31 يناير 2010

إصدارات: كتاب "يهود مصر..التاريخ السياسي"

صدر حديثًا كتاب يبدو هامًا يناقش دور اليهود والصهاينة في مصر في العصر الحديث قبل قيام الكيان الصهيوني وبُعيد الإعلان عنه. الكتاب بعنوان "يهود مصر..التاريخ السياسي" للدكتورة زبيدة عطا، والتي أصدرت قبل ذلك عددًا من الدراسات حول يهود العالم العربي. أنقل لكم الخبر عن صدور الكتاب من موقع جريدة اليوم السابع:

"يهود مصر" كتاب يؤرخ للوجود الصهيونى بمصر
كتبت سارة علام

صدر حديثا عن دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، كتاب "يهود مصر ..التاريخ السياسى" للدكتورة زبيدة عطا.

الكتاب يقع فى 380 صفحة من القطع الكبير، وستة فصول بالإضافة إلى الملاحق والوثائق التى اعتمدت عليها الباحثة.

وتؤكد الكاتبة فى مقدمتها أن كتابها جاء كمحاولة منها للرد على الأساتذة الإسرائيليين واليهود الأوروبيين والأمريكيين، فتناولت التواجد اليهودى فى مصر فى مطلع القرن العشرين والعلاقات الاقتصادية التى ربطتهم بالمصريين فى تلك الفترة، بالإضافة إلى دور فرع الوكالة اليهودية بمصر.

فى الفصل الأول من الكتاب "الانتماء والهوية" تطرح الباحثة تساؤلا يتعلق بانتماء اليهود المصريين إلى مصر فهل كانوا يشعرون أنهم من أبناء هذا الوطن ينتمون لأرضه ويربطون مصيرهم بمصيره؟، وهل كانوا على استعداد لمشاركة أهله فى أمانيهم والوقوف مع مواطنيهم فى الملمات والحروب؟

أما الفصل الثانى "الصهيونية" فتشير فيه إلى بداية النشاط الصهيونى فى مصر التى بدأت على إيدى يهود الأشكيناز الذين أسسوا منظمة صهيونية فى القاهرة عام 1879، واستطاعوا أن ينشئوا لها فروعا فى الإسكندرية وبورسعيد.

وتحدثت فى فصلها الثالث "التوجه العربى" عن انتشار الصهيونية فى مصر ودعوتها إلى الهجرة إلى فلسطين وأرض الميعاد، كما أرخت لعلاقة مصر بالوطن العربى وذكرت مجموعة من الشخصيات ذات التوجهات العربية مثل عبد الرحمن عزام باشا أول رئيس لجامعة الدول العربية.

وكان "التيار المتوسطى" هو عنوان الفصل الرابع من الكتاب الذى أكدت فيه "عطا" أن التيار المتوسطى الذى ظهر أيضا مع بدايات القرن الماضى لم يكن مرتبطا بالصهيونية ولكن له توجهات نحو الغرب ويمثله طائفة من المفكرين السياسيين الذى تلقوا تعليما غربيا واتجهوا للغرب ولكن هذا التيار لم يكن له خلفية قوية فى الشارع المصرى لأن فكرة القومية المصرية كانت تلقى تأييدا أكبر.
كذلك أيضا خصص الفصل الخامس للتيار الإسلامى ولرشيد رضا الذى كان من أبرز الشخصيات التى طرحت فكرة الجامعة الإسلامية التى كان لها تأثيرها على فكرة جماعة الإخوان المسلمين.

وعلى النقيض تماما كان الفصل السادس من نصيب "الشيوعيين" فأشارت "عطا" إلى الدور الذى لعبه اليهود المصريين فى الحركة الشيوعية المصرية وإن كان نبيل الهلالى ينفى أن يكون اليهود هم أصل التنظيمات الشيوعية.

"التقسيم" كان عنوان الفصل السابع الذى تعرضت فيه الباحثة لمواقف القوى المختلفة من قضية تقسيم فلسطين وكذلك إعلان دولة إسرائيل التى لحقت بوعد بلفور وحرب 1948 وتأثيراتها المختلفة على القضية وموقف يهود مصر منها.




ملحوظة: الصورة ليست ليهود مصريين، وقد التُقطت في إسرائيل ليهود يستعدّون للاحتفال بعيد السوكوت، استعادة لسنين الشتات اليهودي بعد الخروج من مصر. والصورة مأخوذة من هذا الموقع.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

30 يناير 2010

رحيل سالينجر مؤلف "الحارس في حقل الشوفان" عن 91 عامًا

تُوفي يوم الأربعاء الماضي (27 يناير 2010) الكاتب الأمريكي الشهير جيروم ديفيد سالينجر، مؤلف "الحارس في حقل الشوفان The Catcher in the Rye"الرواية التي تتربع دومًا في المراتب الأولى في قوائم أفضل الروايات على الإطلاق، خاصة في أمريكا.

بدأ بكتابة قصص قصيرة نشرها في مجلة النيو يوركر في الأربعينات، ثم نشر روايته الشهيرة عام 1951، والتي أكسبته شهرة كبيرة جدًا. أتبعها بقصص قصيرة وروايات قصيرة، وآخر ما صدر لها كان رواية "Hapworth 16, 1924" عام 1965. بعدها انعزل المؤلف عن الحياة الأدبية والإعلام، ولم يظهر لوسائل الإعلام منذ عام 1980.
تعليق: أذكر أن أستاذًا في الأدب الإنجليزي أيام الجامعة قال إن كل مراهق في أمريكا يقرأ هذه الرواية!

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

29 يناير 2010

آبل تطلق حاسوبًا جديدًا..قارئًا إلكترونيا مميزًا

قبل أيام قليلة أطلقت شركة "آبل Apple" حاسوبها اللوحي الجديد iPad، والذي تلقته وسائل الإعلام المختلفة بالكثير من الإعجاب والانبهار. ولمن يعرف هاتف iPhone سيلاحظ أن هذا الحاسوب الجديد عبارة عن شكل مكبر لهذا الهاتف، ولكنه بالطبع يحتوي على مزايا عديدة أخرى. يعمل هذا الحاسوب بشاشة اللمس من دون لوحة مفاتيح، خفيف الوزن نحيف وأنيق. ويُوصل هذا الحاسوب بالإنترنت وتطبيقات شركة آبل لاسلكيا عن طريق شبكة 3G أو بأية شبكة أخرى تعمل لا سلكيًا.

هو ليس بديلا عن الحواسيب المحمولة، فمثلا لا يحتوي على كاميرا، ولا يقوم بأكثر من مهمة في الوقت نفسه، بل هو جهاز موجّه لشريحة معينة من المستخدمين. وربما أهم وأقوى مميزات هذا الجهاز هو كونه قارئًا إلكترونيًا مصحوبًا بتطبيق مكتبة إلكترونية اسمه iBooks. من هذه المكتبة يمكنك شراء الكتب الإلكترونية وتحميلها فورًا إلى جهازك، ثم قراءتها في أي وقت تشاء. يشكل هذا "القارئ الإلكتروني" الجديد تحديًا قويًا للقارئ الشهير "كندل" بحجمه الكبير.

يمكنكم إلقاء نظرة على الجهاز مع تطبيق "آي بوكس" من المقطع التالي:




كما يمكنكم إلقاء نظرة على جهاز "آي باد" بشكل عام من هذا المقطع:



لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

28 يناير 2010

قراءات: رواية "ترمي بشرر" لـ(عبده خال)


(نُشر هذا العرض في ملحق "شرفات" الصادر عن جريدة عمان بتاريخ 27 يناير 2010)

أرواحٌ تُباعُ للشيطان
عرض لرواية "ترمي بشرر"



أحمد حسن المعيني

أن تقرأ لـ(عبده خال) يعني أن تستعد لوجبةٍ دسمة من السواد والعذاب وتعرية النفس البشرية، ولعلّ أفضل وصفٍ يُقال في هذا الروائي ما قاله عنه الأديب (غازي القصيبي): "إن الإنسان الذي يستطيع أن يعذبك هذا العذاب كله، أن يشقيك هذا الشقاء كله عبر رواية، مجرد رواية، لا بد أن يكون روائيًا موهوبًا تحبه لموهبته، وتكرهه لأنه يذكرك بالمأساة الإنسانية". قال القصيبي هذا الكلام على غلاف الرواية الأولى لعبده خال، إلا أنه ما يزال ينطبق بامتياز على روايته الجديدة "ترمي بشرر" الصادرة عن دار الجمل عام 2009 في 416 صفحة.

يختارُ عبده خال في هذه الرواية أن يكون مباشرًا منذ البداية، فالعنوان المقتبس من الآية القرآنية المعروفة يشي بالكثير؛ حيث نعرف أن هناك قصرًا-كما هو واضح من صورة الغلاف- مقذوفًا من الأعلى، من تلك التي ترمي بالشرر. ومن صفحة الإهداء نعرف أن عبده خال ليس الراوي، فالذي كتب الإهداء شخصٌ اسمه (طارق فاضل) هو الذي سنستمع إلى القصة من خلاله. وتستمر هذه المباشرة في أول سطرٍ من الرواية، حيث يقول الراوي "خسِئَت روحي، فانزلقتُ للإجرام بخطى واثقة".

جاء تقسيم الرواية مختلفا وجديدًا، حيث تبدأ بـ"عتبة أولى" طويلة يبدؤها الراوي طارق بمشهدٍ هو في الحقيقة ليس أول القصة، بل من أواخرها. ويأخذنا طارق في بوحٍ مسترسل ليصل في نهاية العتبة الأولى إلى ما قبل المشهد الذي بدأ به. أما في "العتبة الثانية" فيسلط طارق الضوء على حقائق حول الشخصيات الرئيسة مستعيدًا تاريخها، وساردًا أحداثًا سابقة أو موازية، إلى أن يصل إلى ما قبل المشهد الأول. ومع اكتمال هذا المشهد تصل الحبكة ذروتها ثم تهبط قليلا، لترتفع في مفاجأة أخيرة صادمة تنتهي بها الرواية. بعد ذلك نجد فصلا إضافيًا بعنوان "البرزخ" يكتبه عبده خال، يتحدث فيه عن أحداث ومعلوماتٍ متعلقة بشخصيات الرواية وأحداثها، إما قبل دخولها عالمه السردي أو بعده.

يحكي لنا طارق قصة حارته البسيطة الملاصقة للبحر في جدة، والتي يسميها أهلها "الحفرة" أو "جهنم"، ويعيشون فيها حياة فقيرة قوامها الصيد والأعمال البسيطة. وفجأة مع دخول المدنية يُسوّر البحرُ لإقامة "كورنيش" عصري، ويظهر قبالة الحارة قصرٌ فخم جديد يحجب جانبًا كبيرًا من البحر عنها. وهكذا أصبح هناك عالمان: عالم الحارة الفقيرة بأناسها البسطاء وفقرها، وعالم القصر المهيب بأنواره الفخمة وخدمه وحرّاسه وسياراته الفارهة وأهله فاحشي الثراء. وبالمقارنة الظاهرية بين هذين العالمين لا يكون مُستغربًا أن يطلق أهل الحارة على القصر اسم "الجنة"، ولأنها جنة فالكل يحلم بدخولها، ورؤيتها، وشمّ روائحها، واقتطاف ثمارها. إذن تُصبح هذه "الجنة" حلمًا يسيل له لعاب الكبار والصغار معًا، على الرغم من تكبر سيد القصر، وحرصه على الفصل بين قصره وبين الحارة وكل ما يتعلق بها.

والشخص الوحيد الذي استطاع دخول "الجنة" هو (عيسى الرديني) الذي هرب من الحارة وسكن مكانًا وسطًا بين القصر والحارة، وأسدى خدمة كبيرة لصاحب القصر، استحق بسببها أن يدخله. يخطط عيسى لإدخال الآخرين من حارته إلى القصر، ليس بالضرورة لمساعدتهم، بل أيضًا للانتقام منهم. يُدخل صديقيه (طارق) و (أسامة)، ثم يتبعهما سيلٌ من رجال الحارة ما بين حارسٍ ومربي كلاب وقائد يخت وخادم. إذن فقد أصبح عيسى هو الطريق المؤدية للقصر بالنسبة لأهل الحارة الذين يحلمون بالدخول إلى الجنة، فإذا دخلوها تكشفت لهم حقيقتها، وأنهم دخلوا عبودية دنيئة لا مهرب منها، ولا هدف لها إلا إرضاء سيد القصر وشهواته وملذاته. ويصوّر لنا طارق صاحبَ القصر المتسلط المتطرف في شهواته وعقابه، والذي لا يقبل أن ينافسه أحد، ولا أن يخرج من طوعه أحد. يحكي لنا طارق في بوحٍ طويل عن حياته وأصدقائه وأهل الحارة قبل الدخول، ثم ما حدث له ولغيره بعد الدخول من سقوطٍ يتبعه سقوط.

من الثيمات القوية في هذه الرواية ثيمة الحب، حيث نجد العاشق المتيّم في شخصية أسامة الذي يظلّ محتفظًا بحب تهاني، وكذلك كمال مع سميرة، و في علاقة عيسى بموضي ، وحتى أم سيد القصر التي تحكي عن حبيب قديم لم تنسه، إلا أنّ الحب في جميع هذه الحالات غير متحقق، لا يقدّم إلا الألم. كما نجد ثيمة أخرى حاضرة هي رغبة الانتقام، متمثلة في سلوك العمة خيرية، وطارق بطل الرواية، وعيسى، ومرام، وأسامة، إلا أنّ رغبة الانتقام المشتعلة في كل هذه الحالات تنتهي بحرق أصحابها، بطريقة أو بأخرى. أما ما يمكن اعتبارها الثيمة الأساسية في الرواية فهي السقوط المؤدي للعبودية، حيث نجد الإنسان يعقد صفقة مع الشيطان كي يدخله الجنة، وسرعان ما يكتشف أنه وقّع صك عبوديته للشيطان، سواء أكان هذا الشيطان داخليًا أم خارجيًا. كلنا عبدٌ لضعفٍ ما فينا، ولكننا نادرًا ما نقف مثل طارق ونعرّي أنفسنا، بل نستمر في النظر إلى سوءات الآخرين. يقول طارق عن ذلك: "كل إنسان يتخفى بقذارته، ويخرج منها مشيرًا لقذارة الآخرين" (ص18).

شخصيات الرواية كثيرة، كالعادة في روايات عبده خال، إلا أنه يتميز بقدرته الفائقة على رسمها وتحريكها رغم كثرتها. وهنا تُقدم لنا الشخصيات على لسان طارق، لذا فهي تتفاوت في قوتها وتأثيرها بقدر احتكاكها بطارق وتأثيرها عليه، فمثلا نجد شخصية العمة خيرية أقوى وأكثر حضورًا بكثير من شخصية الأم التي لا نعرف حتى اسمها. كل شخصية تحمل تناقضاتها وصراعها مع نفسها ومع الآخرين، وربما كانت لأسمائها دلالات ومفارقات قصدها عبده خال. (طارق) هو السلاح "الفحل" الذي يستخدمه صاحب القصر لدكّ أعدائه وكسر رجولتهم، ويستمر طوال الرواية في أداء هذا الدور الدنيء من وقتٍ لآخر، إلا أنه لم يستطع أبدًا أن "يطرق" عدوّه الذي طالما تمنى قتله. من جهةٍ أخرى نجد العمة (خيرية) لا تحمل من اسمها شيئا، سليطة اللسان، حسودة، حقودة، تنصب العداء لطارق وأمه، وتظلّ تترصد لهما الأخطاء، بل وترشده إليها من حيث لا يعلم. أما (عيسى) فهو ذلك الذي يسكن بين "الجنة" و"جهنم" ويبدو دائمًا "المنقذ" و "المخلّص" الذي يقود أهل الحارة من دنيا الفقر والحاجة إلى جنة القصر، إلا أنه في حقيقة الأمر من يضعهم على عتبات السقوط. وأما (مرام) فهي التفاحة الفاتنة التي يشتهيها كل من تقع عليها عيناه، إلا أنّها في نهاية الرواية تصبح الشجرة الملعونة. ويبقى صاحب القصر المتسلط المتجبر دون اسم، يشير إليه طارق باسم "السيّد"، فهذه الكلمة أبلغ في وصفه من أي اسم. ويبدو هذا السيد وكأنه الشيطان نفسه، فهو الذي يحرّك الجميع لخدمته، وله نفوذ في كل مكان، ويرى ويسمع كل شيء، ويعيش عمرًا مديدًا بجبروته وكأن الموت لا يصل إليه!

