عن الطريق القويم. وكل هذه الأدوار التي يقوم بها الشيطان تلمح "لتمكنه من العقل الشرقي" كما يقول القمني. وقد أعطى هذا الدافع للقمني كي يبحث عن المنشأ؟ كيف جاء الشيطان، وتكون وتطور في هذه العقلية؟

تبدأ هذه الرحلة المثيرة منذ البدايات، بدايات تكون الإنسان البدائي بشكله الحديث بيولوجياً، فقد ميَّز هذا الإنسان في بداياته بين ظواهر الطبيعة إلى إيجاب وسلب، عطاء ونقص، ظلام ونهار، تكاثر وغداء مقابل موت وجوع. لهذا تقرَّب الإنسان لهذه القوى المتقابلة، "للظواهر الخيرة كي يزداد خيرها، وللظواهر التي يخشى بأسها ليتحاشا شرها ونقمتها، ويقلل من ضررها". ومع توالي ملاحظات الإنسان لفصول السنة توصل إلى أن هذه القوى تتناوب، فعلله بصراع قائم بينهما، فقام يشمر عن ساعديه لمساعدة قوى الخير بالقرابين والأضاحي مع طقوس العبادات، وتودد لقوى الشر عبر السحر وغيره اتقاءً لغضبها.

ومع تطور الفكر الإنساني، جسَّدت الشعوب القديمة هذه القوى في آلهة معينة مسؤولة عن ظواهر الخير، وأخرى لظواهر الشر ثم نسجت قصص الصراع بينهما في تفسير لتعاقب ظواهر الطبيعة. لهذا عبد المصريون القدامى "أوزي يرس" إله النيل والخضرة، وكان "سِت" إله الشر والصحراء. بينما عبد الرافديون تيامة "تهامة" إلهاً للشر، وكان "مردوخ" رب النور والضياء (والضياء مرتبط بالشمس الضرورية للحياة الخضراء). وعند الكنعانيين كان "موت" إله الشر، و"بعل" إله الخير. ومن خلال الصراع بينهما ترجح كفة بعل فتكون الدنيا خصباً، وينتصر "موت" فيحل الشتاء أو الجدب في الأرض..(لاحظ أن اللغة العربية احتفظ بالمفردة السامية موت، لتدل على حالة السكون).

أما في بلاد فارس فقد كان الصراع على أشده بين إله الخير (هرمز) وإله الشر(أهرمان). ومن الطريف في الأمر أن "قدماء الفرس كانوا يحتفلون بميلاد إله الخصب والنماء في ٢٥ ديسمبر، أي عندنا تبدأ الشمس دورتها الجديدة. لذا كان إله الضياء والشمس. ويصادف هذا التاريخ احتفال المسيحية بميلاد "يسوع المسيح"، وموعد احتفالها بعيد قيامة المسيح يوم 20 إبريل هو ذاته موعد قيامة ذلك الإله الخيِّر.


تطور المُخلص والمنقذ الذي ظهر للمرة الأولى في الديانة الزرادشتية ببلاد فارس. حيث آمنت هذه الديانة بظهور اثني عشر من نسل زرادشت (الذي بعثه إله الخير هرمز إلى الأرض ليساعده في محاربة الشر) مجدداً يظهرون كل ألف سنة لدعوة الناس إلى طريق الخير، حتى يكون الظهور الأخير فينتصر الخير ضد الشر. ظهرت هذه العقيدة عند المسلمين الشيعة. في محتواها تحض على استكانة الطبقة الكادحة للظلم الاجتماعي وضرورة انتظارها لظهور المخلص آخر الزمان.

الشيطان اليهودي:

اخترع اليهود "بعد فترة التيه" في سيناء إله شريراً مساوٍ لإلههم القومي (يهوه) سموه عزازيل، ونسبوا له أسباب الشرور التي حلت باليهود. جاء بالتوراة: "ويلقي هارون على التيس قرعتين، قرعة للرب، وقرعة لعزازيل". لكن القمني يعود بعزازيل اليهود هذا إلى أصل بابلي، فيجزم أنه هو إله الهلال "سين" الذي رمز له بالتيس أو قرون التيس. وأطلق اليهود على إله الشر ألقاب عديدة منها شيطان وإبليس، والتي كانت في أصلها اليوناني Dia-Bolos. وDia من Deuce الكنعانية القريبة من تيوس العربية وهي جمع تيس، والذي هو سين إله التيوس البابلي.

ومع ارتقاء الفكر البشري إلى التوحيد عوضاً عن تعدد الأرباب، كان من المستحيل التخلص من تراث الإله الشرير في ظل وجود الشرور في العالم، مع افتراض أن الإله الأزلي الأبدي الكامل لا يصدر عنه إلاَّ الخير فقط. لهذا أدخلت المسيحية إله الشر البابلي من الباب الخلفي فجعلته ملاكاً متمرداً ليصنع الخطيئة الأولى وليكون مصدرها على مر الزمن. وقد أغوى الشيطانُ آدم ليأكل من الشجرة المحرمة عبر تنكره بصورة حية.

أما في الإسلام فكان فقد ظهر الشيطان "بذات التسميات القديمة ، فهو إبليس، وهو الشيطان". وتؤكد بعض الروايات الإسلامية أن اسم الشيطان كان عزازيل قبل أن يغيره الله إلى إبليس (إحدى إسرائيليات التراث الإسلامي)! وكان رد إبليس على خالقه بعد الحوار الذي ورد في القرآن الكريم: "بعزتكَ لأغوينهم أجمعين"، فتأكد أن إبليس هو مصدر الشرور في الإسلام، ليعيد الصورة القديمة لإله الشر مقابل إله الخير.

كان تحول الآلهة إلى ملائكة (خيرين أو عاصين) جاء متفقاً مع تحول العقلية البشرية إلى التوحيد، فأثناء وبعد فترة السبي اليهودي في بابل ضم اليهود إلى تراثهم الديني أغلب آلهة الرافدين القديمة وعلى رأسهم الإله الجبار إيل، فنشأ لديهم مجموعة من الآلهة المساعدة -عرفت لاحقاً لدى اليهود بالملائكة- مثل عزرا-إيل، ميكا-إيل، جبرا-إيل..إلخ. ومما يجب ملاحظته هنا المكانة الخاصة لإله البابلي الجبار إيل (جبرا-إيل، جبريل) ليكون كبير الملائكة في اليهودية، ثم نرى تكرر الشيء ذاته في الإسلام.

شكل إبليس:

إضافة لقرني التيس التي ميزت إله الشرور إبليس من التراث البابلي، اتخذ الشيطان رمز الحية، فكيف يحلُ القمني هذا التوازي في الرمز الشيطاني؟. جاء في سفر "أشعيا" بالكتاب المقدس أن عرش الرب تحرسه ملائكة تسمى السرافيم، لكن المعنى العبري لكلمة ساراف هو الحية. وقد جاء بالتوراة أن الحية تسللت إلى الجنة لإغواء آدم وحواء. فيكون حينها إبليس هو أحد الملائكة ذوي أشكال الحيات أو الذي تخبأ في فم الحية كما جاء بالإنجيل.

"ومن هنا أصبح الشيطان ممثلاً في الحية والتنين والتيس لدى المسيحين، فبقيت اللوحات الفنية المسيحية تمثله بالحية وبالتنين في جميع أعضاءه عدا الرأس الذي حُوِّل إلى رأس إنسان ذي قرنين أو أذنين صاعدين مكان القرنين، وكلما تقدمنا زمنياً وجدنا الأعمال الفنية المسيحية تستبعد عن صورته الحية والتنين لتخلفهما ملامح إنسان خبيث، لكنه محتفظ بالقرنين أو الأذنين الطويلين والظلف المشقوق والذي الذي غالباً ما ينتهي برأس الحية".

ويختم القمني فصله المؤسس بالحديث عن نقش سومري اكتشف حديثاً ويعود تاريخه إلى الألف الثالث قبل الميلاد يصور ذكراً وأنثى يتناولان ثمرة من نخلة، وخلف حواء تدلت حية في وضع يوحي بنفس الصورة التي جاءت بعد ذلك في القصص الديني، لتؤكد مقولة العقاد: "إن التطور في الديانات محقق لا شك فيه".

الفصل الثاني: زهرة للحب، زهرة للحرب.

الكثير هنا، الزهرة من سومر وأكد وأشور، ثم للفينيقين فأثينا فروما، وبلاد العرب والأحباش.
لها صلة بمريم العذراء التي نذرت للهيكل والتي تلد من الله،
ولها صلة بأيام الأسبوع السبعة،
ولها صلة بالخصب والجدب، وبالحرب والسلم، وباللات والعزى ومناة،
ولها صلة بالبراق
والخنس الكنَّس في القرآن،
وهاروت وماروت..إلخ

الزهرة إنه الكوكب الجميل الذي يخرجُ مع الشمسِ صباحاً، ويظل لامعاً في الليلِ. لهذا راقبه الإنسان القديم، واهتم بأمره وحاك حوله الأساطير المثيرة. لهذا احتم البابليون بالكواكب الخمسة السيارة التي اكتشفوها حينها (عطارد، الزهرة، المريخ، المشتري، زحل)، وأضافوا لهم الشمس والقمر ليصبح الرقم سبعة رقماً مقدساً عند البابلين، وليصنعوا منه أيام الأسبوع السبعة. ويورد القمني في فصله هذا جزءً من اللوح الخامس لأسطورة الخلق البابلية: "إن النجوم هي صور الآلهة.. هي رموزها". وقد قدَّس العقل البشر تلك الرموز الإلهية في السماء بعد مرورهم بمرحلة أكثر بدائية منها، وهي اتخاذهم الآلهة في صور الحيوانات (الطوطم، الطوطمية)، فارتقوا إلى السماء من الأرض بآلهتهم.