أما لغة السرد فجاءت قوية بليغة، ما بين وصفٍ للأحداث، وتعليقٍ فلسفي عليها، وهو أسلوب يجيده (عبده خال)، حيث يمنحك متعة الحدث في تسارع، ثم يُسكرك بفقرةٍ وجدانية، فيؤرجحك هكذا بين الحدث واللغة الجميلة دون ملل. ولأنّ السرد كله يأتينا من خلال طارق فاضل، لا نتوقع أن يكون هناك خط زمني أفقي ثابت، بل هو كاستعادة الذاكرة، يلملم أجزاءً من هنا وهناك محاولا إعطاءك الصورة كاملة. برأيي نجح عبده خال جدًا في هذه النقطة، إلا أن القارئ يستغرب أن شخصًا بسيطًا تعليميًا وثقافيًا مثل طارق يمكن أن تكون له تلك اللغة القوية والملاحظات الفلسفية، إلا أن يكون عبده خال هو المتكلم، مثل: "الشهوة..هذه النار المشعلة من أول قطرة دم سفكت على الأرض، تحتاج دومًا إلى نفط الدم كوقود لمواصلة اشتعالها. شهوة، ودم، وضحية. تثليث معاكس للقداسة، ومعاكس لشرائع كل الديانات. هذا التثليث الموازي هو الملعب المقابل لإحداث الفعل، ومن ثم صناعة التاريخ" (ص18-19). يحتاج الكاتبُ إلى وعي مستمر أثناء الكتابة بضرورة فصل نفسه ولغته وفكره عن شخصياته، فالشخصية ليست بالضرورة هي الكاتب أو صوته. ويمكننا أن نضرب مثلا رائعًا بالكاتب البريطاني (مارك هادون) في روايته "الحادثة الغريبة للكلب في منتصف الليل"، وبطلها الطفل المصاب بالتوحد، حيث تشعر طوال قراءة الرواية بأن الذي يحدّثك هو فعلا طفل مصاب بالتوحد.

ونلاحظ أيضًا في هذه الرواية الاعتماد الكبير على السرد واجترار الذاكرة، بدلا من الحوار الذي لا يكاد يوجد، كما لا نجد طريقة ثابتة لاستخدام اللهجة المحكية في الحوار، حيث نجدها في مواضع نادرة ولا نجدها في بقية الرواية، دون سبب منطقي لذلك.

ربما أكثر ما يميّز هذه الرواية هو بناء شخصية الراوي، حيث يُشركك طارق في تطور شخصيته، ويُطلعك على دواخله وانحرافاته وسقطاته. ورغم أنك شاهدٌ على جميع ما اقترفه طارق من جرائم وآثام، إلا أنك لا تملك أن تكرهه، ولا أن تحبه. يظلّ شعورك محايدًا، كما ظلّ هو نفسه مُحايدًا وغير مبالٍ طوال أحداث الرواية، يشبه إلى حدٍ ما "ميرسو" في رواية "الغريب" لألبير كامو الذي ينقل لك عدوى اللامبالاة. أما ما نأخذه على هذه الرواية فهو انتشار الأخطاء اللغوية في أجزاء من الرواية، وكأن عبده خال قد أنهكته أحداث الرواية وشخوصها، فأرسلها إلى المطبعة فور انتهائه منها. ويدلّ على ذلك تضارب في اسم شخصية زوج الأم، حيث يقول لنا طارق في صفحة 108 بأن اسمه (جمال المهندس)، إلا أنه عندما يعود ليكمل حكاية أمه بدءا من صفحة 233 نجد أن اسمه (غيث المهند)!

رواية جديرة بالقراءة أكثر من مرة، وذلك للزخم الحكائي الموجود فيها، وللبناء السردي المميز الذي أقامه المؤلف، ولقدرته على أن يؤلم القارئ ويقززه ويستفزه ويجعله يتفكر في نفسه وفي تطوحه ما بين استهانةٍ بالسقوط، وبين عجز عن كبح الذات من الانزلاق المستمر. في النهاية نقول بأن الرواية استحقت أن تكون بين ست روايات تتنافس على الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2010 .

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

27 يناير 2010

مكتبة الإسكندرية تعرض طابعة الكتب الفورية في معرض القاهرة

أعلنت مكتبة الإسكندرية أنها ستعرض طابعة الكتب الفورية "اسبرسو" في معرض القاهرة الدولي للكتاب. هذه الآلة التي كتبت عنها سابقًا في المدوّنة عندما عُرضت في لندن العام الماضي (من هنا).

وأنقل لكم هنا الخبر كاملا من موقع بي بي سي اسكندرية:

الماكينة التي ساعدت في سرعة توزيع الكتاب تعرضها مكتبة الاسكندرية بمعرض القاهرة للكتاب
كتب / محمد الشيخ

تتيح مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع الهيئة المصرية العامة للكتاب في افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب الثاني والأربعين، والذي يعقد في الفترة من 28 يناير الجاري حتى 10 فبراير، ماكينة الطباعة الفورية Espresso Book Machine.

ويمكن لماكينة الطباعة الفورية التي لاقت نجاحا كبيرا لدى عرضها في معرض لندن الدولي للكتاب العام الماضي، أن تطبع وتغلف كتابا يصل حجمه إلى 500 صفحة في وقت قليل لا يتعدى 20 دقيقة، حيث تعتمد فكرتها على تخزين الكتب بصورة رقمية ليقوم أي شخص بتصفح قائمة الكتب المتاحة واختيار ما يريد اقتنائه ليحصل عليه مطبوعا ومغلفا في خلال دقائق.

وتسهل هذا الماكينة الجديدة مهمة الباحثين والدارسين والقراء الذين يتكبدون عناء ومشقة البحث عن الكتب لاسيما التي نفدت طبعتها أو التي صدرت منذ زمن بعيد، إضافة إلى توفير الوقت والمال من أجل الحصول على كتاب صدر عن دار نشر في بلد غير الذي يقيم فيه الشخص.

وتؤدي ماكينة الطباعة الفورية إلى سرعة توزيع الكتاب وعدم وجود تكلفة لتخزين الكتب كما هو الحال في الطباعة التقليدية، إضافة إلى أن هذا النموذج الجديد الذي يجمع بين النشر الرقمي والورقي يمكّن القارئ أن يعيد إصدار مجموعة من المجلات والدوريات الثقافية التي حوت إبداعات كبار المؤلفين والمثقفين، فضلا عن إبداعاتهم التي صدرت في شكل كتب.

وقامت مكتبة الإسكندرية ببرمجة ماكينة الطباعة الفورية كي تكون متوافقة مع اللغة العربية لإتاحتها للجمهور في الدول العربية، كما وقعت اتفاقيات مع عدد كبير من دور النشر للحصول على حقوق طباعة الكتب التي تصدرها باستخدام الماكينة، إضافة إلى وجود تعاون قائم بينها وبين وزارة الثقافة المصرية في مجال النشر الرقمي.

ومن المقرر أن يزور دان نيلر، أحد مؤسسي شركة "أون ديماند بوكس" (On Demand Books) المنتجة لماكينة الطباعة الفورية، معرض القاهرة الدولي للكتاب بمناسبة إتاحة الماكينة فيه، حيث سيلتقي جمهور المعرض وعدد من الناشرين والمفكرين والكتاب.

يذكر أن مكتبة الإسكندرية كانت الثانية على مستوى العالم التي تحصل على ماكينة الطباعة الفورية بعد البنك الدولي في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

26 يناير 2010

إعلانات: معرض الكتب المستخدمة الخيري في مسقط

في مبادرةٍ رائعة وفريدة من نوعها، تقوم "مجموعة مركز المعلومات" في جامعة السلطان قابوس بالإعداد لتنظيم معرض للكتب المستخدمة، والذي سيُخصص ريعه لشراء كتب مكتوبة بطريقة برايل للمكفوفين في "معهد عمر بن الخطاب للمكفوفين" في مسقط.

موعد المعرض
الأربعاء والخميس 24 و 25 فبراير 2010

المكان
مركز "سيتي سنتر"، فرع الحيل في مسقط.

كيفية التبرع
بإمكانكم التبرع بأي عددٍ من الكتب المستخدمة أو التي يمكنكم الاستغناء عنها، أو حتى بالمال. للتبرع يمكنكم التواصل مع إدارة المجموعة من خلال العناوين التالية:

icg.cce@gmail.com
a1h2m3e4@gmail.com

هاتف محمول: 92470006


رجاء لزوّار المدوّنة من المقيمين في عُمان: إن كنتَ قد استفدتَ شيئا من هذه المدوّنة أو أصابك منها شيء من المتعة، فلا تبخل بكتاب تتبرع به لهذا المعرض.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

23 يناير 2010

دردشات: ما الكتاب الذي تمنيت أنك كاتبه؟

في حياتنا نشاهد أشياء تعجبنا كثيرًا، ولسببٍ أو لآخر نتخيل أو نتمنى لو كنا نحن من صنعها، فمثلا قد يشاهد أحدهم هدفًا جميلا في مباراة كرة قدم، فيتخيل نفسه لاعبًا يسجّل مثل ذلك الهدف. وقد يستمع أحدهم إلى أغنيةٍ أو أنشودةٍ جميلة، فيتمنى لو أنه هو صاحب الصوت الجميل الذي أدّاها، وهكذا مع الأفلام واللوحات الفنية والقصائد والابتكارات وغيرها من نواحي الإبداع.

هل قرأت كتابًا تمنيت حقًا-ولو لدقيقة- أنك أنت من ألفه؟


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

22 يناير 2010

إصدارات: كتاب "البيئة في مئتي سؤال"

إصدارات: كتاب "البيئة في مئتي سؤال"

بينما العالم كله صاخب بالكتب والمؤتمرات والبرامج والمحاضرات حول البيئة والاحترار العالمي، نلاحظ ندرة الكتب العربية التي تناقش هذا الموضوع. وهنا تكمن أهمية هذا الكتاب "البيئة في مئتي سؤال" لمؤلفه الدكتور (أيوب أبو دية). وفيما يلي نبذة الكتاب من موقع دار الفارابي:

يضم هذا الكتاب مجموعة من الأسئلة حول البيئة هدفها رفع مستوى الوعي العام لدى قارئ العربية بالمشكلات البيئية المحلية والعالمية.
ويأتي كتاب "البيئة.. في مئتي سؤال" بعد صدور كتابي الأخير "علم البيئة وفلسفتها" ليضع تعريفات موجزة للمفاهيم البيئية المتداولة في وسائل الإعلام، وعلى نحو مبسط، وليناقش اتفاقيات البيئة العالمية وأهم الأحداث البيئية ويشرحها عبر طرح السؤال والإجابة عنه مباشرة، إذا كان السؤال تعريفاً أو استفساراً، أو الإجابة عن السؤال في نهاية كل فصل، إذا كان على نمط إجابات اختيارية.

الدكتور أيّوب أبو ديّة

- مهندس مدني ودكتور في الفلسفة.
- رئيس جمعية حفظ الطاقة واستدامة البيئة – الأردن.
- رئيس مكتب هندسي استشاري.
- مستشار في الأبنية الموفرة للطاقة.
- كاتب في شؤون البيئة العالمية.
- محاضر جامعي غير متفرغ لمادة البيئة.
- عضو لجنة الحوار الفلسفي العربي الآسيوي – اليونسكو.
- صاحب براءَة اختراع مشتركة في العزل الحراري.
- عضو رابطة الكتاب الأردنيين والجمعية الفلسفية الأردنية.
- حاصل على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الهندسية لعام 1992.
- حاصل على إحدى جوائز أفضل البحوث المقدمة لندوة "التنمية العمرانية في المناطق الصحراوية" من وزارة الأشغال العامة في الرياض بالمملكة العربية السعودية لعام 2002.
- حاصل على شهادات تقديرية عديدة في مجالي الطاقة والبيئة.
العنوان البريدي: ص. ب 830305 عمّان 11183 المملكة الأردنية الهاشمية
العنوان الإلكتروني:Ayoub101@hotmail.com

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدارات: كتاب "الثقافة والترجمة"

إصدارات: كتاب "الثقافة والترجمة" لـ(سمير الشيخ)


صدر في نهايات العام الماضي (2009) كتاب "الثقافة والترجمة: أوراق في الترجمة" لمؤلفه (سمير الشيخ) عن دار الفارابي. وفيما يلي نبذة من الكتاب كما جاءت في موقع الدار:

جدل الثقافة والترجمة تستحثه التحولات الدرامية في نظريات الثقافة والترجمة في القرن العشرين . فالقوى الثقافية قد مارست تأثيراتها في تغيير مسارات الترجمة والنقد الأدبي على حد سواء. الترجمة لم تعد جرماً صغيراً في مجرة اللسانيات رغم أن الترجمة تنوجد في الدرس اللساني وبه تتخلق، بل هي في الدراسات الثقافية تواصل ثقافي عابر بين اللغات والثقافات. وبهذا تكتسب الترجمة أهميتها لا بوصفها ممارسة نقل المكافئ من اللغة المصدر إلى اللغة المستهدفة ولا بكونها لهواً بقصد الإمتاع والمؤانسة تخضع دوماً لذائقة المترجم الذاتية وانطباعاته، إنما هي الوسيط الواصل بين الثقافات واللغات المتباعدة. لذا، فإن كل عصور الوعي والارتقاء في حيوات الأمم إنما تبدأ بالترجمات.
هذه الأوراق – كما تفترض عنونة الكتاب – محاولة جادة لإدراك العلاقة بين الثقافة والترجمة في عالم متعدد اللغات والثقافات مثلما هو متعدد الأجناس والأعراق والأديان. هذا المراس الترجمي ليس باللهو العبثي بل هو تحري المسائل الجادة في التواصل الإنساني والثقافة الإنسانية. فبالرغم من كل الإشكاليات التي تعترض جهد المترجم في النقل تظل الترجمة إحدى الإسهامات الكبرى للوعي البشري من أجل تعارف الشعوب والأمم. . الأوراق تَجِدُ في إدراك منظومة العلاقات بين (الترجمة/ اللسانيات) و(الترجمة / النقد) و(الترجمة/ قصيدة النثر) مثلما هي رصد للعلاقة بين (الترجمة/ عملية الترجمة) وربط هذه العلاقات بسياسات المترجم وما ينتج عنها من التعبير والتأثير. الأوراق تطرح الرؤى وتغامر، فالمغامرة أصل الكشف ولولا مغامرات الوعي الأول التي قدمت لنا الأساطير لظل الإنسان يعيش حياة البدائية الأولى. هي أوراق في الترجمة ولكنها أوراق في المساءلة والكشف وأوراق في التفكير النقدي تحاول تبيين العلاقة بين الأنماط الثقافية وأنماط المعنى.


مدخل سيــري

• تخرج في جامعة بغداد ـ كلية الآداب ـ قسم اللغة الإنكليزية العام 1975 .
• حاز على شهادة الماجستير في (الأسلوبية الأدبيــة) من جامعة البصرة ـ كلية التربيـة ـ قسم اللغة الإنكليزيــة العام 1997 .
• رئيس قسم اللغة الإنكليزية ـ كلية التربية الأساسية ـ جامعة ميســان 2009 – 2008.
• صدر له :
القصائد المائية : دراسات أسلوبية في شعر نزار قباني، دار الفارابي، بيروت، 2008.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

21 يناير 2010

إصدارات: كتابات أنور السادات الأدبية والصحافية

إصدارات: كتابات أنور السادات الأدبية والصحافية
لفت نظري خبر قرأته عن صدور كتابٍ جديد يرصد القصص والمقالات الصحافية التي كتبها الرئيس المصري السابق محمد أنور السادات. ومعروف أن السادات كانت له اهتمامات أدبية، وكان صاحب لغة جزلة، ظهرت في خطبه. إليكم الخبر المنشور في صحيفة "اليوم السابع" بتاريخ 20 يناير 2010:

السادات أديباً وصحفياً فى كتاب جديد

كتب وجدى الكومى

صدر عن دار أطلس كتاب جديد بعنوان "قصص أدبية ومقالات صحفية" بقلم أنور السادات ومن إعداد د.خالد عزب وعمرو شلبى.

الكتاب يرصد لأول مرة تاريخ الرئيس الراحل أنور السادات الصحفى، وكتاباته الأدبية، التى بدأت قبل قيام الثورة عام 1948، وانتهت مع رحيله عام 1981. ويشير خالد عزب فى أول فصول الكتاب الذى حمل عنوان "السادات صحفياً" إلى مقولة السادات التى ذكر فيها أنه كان يعمل صحفياً فى فترة من حياته، كان فيها محرراً فى دار الهلال، وتعلم كيف تصدر الصحف الأسبوعية.

ويؤكد عزب، أن الصحف التى كتب بها السادات عديدة وهى بالترتيب مجلة المصور، وجريدة الجمهورية، ومجلة التحرير، ومجلة أهل الفن، وهى التى نشر فيها السادات إحدى قصصه التى كتبها، ثم الأهرام التى نشر فيها أجزاء من مذكراته، ومجلة أكتوبر، وأخيراً جريدة مايو التى نشر فيها سلسلة مقالات بعنوان "عرفت هؤلاء" من بداية عام 1981، حتى نهاية العام.

الكتاب يبدأ بقصة حياة السادات، فى فصل يحمل اسمه "محمد أنور السادات" ويليه فصل يتناول حياته الصحفية بعنوان "السادات صحفياً" فيما تحدث ثالث فصول الكتاب عن "الإخوان المسلمين فى مقالات أنور السادات"، وجاء الرابع بعنوان "ثورة يوليو فى مقالات أنور السادات" ، وعرض الخامس لمذكرات أنور السادات "30 شهراً فى السجن" وتناول الخامس "السادات أديباً"، وتضمن الفصل الأخير من الكتاب الأحداث الجارية فى كتابات أنور السادات، والتى عرضتها مقالات السادات فى العديد من الصحف التى كتب فيها.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

قراءات: رواية "السيدة من تل أبيب"

قراءات: رواية "السيدة من تل أبيب"


(نُشر هذا العرض في ملحق "شرفات" الصادر عن جريدة "عمان" بتاريخ 20 يناير 2010)

أصواتٌ متعددة بين الأمل والواقع..
عرضٌ لرواية "السيدة من تل أبيب"

أحمد حسن المعيني

عادة ما تشدّ القصصُ التي تتناول موضوع فلسطين اهتمامَ القارئ العربي، حتى لو لم تكن لراويها براعة (ربعي المدهون) في السرد. وهنا نتحدثُ عن روايته "السيدة من تل أبيب" الصادرة عام 2009 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر. هي الرواية الأولى لهذا الصحافي والكاتب الفلسطيني الأصل، البريطاني الجنسية الذي أصدر سابقًا مجموعة قصصية، ودراسة، وسيرة ذاتية، إلا أن الحِرفية التي صِيغت بها الرواية تُشعر المرءَ بأن المدهون قصّاصٌّ متمرّس يجيد تطويع الرواية وأدواتها لخدمته.

أولّ ما يشدّ الانتباه في هذه الرواية ويسبب شكلا من أشكال الحيرة والتشويق لدى القارئ هو الغلاف، حيث تُقدَّمُ لنا رواية "السيدة من تل أبيب" من تأليف المدهون وإصدار المؤسسة العربية، ومعها أيضًا على الغلاف يظهر رجلٌ بجانبه رواية أخرى من إصدار المؤسسة العربية عنوانها "ظلان لبيت واحد" من تأليف كاتب اسمه (وليد دهمان). إذن فالغلاف هنا ليس مجرد غطاء لمحتويات الرواية وتعريف باسمها وكاتبها، بل أداة يستخدمها المدهون كي يُقحم القارئ منذ النظرة الأولى في مراوغةٍ سردية، كي يعرف أنه بصدد أكثر من كاتبٍ، وأكثر من رواية.

ولا بد من الاعتراف لربعي المدهون بقدرته الفائقة على التعامل مع اللغة، فهي هنا ليست مجرد وعاء يحمل الوصف والأحداث، بل أداة يتم توظيفها لخدمة العمل. ويتبدى ذلك جليًا على أكثر من مستوى، فمن ناحيةٍ نجد لغة السرد عربية فصحى سليمة، ولكنها بعيدة عن التفخيم والتنميق، بسيطة واضحة وسلسة. أما في الحوار فلا يُلزم المدهون نفسه بالوفاء للعربية الفصحى، وذلك لكي يضيفَ إليه عنصر الواقعية والحيوية، فتجد اللهجة الفلسطينية كي يقترب القارئ من الشخصيات والأرض التي تجري فيها أحداث الرواية. ولقد أحسنَ المدهون في استخدام اللهجة المحكية ببراعةٍ تذكرنا بعبدالرحمن منيف مثلا. إضافة إلى ذلك نجد بعض العبارات باللغة العبرية، وبعض الكلمات بالإنجليزية، وبعض الجمل بالعربية المكسّرة حين يتحدثها الإسرائيليون مع العرب.

تقع القصة في ثلاثة خطوط سردية يمسك بها الراوي (ربعي المدهون)، و شخصية (وليد دهمان) مؤلف رواية "ظلان لبيت واحد"، وشخصية الممثلة الإسرائيلية (دانا أهوفا). يفتتح القصة الراوي ربعي المدهون ليحكي لنا أصل حكاية وليد دهمان الصحافي الفلسطيني البريطاني الجنسية الذي سيسافر غدًا إلى غزة للقاء أمه بعد غربة دامت 38 عامًا، وهنا نتعرف إلى عائلة وليد وأصدقائه وحكايات صِباه في خان يونس، وسفره إلى القاهرة لإكمال دراسته، ثم مهجره الطويل الذي بدأ بعد اندلاع حرب 1967. وكلّ هذا (في 43 صفحة) ليس إلا مقدمة للرواية، حيث تتفاجأ في الصفحة 44 بالغلاف الداخلي لرواية "السيدة من تل أبيب"، وكأنها ستبدأ الآن فقط.

هنا ينتقلُ الصوت السردي من ربعي المدهون، تارة إلى وليد دهمان الذي يحكي لنا تفاصيل رحلته من مطار هيثرو إلى مطار بن غوريون، ولقاءه بجارته في الطائرة الممثلة الإسرائيلية دانا أهوفا، وتارة أخرى إلى دانا أهوفا التي تحكي لنا حكايتها مع حبيبها ورحلتها الأخيرة ولقاءها بوليد دهمان على الطائرة. ورغم التوجس المبدئي بين هذا الصحافي الفلسطيني والممثلة الإسرائيلية، إلا أنهما سرعان ما يتآلفان ويغرقان في حديث طويل، يخبرها فيه وليد بأنه يكتب روايته الرابعة عن فلسطيني اسمه (عادل البشيتي) يعود إلى فلسطين بعد غربة طويلة بحثا عن حبيبة قديمة اسمها (ليلى دهمان) فرقت بينهما الحروب، وبأنه (أي وليد) يريد أن يتابع أحداث الرواية من واقع زيارته هذه إلى غزة، ولكنه لم يجد اسمًا للرواية بعد. تقترح عليه اسم "ظلان لبيت واحد"، ويتبادلان عناوين البريد الإلكترونية للتواصل لاحقا.

بعد ذلك يبدأ القسمُ الأكبر من الكتاب، حيث نجد غلافا داخليًا آخر لروايةٍ بعنوان "ظلان لبيتٍ واحد" من تأليف وليد دهمان، وهنا يستمر تعدد الرواة ما بين المؤلف (وليد دهمان) و الراوي (ربعي المدهون) والممثلة (دانا أهوفا). ويتحدث هذا القسم عن وصول وليد إلى تل أبيب ثم غزة والأحداث التي جرت إلى أن عاد إلى لندن، إضافة إلى الأحداث التي مرّت بها دانا منذ وصولها وحتى سفرها إلى لندن قبل وليد. في هذا القسم يراوغنا وليد دهمان كثيرًا، فيفاجئنا بظهور شخصيتين من روايته إلى الواقع (واقع وليد دهمان)، فتتقاطع الشخصيات داخل الرواية الثانية (التي يكتبها وليد) مع شخصيات في الرواية الأولى (التي يكتبها ربعي)، وكأننا في مسرحية عبثية، فيلتقي وليد بعادل ويسهّل له النهاية التي كان يسعى إليها. ولكن في الحقيقة كل ذلك يحدث بطريقة غير فجة، بل جميلة وسلسة ومقنعة إلى حدٍ ما.

في هذا العمل يشتغل ربعي المدهون على أكثر من ثيمة كالحب والموت والحنين، إلا أن هناك عاملا مشتركا تصبّ فيه جميعًا هو الصراع مع الحياة، الرغبة في الخلاص من الماضي أو الحاضر إلى مستقبل أفضل. عادل البشيتي يريد الخلاص من غربته وفشله العاطفي، باحثًا عن الحب القديم من أجل مستقبل أجمل. دانا أهوفا تريد الخلاص من نمط حياتها وواقعها الذي تكرهه، متعلقة بالحب الذي سيمنحها مستقبلا أجمل. وليد دهمان يريد إنهاء غربته والعودة إلى أرضه وماضيه، آملا أن ينتهي ما فيها من موت و حروب. وكذلك أهل وليد في غزة يأملون أن ينتهي ما هم فيه من ألم ومذلة وموت، ليعيشوا على أرضهم بسلام.

لكنّ الصوتَ الأعلى في الرواية كلها هو صوت السأم من الواقع الفلسطيني-الإسرائيلي والحلمِ بالعيش المشترك في سلام وأمان. نجد ذلك لدى وليد دهمان الفلسطيني الذي يجلس إلى جانب ممثلة إسرائيلية يسارية على الطائرة ويصادقها، ويقول في نفسه: "أتمنى أن يخرج الفلسطينيون والإسرائيليون من ساحة الحرب إلى العيش المشترك. ونتمشى أنا وهي معًا، في أوتستراد طويل لا عداء فيه ولا معابر. لا اغتيالات ولا انتحاريين. لا مجندين ولا مقاومين. لا صهيونية ولا حركة تحرر وطني فلسطينية. لا انتفاضة ولا مستوطنات. لا شارون ولا عرفات. لا أبو مازن ولا شاؤول موفاز. لا شيوخ ولا مستوطنين. لا أباتشي ولا اف-16، ولا انتحاريين..." (ص 96). ونجده أيضًا لدى دانا أهوفا صاحبة الآراء اليسارية المناهضة للاستيطان والعنف الإسرائيلي، والتي تنخرط في علاقة حب مع ابن زعيمٍ عربي وقبل ذلك مع يهودي أوكراني الأصل رفض المشاركة في أعمال الجيش الإسرائيلي بعد ما رأى فيه من ممارسات غير إنسانية. ونجده مرة أخرى لدى أحد أقارب وليد الذي يقول في نقاش عائلي سياسي: "عارف..هوّ لو ما صارتش الانتفاضة الاولى، وظلينا ع شعار زمان دولة علمانية ديمقراطية يمكن كانو اندمجو الشعبين مع بعض لأنو كتير فلسطينية اتجوزو يهوديات من عرب اسرائيل وأخدو الهوية والجنسية" (ص 294). حتى عادل البشيتي الشخصية التي يكتبها وليد دهمان يصادق في الطائرة امرأة إسرائيلية. هذا وهناك أكثر من رمزٍ في الرواية يؤكد هذه الرسالة، فمثلا تلك الرواية التي يكتبها وليد دهمان لا يستطيع اختيار عنوانٍ لها، فيأتي العونُ من دانا التي تقترح "ظلان لبيت واحد"، دلالة على "العمل المشترك" الممكن بين دانا (الإسرائيلية) ووليد (الفلسطيني) للوصول إلى سلام يعمّ البيت الواحد الذي له ظل فلسطيني وآخر إسرائيلي. ولا يكتفي المدهون بذلك، بل يرسم مشهدًا رمزيًا صارخًا إن صحّ التعبير، حين يحاول الفلسطينيون عبور معبر إيريز إلى غزة، فيما تحاول فتاة فلسطينية تفجير نفسها بحزام ناسف، فتجعل الإسرائيليين يتشددون في الإجراءات، وبذلك "تنسف" آمال أبناء بلدها في "الوصول إلى أرضهم". ولاحقا في الرواية نسمع أقارب وليد دهمان يكيلون اللوم على أعضاء "حماس" الذين وظفوا هذه الفتاة وقادوها إلى محاولة التفجير تلك. ومن الجانب الآخر نجد شخصية (بني شلومو) الناشط ضد الاستيطان، والذي يتمنى سلاما شاملا دائما، ويقيم في كل عام عزاء خاصًا لأسحاق رابين، والذي يحب زيتون "غزّة" ويتمنى أن يقيم مطاعم يقدّم فيها الحمص والفلافل وزيتون غزة، لكنه يصطدم بممارسات الدولة الإسرائيلية في احتلال غزة وبناء المستوطنات.

برأيي إن ما يميّز هذه الرواية وربما يثير حولها بعض الجدل هو تقديم الآخر (العدوّ) بصورةٍ جديدة مختلفة عن المعهود في تصوير الشخصية الإسرائيلية. هنا يُحاول ربعي المدهون تغيير صورة العدوّ إلى صورة الإنسان الذي ربما لا يختلف عنا كثيرًا، بل ويتفق معنا في الرغبة في السلام. وقد يعيب الرواية المبالغة في تصوير الألفة التي تشكلت بين وليد ودانا في الطائرة، فمن بعض كلمات إلى طبطبة إلى ضغطةٍ حانية على اليد إلى مزاحٍ بالكلام إلى مزاحٍ بالأيدي، وكل ذلك في رحلة طائرة! من يقرأ هذا الجزء من الرواية لا يكاد يصدّق أنه يحدث بين فلسطيني وإسرائيلية، فما الذي يريده المدهون من ذلك؟ هل لأن الشخصيتين متفقتان على السلام؟ يبقى أن نقول بأنه رغم هذا التصوير المغالي في الأمل، يعود المدهون إلى الواقع في استدراك بعد نهاية الرواية في رمزٍ له دلالته، إلى التأكيد بأن وليد و دانا "لم يلتقيا ذلك المساء". وعلاوة على ذلك يبقى سؤال كبير معلق بين يدي القارئ بعد إفشال محاولة دانا أهوفا الأخيرة للتقريب بين الجانبين: من الذي أفشلها، الفلسطينيون أم الإسرائيليون، أم كلاهما؟

بعيدًا عن اتفاقنا أو اختلافنا مع الأفكار السياسية التي قد تحملها الرواية، يبقى أن المدهون قدّم رواية ممتعة تحتوي على الجديد المبدع من حيث البناء الروائي، واللغة، وتناول الموضوع. وليس مستغربًا أن تكون هذه الرواية من بين ست روايات تتنافس على الجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2010، وأن تكون قد صدرت منها مؤخرًا طبعة ثانية.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

20 يناير 2010

أكثر من حياة ..أسبوعيًا في ملحق شرفات

أكثر من حياة..أسبوعيًا في ملحق شرفات

تحية لكل أصدقاء المدوّنة.. أحببتُ أن أزفّ لكم خبرًا جميلا.

شرّفني ملحق "شرفات" الثقافي بصفحةٍ أسبوعية مخصصة لعروض الكتب والقراءة، وقد بدأت الصفحة من عدد اليوم بعرضٍ لرواية "السيدة من تل أبيب". ولمن لا يعرف ملحق "شرفات" فهو ملحق أدبي ثقافي يصدر أسبوعيًا عن جريدة "عمان" في مسقط.

شكرًا للقائمين على "شرفات" على هذه الثقة، وهي خطوة أحسبها جيدة لترسيخ أهمية عروض الكتب في الصحافة الثقافية. سأقوم بنقل العروض التي أنشرها في شرفات إلى المدوّنة، ويهمّني أن أعرف آراءكم حول العروض والكتب. وإن كانت هناك كتب ترشحونها كي أقوم بعرضها، أرجو التواصل معي دون تردد.

خالص تحياتي
أحمد

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

18 يناير 2010

مشروع كلمة يترجم مذكرات جاك شيراك

مشروع كلمة يترجم مذكرات جاك شيراك

أنقل لكم هذا الخبر عن حصول مشروع كلمة للترجمة في أبو ظبي على حقوق ترجمة مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، والخبر منشور في جريدة الاتحاد الاماراتية بتاريخ 10 يناير 2010:

«كلمة» يترجم حصرياً مذكرات جاك شيراك إلى «العربية»

حصل مشروع كلمة للترجمة بهيئة أبوظبي للثقافة والتراث على الحقوق الحصرية لترجمة مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك ونقلها إلى العربية.

وقد صدرت مذكرات الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك في باريس، بعنوان “كل خطوة يجب أن تكون هدفاً” في 506 صفحات، عن منشورات نيل التابعة لمجموعة روبير لافون.

وأوضح بيان صحفي صادر عن الهيئة أن حصول "مشروع كلمة" على حقوق ترجمة ونشر الكتاب إلى العربية بشكل حصري يدل على الثقة والصدقية اللتين يحظى بهما هذا المشروع على الصعيد العالمي، وهو الذي يساهم بشكل فعّال في مدّ الجسور بين الثقافات والحضارات المتنوعة، ويتيح المجال أمام القارئ العربي للاطّلاع على كل جديد في مختلف ميادين المعرفة.

ويغطي كتاب المذكرات الذي يضم 24 فصلاً السنوات الثلاث والستين من حياة شيراك، منذ ولادته عام 1932 حتى انتخابه رئيساً للجمهورية عام 1995، وفيها يتطرق لأهم الأحداث التي عاشها وأثّرت في مساره. وتشكّل المرحلة الأولى من حياته حقبة المسؤوليات السياسية حتى وصوله إلى ماتينيون على رأس الوزارة الأولى، تحت حكم جيسكار ديستان، ثم تحت رئاسة فرانسوا ميتران، على أن يتناول الجزء الثاني لاحقاً المرحلة الرئاسية، مروراً بسياسة فرنسا الخارجية، وانتهاء بعزوفه عن الترشح لفترة رئاسية ثالثة.

وفي هذه المذكرات يتحدث شيراك كذلك عن مرحلة صعبة في حياته لأول مرة، وهي فقدانه لابنته لورانس في ريعان صباها بعد أن أودى بها بسرعة مرض غريب عام 1973. إنه جرح لا يزال يحمله إلى اليوم ويتجنّب الحديث عنه.

كما خص شيراك صدام حسين بفقرة تلخص علاقته الحميمية بالعالم العربي. ويكشف الرئيس الفرنسي السابق سراً لا يعرفه الكثيرون وهو أن صدام الذي طرد الإمام الخميني من منفاه العراقي، نصح شيراك، عن طريق رسالة نقلها السفير العراقي في باريس، بألاّ يمنح اللجوء للإمام الخميني. وكان تحذير صدّام كالتالي: “"حذروا جيّداً، اتركوه يتوجه إلى ليبيا، لأن ما سيصرّح به في فرنسا سيكون له صدى دولي مدوّ، في حين أن ما سيقوله في ليبيا لن يسمعَه أحدٌ".