ولأن الإنسان الرافدي مزارع لطبيعة الأرض حوله، فقد قدَّس تربة الأرض بداية لاعتقاده أنها مصدر الخصوبة، ثم فصل الخصوبة عن التربة، ونسبها لإلهة أنثى في السماء تمنح الخصوبة والعطاء والميلاد كما هي أنثى الإنسان. لهذا أصبحت هذه الإلهة أحد أقوى الآلهة ومحركاً كونياً قوياً، ثم اختار لها كوكب الزهرة ليتمثلها فتحول إليها عابداً ذاكراً "ليسجد على الأرض رافعاً يديه للسماءً". وقد تركت الرسوم الرافدية تلك الصور، ومما كان فيها النجمة الثمانية الإشعاعات. سمى السومريون هذه الإلهة "إينانا" ويعني سيدة السماء، ثم جاء الساميون إلى أرض الرافدين فتغير اسم هذه الإلهة إلى "عشتار"، وهي من العشرة، والمعاشرة، والولادة التي تختصُ بها الأنثى وحدها. لهذا عبد الرفديون الإلهة الأم التي كانت مصدر الخصب والنماء.

لهذا تمنح الإلهة (عشتار أو إينانا أو الزهرة) الخصب والنماء طالما هي بالأعلى، ولكن حالما تُضحي بنفسها، وتذهب للعالم السفلي مضحية بنفسها يحل الشتاء العالم، فيجدبُ الناس. هكذا فسَّر الرفديون سر توالي الفصول.

الزهرة رب الحب والحرب

وعندما جاء الآشوريون، تلك القبائل المحاربة لبلاد الرفدين، ليؤسسوا مملكتهم تحولت عشتار من إلهة للخصب والنماء إلى أشياء أخرى. لاحظ الآشوريون أن تلك الزهرة تخرجُ مرتين في اليوم، صباحاً ومساءً. فاتخذوها إلهة للحرب صباحاً، وللحب والجنس والشهوة مساءً. إلى أن هذه الأدوار الجديدة لم تنفِ دورها السابق. لهذا ارتبط بعبادة عشتار طبقة من العاهرات العشتاريات المقدسات اللاتي كنَّ في المعابد لخدمة الآلهة. واستوج ظهور هذه الطبقة المقدسة حول عشتار لخدمة نزوات الإلهة والفعاليات المصاحبة لها. لهذا كن هؤلاء النساء من الطبقة العليا في المجتمع منذورات للخدمة في المعبد. ورغم أجواء العهر المصاحب لعبادة الزهراء إلاَّ أن الناس ظلوا يخاطبونها بالعذراء، أو الأم العذراء المقدسة، في إشارة للعذروية التي تسبق الخصب.

وبسب التداخل الحضاري، والتواصل بين الأقوام فقد انتقلت عبادة الزهرة إلى الشام عند الكنعانيين "إنات" وأبناء عمهم الفينيقين "إستار"، ونقلها الفينيقيون إلى اليونان بصورة أثينا أو أفروديت، وإلى الرومان بصورة فينوس. حتى اليهود دخلت هذه الإلهة في طقوس عبادتهم كما وردَ بنصوص متفرقة في الكتاب المقدس، إضافة "لسفر نشيد الإشاد المنسوب للنبي سليمان،لا يتسمم بأية صفة دينية، ولا يمت للمعتقدات العبري بصلة، كما لا تنسجم محتوياته أصلاً مع طبيعة الكتاب القدس، فهو أناشيد غزلية مكشوفة تماماً تنضح بالتعابير الجنسية، تدور كحوار بين عشيق وعشيقته، يصف فيها العاشق مفاتن عشيقته واقتدارها الجنسي، وهو بالمقارنة مع طقس عشتار المسمى ب(الزواج المقدس) بين الكاهنة الكبرى للبغايا المقدسات، وبين الملك الذي كان يعد كبيراً للكهنة في نفس الوقت لتحريض القوى الإخصابية على العطاء، نجد نشيد الإنشاد يكاد يكون نسخة منقولة، وخاصة أن الفتى العاشق في الأناشيد ينعت بكلمتي: ملك-راع، وهما من نعوت تموز -عشيق عشتار- في الرواية الرافدية"، نقلاً عن القمني ص 79.

وتكشف الآثار الكنعانية في مدينة أوجاريت التأثير الكنعاني في عقائد اليهود التي أبرزت خوف الكنعانيين من السبع السنين العجاف ، والتي يعقبهن -كما آمن الكنعانيون- سبع سنوات خصيبة تحي الأرض والناس. وقد تسللت هذه العقيدة إلى اليهود التي صوروها في قصة النبي يوسف الذي عقد صداقة مع فرعون الأحلام. كما أن عيد شاعبوت اليهودي هو ذاته عيد الحصاد الذي تقوم فيه الزهرة للحياة ويعود الخصب للدنيا، وهو ذاته عيد الفصح في المسيحية الذي يقوم فيه يسوع المسيح. واللغة تحفظ لنا هذه الاشتقاقات، فالفصح في الإنجليزية هو (إيستر)، وفي الألمانية (أوستيرن)، وفي التوتونية أوسترا، وهو قريب في النطق من اسم الإلهة عشتار.

وينقل القمني عن أحد الباحثين، أن الأم الكبرى أو القوة الإخصابية الكونية (مريم العذراء) في المسيحية قد حلت محل إلهة الحب العذراء عشتار. وما اسم مريم Mary إلى لقب لكوكب الزهرة عند الرومان الذين أخذوه عن الفينيقين الذين أطلقوا على الزهرة اللقب البحري (ستيلا ماري) أي كوكب البحر. والملاحظ أن الزهرة حازت على رموز الأمومة لهذا أطلق عليها كثيراً "ماما"، أو "أما" في بعض الشعوب. ويجب أن نذكر أن السيدة اليهودية مريم كانت إحدى المنذورات للهيكل، التي تحملُ من الإله كما كان المعتقد ذلك الأيام، وهو ذاته اعتقاد المسيحية عن السيدة مريم التي احتفظتْ أيضًا بلقب "البتول العذراء"، وهو لقب الزهرة.

الزهرة عند العرب

الباحث يتتبع أثر الزهرة في عبادات العرب قبل الإسلام، ويذهب إلى نظرية جديدة تفيد أن الأصنام الثلاثة الشهيرة التي عبدتها العربُ في الحرم المكي (مناة، اللات، عزى) لم تكن سوى صور متعددة من الإلة الزهرة (عشتار). فالآثار بالشام أخبرتْ أن الكنعانيين عبدوا إلى جانب الإله الجبار (إيل) زوجته، فأنثوها لتصبح (إيلات)، وما تزال إيلات مدينة شهيرة على البحر الأحم. أما لفظة إيلات الكنعانية فهي ذاتها لفظة "اللات". "أما بشأن مناة فهي ليستْ سوى "عناة" روح الخصوبة عند الكنعانيين المشتقة أصلاً من "عشتار" اسم الزهرة في الرافدين". أما العزى فيسوق القمني طرائق عديدة تصل بينها وبين الزهرة، منها أن المجتمع الروماني لقب ألهة الزهرة ب"آزيزوس"، وهذا يبدو كانعكاس للفظ سامي (صدىً للعزى).


يذهب القمني في كتابه هذا أن الزخم الآلهة البابلي تسرب لثقافة العرب، وإلى الإسلام. فقد عظمَّ القرآن الكريم "الخنَّس الكنس" في سوره عبر القسم عليهم. ويشير القمني أن الخنس الكنس هن الكواكب السيارة الخمس التي سبق ذكرهن بالأعلى. وأيضًا قدَّس المسلمون يوم الجمعة المقدس أصلاً في التقويم البابلي، والمخصص لعبادة كوكب الزهرة. وأيضًا نرى صدىً للزهرة في القرآن الكريم من خلال قصة الملكين هاروت وماروت الذين كانا يعلمان السحر ببابل. وقد جاء في تفسير الطبري أن امرأة اسمها "الزهرة" قد أضلت هذين الملكين حتى جعلا يعذبان ببابل منكوسين في بئر إلى يوم القيامة. وأيضًا يشير بعض الباحثين أن الولي الخضر المشهور في التراث الإسلامي هو عشيق الزهرة "تموز"، والذي جاء اسمه "الخضر" من الخضرة، التي هي أحد سمات الزهرة.