ويعترف شيراك أنه نقل التحذير إلى الرئيس ديستان لكنه فعل عكس ذلك. كان هذا آخر اتصال مع صدام، كما يعترف شيراك. ويضيف "حين علمتُ، بعد سنوات، الجنون القمعي الذي استولى على الرئيس العراقي، قطعت، بشكل نهائي، كل علاقاتي الشخصية معه. لكن هذا لم يمنعني من الإحساس بالصدمة من النهاية التي اخْتيرت له. هذا الإعدام الليلي الذي تم تنفيذه بالوحشية نفسها التي اتُّهِم باقترافها والتي من أجلها تمّت إدانته".


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

16 يناير 2010

قائمة معارض الكتاب لعام 2010

قائمة معارض الكتاب لعام 2010


كنتُ أبحث في الإنترنت عن معلوماتٍ حول معارض الكتاب العربية والأجنبية للعام 2010، فوجدتُ معلوماتٍ من هنا وهناك، ولعلّ أفضل مصدرين حصلتُ عليهما هما موقع وزارة التعليم السعودية، ومدوّنة نادي إقرأ، إلا أن هناك تضاربًا في بعض المواعيد دعاني إلى البحث والتأكد من مصادر أخرى. وسوف أقوم بتحديث المواعيد في القسم المخصص للمعارض على الهامش الايسر من المدوّنة.

- معرض القاهرة الدولي للكتاب (27 يناير- 7 فبراير)
- معرض نيودلهي الدولي للكتاب (30 يناير- 7 فبراير)
- معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب (12 فبراير- 21 فبراير)
- معرض مسقط الدولي للكتاب (23 فبراير- 5 مارس)
- معرض الرياض الدولي للكتاب (2 مارس- 12 مارس)
- معرض البحرين الدولي للكتاب (14 مارس- 23 مارس)
- معرض أبو ظبي الدولي للكتاب (2 مارس- 7 مارس)
- معرض تونس الدولي للكتاب (23 أبريل- 2 مايو)
- معرض جنيف الدولي للكتاب (28 أبريل- 2 مايو)
- معرض طهران الدولي للكتاب (مايو)
- معرض سيئول الدولي للكتاب (12 مايو- 16 مايو)
- معرض أمريكا الدولي للكتاب (25 مايو- 27 مايو)
- معرض الكتاب العربي بسوريا (أغسطس)
- معرض الثقافة الدولي للكتاب في الصين (30 أغسطس- 3 سبتمبر)
- معرض موسكو الدولي للكتاب (1 سبتمبر- 6 سبتمبر)
- معرض فرانكفورت الدولي للكتاب (6 أكتوبر-10 أكتوبر)
- معرض صنعاء الدولي للكتاب (أكتوبر)
- معرض الكويت العربي للكتاب (13 أكتوبر- 23 أكتوبر)
- معرض الشارقة الدولي للكتاب (26 أكتوبر- 4 نوفمبر)
- المعرض الدولي للكتاب بالجزائر (27 أكتوبر- 6 نوفمبر)
- معرض القاهرة الدولي لكتب الأطفال (نوفمبر)
- معرض عمــان الدولي للكتاب (27 أكتوبر- 2 نوفمبر)
- معرض فيينا الدولي للكتاب (نوفمبر)
- معرض الدوحة الدولي للكتاب (ديسمبر)
- معرض بيروت العربي للكتاب (ديسمبر)


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إعلانات: حمد القاضي يتحدث عن علاقته بالقراءة-الرياض

إعلانات: حمد القاضي يتحدث في محاضرة عن علاقته مع الكتاب والقراءة-الرياض

أنقل لكم هذا الخبر عن فعالية تنظمها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في إطار المشروع الوطني لتجديد الصلة بالكتاب، والخبر منقول من جريدة "البلاد" بتاريخ اليوم:

تنظم مكتبة الملك عبدالعزيز العامة يوم الثلاثاء القادم ملتقى بعنوان / تجاربهم في القراءة / وذلك ضمن المشروع الوطني لتجديد الصلة بالكتاب حيث يستضيف الملتقى عضو مجلس الشورى الأديب حمد بن عبدالله القاضي ليتحدث عن تجربته في القراءة وعلاقته مع الكتاب وكيف يمكن تنمية هواية القراءة لدى الناشئة في هذا العصر وذلك في تمام الساعة السابعة مساءا بقاعة المحاضرات بفرع المكتبة بالمربع في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي ، كما سيتم نقل وقائع اللقاء عبر الشبكة التلفزيونية للقاعة النسائية.
ويهدف الملتقى إلى استعراض تجارب عدد من مثقفي المملكة في القراءة ورحلتهم مع الكتاب لتكون نبراسا لشباب وشابات هذا البلد المعطاء .
يذكر أن المشروع الوطني الثقافي لتجديد الصلة بالكتاب الذي ترعاه المكتبة يهدف إلى نشر الوعي القرائي نظرا لأهمية نشر الثقافة في المجتمع وضرورة توجيه اهتمامات وشرائح المجتمع المختلفة إلى القراءة بوصفها مطلبا أساسيا في مسيرة بناء الإنسان السعودي .

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

15 يناير 2010

مبادرات قرائية: مشروع "مقهى الكتاب" في جامعة الطائف

مبادرات قرائية: مشروع "مقهى الكتاب" الطلابي في جامعة الطائف

أنقل لكم الخبر التالي المنشور في جريدة عكاظ بتاريخ 10 يناير 2010 عن مبادرة جميلة جدًا، خاصة وأنها جاءت من طالبات في جامعة الطائف.

طالبات يستنجدن بالمتنبي لدعم مشروع القراءة
كتب: محمد سعيد الزهراني-الطائف

في محاولة جادة لتعزيز مفهوم القراءة، أطلقت طالبات علوم الحاسب الآلي في جامعة الطائف مشروعا تحت مسمى «مقهى الكتاب»، ورفعن له شعار بيت المتنبي «وخير صديق في الزمان كتاب». وجاء هذا المشروع ضمن نشاط مادة مقدمة في الاحتمالات شعبة 1 بإشراف المعلمة تغريد محمد عامر من قسم الرياضيات والإحصاء. وأوضحت الطالبات صاحبات المبادرة أن المشروع يهدف إلى التشجيع على القراءة الحرة والاطلاع، وتوفير نموذج لأماكن جذابة لاستقطاب القراء، وتشكيل نواة لإقامة معارض للكتاب مستقبلا.
وافتتح المشروع برعاية عميدة الدراسات الجامعية في جامعة الطائف في مقر الطالبات في حي قروى، وعملت الطالبات إعلانات ودعوات لحضور مقهى الكتاب بعد أن جهزن مقهى للكتاب بديكور متكامل وتزويد المكان بآلة للقارئات.
وينوي الطالبات خلال الفترة المقبلة عمل مسابقة لأفضل قارئة، بالإضافة إلى عمل استبيان بمدى فائدة الحملة يُقدم من خلاله تقرير إحصائي يوضح إيجابيات وسلبيات ونسبة نجاح المشروع.

وهذا خبر آخر عن المبادرة نفسها في جريدة المدينة بتاريخ 28 ديسمبر 2009:

طالبات الطائف يبتكرن مشروع "مقهى الكتاب"
كتب: عواض الخديدي-الطائف

ابتكرت مجموعة من طالبات علوم الحاسب الآلي بجامعة الطائف مشروع ( مقهى الكتاب ) . ويهدف المشروع إلى التشجيع على القراءة الحرة والاطلاع وتوفير نموذج لاماكن جذابة لاستقطاب القراء وتشكيل نواة لإقامة معارض للكتاب مستقبلا . وينفذ المشروع على مدى يومين وذلك من خلال عمل إعلانات ودعوات لحضور مقهى الكتاب وتجهيز مقهى للكتاب “ ديكور متكامل لفكرة المقهى” وتجهيز آلة للقهوة لتقديم القهوة للقارئة وعرض الكتب بشكل جذاب يستقطب القراء وعمل قائمة بأسماء الكتب لعرضها على القراء كذلك عمل مسابقة لأفضل قارئة بالإضافة إلى عمل استبيان بمدى فائدة الحملة وفي نهاية المشروع يتم تقديم تقرير إحصائي يوضح ايجابيات وسلبيات ونسبة نجاح المشروع .

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

14 يناير 2010

حريق يلتهم نصف ما في مكتبة إيبلا التونسية

حريق يلتهم نصف ما في مكتبة إيبلا في تونس

تعرضت يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي مكتبة إيبلا الشهيرة في تونس إلى حريق كبير أدى إلى مصرع راهب إيطالي واحتراق حوالي 17 ألف كتاب من الكتب النادرة في الأدب العربي المعاصر.

تم إنشاء هذه المكتبة في عام 1926 شمال العاصمة تونس، وتضمّ نحو 32 ألف كتاب و 600 مجلة متخصصة، ويُشرف عليها رهبان منذ حوالي سبعين عامًا

لا شك في أنّ هذه خسارة كبيرة للباحثين والقراء الذين كانوا يلجؤون إلى المكتبة للاستزادة مما تحويه مراجعها وكتبها النادرة والمتنوعة.

جدير بالذكر أن أسباب الحريق ما تزال مجهولة، ولكن التحقيقات كشفت عن وجود آثار بنزين في مكان الحادث.

ملحوظة: الصورة المرفقة ليست لمكتبة إيبلا، بل للمكتبة الوطنية العراقية التي احترقت وسُرقت محتوياتها بعد احتلال القوات الأمريكية العراق عام 2003.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

مبادرات قرائية: مشروع "مكتبة الفريج المتنقلة" في الإمارات

مبادرات قرائية: "مكتبة الفريج المتنقلة" في الإمارات

ينطلق اليوم (14 يناير 2010) مشروع "مكتبة الفريج المتنقلة" (والفريج هو الحارة) عن مبادرة "زايد العطاء" ضمن برنامج المكتبة الوطنية المتنقلة، والذي قامت مبادرة زايد العطاء بتنفيذه بالتعاون مع شركة "كتاب" وغرفة وصناعة وتجارة أبو ظبي ومواصلات الإمارات والمركز الثقافي الألماني والسفارة السويسرية وشركة أبو ظبي للإعلام.

هذه المكتبة المتنقلة عبارة عن حافلة بها مئات الكتب المتنوعة المتوجهة إلى فئات عمرية مختلفة. ستجول هذه الحافلة في أحياء أبو ظبي لمدة ثلاثة أيام، حيث يمكن للجميع الدخول إليها وقراءة ما يشاءون، إضافة إلى المشاركة في بعض الأنشطة مثل القراءة الجماعية والالتقاء بالكتّاب والمؤلفين.

وبعد أبو ظبي ستتجه الحافلة إلى العين والشارقة ودبي والفجيرة ورأس الخيمة، لإتاحة الفرصة لأكبر عددٍ ممكن من المواطنين والمقيمين في الإمارات للاستفادة من المكتبة والمشاركة في هذه التجربة.
تعليق: هذه حياة!

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

11 يناير 2010

إصدارات: كتاب "هكذا تكلم محمود درويش"

إصدارات: كتاب "هكذا تكلم محمود درويش"

صدر قبل فترة كتاب "هكذا تكلم محمود درويش" من تحرير (عبدالإله بلقزيز) عن مركز دراسات الوحدة العربية، ويحتوي على مقالات كتبها أصدقاء للشاعر الراحل، وهم:
- عبدالإله بلقزيز
- منير العكش
- فيصل دراج
- محمد جمال باروت
- مارسيل خليفة
- محمد دكروب
- شوقي بزيغ
- فخري صالح

وفيما يلي نبذة عن الكتاب كما جاءت في موقع المركز:

•النص الشعري الدرويشي... نصٌّ - وثيقة بأكثر من معنى، وفي أكثر من اتجاه. في مرآته تملك أن تقرأ تفاصيل فكرةٍ كبرى في تجربة شعب هو شعبه.
•قصيدة درويش لسان الجماعة ومدوّنة يومياتها... هي ضمير الناس، ملاذهم من الضياع يأويهم، هي نفيرهم، يبثّ العزيمة فيهم.
•تاريخ قصيدة محمود، هو من وجهٍ آخر، تاريخ أمكنتها، ولدت القصيدة في مكان، ونمت في مكان، وأينعت في أمكنة.
•من باب تعزية النفس أن يقول المرء، إن محمود درويش لم يرحل لأن تراثه باقٍ فينا، وفي الثقافة العربية؛ فلقد كان رحيله فاجعة، للثقافة والقصيدة، لا توصف، وهي (فاجعة) لا توصف لأن رحيله حصل في لحظة التألق الاستثنائي(...)
•برحيل حفيد المتنبي، تدخل القصيدة العربية فترة من الحداد، ليس يُعلم متى تنتهي، فالرجل ما كان شاعراً كبيراً فحسب؛ كان الشاعر الذي زوّج المستحيل بالممكن في الشعر، فأنجب لغة شعرية ممكنة، لكنها تقارب المستحيل.
•يا محمود، «على هذه الأرض ما يستحق الحياة»: أن نقرأ شعرك.

* * *
بمناسبة مرور عام على رحيل الشاعر محمود درويش الفاجع، حاولت جمهرةٌ من أصدقائه، وبمبادرة من مركز دراسات الوحدة العربية، أن تقدّم هذا الكتاب التذكاري التكريمي وفاءً لذكرى الفقيد الكبير، واعترافاً بالدور والمكانة اللَّذيْن كانا له في الثقافة العربية المعاصرة.

يقع الكتاب في 207 صفحات.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

09 يناير 2010

القائمة الطويلة لأفضل الكتب المترجمة للإنجليزية

إعلان القائمة الطويلة لجائزة أفضل الكتب المترجمة للإنجليزية-فرع القصة والرواية 2010
تم الإعلان يوم الثلاثاء الماضي (5 يناير 2010) عن الروايات المتنافسة للحصول على جائزة أفضل الكتب المترجمة للإنجليزية-فرع القصة والرواية لعام 2010. وفيما يلي عناوين هذه الكتب دون ترتيب (اسم الرواية ثم اسم الكاتب ثم اسم المترجم ثم بلد الكاتب):

1- رواية "Ghosts" للكاتب الأرجنتيني (Cesar Aira) ترجمها عن الإسبانية (Chris Andrews).
2- رواية "The Ninth" للكاتب الهنغاري (Ferenc Barnas) ترجمها عن الهنغارية (Paul Olchvary)
3- رواية "Anonymous Celebrity" للكاتب البرازيلي (Ignacio de Loyola Brandao) ترجمها عن البرتغالية (Nelson Vieira)
4- رواية "The Twin" للكاتب الهولندي (Gerbrand Bakker) ترجمها عن الهولندية (David Colmer)
5- رواية "The Skating Rink" للكاتب التشيلي (Roberto Bolano) ترجمها عن الإسبانية (Chris Andrews)
6- رواية "Wonder" للكاتب البلجيكي (Hugo Claus) ترجمها عن الهولندية (Michael Henry Heim)
7- رواية "Every Man Dies Alone" للكاتب الألماني (Hans Fallada) ترجمها عن الألمانية (Michael Hofmann)
8- رواية "Op Oloop" للكاتب الأرجنتيني (Juan Filloy) ترجمتها عن الإسبانية (Lisa Dillman)
9- رواية "Vilnius Poker" للكاتب الليتواني (Ričardas Gavelis) ترجمتها عن اللتوانية (Elizabeth Novickas)
10- رواية "The Zafarani Files" للكاتب المصري (جمال الغيطاني) ترجمها عن العربية (فاروق عبدالوهاب)
11- رواية "The Weather Fifteen Years Ago" للكاتب النمساوي ( Wolf Haas) ترجمتها عن الألمانية (Stephanie Gilardi and Thomas S. Hansen)
12- رواية "The Confessions of Noa Weber" للكاتبة الإسرائيلية ( Gail Hareven) ترجمتها عن العبرية (Dalya Bilu)
13- رواية "The Discoverer" للكاتب النرويجي (Jan Kjærstad) ترجمتها عن النرويجية (Barbara Haveland)
14- مجموعة "Memories of the Future" للكاتب الروسي (Sigizmund Krzhizhanovsky) ترجمتها عن الروسية (Joanne Turnbull)
15- رواية "Desert" للكاتب الفرنسي (J. M. G. Le Clézio) ترجمها عن الفرنسية (C. Dickson)
16- مجموعة "There’s Nothing I Can Do When I Think of You Late at Night" للكاتب الصيني (Cao Naiqian) ترجمها عن الصينية (John Balcom)
17- رواية "The Museum of Innocence" للكاتب التركي (أورهان باموق) ترجمها عن التركية (Maureen Freely)
18- رواية "News from the Empire" للكاتب المكسيكي (Fernando del Paso) ترجمها عن الإسبانية (Alfonso González) و (Stella T. Clark)
19- رواية "The Mighty Angel" للكاتب البولندي (Jerzy Pilch) ترجمها عن البولندية (Bill Johnston)
20- رواية "Rex" للكاتب الكوبي (José Manuel Prieto) ترجمتها عن الإسبانية (Esther Allen)
21- رواية "Death in Spring" للكاتبة الإسبانية (Mercè Rodoreda) ترجمتها عن الكتالانية (Martha Tennent)
22- مجموعة "Landscape with Dog and Other Stories" للكاتبة اليونانية (Ersi Sotiropoulos) ترجمتها عن اليونانية (Karen Emmerich)
23- رواية "Brecht at Night" للكاتب الاستوني (Mati Unt) ترجمها عن الاستونية (Eric Dickens)
24- رواية "In the United States of Africa" للكاتب الجيبوتي (عبدالرحمن وابري) ترجمها عن الفرنسية (David Ball) و (Nicole Ball)
25- رواية "The Tanners" للكاتب السويسري (Robert Walser) ترجمتها عن الألمانية (Susan Bernofsky)


جدير بالذكر أن هذه الجائزة قد بدأت عام 2007، في موقع الأدب العالمي التابع لجامعة روشستر في نيو يورك. وسوف تُعلن القائمة القصيرة في 16 فبراير 2010، ويُعلن عن الكتاب الفائز في شهر مارس القادم.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

04 يناير 2010

دردشات: ما قراراتكم القرائية للعام الجديد؟

دردشات: ما قراراتك القرائية للعام الجديد؟

في الثقافة الغربية تقليد سنوي لطيف ومفيد في أحيان كثيرة، ألا وهو اتخاذ قرارات لتنفيذها في العام الجديد. وعادة ما تكون هذه القرارات محاولة لتصحيح أخطاء أو سلوكيات، أو لتطوير الذات في مجال معين، أو لتحقيق أمنيات طال تأجيلها، وهكذا. فمثلا قد يقرر المرء أن يقلع عن التدخين، أو أن يحسّن علاقته بزملائه في العمل، أو أن يُكثر من وصل أرحامه، أو أن يقلل من شرب المنبهات، أو أن يواظب على الرياضة، أو ينتهي من إنجاز روايته التي يكتبها، الخ.