الفصل الثالث: أضحية للذكر، قربان للأنثى ومدخل إلى جذور الدين الاجتماعية

حينما أمعن الإنسان ملاحظة تغير الظواهر الطبيعية، عبد بعضها في صورة الأجرام السماوية ليضمن لنفسه الخصب والأمان. لهذا كان لابد له من التقرب لهذه الآلهة كي ترضى فتستمر نعمتها على الإنسان، وكان لآلهة الشر نصيبها من القرابين. وتنوعت قرابين الإنسان بتنوع البيئة والعصور، فكان هناك قربان الثمار، وقربان الماشية، وفي بعض الأحيان ضحَّى الإنسان بفلذات الأكباد للإله الغضوب حتى يرضى.

يسجلُ لنا التاريخ ذلك الدوران في القرابين، بين الدمِ والثمار وأحياناً أجزاءً من الجسد، ثم الإنسان القربان. جاءَ في التوراة أن قابيل قدَّم "أبكار فاكهته وثمارها"للإله، ونجد في الكتاب المقدس اليهودي أن اليهود "قد بنوا مرتفعات (مذابح) ليحرقوا أولادهم بالنار للبعل (الإله بعل الكنعاني)". ثم تطورت ظاهرة القرابين والأضاحي مع بدء المسيحية ليتنزل الإله بأكمله مضحياً لأجل خطايا البشر. أما أناس اليوم يطيرون الدم حينما يحتفلون بالبيت أو السيارة الجديدة. والبعض يأدي النذور!

القربان الحيواني انتشر بين الأقوام الشرقية جميعها، ضحتْ بعض الأقوام بالخروف والتيس. إن هابيل الراعي قدَّم خروفاً، فتقبل الإله منه بينما لم يتقبل ما قدَّمه قابيل المزارع. ويورد التوراة نرى سردًا لقصه إبراهيم النبي وهو يضحي بابنه إسحاق (هو إسماعيل في الإسلام) لكن الإله يتدخل فيفتدي الابن بكبش عظيم ، لنستشف أن التضحية بالأبناء كانت عادة ذلك الزمان. وكان صدى ذلك أيضًا هو تضحية عبدالمطلب بن هاشم بابنه عبدالله (والد الرسول محمد) قبل أن يفتديه بمائة ناقة. وقد كان العرب يقدمون الأضاحي أيضًا زمن الجاهلية للبيت الحرام أيام الحج، وقد حافظ الإسلام على تلك الشعيرة. لكن الإسلام استعاض عن التضحية البشرية بالختان أخذاً بسنة النبي إبراهيم.

وقد شهدت عادة القرابين البشرية انتشاراً كبيراً، ففي بعض الفترات الزمنية كانت التضحية بالأطفال هي الخيار الأفضل. سجل الكتاب المقدس حوادثاً للتضحيات بالأطفال عند اليهود، فيروي الكتاب المقدس أن نبي الله داود ضحى بأبناء سلفه شاؤول السبعة سعياً وراء الخصب، ورفع بلاء الأعداء.

القربان الإلهي: كان أعظم قربان في التاريخ، حيث حمل المسيح الإله الابن خطايا المؤمنين به في حياتهم، ليمنحهم الخلود في الحياة الآخرة. وجاء في رسالة بولس إلى رومية: "الله بين محبته لنا ونحن بعد خطاة، ومات المسيحُ لأجلنا وقد صولحنا من الله بموت ابنه". وقد جاءت نصوص العهد الجديد مبينة أن يسوع كان هو الأضحية، كان هو الكبش الأعظم الذي ذبح. ولكي تشمل بركات المسيح أتباع فلا بد من أكلهم من جسده وشربه من دمه. وليس جسده إلاَّ فطير رسم عليه الصليب وبعض النبيذ الأحمر، فتشملُ المغفرة المؤمنين.

تفسيرُ نشأة الأضحية؟

يقرر القمني أن نشأة الأضحية هي ذاتها نشأة الديانات. فالإنسان البدائي بدأ بتقديس والديه، فهما من يوفران له الطعام والأمان، والحنان والدفء وغير ذلك. لهذا استمر الإنسان بتقديس والديه بعد موتهما، وما زاد الأمر إثارة للإنسان البدائي هو ظاهرة الأحلام التي أعادت الوالدين الميتين لأنظار الابن الذي لم يعرف أين يختبأ والداه. وفي سبيل الإجابة على هذا اللغز المحير تخيل الإنسان البدائي أن والديه "حلاَّ" في الشجر أو الحيوانات (الطوطم). ومع تكون الشعوب عوضاً عن القبائل المتفرقة كان لابد من الاستعاضة بظاهرة جديدة ترضي الجميع، فتمثل الإنسان مقدساته في مظاهر كونية مثل السماء أو الأرض أو النجوم والكواكب، ليرمز لسلفه الغابر. وقد جاء في أحد التراتيل السومرية:
عندما تزوجت الإلهات الأم
وعندما توزعت الإلهات الأم
بين السماء والأرض
وعندما ولدت الإلهات الأم
عند ذلك كتب العمل
الآلهة العظام تراقب العمل
والأبناء يحملون السلال

فالأمهات تستمدُ قدسيتها من الولادة (الخصب)، ثم تتوزع بعد ذلك لتكون إلهة في حقل العمل، أو إلهة في السماء بصورة عشتار، أو إينانا (إلهة كوكب الزهرة). ولذلك بقي على الأبناء العمل تحت رعاية الآلهة. ومما يجدر ملاحظته هنا أن آلهة سومر الأولى كانت أمومية (أنثوية) لارتباطهم بالزراعة والأرض (النظريات الأنثروبولوجية تشير إلى أن الأنثى هي من اكتشف الزراعة، وهي من بدأها)، بينما كانت آلهة القبائل السامية الرعاة القادمين مما يعرف اليوم بجزيرة العرب أبوية (ذكورية) لاعتمادهم على الذكور في الصيد والرعي.

وعندما يضحي المُضحي بنفسه في سبيل الجماعة، فإن الجماعة تتذكر من شهدت موته وفدائه لها. ويقدم الأضحية عادة زعيم الجماعة أو الأب الأقوى\الذي لا تفتأ الجماعة تسترجعُ ذكراه عاماً بعد عام في الحيوان الطوطم -وغالباً ما يكون خروفاً أو تيساً- الذي ترعاه الجماعة بعناية واهتمام حتى يحين موعد "استشهاده" ليعيد ذكرى استشهاد الفقيد، وفعله لأجل الجماعة. لهذا يأكل الأبناء لحم الخروف كي يحتووا الفقيد في أجسادهم، مع غرقهم في أجواء الحزن والألم. وتكرر هذا المشهد في مواسم استشهاد الآلهة العظام حزناً على "تموز"، و"أدونيس"، و"بعل"، و"أتيس"، و"المسيح"، و"الحسين".

القربان الأمومي:

ومع استقرار الرعاة في بلاد الهلال الخصيب وآلهتهم لكن الآلهة الأمومية لم تختفي بل ظلت باقية مع خفوتها عن السابق. نرى ذلك جلياً في الشعائر المسيحية التي تشرع الصوم للإلهة الأم (مريم العذراء). وهذا الصوم هو صوم عن كل ما هو حيواني فقط، ولذلك يكون الغذاء على النبات (المتبع في المجتمعات الأمومية قديماً). ثم إن طقوس تقديس الإلهة الأنثى ظل باقياً وبأشكال متعددة حتى القرون القريبة قبل الميلاد. وأبرز هذه الطقوس كان الجنس الجماعي المقام في معبد الآلهة خدمة للإلهة الأم الذي تقدم فيه النساء أنفسهن لزوار المعبد وتذهب النقودللإلهة. وكانت هناك أيضًا الزانيات المقدسات التي وهبن أنفسهن لتلك الإلهة الغير متزوجة والغير عفيفة في ذات الوقت (هكذا كانت صفة الأنثى في المجتمعات الأمومية الأولى حيث لم يخترع نظام الزواج بعد). وهذا الجنس الجارف كان رمزاً لاستجداء قوى التناسل في الطبيعة كلها.

إلاَّ أن سيادة الذكور وثقافتهم بدأت معها "محاولات للتحايل من أجل تخفيف هذا القربان، فكان أن شكلت طبقة خاصة من النساء ليقمن بهذا الطقس القربان، فأصبحن ضحية وفداء لبقية النساء، إلاّ أن ذلك لم يكن عاراً بل شرفاً عظيماً نالته هؤلاء النسوة، فلقبوهن بالعشتاريات المشتق من عشتار. وقد لقبت هؤلاء العشتاريات "قاديشو"، الذي أصبح لاحقاً في اليهودية "قديشا"-الذي كان يطلق على زانيات الهيكل السليمان- والتي ننطقها قديسة". وقد لقبت إلهة الخصب في الهلال الخصيب بالبتول، ومعناها الغير متزوجة برجل ما، وهو ذات اللقب الذي حملته الإلهة مريم في العقيدة المسيحية رغم إنجابها المسيح وإخوته. ويورد القمني كشفاً أركيولوجياً في طرالس بليديا جاء فيه: "أن الشريفة أورليا أماليا قد قدمت جسدها قرباناً للإلهة، وأنها في تدينها أصيلة ، فقد قدمت أمها وجدتها القربان ذاته، وأنه قد تم التأكد من ذلك.