أسألكم هنا عن قراراتكم المتعلقة بالقراءة والكتب. إن كنتم قد اتخذتم مثل هذه القرارات فأرجو أن تحدثوني عنها، وإن لم تقرروا بعد، خذوا وقتكم وعودوا لكتابتها هنا. يا تُرى ماذا قررنا للقراءة في هذا العام الجديد؟
- الكتب التي نريد قراءتها
- المؤلفون الذين نريد أن نقرأ لهم
- المواضيع التي نريد القراءة فيها
- المكتبات التي نود زيارتها
- العادات القرائية التي نريد اكتسابها أو التخلص منها
- الكتب التي نريد إعادة قراءتها
- ما نريد أن نفعله بمكتبتنا الخاصة
- الخ


بانتظاركم


*ملحوظة: فكرة الموضوع من صحيفة الغارديان البريطانية

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

01 يناير 2010

تحقيق قرائي: أتوسل إليك يا سنة 2010 أن تكوني أكثر قراءة

تحقيق قرائي: أتوسل إليك يا سنة 2010 أن تكوني أكثر قراءة..في ملحق "شرفات"










نشر ملحق شرفات الذي يصدر عن جريدة "عمان" في عدده الأخير يوم الأربعاء الماضي 30 ديسمبر 2009 ملفا كاملا عن أفضل ما قرأ الكتّاب العمانيون في عام 2009، من إعداد الصحفية والكاتبة المميزة هدى الجهوري. وأنقل إليكم هذا الملف الجميل هنا للاطلاع على الكتب التي تحدث عنها الكتّاب:

أتوسل إليك يا سنة 2010 أن تكوني أكثر قراءة
فكرة وإعداد: هدى الجهورية

هذا العدد من شرفات لا يصادف اليوم قبل الأخير من عام 2009 وحسب، وإنما يصادف أيضا اليوم قبل الأخير من دخولنا إلى السنة العاشرة من الألفية الجديدة، وهذا ليس بالزمن العادي، أو الذي يمكن تجاهله والمضي بعيدا عنه، وإنما زمن يتطلب منّا وقفة حقيقة لنسأل أنفسنا: ماذا قدمنا للثقافة العمانية؟ وماذا قدمت لنا الثقافة العمانية أيضا؟ وماذا شهد المشهد الثقافي العماني من تغيرات مهمة قبل انقضاء العقد الأول هذه الألفية في شتى مجالاته الأدبية من شعر وقصة ورواية، أو الفنية من مسرح وتصوير وفن تشكيلي، ويمكن لحلقات هذه الدائرة أن تتسع لتطال المشهد الثقافي العربي، والمشهد الأجنبي أيضا.
ولمّا كان هذا الكلام كبيرا وغير محدد، ويأخذ بنا إلى اتجاهات متعددة اقتصر سؤالنا في هذا الملف عن: أفضل ما قرأ كتابنا في عام 2009، ومن المفارقة أيضا أنه سبق وأن طرحنا استطلاعا مشابها لهذا في عام 2008، وكانت أغلب الإجابات منصبة على منطقة السرد، وكأنها المنطقة التي لا يحب أن يغادرها الكاتب العماني، فهو يتثبت بها لتبقى الأثيرة، وفي مقدمة سلم قراءاته. إلا أن هذا الملف في هذا العام جاء مختلفا ومتمايزا إذ يبدو أن الكاتب العماني تحول بشكل كبير مقارنة بالعام الماضي إلى منطقة الكتب ذات الطابع الفكري، أو الفلسفي أو كتب الحوارات، أو ذات البعد التاريخي والسياسي، وإن بقي الكاتب العماني يراوح منطقة السرد من حين لآخر..
بدأت فكرة هذا الملف من استطلاع بسيط عن القراءة إلا أنه سرعان ما تحول إلى ملف كبير ومهم أيضا، وتركنا شهادات الكتاب على عامهم المنصرم كما هي دون تدخل منّا إلا بوضع العناوين. وإن اختلفت الآراء حول فكرة الكتب الأهم أو أفعل التفضيل «أفضل» إلا أن كل كتاب حكى لنا عن الكتب التي لم تغادر ذاكرته، وبقيت متربعة على عرشها..
وقد كشفت الشهادات عن تكرار لأسماء كتب بعينها لدى أكثر من كاتب لتدلل - ربما - على أهميتها..
وثمة الكثير الكثير في هذا الملف الخاص، لذا سنترك لقارئنا فسحة القراءة.

القراءة هي التعويض الجمالي الأمثل بالنسبة لي
سيف الرحبي

القراءة هذا العام لا تختلف نوعا عن الأعوام السابقة، وإن اختلفت كمًا. فالقراءة بالنسبة لي هي العامل الجوهري في الممارسة الحياتية اليومية، وكذلك أمر الكتابة. فأنا أُغلب القراءة أكثر فيما يقاس بعدد الساعات التي أقضيها من الوقت على الكتابة، فحين أنجز هذه في ساعات الصباح ـ قاصدا الكتابة ـ يبقى الفضاء مفتوحا فيما بعد للقراءة. إذ ليس ثمة كتابة حقيقية تطمح إلى الإضافة والإبداع إلا وترتكز على قراءات مركزة ومعمقة، وبما أني قليل الالتزامات الاجتماعية، فالقراءة هي التعويض الجمالي الأمثل بالنسبة لي .. القراءة والتأمل ما أمكن.
القراءة متنوعة لا تقتصر على حقل بعينه، فإلى جانب الشعر والرواية والقصة أنا أقرأ أيضا في الفلسفة والجيولوجيا وفي الفكر السياسي.. إذ أني لست رهناً لمجال تخصصي بعينه. ثمة كتب كثيرة في هذا السياق عربيا وعمانيا وبعضها أخذتُ في قراءته والاحتفاء به عن طريق الكتابة. فهنالك كتابات ربما غير مضاءة جيدا في الصحافة والنقد العربيين. مثل الكتابات المغاربية على سبيل المثال، وأتذكر الآن رواية الكاتب الجزائري أمين الزاوي والتي حملت عنوان (شارع إبليس).. هذه الرواية الصادمة احتفيت بها وبغيرها. كما أني مؤخرا أعدت قراءة كتابات الصديق عبداللطيف اللعبي الذي فاز بجائزة (جونكور) للشعر، فقد قرأت له (مجنون الأمل) دواوين ومسرحيات الكاتب نفسه. كما قرأت كتاب المفكر المغربي عبدالله العروي حول مفهوم الدولة والاجتماع، وكذلك كتابات تندرج في الإطار نفسه للكاتب السوري عزيز العظمة، وغيرها الكثير..
وطبعا على تواصل في القراءة مع أجيال عمانية مختلفة عبر بريد مجلة نزوى الثري والكثيف الذي يتيح لي فرصة للاطلاع على المشهد الثقافي في مساحة أخرى خارج قراءة الكتب، وهو مشهد متنوع واعتقد أننا في هذه الأجواء العربية والعالمية المحتقنة بالكراهية، وسموم العصبيات الغريزية، والطائفية البغيضة التي أخذت في التمدد والانفجار في الأرض العربية مرجعة كل تنوير عقلاني وفكري إلى عصور الظلام والتوحش.. تبقى الثقافة والنتاج الإبداعي الروحي هي الضوء الجمالي والإنساني في هذا الظلام المهيمن.
وعمانيا بجانب قراءاتي طبعاً للنتاجات الثقافية بمختلف تجلياتها التعبيرية أجد حضور المساهمة الإبداعية للجيل الجديد في السرد رواية وقصة وفي البحث والشعر، وإن تراجع هذا الأخير كمًا إلا أنه يبقى رافدا أساسيا، كما ألاحظ أيضا تقلص الحدود الصارمة بين حقول التعبير والمعرفة فنجد الشاعر روائيا وناقدا وكذلك الروائي والقاص وغيره.
ومما يلفت النظر المشاركة النسائية الخلاّقة في هذا السياق فهنالك أعمال من هذا القبيل ملفتة جدا عمانيا وأتمنى أن تأخذ نصيبها من التسويق عربيا. وأن تعطي هذه الأعمال الصورة المشرفة للثقافة العمانية التي تكابد بعض المشاكل المؤسسية والبيروقراطية التي أتمنى مع الوقت أن تتبدد تدريجيا، أو تتقلص إلى حدود لا تعيق التطور والطموح الثقافيين لدى الكاتب والفنان العماني.
أنا في الفترة الأخيرة مشغول بتتبع ترجمة علمين من أعلام الثقافة العمانية الكلاسيكية هما الشيخ والشاعر والفقيه (ابن النضر). فمنذ عمر مبكر كان هذا العالم والشاعر الجليل يشغلني نتاجه وطبيعة الحياة التي عاشها حيث مات شهيد المعرفة مقتولا على يد الطاغية (خردلة بن سماعة) الذي كان يحكم سمائل، والفاجع في الأمر أن هذا الجاهل أحرق جميع كتب (ابن النضر) ومكتبته فلم يصلنا من تأليفه إلا النزر اليسير وهو كتاب (الدعائم).
ومن الجدير بي أن أذكر هنا أن شعر هذا الشاعر أصيل وقوي وفيه ذلك البعد الصوفي حتى لكأنما يدخل إلى مناطق لم يلمحها غيره في الشعرية العمانية في تلك الفترات. أما الثاني، والذي أنا بصدد تتبعه أيضا فهو أبو محمد بن عبدالله الأزدي صاحب كتاب (الماء). فهذا العالم عاش شتاتا حياتيا مرعبا من أجل المعرفة والعلم. فمن عمان إلى العراق ومن العراق إلى بلاد فارس حيث تتلمذ على يد الفيلسوف (ابن سينا) ومن ثم إلى دمشق، والمغرب العربي. وإلى الأندلس حيث عاش في تلك البيئة المعرفية العظيمة في مدينة بلنسية حيث قضى نحبه هناك.. فهذه السيرة الحياتية والمعرفية تستحق البحث والوقوف والقراءة..

الكتابة تعيد ترتيب فوضى الحياة والقراءة تؤكد ذلك
محمود الرحبي


طبعا فعل القراءة، وخاصة بالنسبة للكاتب، هو جزء من حياة موازية، وكثيرا ما أشبهها بالحياة الافتراضية ( السكند لايف)، وأعتقد أن الكاتب سبق رجال الميديا في ذلك، وهو آخر الصيحات التي بدأت تشق طريقها الآن في المجتمع الغربي. ففي عالم القراءة لا نحتاج إلى تزويد (كابور) بأي مال، ليصحو مع تناول كل وجبة إفطار وقد ازداد رصيده إلى مليوني دولار وذلك برسالة (اس ام اس) مفرحة، يزوده بها مصرفه كل صباح.
هذا العالم الذي استعذب العيش فيه، كما يفعل الكتاب منذ زمن، وقبلهم القراء المثابرون، هو عالم اختياري بطبعه، وليس محلقا إلى فراغ وهمي (كما عليه عالم السكند لايف)، عالم تكتشفه الروح العطشى كل يوم، وهو مهرب واقعي، وليس ديناميكي، من الواقع الفوضوي، فإذا كانت الكتابة تعيد ترتيب فوضى الحياة، فإن قراءة ما كتب تأكيد على ذلك، فالحياة التي نعيشها تنشغل بالفوضى والتصادم الأهوج للأفكار والقيم، لذلك لا بد من عالم مواز لتنظيم هذا الشعور ولجعل الكائن منتظما والحياة محتملة. والكتاب كفيل بإيجاد هذا التوازن.
بالنسبة لي قراءة الرواية والسير الذاتية والرحلات، تحتل الصدارة في الاهتمام، وآخر ما قرأت السيرة الذاتية للأميرة سالمة بنت سعيد في طبعة منقحة صادرة عن دار الجمل.
وفي حقل الرواية انتهيت أخيرا من قراءة رواية (أطفال منتصف الليل) وهي رواية ضخمة في جزءين كبيرين للروائي الهندي سلمان رشدي، والتي أجلت قراءتها طويلا، والرواية جاءتني كهدية من صديقي الراحل حسن باقر عبدالرب، الذي عرف عنه اقتناؤه لمطبوعات نادرة، وذلك بسبب شغفه المتواصل بالسفر إلى أماكن مهمشة في العالم، أذكر أنه قضى قرابة الستة أشهر متواصلة في منطقة عشق أباد على الحدود الروسية، كما استطاع أن يبقى طويلا في بعض القرى الهندية المهمشة، وتوفي في مدينة أصيلة المغربية، وهي قرية ساحلية صغيرة. وكان آخر حديثه لي، والذي اعتبرته بمثابة وصية، طلب مني بأن أهتم بالكتاب،( والمعنى بأن أهتم به ولا أعيره لأحد حتى أراه ثانية لأرجعه له) كما أحسست بأن قراءتي له شكلت لي نوعا من الوفاء لتلك الذكرى.
ومما قرأت كذلك المجموعة القصصية (وأخيرا استيقظ الدب) لعبدالعزيز الفارسي، أعجبتني بعوالمها المدهشة، وانصهار الكاتب الحميمي بشخصياته، وتعامله معهم بحرص روحي وكأنهم جزء من مقتنياته الأثرية النادرة.
قرأت كذلك رواية ( العصفور الأول) للقاصة والروائية أزهار أحمد الصادرة عن دار الجمل، وللكاتبة كذلك نضال جميل فيما يتعلق بتنمية مهارات الأطفال المبدعيين، عبر سلسلة طويلة من الحلقات التدريبية الممنهجة، هذه الرواية تجر قارئها بخيط خفي متقن يتزاوج فيه الذهني والواقعي، إلى جانب احتوائها على جانب توثيقي هام وشيق من حياة الهند، يقربني هذا الكتاب من كتاب آخر انتهيت من قراءته مؤخرا، رواية تحمل عنوان (حياة باي) للروائي الكندي يان مارتن، الفائز بجائزة بوكر لعام 2002 وتدور أجواؤها في الهند، التي اقتطف منها المقطع التالي: (فإذا كان الإنسان، وهو الأجرأ والأذكى بين المخلوقات، لا يحبذ الانتقال من مكان يألفه إلى آخر يكون فيه غريبا، فلماذا قد يقدم الحيوان الذي هو أكثر تحفظا بكثير على ذلك؟ لأن الحيوانات كائنات متحفظة، بل ويمكن القول رجعية. وأقل التغيرات يمكن أن تسبب لها اضطرابا، وهي لا تطلب سوى أن تبقى الأمور على حالها، يوما بعد يوم، وشهرا بعد شهر. لا تحبذ المفاجآت، مثلما يتضح جليا في علاقتها بالمكان. فالحيوان يستوطن مساحة من الأرض، ويتحرك بالطريقة نفسها التي تتحرك فيها قطعة الشطرنج على الرقعة).