القربان الذكوري:

يسترجعُ القمني قصة قابيل وهابيل في الكتاب المقدس. إنه لا يأخذها على علاتها، بل يراجعها وفقاً لدلالاتها الإنثروبولوجية. فالربُ الذي قبلَ قربان هابيل من الغنم، ورفض قربان قابيل من الفواكه والخضار لابد أن يكون إلهاً بدوياً ذكورياً لشعب عبراني رعوي وهو يؤلف الكتاب المقدس. وقد انتهت هذه القصة المؤسفة بمقتل الراعي على يدِ المزارع، "لإبراز الشر الكامن في المزارع مقابل طيبة الراعي، ومن ثم وجب الثأر المتأصل في القبلية ليحل الغضب الإلهي على المزارع ومن ثم تقدس قربان هابيل الراعي".

وما استخدام الغنم في القربان إلاّ تأكيد على طبيعة العلاقة بين الرعاة ورب الرعاة، ورأينا تجلٍ آخر لهذا في التنافس العبراني العربي في الفخر كونه المذبوح للرب (إسماعيل أو إسحاق ذبيح الله؟!). والتجلي الأوضح له هو التضحية بالسيد الأكبر يسوع في العقيدة المسيحية. ليحتفل المسيحيون في عيد قيامة المسيح بأكل الخروف.


القربان الذكري: تعريجاً على قصة قايين (قابيل في القرآن) وهابيل في الكتاب المقدس، تقبل الرب من هابيل الراعي، ولم يقبل قربان المزارع هابيل. وفي هذا إشارة إلى طبيعة الشعب العبراني وهو شعب رعوي . فكأنما أراد النص المقدس إبراز أن الإله (الرعوي) تقبل من الراعي، لكنما لتأصل الشر في طبيعة المزارع (المزارعين) فقد قتل المزارع الراعي. ولهذا كان لابد من مقتل الراعي على يد المزارع كي يفرح الرب بالأضحية وينحاز لها نهائياً.
من هنا دأبت الأديان السامية على تأكيد الأضحية ودورها في التقرب من الإله الرعوي. وقد تجلى ذلك في عدة صور، منها التنافس بين اليهود والعرب للانتساب للابن الذبيح للنبي إبراهيم. وتجلي ذلك أيضًا في التضحية بالإله يسوع في العقيدة المسيحية.

الفصل الرابع: القمر الأب أو الضلع الأكبر في الثالوث


ذكرنا بالأعلى أن المجتمعات الذكورية (التي ساد فيها الرعاة) قدَّست آبائها الغابرين الذين ارتفعوا إلى السماء ليحلَّوا في صورة الجرم السماوي الأوضح الذي يراه الرعاة ليلاً في البوادي، ولهذا أصبح القمر محل تقديس الإنسان الرعوي ليقدَّم له القرابين والأضاحي المتنوعة. "ولتشابه قرني التيس أو الخروف أو الثور وبين الهلال فقد تصور الإنسان أن هذا الحيوان إن هو إلاَّ سلفه المعبود ومن ثم قام بذبحه في احتفالات خاصة، ثم أكله ليحتويه في حشاه وبطنه بتلك الأيام الغابرة. ويرى الملاحظ الدقيق أن الطقوس القمرية تغلب على فعاليات الأضاحي التي قدمها أو يقدمها الإنسان حتى يومنا هذا. وبدلاً من ذبح الأبناء كقرابين للآلهة (كما حدث مع ابن النبي إبراهيم، أو مع عبدالله بن عبدالمطلب) فقد اتجه الإنسان لاحقاً لظاهرة الختان التي تُعد ذبحاً جزئياً. أما قرابين المجتمعات الأمومية فقد اتسمت بممارسة الجنس الجماعي أو مشتقاته لاستجداء الخصب والميلاد والحياة للأرض والناس.

وبتداخل المجتمعات الذكورية والأمومية عن طريق الهجرات المتتابعة للبدو الرعاة للمجتمعات الزراعية تداخلت الآلهة كذلك، فزوَّجها العباد، ليتزوج القمر -إله الرعاة- من الشمس إلهة المزارعين. وككل الزيجات، كان لابد من استعادة قصة الأب والأم الأولين، فلا يأتي بعد الزواج سوى الأولاد. وهكذا ظهرت الزهرة كثمرة لهذا الزواج المقدس، وبهذا اكتملت أضلاع الثالوث الإلهي. ولكن باختلاف المجتمعات تبادلت الشمس والزهرة الأدوار فتارة الابن، وتارة الزوجة. لكن القمر كان دائماً هو الذكر المطلق لسيادة الذكور المطلقة لسيادة الرعاة.

آلهة القمر في اليمن القديم:

ينتقي سيد القمني الثالوث الإلهي في الجنوب اليمني في بحثه هذا، ليركز على آلهة القمر هناك لأهميتها القصوى الذي سنتبينها لاحقاً.

يشير القمني إلى أن "سين" هو كبير آلهة حضرموت، وقد كان "سين" إله القمر كذلك في بلاد الرافدين القديمة، ووجدت آثار له في سيناء المصرية التي قيل أن اسمها مشتق من "سين". ويحلل القمني اسم "سين"، ليدلَّل أن النون في الاسم هي أداة التعريف في اللغة العربية الجنوبية، و"سي" تدل على الشياة عموماً والتي تطوراً لاحقاً إلى شاة. وبهذا يكون معنى إله القمر "سين"هو الإله التيس. ويرى بعض الباحثون أن "سين" عرف في القرآن الكريم تحت مصطلح "ياسين"، سين هو اسم إله القمر.. الياء أداة نداء.

وعبد المعينيون اليمنيون "ود" إله القمر، الذي يدل اسمه على الودود والعطوف. ولُقِّبَ هذا الإله بنعوت شتى منها صدوق (الصادق)، نهى (الحسن)، رضى (الراضي)، حكم (الحكيم)، رحمن (الرحمن)، حريمن (القدوس)، والملك، والعادل، والعزيز..إلخ. وقد نسب المعينيون أنفسهم للإله ود، فأصبحوا أبناء إله القمر ود، ليطلقوا على أنفسهم "هود"، والهاء هنا تفيد الانتساب والبنوة كما يورد القمني.

المقة:

المقة: اسم إله القمر السبأي، والسبئيون يعتبرون أنفسهم أبناء المقة. وهذا الاسم الإلهي الشهير في بلاد اليمن الذي ورد النقوش المكتشفة أكثر من ألف مرة أثار شهية الباحث في نفس سيد القمني لينقب أكثر في دلالة الاسم. وقد حدد القمني اشكاليتين في الاسم: هما (ال) في بداية الاسم الإلهي الذي لا يدل على التعريف في اللغات العربية الجنوبية والشمالية. ثم (التاة المربوطة) في نهاية المقة التي تدل تلقائياً على الأنثى في العربية الشمالية والجنوبية، إلاَّ ذلك ليس منطقياً للدلالة على إله ذكر.

يقرر القمني أن (ال) هي (إل) التي تعني باللغات الساميَّة الإله أو الله. ثم يلتفت إلى "مقة"، التي لجأ الباحثُ إلى نصوص قتبانية (تعود لحضارة يمنية) ليتجاوز إشكاليتها. فمن خلال تحليل النص: "مختن ملكن بمكي"، والتي تكون ترجمته كالتالي: "مذبح الملك بموضع مكي". يربط القمني بين "مكي" القتبانية ب"مقة" السبأئية، مع استذكاره "إل" أي إله. فيصبح معنى الكلمة "المقة" إله مقة أو إله مكة مع استدراك القمني أن شعب اليمن يقلب القاف إلى الكاف في لهجتهم، فتكون تصبح مقة=مكة. وكون "مقة" أو "مكة" هي موضع مذبح (معبد) مقدس (أي حَرَم)، فتكون ترجمة "المقة" هي إله الحَرَم المقدس بمكة.

ثالوث إل:

الزواج المقدس بين إل (إله السماء الذكر) واللات (إلهة الشمس الأنثى-التاء فيها للتأنيث) أنجب وليداً إلهياً يسمى (عثتر سمين) أي عثتر السماء، وقد أشارت له النصوص ب آزيزوس (العزيز) لتقدمه الشمس عند شروقها، ومونيموس (المنعم) لظهوره بعد الشمس عند غروبها. وقد أكمل الزهرة عند عرب الجنوب الثالوث المقدس. والعزيز أو العزين يقابله في العبرانية (عزيم) وهو الماعز، وخصوصاً التيس. هذا يعيد صفة الأب القمر كخروف أو تيس، ليؤكد حمل الابن (الزهرة) صفات الأب.

إلى مكة:

بعد انهيار سد مأرب نزحت القبائل اليمنية شمالاً. واستقرت خزاعة في المنطقة التي أصبحت تعرف اليوم ب"مكة". وكان طبيعياً أن تحمل هذه القبائل معتقداتها معها، نتج عن ذلك ارتحال "رب البيت" مع أصحابه ليتقدس له بيت جديد على الأرض في مكة!

والروايات الإسلامية تقول أن عمرو بن لحي الخزاعي (وخزاعة قبيلة يمنية) كان أول حاجب للحرم المكي، وربما هذه الرواية عكستْ الرواية الأقدم أن جرهم اليمنية كانت أول ساكني مكة بعدما ترك النبي إبراهيم ابنه إسماعيل وسارة في تلك الصحراء المجدبة. وهناك روايات تاريخية تحكي تعظيم ملوك اليمن للبيت الإلهي بالحجاز وطوافهم حوله، وتقديم الكساء اليماني للبيت. وكان اليمنيون هم أول من صنع باباً للبيت.

وبعد الاستقرار اليمني بمكة بمرور الزمن، حلت أداة التعريف في العربية العدنانية (الألف واللام) في أول الكلمة محل أداة التعريف في العربية القحطانية (ن) ليتحول (إل ن) إلى (الله). أما اللات فكانت الإلهة الزوجة الأم. إله الخصب الكنعاني الذي كان معروفاً ب"هـ بعل" فقد تغير لفظه تدريجياً في مكة بإهمال العين ليصبح "هبل" وليحل محل (عثتر سمين) الإله الابن. ويروي الإخباريون المسلمون قصة أن عمرو بن لحي الخزاعي عاد من الشام لمكة حاملاً معه هبل وإساف ونائلة، فوضع هبل في فناء الكعبة، وإساف على الصفا، ونائلة على المروة. وهناك رواية إسلامية أخرى تقول أن الحجر الأسود كان أبيضاً لكنه اسوَّد من مسِّ الحيض في الجاهلية، وهذا يشير إلى طقس جاهلي تؤديه النساء بلمس الحجر الأسود بدماء الحيض. ويكمل القمني "كان دم الحيض عند المرأة في اعتقاد الأقدمين هو سر الميلاد، فمن المرأة الدم، ومن الرجل المني، ومن الإله الروح. علماً أن الدورة الشهرية للمرأة تتوافق مع حركات القمر توافقاً بيناً، وكان "إل" هو إله القمر".

وتسجل الروايات الإسلامية حديثاً للرسول محمد متحدثاً عن مناسك الحج: "ابدأوا بما بدأ الله عزوجل به، فأتى الصفا فبدأ به، ثم طاف بين الصفا والمروة سبعاً..إلخ". وفي الإسلام احترام القمر، فتحوَّل (إل) أو الله اليماني إلى آية من آيات الله الإسلامي فوضع فوق المآذن مع رمز الزهرة النجمة، وظلت الشهور قمرية والحج قمرياً، والصيام قمرياً بدوياً كامل الجوع بعكس الصيام الزراعي (ويكون أكل الخضروات والفواكه ومشتقاتها مباحاً فيه) كما هو في المسيحية وكان الحث لصيام الأيام البيض حينما يكون القمر مكتملاً.

إل العِبري:

ويبدو أن "إل" هاجرَ كذلك مما يسمى حالياً الجزيرة العربية لنراه في بلاد الشام، ولكن بكسر أكبر لهمزة "إل" ليصبح "إيل"،وتكون معه زوجته "إيلات" التي رسخت لاحقاً باسم المدينة المعروفة على شط البحر الأحمر. وقد تقدَّس هناك كثيراً حتى شيدت له البيوت الحرام، ومما كان منها "بيت إيل" في مدينة القدس. وعرف "إيل" ألقاباً وأسماءً مختلفة عند شعوب الهلال الخصيب كان منها "أبو أبنائه"، و"أبو البشر:آدم" كما كان عند الكنعانيين.

والنصوص التوراتية التي أشارت أو تحدثت عن الإله في الكتاب المقدس قبل ظهور موسى أشارت إليه ب"إيل"، فكان الرب المتميز بين أرباب آخرين. ويستشف القمني في تلك النصوص الثالوث الإلهي الذي كان زعيمه (إيل) إله القمر. لكن الأمر يختلف حينما ظهر (يهوه) للنبي موسى، فمنذ تلك اللحظة يصبح الإله يهوه هو الأكثر تكراراً وذكراً.

وهذا الإله يهوه قد عرف قبل العبرانين، فقد وجدت نقوشه ورموزه في بعض مدن بلاد الشام كإله وثني عبدته شعوب مختلفة. ويرى الباحثون الإنثربولوجيون أن يهوه هو إله قمري تبناه اليهود من مدن مدين وثمود..وغيرها. ويدلل القمني أيضًا على اكتشافات أثرية عثرت على جماعة من اليهود أقامت في بصعيد مصر عبدت ياهو مع إلهين آخرين أحدهما أنثى اسمها "الأنثى ياهو"، أما الآخر فلم يكن -حسب الدلائل الكنعانية- سوى الإله الأعظم إيل الذي لعب دور الإله الأب العجوز. ومما يثير العجب -والكلام للقمني- أن القمر الإله "إيل" حمل لقب "كهلان" أي الإله الكهل في ديانة اليمن. أما الإله الابن "يهوه" فقد كان إله مخلصاً أو حامياً بنظر أتباعه، وهو الذي اعتمد عليه النبي موسى في الخروج من مصر عندما خاطبه في الوادي بداية، ثم هيَّأ لهم جزر البحر -والجزر مرتبط بالقمر طبيعياً- عندما طاردهم فرعون. لهذا يستنتج القمني أن الثالوث اليهودي الوثني الذي توارثه اليهود -وأخذوه عن الأقوام الأخرى- قد أعاد موسى ترتيبه ليصبح "يهوه" فيه إلها رئيسياً بعد تنحي إيل الكهل. وعرض القمني تجلٍ آخر للإله المخلص في المسيحية في اسم يسوع Jesous الذي كان صيغة يونانية للكلمة العبرانية يشوع Jehoshua. والتي حللها القمني لمقطعين هما "ياه" رديف ياهو الإله الابن، و"شوع" أي المخلص أو الناصر!

ويضيف القمني "ولو عدنا مرة أخرى إلى ديانة عرب الجنوب فسنجد بين الآلهة الثمودية ذاك الذي حمل اسم "يثع" بمعنى الناصر أو الحامي، الاسم الذي دخل في مركب مقدس ورد في القرآن الكريم باسم "اليسع"، وهو من الصيغة العبرية "اليشع"، وهو اسم يتركب من مقطعين: الأول منهما هو "إل" الذي عرفناه إلهاً للقمر و"يشع" أو يثع أي المخلص أو الناصر أو الحامي، وهو في الوقت نفسه صفة للقمر الذي "يشع"!..

الفصل الخامس: نماذج من الأساطير التوراتية.. ومدخل إلى فهم دورها التاريخي

مقولات تمهيدية:
"في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقاً قائلاً: لنسلكَ أعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات". سفر التكوين.

"يا بني إسرائيل: اذكروا نعمتي التي أنعمتُ عليكم، وأني فضلتكم على العالمين" سورة البقرة.

في حوالي منتصف الألف الثانية قبل الميلاد، وحينما كانت مصر في أوج عظمتها الحضارية، وكانت بلاد الرافدين تحت حكم دول مركزية عظمى ، وكانت بلاد الشام تحت سيطرة الكنعانيين والفينيقين، تدافعتْ قبائل الآراميين إلى حدود بلاد الشام تشتمُ الفرص الممكنة للغزو والاستيلاء على الخصب والمدن. كان من ضمن قبائل الآراميين تلك القبيلة التي عرفت لاحقاً باسم العبرانيين التي طمحت للاستقرار في بيئة خصبة فلم تجد أفضل من مدن الكنعانين في بلاد الشام، لكنها لم تستطع الاستيلاء عليها مباشرة لكونها مدن منظمة وقوية. فجاورتهم زمناً طويلاً، وعملت في خدمتهم زمناً طويلاً، وتماهت معم في لغتهم، وأخذت من أديان وأساطير المنطقة (وخصوصاً التراث الكنعاني) خليطاً عجيباً لينتموا للجميع، فأتنتج ذلك ديناً جديداً قائماً على تراث المنطقة، مشكلين بذلك وعياً وتواصلاً بالتاريخ.

يعلقُ القمني: "وبالدين كانت بداية تاريخهم، الذي لم يكن تاريخهم أصلاً، وبالدين كانت بداية وجودهم كشعب يحمل تراثًا عريقاً، وبالدين كانت بداية لغتهم بعد أن تحولوا عن آراميتهم الأصلية إلى اللغة الكنعانية، إمعاناً في المصداقية مع الوعي بتمثل التراث والتلاحم التاريخي. وبالدين وتفهمهم لدوره، وإمكانياته التي لا تنفد، كانت بيدايتهم كأصل للتدين، فاحتكروا النبوات جميعاً في نسلهم وأصلابهم، وليس هناك شهادة لهم بالتفوق الأكيد سوى التسليم لهم بهذا الاحتكار، برغم أنهم بدأوا من ديانات المنطقة.