لا أحب إطالة الوقوف إلا وراء طاولة الكتابة أو بإيحاء منها
عبدالله حبيب

بدايةً علي القول انه بالنسبة لي كانت سنة 2009 سنة الإيذاء والجرح بامتياز شديد؛ فقد آذيت وجرحت نفسي، وآذيت وجرحت غيري، وآذاني وجرحني غيري. انعكس هذا – بالطبع – على كافة جوانب حياتي الصغيرة بما في ذلك القراءة، وإن كنت قد حافظت على مستوى ليس سيئاً جداً (من ناحية الكم على الأقل) فيما يخص الكتابة. هذه المفارقة (القراءة/ الكتابة) جعلتني أغيِّر قناعة قديمة لدي؛ فأصبحت القناعة الجديدة هي ان القراءة تحتاج إلى صفاء ذهني أكثر من الكتابة. الأشياء نسبية دوماً بالطبع، لكن هذا هو ما شعرت به في 2009. غير ان الوجه الآخر للعملة هو ان الإخفاق في تحقيق قَدْرٍ مُرْضٍ من القراءة (بالمعنى الحرفي) جعلني – من باب التعويض ربما -- أكثر قدرة على قراءة أشياء أخرى (بالمعنى الرمزي والمجازي)؛ فمحدِّثكم شخص ملول، وسريعُ وكثير الضجر، ولا يحب إطالة الوقوف أمام الأشياء إلا وراء طاولة الكتابة أو بإيحاء منها. هذا كلام ليس دقيقاً بالضبط في هذه العجالة؛ غير ان سنة 2009 علمتني أن أتوقف وأتأمل أكثر أمام تحولات الطبيعة. على سبيل المثال، أسهر حتى الصباح حين يتأتى الأمر منذ عهد بعيد نسبياً، لكني لم أكن "أقرأ"، مثلاً، التحولات الجمالية في لون السماء (وليس في ألوان كل ما هو تحت السماء كما كنت أفعل سابقاً) منذ قبيل الفجر إلى ما بعد شروق الشمس بقليل. في سنة 2009 تعلمت ذلك، وأصبت بالسحر والانبهار.
من ناحية ثانية، أعتقد انني ضد أَفْعُلِ التفضيل فيما يخص القراءات؛ فالقراءات كما الأنبذة: كل منها يصلح لوقت معين، ومزاج معين، وحالة معينة، واحتياج معين، وبوح معين، إلخ، كما أن المرء لا يستطيع إجراء تراتبيَّة بين مجموعة شعرية وكتاب في الاقتصاد السياسي مثلاً. بالنسبة لي ليس لدي شيء اسمه "أفضل" كتاب.
مع هذا سأسارع إلى القول ان "أفضل" كتاب عماني قرأته في 2009 هو المجموعة القصصية "إعدام الفراشة" لأحمد الزبيدي من دون أن يعني هذا التقليل من شأن المجموعات القصصية العمانية الأخرى. لكن مجموعة الزبيدي تمتاز بخصوصية جمالية، وتاريخية، وميثولوجية (الأخيرة بمعنى مزدوج: الاتكاء إلى الميثولوجيا الحِمْيَريَّة من جهة، وإيجاد السرد للميثولوجيا الخاصة به نفسه بنفسه وهو يتقدم في الذاكرتين الفرديَّة والجمعيَّة من جهة أخرى). مما يميز هذه المجموعة أيضاً اتصال، وتواصل، وتلاحم شخصيات الكاتب ورموزه التي عرفناها في أعمال منشورة سابقة (مجموعته القصصية الأولى "انتحار عبيد العماني" مثلاً) كَرَايَه وسلطان الخروصي. إن الكاتب هنا يتمرأى من جديد في وجوه شخصياته التي نحتها قبل نحو ثلاثين سنة؛ وهو بهذا إنما يكافح ضد الموت، ويا لَهُ من كفاح. أظن ان هذا نادر في القصة العمانية القصيرة.
عربياً، أعجبني (ولا أقول بالضرورة انه "أفضل" كتاب عربي قرأته في 2009) كتاب "نواظر الأيك في معرفة الـ [..." للإمام جلال الدين السيوطي حول الجنسانيَّة العربية القديمة بأشعارها، ووقائعها، ووصفاتها العجيبة الغريبة، وأساطيرها، واستيهاماتها، وهذياناتها، وأكاذيبها. لم يكن السيوطي كاتباً أيروسيَّاً بل إماماً ومؤلف كتب في الفقه، والأصول، والنحو، والحديث، والتفسير، والبلاغة، والأدب، والتاريخ، والتصوف من قبيل "الإتقان في علوم القرآن" و"الدُّرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة" . لكن ألا يكفي اضطراري – لأسباب رقابية -- في نهاية العقد الأول من الألفية الجديدة إلى حذف إحدى كلمات عنوان الكتاب الذي أُلِّفَ قبل حوالي نصف قرن وكان يبتاعه الناس رجالاً ونساء في الأسواق للإشارة إلى مدى التخلف الحضاري الذي وصلنا إليه نحن العرب؟. لقد كَتَبَ فرويد، في أية حال: " بدأت الحضارة تنهار عندما بدأ الإنسان في الخجل من غرائزه".
أجنبياً (ولا أقول "عالمياً" لأنني لا أدري بالضبط ما سبب إطلاق نعت "عالمي" المهيب الجليل على كل ما هو مكتوب "هناك". ألسنا نحن جزءاً من هذا "العالم" أيضاً، وبالتالي فإن ما نكتبه "عالمي" كذلك؟!) أعجبت كثيراً بالكتاب الفذّ الذي حرَّره مايك وين "فهم السينما: منظورات ماركسيَّة" لأنه – ضمن أسباب أخرى – يفتح أقاليم جديدة في أراضي "السينما الثالثة" عبر فهم متحرر ومُمَشْكَلٍ للماركسيَّة.
في حالةٍ "وسطى" (تقريباً) بين الحالات التي ذكرتها آنفاً ثَمَلْتُ في 2009 بالكتاب الرقيق "أغاني حُب من المملكة الجديدة" (والمقصود هنا المملكة الفرعونية الجديدة) الذي ترجمه من الهيروغلوفيَّة إلى الإنجليزية جون فوستر. إنني أتساءل هنا: إلى متى سنظل نقرأ التراث الإبداعي الفرعوني عبر ترجمات انجليزية وفرنسية وألمانية؟. ذات ليلة سألت مثقفاً مصرياً صديقاً: "كم جامعة لديكم تُدرِّس اللغتين الهيريَّة والهيروغليفيَّة؟"، فردَّ علي: "صباح الخيييييير!". صباح الخير يا سنة 2010. وإني أتوسل إليك أن تكوني أقل إيذاء وجرحاً، وأكثر قراءة من 2009.

رحلة المسيري.. وعقل حقيقي!
أحمد بن حسن المعيني

من الناحية القرائية كان عام 2009 متطرفًا في الفقر والغنى في الوقت نفسه؛ فقراءاتي «الحرّة» كانت للأسف محدودة جدًا، وذلك لأن هذا العام هو الأول لي في برنامج «الدكتوراة» والذي يتوجب عليّ خلاله أن ألتهم كل ما يتعلق بالبحث الذي أجريه، من كتب ومقالات وأوراق بحثية ورسائل ماجستير ودكتوراة. رغم ذلك أستطيع القول بأنني قرأتُ كتبًا جميلةً جدًا هذا العام، أختار هنا واحدًا منها أتحدث عنه، هو كتاب «رحلتي الفكرية: في البذور والجذور والثمر، سيرة غير ذاتية غير موضوعية» للمفكر الكبير الراحل (عبدالوهاب المسيري).
أعتبر هذا الكتاب الأفضل من كلّ قراءاتي لعام 2009 بلا منافس، وذلك لعدة أسباب منها أنه أحد الكتب التي أثّرت كثيرًا في طريقة تفكيري ونظرتي إلى الأمور، وأنني خرجتُ منه بأسئلة فكرية ما زالت تشاغلني إلى الآن. واخترته هنا لأنه إضافة فريدة جدًا للقوالب الكتابية في الثقافة العربية؛ فكتابه هذا ليس رحلة حياة وإنما رحلة فكر. ورغم أن الكتاب ضخم (720 صفحة من القطع الكبير) إلا أنك لا تشعر بالملل أو التعب في قراءته. ومثلما يحدث في رواية تشارلز ديكنز «أنشودة عيد الميلاد» تشعر عندما تقرأ الكتاب بأن كل فصل عبارة عن شبحٍ أو روحٍ تأخذك إلى جانبٍ من ماضي المسيري الفكري، وتعرضه عليك كفيلم سينمائي تراقب فيه الأشخاص والأحداث والتفاصيل التي أدت إلى فكرةٍ أو موقفٍ ما لدى المسيري. ولا شكّ أن الفيلم «دسم» جدًا، فهذا الرجل قد تنقل بين مدارس فكرية مختلفة متضاربة، من المادية الماركسية إلى الإنسانية، بدءًا من نشأته في دمنهور والاسكندرية (البذور)، ثم دراسته في الولايات المتحدة وعودته إلى مصر (الجذور)، ثم توصله إلى النماذج التحليلية التي استخدمها في التحليل والتعبير عن أفكاره (الثمر). من أكثر ما شدّني في هذه الرحلة الالتقاطات الذكية والمقارنات الدقيقة بين نمط الحياة التقليدي والنمط المعاصر، وبين المادية والإنسانية، إضافة إلى مفهوم النموذج التحليلي كأداة تساعد في دقة الملاحظة وتنظيم الأفكار وتحليلها منطقيا والربط بين العناصر المختلفة للظواهر الاجتماعية والإنسانية. وكم كان رائعًا وملهمًا سردُ المسيري لمشواره في الكتابة والإنتاج. هو كتابٌ مهم أنصح به بشدة، لا لمن يريد أن يفكر فقط، بل لمن يريد أن يعبر عن فكره في إنتاج حقيقي.

المفاضلة بين ما نقرأ أمر لا يتجه نحو الموضوعية
خميس بن راشد العدوي


الحديث عن أفضل ما قرأ في عام 2009 بقول: يبدو لي أن المفاضلة بين المواد التي يقرأها الإنسان أمر لا يتجه نحو الموضوعية في أحسن صورها، وخاصة إن كانت المواد تختلف عن سياقات بعضها البعض، فلكل كاتب قضيته التي يطرحها، وبما أن كاتباً جذبك إلى القراءة له فقد حاز فضيلة عليك أن تعترف له بها.
ولو كانت المفاضلة جائزة ومقدورة لتحتم عليّ أن أفاضل بين 360 يوماً من العام لم أستطع أن أنفك فيها عن القراءة، حيث لا يبارح الكتاب يدي إلا إذا أفلتته ضرورات الحياة، وأفضل فضائل القراءة هي عيشي مع كتاب الله، فلا يكاد يمر يوم لا يحدث في ذهني دلالة جديدة ووعياً بحقيقة وجودي.
ومع ذلك لا أزعم أن كتباً مما قرأت لم ترب على بعضها البعض، لا من حيث التفاضل، وإنما من جهة إضافتها المعرفية لي.
يأتي في مقدمتها (سَفَر المنظومات) لـ عبدلله المعمري، فمنذ صدوره في معرض مسقط للكتاب أول هذا العام وهو يلازمني طويلاً، حتى في بعض أسفاري، تكمن أهمية هذا الكتاب بالنسبة لي أنه اشتغل على سِفْر عماني شد انتباهي منذ الصغر وهو (الجوهر المقتصر) لـ أبي بكر الكندي الفيلسوف والمتكلم العماني، كما أنه أضاف جديداً إلى منظومتي الفكرية، والأهم من ذلك أنه عرّفني على كاتب عماني مميّز لم أكن أعرفه من قبل.
ومن الكتب التي استوقفتني هذا العام ملياً مخطوط (الإخلاص بنور العلم والخلاص من الظلم) لـ ناصر بن أبي نبهان الخروصي، وهو كتاب يبحث في الفلسفة العرفانية، وتتميز إضافته في المحاولة العميقة على عقلنة العرفان، وقد عكفتُ على قراءة هذا المخطوط طيلة شهر رمضان الماضي.مما قرأتُ أيضاً، كتاب (النظرية السياسية) وهو الجزء الثاني من سلسلة (السلطة في الإسلام) لـ عبدالجواد ياسين، وقد شدني هذا الكتاب بقوة حتى أنني لم أترك قراءته إلا لأداء صلاة الفجر، فاستغرقني ليلة كاملة وشطر النهار، وأهميته أنه كتاب صادم معرفياً للعقل السياسي السلفي بمدارسه الإسلامية المختلفة، صادم بما قد يؤدي إلى قراءة جديدة للتراث الإسلامي السياسي.
كتاب لطيف ومهم استمتعت بقراءته هذا العام هو (عجائب الهند) لـ بزرك بن شهريار، ولهذا الكتاب عندي قصة جميلة، حيث كنت أتابع عنه برنامجاً في الإذاعة العمانية يقدمه الكاتب والمذيع إبراهيم اليحمدي، وكان تقديمه رائعاً، بحيث كنت أقول في نفسي: يا أستاذ إبراهيم سامحك الله، علّقت قلوبنا بكتاب لا تصل إليه أيدينا لنمتع به عقولنا. فهو كتاب لا يكاد تجده في المكتبة العمانية، وفي شهر أكتوبر المنصرم وبينما كنت في القاهرة، مررت على مسرح الكتب الدائم في سوق الأزبكية، وبينما أبحث عن كتب في تحليل القصص الشعبي وقعت على هذا الكتاب، فأخذته، ولم أغادر القاهرة نهاية الأسبوع إلا وقد انتهيت من قراءته، فقلت حينها: شكراً لك إبراهيم فقد كانت لك فضيلة لفت انتباهي نحو هذا الكتاب المهم.
بجمال بياني لذيذ قرأت لـ محمد الحضرمي مجموعته الشعرية (في السهل يشدو اليمام) ففجّرت في نفسي الكثير من الاستبطان الدلالي الذي لم يفرغ من ذاكرتي إلا بعد أن عشتُ مع المجموعة وأنشأت حولها قراءة ألقيتها في مايو الماضي بالنادي الثقافي.
المجموعة القصصية لـ هدى الجهورية (ليس بالضبط كما أريد)، أتاحت لي متابعة خط القصة العمانية، لغتها، أسلوبها، ثيمتها، ومناطات التفكير لدى الأديب العماني، من عادتي في قراءة القصص أنني أقرأ أكثر مما أفكر، أما في هذه المجموعة فكنتُ أفكر أكثر مما أقرأ.
(مساءلات سينمائية) لـ عبدلله حبيب، رغم أنني أتابع الإنتاج السينمائي منذ صغري إلا أن الكتاب أضاف لي أبعاداً فلسفية في الربط بين المنتِج والمنتَج، وهنا أقصد المخرج والفيلم، كان الكتاب دسماً بمعلوماته وسبره الوعي واللاوعي في العمل السينمائي بدرجة تفوق أحياناً قدرتي على الربط بينها من أول وهلة، فأعيد القراءة مثنى وثلاث.
أما هذه الأيام فأقرأ (نقد العقل العملي) لـ عمانويل كنط، وهو كتاب قد يدفع بي إلى مراجعة جديدة للحدود الفاصلة بين العقل المحض والعقل العملي وقيمهما الأخلاقية، على مستوى الفرد والجماعة.

لم يكن سيئا ولم يكن استثنائيا في الحقيقة
سعيد الحاتمي


القراءة لم تكن يوما ما عملا يمكن التخطيط له، وفي نفس الوقت لم تكن بالأمر الذي يمكن إهماله أو عدم الانتباه إلى وتيرته إن تناقصت.
الأمر المميز الذي أحدثته هذا العام وذو علاقة بالقراءة أنني استطعت بطريقة ما أن أغوي أحد الأصدقاء أن يصبح قارئا. كانت البداية ببعض الروايات التي كنت أعتقد أنها مناسبة لقارئ مبتدئ، ولاحظت أنه بعد كل أسبوع من أخذه مجموعة من الكتب يعيد كل ما أخذ إليّ، لم أصدق في البداية أنه كان يقرأ كل ما أعطيه، وفي كل مرة كانت الكمية أكبر من سابقتها..بعد أربعة أشهر كدت أن أصعق حين اكتشفت أنه أنهى قراءة كل ما لدي من روايات جمعتها في أكثر من خمس سنوات..الرقم يتعدى 50 رواية.. ما اقتنيته في سنتين اقتنى ضعفه من معرض مسقط للكتاب في آخر دوراته.. عام واحد كان كافيا أن يصبح لدى أحمد الجساسي - بالإضافة إلى شغفه غير الاعتيادي بالقراءة – فكرة معمقة عن أغلب الروائيين في العالم وأساليبهم السردية وأفضل أعمالهم..كنت سعيدا بهذا الأمر بالإضافة إلى كوني المستفيد الأكبر.. حيث لم أعد أخشى أن يأتي يوما ولا أجد ما يمكن قراءته.. أصبح لدي ممول مهم بالكتب.
الشهر الماضي جلس يقنعني بقراءة العمل الضخم للكاتب الروسي مكسيم غوركي (الأم).. في الحقيقة كان حجم الرواية هو ما كان يجعلني أصرف النظر عن قراءتها كل هذه السنوات..ناولني إياها وقال: اقرأها ولن تندم.. ستكتشف كم كنت مغفلا حين كنت تهرب منها.
ما حدث أنني قرأتها في أقل من شهر وأنا الذي أعرفني بطيئا في القراءة.. كنت أقرأ هذه الرواية بشكل مختلف.. ليس للأمر علاقة بالتحضير النفسي المسبق الذي كان على يد صديقي الذي أعارني الكتاب. بل كنت أشعر أن ثمة حبل قوي يجعلني مشدودا إليها.. إن كان هناك من كتاب مفضل قرأته هذا العام فسيكون رواية الأم لمكسيم غوركي. كانت تتنقل معي من مكان إلى آخر.. في السيارة وفي مكان العمل وفي كل ركن من المنزل.. كانت الأم بيلافيا شخصية ذات حضور طاغ ليس بين شخوص الرواية فحسب..بل حتى عليّ كقارئ.. يؤرخ غوركي في الرواية للعوامل المتنوعة التي ساعدت الروس في الخروج على الملكية، وبداية ظهور النبتة الاشتراكية.. الثبات على المبادئ والاستعداد المطلق للتضحية ومواصلة الكفاح هو ما كان يقود بافل وأمه وبقية المجموعة ويقود معه خيوط الحكاية حتى آخرها..
العمل السردي الآخر الذي أدهشني كان (بابا سارتر) للعراقي علي بدر.. قرأته قبل منتصف العام بعد نهاية معرض مسقط للكتاب تحديدا.. أمامي الآن عمله الآخر (صخب ونساء وكاتب مغمور).. هناك عمل آخر أنجزه علي بدر هذا العام وهو (ملوك الرمال) سيكون هدفي الأول في المعرض القادم.. أتوقع أن يصبح هذا الروائي كاتبي المفضل في الفترة القادمة..
عموما سيلفظ 2009 غدا آخر أيامه.. وكنت أتمنى لو كان هذا العام استثنائيا فيما يتعلق بالقراءة.. لكن ما يجلب العزاء أنه لم يكن سيئا بالقدر الذي يمكن أن يشعرني بالتراجع.