وبعد أن أسسوا أنفسهم، قاموا بنسبة ميثولوجيا المنطقة ورموزها وأبطالها إلى اليهود وأسلافهم وسلالاتهم، فهوَّدوا تراث المنطقة، عبر الازدياد التدريجي والمتواصل للتوراة أو الكتاب المقدس حسبما شاءت الظروف. وقد ساعدهم في ذلك ارتحالهم في مناسبات مختلفة إلى الرافدين ومصر. ويعلَّق أحد الباحثين على التوراة: "إن تابوت العهد يعود بنا إلى مساكن آلهة النيل المتنقلة، وآثار السحر ترجع بنا إلى مصر، كما تذكرنا قصة الطوفان والأرقام الغامضة ببابل، ويصير الإله البابلي جلجامش نمرود، وتصبح ثيران آشور المجنحة كروبيم العبريين، كما أن أسطورة الجنة وشخصية الشيطان أهريمان وعالم الملائكة ورؤساء الملائكة تعيد إلى أذهاننا بلاد الفرس، ونتعرف على البعل إله الفينيقيين والكنعانيين في أسماء إشبعل ومربعل. لقد كان الفلسطينيون الذين يحتمل أنهم وفدوا أصلاً من كريت ينظرون إلى اليمامة أصلاً كإله، أما السمكة التي عبدت في عسقلان فتظهر في قصة يونان".

يرسم القمني بناء على المعطيات الإنثروبولوجية تاريخ العبرانيين، فيحدد نقطة بدايته بقدومهم من الصحراء لبلاد الشام محتكين بالكنعانيين ليعيشوا كمواطنين من الدرجة الثانية، وليكونوا أداة في أيدي ملوك الكنعانيين. وقد جاءت تلك الإشارة في التوراة أن النبي إبراهيم حل ضيفاً على مملكة شاليم الكنعانية. ولما حلَّت سنوات القحط توجه العبرانيون إلى مصر تحت قيادة النبي يعقوب بن إسحاق وأسباطه (كما يروي الكتاب المقدس). لكن الحفريات الأنثربولوجية لا تدعم الرواية التي يحملها الكتاب المقدس عن العلاقة الخاصة التي جمعت مفسر الأحلام (النبي يوسف) مع الفرعون الحالم، والتي بوَّأت العبرانيين الديار المصرية. حينما تغير الفرعون المصري تغيرتْ أحوال العبرانيين معه، ليصبحوا أداة سخرة بيد المصريين، وقد سجلت نصوص التوراة مذلة العبرانيين في أرض مصر. وصادف أن حدثت فتن داخلية بمصر أتاحت للعبرانيين الهروب من مصر إلى كنعان مرة أخرى، ليبين العبرانين عن طبيعتهم المتوحشة التي سجلتها نصوص الكتاب المقدس وقد تحوَّل الربُ فيه إلى محارب يتلذذُ بالدماء. وكناية عن العداوة التاريخية لأهل فلسطين الكنعانيين فقد أمر الرب العبرانيين بقتل كل نسمة كنعانية: (وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيكَ الرب إلهك نصيباً، فلا تستبق منها نسمة ما-سفر التثنية).

وتستمر عجلة التاريخ ليقيم العبرانيون دولة صغيرة أيام سليمان بن داود حاجزة بين مصر الفرعونية، وبابل، ولكنها انقسمت بعد ذلك إلى السامرة ويهوذا وكانت الحرب الأهلية سجال بينهما. وقضى أهل العراق على الدولتين ليأخذوا العبرانيين سبايا إلى أرض العراق. فينهل اليهود من تراث المنطقة الغني هناك، وينعكسُ ذلك على نصوص الكتاب المقدس. ويتعاون اليهود مع قورش الفارسي لتسقط بابل، فيعودوا مرة أخرى لأرض لفلسطين. ثم يطردهم منها نهائياً القائد الروماني طيطس، ليبدأ عصر الشتات اليهودي، فينتشروا في الأرض ومنها الجزيرة العربية حيث يخرج الإسلام ليبدؤوا بتهويد العقول.

أسطورة الخلق والتكوين:

حتى عهد قريب -يقول القمني- كان الاعتقاد السائد أن قصة الخلق كانت ملحمة توراتية خالصة، وفريدة. لكن كل شيء تغير إثر الكشوفات الأثرية في الهلال الخصيب إضافة لمصر خلال القرن المنصرم. وُجدت ملاحم مشابهة في الآثار المصرية، والكنعانية، وبلاد الرافدين كلٍ منها تسردُ قصة خلق العالم، وخلق أول إنسان (آدم) وزوجته بقليل من التفاصيل المختلفة. كان أبرزهن ما جاء في الملاحم السومرية من إصابة الابن الإلهي (آنكي) بمرض في ضلعه، بعدما أكل من ثمار حرمتها عليه الآلهة، فخلقت الآلهة إلهة أنثى اسمها (نن تي) لتطبيبه. وبترجمة اسم هذه الإلهة إلى العربية يصبح "سيدة الضلع". ويبدو أن كتاب التوراة أخذوا الضلع المُصاب، أو الأعوج ليخرجوا منه حواء، أي مانحة الحياة، ويذكر القمني أن الباحثين وجدوا في أوغاريت الكنعانية مدونات أثرية سجل عليها ملحمة بداية الخلق. وقد وجدَ في تلك المدونات الأثرية ذكر اسم "آدم " لأول مرة.

ويتكرر الأمر مع حادثة ابني آدم قابيل وهابيل التي أخذها العبرانيون بشكل ملحوظ من رواية مصرية مع عكس الأحداث بها لتكون لمصلحة الراعي هابيل ضد المزارع المصري قابيل. سجلَّ العبرانيون في قصتهم تلكَ أن الإله انحاز للراعي العبراني ضد المزارع المصري أو الكنعاني أو الرافدي دونما سبب واضح سوى أن الرب كان يتوق دائماً إلى رائحة اللحم المحروق، وهو ما قدمه له الراعي لتهدأ نفسه وتستريح. وفي هذا إشارة للمزارع أن ما عليه إلاَّ أن يترك الأرض وتاريخه فيها للراعي الطيب، والأقدار لله.

قصة الطوفان بالتوراة:

"إن طوفاناً سيهلك مراكز العبادة
وتهلك ذرية البشر..
إن هذا هو القرار الذي أصدره الآلهة
في مجمعهم
قم فابن فلكاً
هذا ما همس به الإله لعبده الصالح زيوسودرا"
من ملحمة جلجامش..


لم تكن أصيلة في التوراة، بل هي مستوحاة من أرض الرافدين. أثبت ذلك حل رموز اللوح الحادي عشر من ملحمة جلجامش البابلية، إضافة لألواح أخرى من ذات المنطقة. ولربما عظم أهل الرافدين أحاديث الطوفان بسبب تعرضهم لفيضانات دجلة والفرات المستمرة، ولجوئهم للقوى الإلهية في تفسيرهم لتلك الأحداث. ويذكر القمني أن بعض ألواح سومر كتب عليها أن الآلهة اختارت الملك الورع زيوسودرا لتخبره أن الطوفان آت، ونصحته ببناء الفلك العظيم ليسع كل كائنات الأرض من كل زوجين اثنين، لتكافئه الآلهة بالخلود بعدها (وترجم ذلك بالعمر المديد على قيد الحياة). لذا اعتقد السومريرون أن ملوكهم العظام عاشوا أعماراً خيالية. أما العبرانيين الذي استغلوا هذه الأسطورة فقد جعلوا الإله عبرانياً، ونسبواً أنفسهم لنوح النبي الذي حمل أولاه الثلاثة معه على السفينة، فجعل أبناء حام ويافث (في بعض الروايات) عبيداً لأبناء سام وهو جد العبرانيين. وتورد الروايات التواراتية أن أبناء حام قد استوطنوا حول نهر النيل أي مصر أما أبناء سام فهم من الرعاة. وهذا يعيد لنا الصراع الرعوي الزراعي، وغلبته على الفكر العبراني، ومصوراً طموحاته في استعباد أبناء المزارعين في الرافدين، والشام، وأرض مصر.

أسطورة الأرض الموعودة..

في جبل إيل، جبل الله، سكناي
في الأماكن الهانئة سكناي
من ملحمة البعل الكنعانية

يسجل العبرانيون في كتابهم المقدس طموحاتهم في أرض فلسطين. وقد رمز للعبرانيين بإبراهيم النبي وساراي (سارة)، ولوط حينما ظهر لهم الإله إيل ووعدهم الأرض. "فأخذ إبرام ساراي امرأته، ولوطاً ابن أخيه، وكل مقتنياتهما التي اقتنيا والنفوس التي امتلكا في حاران، وخرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان، واجتاز إبرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلوطة مورة، وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض، وظهر الرب لإبرام، وقال: لنسلك أعطي هذه الأرض، فبنى هناك مذبحاً للرب الذي ظهر له" سفر التكوين. وتعبر التوراة عن أن الكنعانيين هم أصحاب الأرض بإلتواء "وكان الكنعانيين حينئذ في الأرض"، فيمنح الرب الأرض لإبراهيم و"نسله" من بعده، وهي أرض لا يملكها الرب كي يمنحها لغرباء عنها!

وتبدى للقمني أن العبرانيين اختاروا الإله إيل أكبر آلهة الكنعانيين ليكون إلهاً لهم، ثم أعلنوا أنه اختارهم ليمنحهم تلك الأرض المقدسة.


أسطورة المسيح الملك:

لم أستطع وضع ملاحظات بما جاء في هذا الفصل بسبب بعض الظروف الصحية..


الحديث عن الملوك الأربعة:

روى مجاهد عن ابن عباس قال: مَلكَ الأرض كلها أربعة: مؤمنان وكافران: فأما المؤمنان: فسليمان وذو القرنين
وأما الكافران: فالنمروذ بن كنعان، وبخت نصر.


المؤمن الأول: سليمان بن داود

يروي البخاري عن أبي هريرة أن النبي محمد تمكن من أحد الجن بعدما قطع عليه صلاته، فأراد ربطه في ناصية المسجد إلاَّ أنه تذكر دعوة النبي سليمان بألاَّ يمنح لمن يأتي بعده مثل ملكه، فتركه النبي محمد. وكما جاء في كتب التفاسير الإسلامية فإن ملك سليمان بن داوود كان أسطورياً، فتحت رايته كان شياطين الإنس والجان، والعفاريت، وله الريح، والسحاب، ويدركُ لغة الطير والنمل وله القصور الباذخة، والجيوش الجرارة... إلى ما هُناك.

إلاَّ أن سيد القمني يسترجع نصوص الكتاب المقدس -التي شكلت لاحقاً مرجعاً للنصوص القرآنية- ويوردُ ملاحظات تاريخية، وجغرافية عليها مبيناً مغالطة اليهود فيما ذكر بكتابهم المقدس عن المملكة السليمانية. فهذه المملكة الأسطورية -التي كانت لا تعدو دويلة صغيرة تتمركز حول مدن صغيرة - كانت تدفع الإتاوة لملك صور الفينيفي وفقاً لسفر الملوك الأول في الكتاب المقدس. أما حكمة سليمان التي جاءتْ في الكتاب المقدس أنه تكلم بثلاثة آلاف مثل "عن" الطير والحيوان والنمل" فيرجح القمني أنها كتاب شبيه بكتاب بيدبا "كليلة ودمنة". لكن القمني يعزز شكوكه تلك باستذكاره أن اللغة التي كتب بها الكتاب المقدس كانت بدائية ساكنة حروفها غير مصوتة ومحرَّكة مما يمكن أن تؤدي إلى سوء فهم وخلط في الحروف فتصير "عن" الأشجار والحيوان والنمل "إلى" أو "مع" الأشجار والحيوان والنمل".

أسباب سقوط المملكة:

١. العبرانيون الوافدون إلى بلاد الشام مثَّلوا حركة استعمار استيطاني، وقد بدأوا بموجات إبادة لأصحاب الأرض الأصليين مما خلق الحقد الدفين بين المكون الإثني لرعايا مملكة داود وسليمان.

٢. الارستقراطية السياسية، والاستقراطية الكهنونية في المملكة. ونجاح الطبقة السياسية بالدولة في احتواء كهنة اليهود -الذين كانوا تقليدياً من سبط لاوي (لافي)- ضمن سلك وحماية الدولة الرسمي. ثم تربص هؤلاء الكهنة بالدولة ليعودا لاستقلالهم السابق.

٣. انقسام يهودي-يهودي، قائم على تأثر قسم من القبائل العبرية بعبادات وأنظمة المصريين وعاداتهم، وآخر ظل محافظاً على بداوته عند حدود سيناء. أدى هذا الصراع بشكل مباشر لاحقاً إلى انقسام مملكة سليمان إلى مملكتي يهوذا، والسامرة.

٤. ظهور طبقة من رجال الدين الشعبيين تقود حركة التدين الشعبي بعيدة عن النظام الكهنوتي الرسمي، وقد مثلهم الأنبياء الشعبيون مثل عاموس، ميخا (في فلسطين)، أشعيا، دانيال، إرميا (في بابل أيام السبي). وقد دخل هؤلاء في صراع مع الكهنة الرسميين، وإيجاد صيغتين مختلفتين للدين وغاياته.

وقد انهارت الدولتين اليهوديتين تحت ضربات المصريين، والبابلين والآشوريين ليُسبهى العبرانيون إلى بابل فترة من الوقت.

بعد تلك الرحلة في الكتاب المقدس، يطوف القمني كذلك في كتب التفاسير الإسلامية التي تحدثت عن سليمان عليه السلام، وعن مملكة العجائب التي أقامها، مبيننا الخوارق التي اتصفتْ بها، أو اتصف بها ملكها سليمان نفسه ومنها قدرته الجنسية الهائلة. وينهي الباحثُ الحديث حول سليمان المؤمن بحديث جاء في تفسير ابن كثير: "عن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله من غزوة تبوك أو خيبر، وفي سهوتها ستر، فهبت الريح فكشفت ناحية من الستر عن بنات لعائشة تلعب (أي إماء صغيرات)، فقال: ما هذا يا عائشة. فقالت: بناتي، ورأى بينهن فرساً له جناحان من رقاع (أي وضعوا له أجنحة مصنوعة ليلعبوا به). فقال: ما هذا الذي أرى في وسطهن؟ قالت: فرس. قال: وما الذي عليه هذا؟ قالت: جناحان. قال: فرس له جناحان؟!! قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلاً لها أجنحة؟

وهنا نصلُ -والكلام للقمني- إلى فصل الخطاب فيما روته عائشة عن رد النبي صلى الله عليه وسلم، ذلك الرد الذي لم يأتِ كلاماً، قدرَ ما جاء رد فعل عفوي... قالت عائشة: فضحكَ حتى رأيتُ نواجذه!!

المؤمن الثاني: ذو القرنين

ذو القرنين: كان أكثر القضايا الخلافية في التراث الإسلامي. فهذه القضية قد بدأت بسؤال مثقفي قريش (النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط الذين سيقتلان صبراً بعد معركة بدر) الرسول الكريم محمد عن قصة ذي القرنين، فما كان من الرسول إلاّ أن استمهلهم حتى ينزل الوحي، لتنزل بعدها آيات سورة الكهف. وللعلم فإن قصة ذي القرنين لم ترد في الكتاب المقدس بتاتاً.

اختلف الإخباريون المسلمون حول ذي القرنين، في اسمه، وأصله، ومن أي البلاد هو، وأين وصل بفتوحاته، وحمل ذلك الاختلاف تناقضاً كبيراً بين الروايات التي زادها غموضاً غموض الآيات القرآنية حول ذي القرنين نفسه.

يرصد القمني وجود القرنين المعلقين على جدار الكعبة أيام الجاهلية، ويراهما كذلك في الرسومات الرافدية القديمة، وفي اسم آشور بانيبال - أي آشور باني بعل، أي آشور خالق بعل- وبعل هذا هو إله القمر الذي ترمز له الشعوب السامية بالقرنين. وكان لذلك صدىً عند المصريين في نحتهم تماثيلاً للإله آمون(إله الدولة) في هيئة كبش ذي القرنين. وطالما آمن المصريون أن الفرعون الحاكم هو سليل الإله آمون الخروف عبر ابنه الإله حور.

وعلى أرض الواقع التاريخي، فقد احتَّل الفرس بلاد الشام ومصر احتلالاً قاسياً فلم يعاملوا ديانة المصريين بالاحترام الذي انبغى له. وعندما وضع الاسكندر الأكبر المقدوني خطته لغزو الشرق وطرد الفارسيين منه، أتى مصراً فطرد الفرس منها وأعلن لأهل البلاد "ولائه لأهل البلاد وخضوعه لها، وأشاع بين الناس أنه أتى لينقذ آلهة مصر من الامتهان الفارسي. ومن خلال الاتفاق مع الكهنة، اعترف الكهنة بالإسكندر ابناً شرعياً للإله المصري آمون، فلبس تاج الملك ذي القرنين. وقد فعل الإسكندر الشيء ذاته عند فتحه لبلاد الرافدين ومعترفاً بآلهتها ومنتسباً لها، ثم واضعاً على رأسه تاج المُلك ذي القرنين.


الكافران: النمرود بن كنعان، وبخت نصر

الكافر الأول: النمرود بن كنعان

النمرود حسب الروايات الإسلامية هو أول من ادعي الإلوهية على الأرض التي ملكها من أقصاها لأقصاها. وقد حاجه إبراهيم في ذلك في قصره، محاجة متأنية متصبرة على هذا الفتى المجادل الذي يقتحم قصر ملك الأرض مجادلاً في ملكه. فما كان جزاءه -أي الملك - إلاَّ الهلاك لأنه نفض قوانين الديكتاتورية المطلقة في الحكم والدين! ولذا سلط الله عليه البعوض أو الذباب -باختلاف الروايات الإسلامية- لتنهش فيه أربعين أو أربعمائة سنة -باختلاف هذه الروايات أيضًا-!