الأسئلة الساذجة وحدها هي الأسئلة الهامة فعلاً
سليمان المعمري

تعرفتُ على «خفة الكائن التي لا تحتمل» - حسب المترجم عفيف دمشقية - أو «كائن لا تحتمل خفته» - حسب ترجمة ماري طوق - منذ فترة طويلة لم أعد أذكرها، ولكنها لا تقل عن عشر سنوات.. أذكر أنني كنتُ أيامها أبحث بشغف عن الروائيين العالميين لألتهم رواياتهم وأغيب في حكاياتها المدهشة ولغتها الساحرة.. في ذلك الوقت لم استطع أن أمضي في هذه الرواية لأكثر من ربعها.. وعيي بالفن الروائي آنذاك لم يكن يؤهلني لأستوعب تأملات كونديرا عن فكرة «العود الأبدي» لنيتشه وأنا الباحث عن حكاية مدهشة أو لغة آسرة.. ولم تكن لتشدني عبارات من قبيل: «الحب يبدأ في اللحظة التي تسجل فيها امرأة دخولها في ذاكرتنا الشعرية من خلال عبارة»، أو «أن نحب أحداً شفقة به فهذا يعني أننا لا نحبه حقاً».. أو أن إقفالنا القبر بحجر «فهذا لأننا لا نرغب في رجوع الميت. الحجر الثقيل يقول له: «ابق حيث أنت»! .. هذه التأملات التي نفّرتني من هذه الرواية في ذلك الوقت هي ذاتها التي جعلتني أعتبرها أفضل كتاب أقرأه هذه السنة، بعد أكثر من عشر سنوات من القراءة الأولى التي لم تكتمل، وهي سنوات كافية لتغيير الكثير في وعي وقناعات أي منا.. أحببت هذه الرواية لأنها تحرضني - كما كل أعمال كونديرا الأخرى - على التأمل والسؤال، وكم تخيلتُ نفسي أحدق في المرآة كتيريزا - بطلة الرواية - وأتساءل: ما الذي سيحدث لو أنَّ أنفي امتدّ كلَّ يوم ملليمتراً واحداً؟، وبعد كم من الزمن سيصير وجهي غير معروف؟، وإذا لمْ يعد وجهي يشبهني فهل أظل أنا أنا؟ .. حرضني كونديرا على أن أطرح مثل هذه الأسئلة وألا أستنكف السؤال عن أي شيء مهما بدا السؤال ساذجا، بل إنه يؤكد في هذه الرواية أن «الأسئلة الساذجة وحدها هي الأسئلة المهمة فعلاً. تلك الأسئلة التي تبقى دون جواب، إن سؤالاً دون جواب حاجز لا طرقات بعده. وبطريقة أخرى: الأسئلة التي تبقى دون جواب هي التي تشير إلى حدود الإمكانات الإنسانية، وهي التي ترسم وجودنا» . خلال هذه الرواية لم أكن أبحث عن حكاية وأحداث بقدر ما كنتُ منذهلا من قدرة كونديرا على تحليل نفسيات أبطال رواياته من خلال بعض الكلمات البسيطة.. فتيريزا يمكن أن نفهم شخصيتها من خلال كلمات: «النفس» و«الضعف»، و«الدُوار» الذي يؤكد كونديرا أنه شيء مختلف عن الخوف من السقوط. «إنه صوت الفراغ ينادينا من الأسفل فيجذبنا ويفتننا. إنه الرغبة في السقوط التي نقاومها فيما بعد وقد أصابنا الذعر» ، أما توماس فيمكن التوصل إلى مفاتيح شخصيته من خلال كلمتَيْ «الخفة» و«الجاذبية».. إضافة إلى فرانز وسابينا اللذين يمكن فهم شخصيتيهما من خلال كلمات «المرأة»، و«الإخلاص»، و«الخيانة»، و«الموسيقى» وغيرها من الكلمات، وهذا الفهم لا يتأتى بالطبع من خلال مجرد عبارات يتفوه بها هؤلاء الأبطال أو الراوي بل من خلال أفعال ومواقف يقومون بها بشكل يبدو طبيعيا وتلقائيا.

• سلالم صوب الولع:

هناك مقولة يطيب لي أن أرددها الآن مادام الحديث عن الكتب الجميلة وهي أن أجمل الكتب هي تلك التي لم تصدر بعد.. وأنا هنا لا أتحاذق ولا أنوّع على عبارة ناظم حكمت الشهيرة، بل أعني حرفيا إن كتابين من الكتب التي أعتبرها من أجمل ما قراتُ في عام 2009 لم يصدرا بعد، أولهما «سلالم صوب الولع» لصالح العامري، الكتاب الذي جمع فيه تأملاته ونصوصه ومقالاته التي نشرها متفرقة في الصحافة المحلية.. يُقسم العامري كتابه إلى سبعة أقسام ( تماما كما أن للسلم الموسيقي سبع درجات) هي على التوالي: «سلالم صوب الولع» – القسم الذي استأثر بعنوان الكتاب-، و«ألعاب وطفولات»، و«أشواق العاري»، و«مرمى الطائر الغريب»، و«البلدة البعيدة» و«قصاصات الطريق»، و«هواء الذين أحب»، ولكأنها سبعة كتب في كتاب واحد، يضمنها صالح تأملاته في كل شيء تقريبا: الشعر، والحب، وهواء السلالم، والفقد، والوردة، والجنون، والمطر، والمرايا، إضافة إلى يومياته وأسفاره وذكريات طفولته في قريته البعيدة، وقراءاته للأعمال الأدبية والتشكيلية.. في هذا الكتاب يعلمنا شاعرٌ وطنُه اللغة «الذهاب إلى الشعر بسلم مراوغ»، حيث الغريب تكفيه روح برتقالة أو كرزة ليتحصن من الاندحار في الهواء.. يدعوك أن تبدأ يومك «بحركة صغيرة من لسانك في المرآة قبل خروجك الأخير، بتدليعة مرحة وناقمة، ينهض يومك كله بسخرية حلوة، لينتظرك البحر أمام الباب».. كتاب لا تمل قراءته، وطوبى لكتاب لا يضيرك أن تبدأه من أوله أو آخره أو وسطه.

• الأحمر والأصفر:

أما الكتاب الثاني فهو رواية «الأحمر والأصفر» لحسين العبري، هذه الرواية التي يواصل فيها حسين العبري مشروعه الروائي الذي ينضج بمنحنى تصاعدي روايةً بعد أخرى.. هذا المشروع القائم على رصد التحولات الاجتماعية في عُمان وربطها بالتغيرات السياسية والاقتصادية والثقافية بشكل فني جذاب.. في هذه الرواية يقدم لنا العبري وجهاً آخر لمدينة مسقط، لم نعتد رؤيته كثيرا في الكتابات السردية العُمانية.. وجه المدينة التي تصهر كل من يدخلها - ولو زائراً فقط لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر - في بوتقتها وتفرض عليه شروطها الجمالية والأخلاقية، وذلك من خلال حكاية فتى قروي مراهق شديد الذكاء وتحولاته النفسية بدءاً بصداقته لطالب مصري وهو في مدرسة القرية ثم اضطراره لمفارقته بسبب انتقال هذا الأخير إلى مدرسة أخرى بعيدة، ومروراً بانتقال هذا الفتى العماني إلى مسقط لقضاء الإجازة الصيفية مع أخيه الأكبر الذي يعمل في العاصمة، وهنا يستغل العبري مجال تفوقه كروائي والذي ظهر في أعماله السابقة كـ«الوخز» و«المعلقة الأخيرة»، ألا وهو خبرته في التحليل النفسي ليشرّح المجتمع العُماني المعاصر وعاداته وتقاليده والتغيرات التي طرأت عليه من خلال ما يجري لهذا الفتى من أحداث.. باختصار هي رواية جميلة وفاتنة، وتستحق القراءة بامتياز.

• وأخيرا استيقظ الدب:

من الكتب التي أعجبتني هذه السنة أيضا كتاب «وأخيراً استيقظ الدب» لعبدالعزيز الفارسي، ببساطة لأن الفارسي استطاع بهذا الكتاب أن يثبت أن القصة القصيرة يمكن أن تكون شعبية وفي متناول جميع القراء، وليس فقط لنخبة بعينها. أُعجبتُ بهذا الكتاب لأنه حقق المعادلة التي لم يُفلح في تحقيقها كثيرون من كتاب القصة في عُمان وهي: البساطة والعمق.

أنا أقرأ .. إذن أنا موجود
فاطمة الشيدية

القراءة هي اللحظة التي أنهي فيها متعالقات الواقع والداخل، وأنحاز إلى عالم أكثر خفة وأكثر يقظة، عالم أجدني فيه روحا مولعة بالتمرئي في مرايا شفافة، ولامعة، وبراقة، أصلح فيها ما اعوج من حواسي، وأجمع فيها ما تناثر من وهجي في سأم الآخر، وبرودة الواقع، وأعيد التيقظ للحواس التي تغيب بفعل الركون والسكون، وأتحرر من ربقة القيد الإنساني المتعدد التسميات.
أحيانا أشعر أنني أحيى في مكتبة ما هي العالم الحقيقي، خارج عوالم القبح والشر والخراب، وأن ما دونها هامش ضيق، مكتبة قسمتها على عالمين أحيى فيهما، يتناوبان الأهمية وطول السكنى، والمكوث فيهما، حيث يصبح أحدهما فجأة أكثر امتدادا في الزمن، وأكثر حضورا في الحياة، لذا لابد من الكتب الأكثر إلحاحا وحضورا أن تصاحبني كظل أحدب ظريف يتقوس على ظله، في هذه المكتبة/الحياة أحيى، كتب على السرير، وكتب في الرف، وكتب في المكتب، وكتب في حقيبة اليد، والاختيار تحدده فكرة شيطانية تقفز كالجن.
هذا العام كان عاما جيدا للقراءة، قراءات متنوعة، ومتداخلة كنحلة مهووسة بالرحيق، الرحيق فقط! ، لذا كان فجأة يخطر ببالي أن أمشط طرقات الماضي برغبة في الوقوف على رائحة عصور خلت، فكنت أقف في سوق الوراقين بدمشق أو ببغداد، أو قرطبة، أسأل عن البيان والتبيين للجاحظ، (أفرفر صفحاته التي قرأتها كثيرا فيما مضى)، بسرعة بحثا عن معلومة ما تقفز كجني في مخيلتي حول فكرة ما، وقد أتجاهلها تماما، وأنا أغيب في صفحات أخرى، ثم أذهب لطوق الحمامة لابن حزم، وأتأمل وصفه لعشاق زمانه، لأعترف أنه لم يغرني مؤخرا كثيرا-كما حدث من زمن أولي كان يمر بلا حاسة النقد- أشعر أنه يتصنع الحكاية والخبر، ويظلم المرأة في أحكامه، ويسرد لنا حكايات الجاريات وكأنهن وحدهن من يحببن،صرخت في وجهه (مالك والعشق والعشاق أيها الفقيه؟)، ثم أقفز إلى كليلة ودمنة حيث بيدبا صديقي الحكيم يحكي لدبشليم الملك، هذا الكتاب يغريني بالمراجعة بين فينة وأخرى، وأتمتم بيني وبيني (يبدو أن علينا في هذا العصر(الضوئي المنفتح) أن ننتهج حكمتك أيها الحكيم لننجو، ونكتب عن الضفدع والحمار، بل حتى الكتابة عن الحمار أصبحت مشكلة!!)
وكثيرا ما كنت أعرج إلى عالم النقد والفلسفة وأنا أكثر هدوءا وروية، وأتخيل نظرات الفلاسفة والنقاد من خلف نظاراتهم السميكة، ووجوههم المتجهمة، فاتجه لباشلار مباشرة وأحمل كتاب «شاعرية أحلام اليقظة»، و«الماء والحلام: دراسة عن الخيال والمادة» أقرأ منها بعض الأجزاء وتبقى قريبة كقلب تعرف أنه موجود حتى لو تقترب منه لزمن، ثم أذهب لنيتشه المجنون الأحب، وأنا المتعلقة بجنونه بجنون؛ أقرأ في «ما وراء الخير والشر» و«هذا هو الإنسان» ، و«العالم الجذل» فأقرأ منها ما أقرأ ولا أرتوي، وأتذكر ما قرأته يوما في كتابة ما لعبدالله حبيب عن الترجمة البائسة أو المغلوطة لنيتشه في العربية، أحزن قليلا أنني غير قادرة على قراءته بلغته، ثم أقنع بما أقرأ وأقول هذا يكفي لمجذّفة لا تحلم بالإبحار لأوغل من الجرح كأني أحمل في اليد الأخرى «العقل واللغة والمجتمع لجون سيرل»، هذا الكتاب ممتع حتى حد عدم الارتواء منه، رغم لغته الصارمة، ثم أقرأ كتاب الموت في الفكر الغربي لجاك شوورون، أتذكر كيف اشتريت أنا وصديقتي منذ خمس سنوات تقريبا هذا الكتاب لنناقشه بعد أن ننهيه، لم نفعل بل افترقت الخطوات، كما تاهت فكرة مناقشة الموت التي زادت رسوخا في الأعمق مني حتى العظم واللغة، وتبخرت من تاريخها باحتضان الحياة، قرأت في الجرجاني وابن خفاجة، أقرأ فلا أشبع تماما، تبهرني كتب البلاغة والأسلوبية في كل الثقافات، كما قرأت كتبا لعبدالله الغذامي متعددة ، ولمحمد العباس، لأنني أحب ما ينتج هذان الناقدان ولديّ معظم كتبهما.
ثم حين كانت تتصاعد حرقة الدماء، ويعتمر القلب غمامة سوداء، أترك الفلسفة والنقد لأهادن الروح قليلا فأقرأ في كتب صناعة الذات والحياتيات، «انس مشكلتك»، و«سلسلة أسرار الشخصية وبناء الذات»، و«معالجة نقص التركيز والاكتئاب» وغيرها سلاسل كثيرة اقتنيتها على فترات متباعدة، وتستطيع من خلالها أن توهم نفسك بالقليل من الحياة والتنظيم الداخلي والثبات والتوازن، تماما كما الشعر الذي قرأت كثيرا هذا العام، حيث قرأت معظم ما كتب أو وقع تحت يدي لسركون بولص، ولسعدية مفرح، وسوزان عليوان، ونبيلة الزبير، ودخيل الحليفة، وظبية خميس، وميسون صقر، وقاسم حداد.
قرأت أيضا كتبا وصلتني بالبريد كإهداءات، وتصفحتها وأجلتها في ما مضى، أهمها ثلاثية سيرة افتراضية لحامد بن عقيل، ومجموعات شعرية لفاطمة ناعوت، ولوليد علاء الدين، ولسعد الياسري، وخلف الخلف، ورواية «المنبوذ» لعبدالله زايد. عادة هذه الكتب أقرأها بمجرد ما تصل كم أشعر معها بالامتنان، تماما كالكتب التي أهدانيها أصدقاء في بلادهم إذ زرتها؛ الجزائر الأردن والكويت والبحرين، وكلما تذكرت البلد هرعت لهذه الكتب، كي أصافح أرواحهم.
في العام الفائت جلست جلسة طويلة، مقرفصة ومحبة على أرصفة الوطن لأقرأ كل ما وقع في يدي من أعمال سردا وشعرا ونصا ونقدا، والتي معظمها كانت بتواقيع وإهداءات من أشقاء المكان واللغة، قرأت لسيف الرحبي من «نشيد الأعمى» حتى «السحرة ينادون بعضهم بأسماء مستعارة»، و«حياة على عجل»، ولسماء عيسى من «عابدات الفرفارة» حتى «غيوم» و«أبواب أغلقتها الريح» ولعبدالله حبيب من «قشة البحر» ، حتى «مساءلات سينمائية» و»تشظيات اشكال ومضامين»، وأزهار أحمد من «ممثلها» حتى «عصفورها»، و«رفرفة» و«غبار» بشرى خلفان، و«المرأة الواقفة تجلس» لزوينة خلفان، ومنامات لجوخة الحارثي، قرأت زهران القاسمي من «وعله» حتى «غناءه المشاء»، وبدرية الوهيبي في «سقوطها الجميل» وهدى الجهوري من «نميمتها المالحة» حتى «كل شيء لايبدو كما تريد»، وريم اللواتي في «بلاهتها» و«ذهولها الكوميدي»، وأكثر من كل هؤلاء، وكأنني كنت أثأر لسنوات عجاف من اللا قراءة للمشهد المتصل بالقلب!!
قرأت نصوصا ومقالات رقمية على النت، في «كيكا» و»جهة الشعر» وفي مدونات الأصدقاء، ومن خلال رسالة تصل لبريدي الالكتروني لتكون بوصلة لنص أو مقال رائع، لا يمكنني تجاهل هذه القراءات تحديدا، فهذه تشكل جزءا هاما من قراءاتي اليومية والتي أحرص عليها كي أكون ضمن الخارطة الكونية المتسعة.
ومع هذا فكانت كل هذه القراءات في زاوية وقراءة الروايات في زاوية أخرى، فلابد من الرواية وإن ضاق الوقت؛ كتنويع على مقولة أخرى عن صنعاء، الرواية صديقتي الأقرب ومتعتي الأحب، ولابد من رواية ترافق الزمن كرسغ اليد، قرأت روايات قديمة لدي وأخرى جديدة اشتريتها مؤخرا، وبعضها أهدي إليّ، «النعنع البري» الرواية التي لا أمل منها وأقرأها كل عام مرة، وأعدت قراءة «زوربا»، وقرأت «النفق» لأرنسو سابتو، و«نارة» لسميحة خريس ، و«طفل الرمال» للطاهر بن جلون، و«صوفيا» لمحمد حسن علوان، و«ثلج» لأورهان باموك، و«صورة عتيقة» لإيزابيل الليندي، والكثير من واسيني الأعرج الذي تواسيني لغته و.....الخ، قرأت الكثير من الروايات ولا يزال البعض منها يجلس على الرف معاتبا، والبعض يستحلفني إعادة قراءته، ويعرف أني أعترف بالتقصير، وأنني في غاية الشوق لعناقه، ولا شك أنني سأفعل ما أتاح لي العمر، لأنني أبحث عن حيوات أخرى، وليست هذه الحياة إلا في الكتب وفي الكتب فقط، ومع هذا فكثيرا ما يقف المزاج، وتقلبات الكائن، حائلا دون الكثير من الأمنيات، كما أن الوقت والعمر المحدود لن يسعف إلا بالقليل من الأحلام في كل شيء حتى في القراءة!!