ويرى القمني إصراراً في التراث الإسلامي لجعل الملك الذي حاج إبراهيم -الواردة في القرآن- هو نفسه الملك النمروذ المذكور في التوراة باقتضاب. إذ لا مجال للربط بين النمروذ والملك الذي حاج إبراهيم لبعد الفترة الزمنية بينهما. لذلك يسأل الباحث "لماذا احتسب رواة المسلمين أن صاحب برج بابل هو "ابن كنعان بن حام بن نوح" بالتحديد، رغم عدم النص عليه قرآنياً، ورغم أن مصدرهم الإسرائيلي بدوره لم يقل ذلك!"

للإجابة على السؤال يعود بنا القمني إلى أبي النمروذ وهو كنعان بن حام. كنعان الذي دعا عليه نوح عليه السلام بالعبودية لأبناء سام كما هي نصوص التوراة. وكنعان هو أبو الكنعانيين سكان فلسطين القدامى -كما يقول الكتاب المقدس-، ومن نسله أيضًا أهل مصر الأقباط والسودان سكان إفريقيا -وفقاً للكتاب المقدس أيضًا-. وبذلك فكأنما تضيف التراثيات الإسلامية مثلبة جديدة لكنعان وهي مثلبة الكفر وادعاء الإلوهية التي ظهرت في عقبه، إضافة للمثلبة العظيمة التي سردتها التوارة واستحق بموجبها اللعن من جده نوح عليه السلام. يشم القمني في ذلك الهوى القديم لدى العبرانيين بالأرض الفلسطينية، وموافقة المسلمين لهم لتفضيل سام على حام أي البدو على المزارعين..!
بعد هذا التحليل يأكد القمني أن اسم الملك النمروذ بن كنعان لم يرد في المسلات أو الحفريات الأثرية التي جرت في أرض الرافدين، أو بلاد الشام رغم اكتشاف جداول الملوك الذين حكموا المنطقة في المدونات المسمارية.

الكافر الثاني.. بخت نصر أو نبوخذ نصر..

وتختلف المرويات الإسلامية مرة أخرى حول هذا الملك الكافر، لكنها تتفق في نسبته إلى السوء دوماً كما يعتقد هؤلاء المؤرخين. نسب بعضهم والد بخت نصر إلى المصريين، ليحوي سوأته وسوأة المصريين الفراعنة. وأما الأصمعي فقال أنه لقيط وجد عند صنم، فكان هذا الملك ابناً غير شرعياً، وعابداً للأصنام.

أما علمياً فهذا الملك هو نبوخذ نصر الملك الكلداني القوي الذي جرد حملتين على العبرانيين في فلسطين، فدمَّر مملكتهم يهوذا في الأولى، وسباهم إلى بابل في الثانية. وظلوا في بابل مستعبدين حتى فتحوا أبوابها لقورش الفارسي الذي أعادهم لفلسطين حتى حين.

ومن خلال الملكين الكافرين نرى التراث الإسلامي يستلهم أعداء العبرانيين التاريخيين ليجعلهم أعداءه أيضًا، وليوافقهم في مخططاتهم التاريخية كذلك!


الفصل الأخير: النسخ في الوحي، محاولة فهم.


حديث الغرانيق، وسجود الكفار خلف الرسول محمد عند الكعبة في سورة النجم. تلى الرسول سورة النجم وهو بجانب الكعبة وأصحابه خلفه للصلاة، فقال: "أفرأيتم اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى..تلك الغرانيق العلا، إن شفاعتهن لترتجى". حتى سجدت قريش خلف الرسول في الحرم باستثناء الوليد بن المغيرة الذي رفع كف تراب إلى رأسه.

إلاّ أن الله سرعان ما أنزل على رسوله الكريم: "لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً"، "وإن كادوا ليفتنوك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره، وإذن لاتخذوك خليلا، ولولا أن ثبتناك لقد كدتَ تركن إليهم شيئاً قليلاً ٧٣-٧٤ سورة الإسراء.
ويبرر القرآن ما حدث أن الشيطان ألقى تلك الآيات المفتراة إلى الرسول محمد، لكن الله عزوجل تدخل بالآيات الصادقة لينسخها، ويؤكد حدوث ذلك الشيء مع الأنبياء السابقين. "وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي، إلاَّ إذا تمنى، فألقى الشيطان في أمنيته، فينسخ الله ما يلقي الشيطان، ثم يحكم الله آياته" ٥٢ الحج.

وتأتي المراجع الإسلامية لتنفي حادثة الغرانيق بأغلبها، لكن القمني له رأي آخر في ذلك. يرى القمني أن شفعاء قريش لدى الله كانوا رموزاً قبلية أيضًا، وهو ما يدعي أن تلتف القبيلة حوله بصفته ربها وشفيعها. وبتعدد الشفعاء والأرباب القبليون تزداد الفرقة القبلية. وقد فهمت قريش دعوة الرسول لإسقاط الشفعاء أنها دعوة لإذابة الأطر القبلية، التي تحمي المصالح التجارية، أو لنقل الأرستقراطية التجارية في قريش. ولهذا سجدتْ قريش مع الرسول محمد بعدما غيَّر رأيه بمسألة الشفعاء كما جاء في حديث الغرانيق.

وكما أشرنا بالأعلى فقد جاء الوحيُ سريعاً لينسخ تلك الآيات، ولينفي أمنية الشيطان إلى الأبد بإزالتها من نص القرآن الكريم، ولينشأ مبحث الناسخ والمنسوخ في علوم القرآن الكريم.


تعرض القمني لتناول د.حامد أبو زيد لظاهرة النسخ، وتجاوزه للتقسيم الثلاثي التقليدي لظاهرة النسخ.
- ما نسخت تلاوته وبقي حكمه: آية الرجم التي رفعت من القرآن وبقي حكمها معمولاً به في الشرع الإسلامي. وقد أراد عمر في خلافته أن يضيفها للقرآن... وهناك آية في القرآن: "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم، فاستشهدوا عليهن أربعة منكم، فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت، حتى يتوفاهن الموت، أو يجعل الله لهن سبيلاً" ١٥- النساء، ذهب العلماء اتفاقاً إلى أن هذه الآية منسوخة -رغم بقاء تدوينها في القرآن- بآية الرجم الغير موجودة في النص القرآني. وقد أثبتت أحكام الرجم بأحاديث نبوية أيضًا.

يشير ابن حجر أن آية الرجم رُفعت من القرآن- أي أنها لم تنسخ-، مع وجود قرآئن عديدة تدلل لرفض الرسول محمد لتدوين هذه الآية عندما نزلت بعدما سأله عمر بن الخطاب لذلك، ثم أصر زيد بن ثابت الذي جمع القرآن على عدم تضمينها للمصحف الشريف.

-ما نسخ حكمه، وبقيت تلاوته: يسوق القمني العديد من الأمثلة هنا عن هذا النوع من النسخ، لكنه يشير إلى أيضًا قضية مهمة، وهي ظهور ما اصطلح تسميته بالمنسأ في قضايا الناسخ والمنسوخ. فالمنسوخ يحرم الرجوع إليه بعد نسخه في الحياة اليومية، لكن العلماء استحدثوا "المنسأ" كي يستطيعون الرجوع للأحكام المكية حينما تحقق المصلحة للمسلمين عوضاً عن الآيات الناسخة. من أمثلة ذلك آيات التسامح مع الأديان الأخرى، وخصوصاً أهل الكتاب. ولكن هذه الآيات -آيات التسامح وحرية الأديان- نسخت تالياً بالآيات التي تقرر أن الإسلام هو دين الله، وأن للآخرين السيف، مثال: "قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله" ٢٩-التوبة،"اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" التوبة. لهذا "المنسأ "هو الأمر بالقتال إلى أن يقوى المسلمون، وفي حال الضعف يكون الحكم وجوب الصبر على الأذى. بمعنى أن كل أمر ورد يجب امتثاله في وقت ما لعلة تقتضي ذلك الحكم"هكذا نقل القمني عن السيوطي في الصفحة ٣٦٢. لهذا تظهر النفعية في نظرية المنسأ حنى يأني أمر الله كما نقرأ في هذه الآية: "فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره".

- ما نسخ تلاوته وحكمه: هناك روايات عديدة تشير إلى اختفاء أجزاء من القرآن الكريم دون أسباب واضحة. لعل أبرزها ما جاء -من طرق متعددة- عن غياب سورة الأحزاب ذات الآيات المئتين، والتي بقت بضع وسبعين آية. ويعلل د.طه حسين كما أورد القمني ذلك إلى مصحف عثمان، وجبر الدولة الإسلامية لنشره وتعليمه في البلاد الإسلامية وإحراق ما سواه من صحف قرآنية.

يعقب القمني في نهاية فصله أنه ما أراد من مناقشة قضية النسخ إلاَّ إبراز أن الواقع هو المقياس لفهم حركة النص المرتبط به، فينفعل به، ويفعل فيه، من أجل مصالح ومنافع وغايات أعم في فضلها.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»