الحب في المنفى جوع تغريدة البجعة
عبدالعزيز الفارسي


كان هذا عام قراءة الروايات بالنسبة لي، فقد طغت القراءات الروائية على كل شيء عندي في هذه السنة رغم النيّة التي بيّتها في بداية السنة بالقراءة المتزنة في شتى فروع الفكر والأدب..لكن للرواية طعم خاص يأسر الروح ويقودها إلى العوالم البهيجة. وما سأرشّحه هنا من أعمال روائية إنما أرشّحها بقلبي الذي استشعر لذتها وبقت هذه اللذة مشتعلة من لحظة الفراغ من قراءة تلك الأعمال – في أوقات متفاوتة جدا- حتى هذه اللحظة.
إنني أود أن أسطر إعجابي الشديد بالرواية الرائعة لمحمد البساطي المسماة « جوع»، التي ترشّحت للقائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية في العام الماضي..وكم تمنّيت حقاً لو فازت هذه الرواية لأنها في رأيي أفضل بكثير من رواية «عزازيل» التي يغلب عليها التكلّف والصنعة والرغبة في التأريخ، والتي أثقلتها وجعلتها مملة بالنسبة لي. أما «جوع» محمد البساطي فهي مدرسة في البساطة... البساطة في السرد والبناء، البساطة في الابتعاد عن العقدة المحورية للنص الروائي، والبساطة في رغبتها تصوير الواقع لا أكثر بعيداً عن الأهداف الاجتماعية أو الإصلاحية..إنها رواية بطلها الجوع تصّور عائلة ريفية هدفها الأغلى في الحياة أن تسد جوعها..هذا الجوع لم يمنعها من التقاطع مع شخصيات خارجية وأسر أخرى..وفي هذا التقاطع مشاهد رائعة تحلل كل علل المجتمع وتهاوي قيمه القديمة بصورة محايدة جداً لم يحمّلها البساطي فوق طاقتها. الجميل في الرواية هذا الطرح الذي يجعل الجوع شيئاً معتاداً يأتي بتلقائية ودون افتعال. إني أنصح كل قارئ أن يحتفظ بنسخة خاصة له من هذه الرواية صغيرة الحجم، عظيمة الفائدة على المستوى الإنساني. وأن يقرأها كلما أراد أخذ جرعة من البساطة العميقة المفعول.
ومن الروايات الجميلة التي قرأتها أيضاً رائعة بهاء طائر.. رواية « الحب في المنفى «أعترف أني تأخرت كثيراً في قراءة هذه الرواية، لكن الأشياء الجميلة تستلزم في بعض الأحيان عمراً بأكمله لنكتشفها. إن سرد بهاء طاهر خلاّب دائماً، ولا يجد أي صعوبة في إدخال القارىء إلى جو الرواية من الصفحات الأولى.. وهذه الرواية البديعة التي ترصد تهاوي الأحلام، والخيبات الفردية والجماعية بنقد ذاتي صارم، وسخرية مريرة، وتسقط بظلالها على الساحة العربية، تفنّنت في رسم شخصية البطل الناصري الذي توافق النفي المقنّع مع رغباته هرباً من فشله على الصعيد العائلي والسياسي. أجمل ما يميز بهاء طاهر قدرته المتجددة على رسم الحب.. فأنا تمنيت مراراً أن أكون أحد أبطال روايته لأكون صاحب مشاعر الحب التي يرسمها بهاء طاهر باختلاف وتجدد في أعماله.. إنه شعور الامتلاء بالحب حين تقرأ ما يأخذ بتلابيب قلبك ويجعلك تتبعه دون خوف. الغريب في الرواية أنّها نبّهتني إلى نفس المشاعر العاجزة أمام العدوان الغاشم..فهذه الرواية التي تدور أحداثها في عام 1982 م، جعلت محوراً لأهم أحداثها غزو اسرائيل للبنان، ومذابح صابرا وشاتيلا..وحين كنت أقرأ وصف بهاء طاهر للتقارير الصحفية حول جرائم الحرب التي لم تكن معلنة آن ذاك – حسب الزمن الروائي – وجدتني أشاهد ما حدث لغزة بعد أكثر من عقد على صدور رواية بهاء طاهر..نفس الوحشية التي لم تعلّمنا شيئاً ينعكس على تعاملنا مع القضايا الكبيرة.. ونفس العجز الذي لم نفارقه لحظة. إني أحب في روايات بهاء طاهر هذا المنهج الفسيفسائي الذي ينهل من كل حقول المعرفة والحياة ثم يصوغ لوحة بديعة تتقاطع فيها كل تلك المعارف والأفكار حتى لتشعر أنه لا يمكن أبدا فصل هذه الرؤى عن بعضها . أعترف أني لم أقرأ لمكّاوي سعيد شيئاً قبل « تغريدة البجعة «..لكن هذا العمل الذي ترشّح أيضاً للقائمة القصيرة لجائزة البوكر في الدورة الأولى عمل بديع جداً ويستحق الإشادة. إنها رواية التحوّلات.. تتخذ من وسط القاهرة مجتمعها الروائي .. ولهذا المجتمع ميزة صهر الجميع في نفس البوتقة، وفي الداخل نجد أن لكل بطل سماته الخاصة التي تبرر انتقاله من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. إن أجمل ما في الرواية هي تلك السخرية التي تناول بها مكّاوي الكثير من المشاهد..سخرية لاذعة، ولكنها معقودة الحاجبين، تنظر إلى الواقع بجديّة، وترصد كل التحولات الخطيرة التي مرّت بها. يطل الحلم والواقع على كل شخصية كصنوين، ويتمزجان حينا فيبدأ التيه داخل الروح والوطن ولا شيء أكثر . إن الهم الأكبر في الرواية هو البحث عن الوطن أو ما تبقى منه.. وكل الرحلة بدءأ من اللامبالاة، مرورا بفورة الشباب وثوراتهم، ونضال العمل، ثم اللامبالاة مرة أخرى ما هي إلا نوبات تغريد لبجعة تائهة في المحيط ولا تدري كيف الوصول إلى وطنها من جديد. إنها حقاً رواية جميلة تستحق القراءة .

كتب توقظ عوالم المتعة
هلال البادي


لا شيء أجمل من قراءة كتاب، وقد كنت أظن أن الكتابة هي المتعة الأكبر، ولكنني كلما قرأت كتابا جميلا اكتشفت أنني مخطئ، وأن الكتب قد تمنح الواحد منا متعة لا نهائية، بلا أي حدود، خاصة في حالة التماهي مع الكتاب الذي نقرأ، في حالة أنه أثار الأسئلة، والخيال. وبرغم الانشغالات الحياتية الكثيرة، التي تقضي على وقت الإنسان وجهده، إلا أنه ينبغي للواحد منا أن يسرق بضع ساعات كي يقرأ، ويطالع عوالم جديدة من خلال الكلمات.
هذا على الأقل ما قدمه كتاب كالصندوق الأسود الذي هو عبارة عن حوارات مع أناس قد لا نصدق أنهم منا، وقد عاشوا كل تلك التجربة قريبا جدا منا، وقد نخالهم أبطالا في فيلم أمريكي عن الجاسوسية والأكشن، ولكنهم كانوا فتية آمنوا بقضيتهم وسعوا إلى أن يفعلوا المستحيل من أجلها: وديع حداد، أنيس النقاش، كارلوس، أسماء قد يكون التاريخ غمرها تحت أسماء تدعي أنها هي كل الحقيقة، فيما هؤلاء كان لهم دور أيضا، وآخرين فتح الكتاب العين عليهم.
وهذه سمة كتب لا تحاول أن ترتدي مذهبا أدبيا أو تاريخيا معينا، وإنما تختار أسلوبها الخاص، فتنقلنا عبره إلى تلك الأجواء التي تساقطت في الذاكرة الجمعية، وربما يكون الكثيرون قد لا يعرفون اليوم عنها أي شيء.
ولعل أول ما كان يجذبني أن أقرأ هذا الكتاب هو عنوانه، وغلافه الجميل، وقد تساءلت حول الاسم وما يعني؟ ثم بعد القراءة أدركت أن الطائرات هي السر، ولذلك كان لا بد من صندوق أسود كي نعرف ما حل بتلك الطائرات من عقد السبعينيات وأولئك الذين كانوا قادة السماء في تلك الآونة.
وإذا كان الصندوق الأسود يريد أن يحكي عن الناس الذين قد يكون البعض نسيهم، فإن علي بدر في روايته الركض وراء الذئاب كان يحاول أن يعثر على آخر البعثيين الفارين إلى أثيوبيا منذ السبعينيات.
هذه هي الرواية الأولى التي أقرأها للروائي علي بدر، وقد أذهلني هذا الكاتب الساخر، فقررت أن أقرأ له (بابا سارتر) التي هي الأكثر شهرة بالنسبة له، والتي قدمته بشكل جميل للقارئ.
وفعليا كانت واحدة من الروايات المذهلة، التي تماهيت معها كثيرا، لأبحث عن عمل روائي آخر له، حتى وصلت إلى روايته قبل الأخيرة (حارس التبغ) التي كانت في القائمة الطويلة لجائزة البوكر في عددها الثاني، وكم كانت ممتعة هذه الرواية وغريبة، وهذا هو سر علي بدر، الذي يعرف كيف يمازج الواقع بالخيال، ويجعل من الوثيقة نقطة انطلاق روائية آسرة، فلا تعرف كقارئ أين تقف ساعتها؟ هل فوق السحاب، أم على الأرض؟
لقد اتخذ هذا الكاتب لنفسه سلوكا كتابيا خاصا، حيث يظهر هو ككاتب وروائي في الروايات التي قرأتها حتى الآن، وبالطبع بشكل لا يخل من العمل الروائي لديه، بل يضيف إليه.
ولعلي سأجد تقاطعا وتشابها مع عمل روائي آخر استمتعت بقراءته: همس الجسور، لعلي المعمري، حيث الروائي حاضر وبقوة في هذا العمل، وحيث إنه يخلط الأوراق فلا تعرف أين التوثيقي والحقيقي من الخيالي الروائي..
وإذا كنت استحضر الرواية والسرد كأساس اعتمدت عليه قراءاتي في هذا العام الذي يمضي، فهذا ليس لأني لا أحب قراءة كتب أخرى، بل لأن مثل هذه الكتب هي ما استطاع أن يوقظ أشياء فيّ، أن يجعلني أغوص في عوالم ممتعة من الجمال.

أدلل نفسي بين التوحش والجمال
سعيد الهاشمي

القراءة هي الرئة التي أتنفس من خلالها كمية الهواء الذي يبقيني أحيا حياتي بكثافة وحب، لذا أدلل نفسي بالمتنوع، والباذخ من هذا الهواء. كما أني أؤمن بأن السنوات تقرأنا كذلك عندما تتيح لنا فرصا نادرة وصادقة لمصاحبة كتاب، أو التحليق في أفكار إنسان مر بهذه الحياة، وأرسل لنا ما يحب، وما يكره.لا أطيل العلاقة مع الكتاب الذي لا يأخذني إلى عالمه ويمنحني جزءا من حياته، على الرغم من أن هذا النوع من القراءة لا يحبذه عالم التخصص الذي التصقت به اختياريا، إلا أني أحاول أن أروض ذلك التوحش، وتلك الجدية بما علمني إياه عالم الأدب، وبخاصة فضاءات الشعر، وسماوات الرواية.
وعام 2009 كان كثيفا بهذا النوع من الجدال بين الجدي، والوجداني، بين التوحش والجمال؛ لأن المزيج الذي أسعى لاحتسائه يستحق مني الصبر، والأناة، والحلم، وإن بدا في ظاهره صعبا، متناقضا. لكنه في داخلي يحقق لي الهدف الذي أرنو إليه؛ تحرر العقل، وتفاؤل الإرادة.
من أقرب ما قرأت إلى قلبي هذا العام كتاب «لهب شمعة» لجاستون باشلار، فهذا الشاعر ، العالم الفيلسوف أوقد في خاطري لهباً يعكس أخلاق السعادة التي نفتقدها في زمن الليزر والنيون. كتاب آخر أعدت قراءته فأورق في داخلي الكثير من الخيرية، إنه « أصول فلسفة الحق» لهيجل، وهو تحليل عقلي لمؤسسات المجتمع: الأسرة، المجتمع المدني والدولة.على صعيد الرواية فقد كنت محظوظا بصحبة توفيق يوسف عواد في ملحمته«طواحين بيروت» والتي تستشرف المشهد اللبناني والعربي قبل أربعة عقود. كتاب آخر أعاد لي رسم الأشياء من جديد، إنه «فن الحب» لإرك فروم، فالحب كما يراه فروم ليس إحساسا عاطفيا يمكن للإنسان أن ينغمر فيه بسهولة، إن الحب حفرٌ في الشخصية الإنسانية لتنتج التواضع الحق، والشجاعة والإيمان والنظام. في انتظار مغامرة عام 2010 ليطوف بي في عوالم جديدة، وحيوات ملونة.

هل ستسير الأمور لصالح القراءة ؟!
عاصم الشيدي

هل علي أن أعترف الآن أنني أشعر بالخجل كثيرا عندما أقف أمام مكتبتي الصغيرة لأنني لم أستطع بعد أن أقرأ ما اقتنيته من كتب قبل عام ونيف، في نهاية الأسبوع عندما أعود إلى البلد أقول أنني سأعود بمجموعة كتب إلى مسقط لأقرأها خلال أيام الأسبوع، ولا يحدث ذلك عادة وإن حدث فإنني أكومها في غرفتي فوق سطح من سطوح مسقط. وحدث أن تجمعت مجموعة كبيرة من الكتب إلى أن أكلتها الرمة ذات غفلة من أمري. شعرت بالقلق والخوف فاحتضنت كامل مكتبتي في مسقط وبدأت بفعل القراءة التي ما زالت تبحث عن الديمومة والانقطاع لها بعد أن بدأ فعلها السلوكي بالتلاشي شيئا فشيئا.
كانت رواية " جنوب الحدود غرب الشمس" للياباني هاروكي موراكامي من أجمل الروايات الجميلة التي قرأتها هذا العام وما زالت في ذاكرتي، لا أعرف حتما لماذا رغم أنني قرأت روايات مترجمة كثيرة هذا العام. الرواية تحاول النبش في أزمة منتصف العمر، الأزمة التي نحاول فيها إعادة مسار الزمن والقفز على طبيعة الأشياء لكننا لا نحصد في النهاية سوى الألم. الألم الذي بحثنا عنه بأنفسنا حينما اكتشفنا خيباتنا وهزائمنا التي لا تزال تدمينا. ربما لكل ذلك أحببت هذه الرواية وعلقت في ذاكرتي.
ومن الكتب التي استمتعت بقراءتها خلال هذا العام كتاب " الرمال العربية" لويلفرد ثيسجر الملقب بمبارك بن لندن، ورغم أنني كنت قد قرأت الكتاب في مرحلة مبكرة إلا أن منحنى القراءة كان سطحيا جدا . فالقراءة الأخرى للكتاب يحيلك إلى عوالم لم تكتشفها من قبل، وربما هذا امر طبيعي وليس له علاقة بسطحية القراءة وربما الوعي بها لأن الكتب العظيمة دائما ما تكون قابلة للقراءات التي تتطور بتطور الوعي بها. لكني أستطيع القول بثقة أن الرمال العربية كتاب خالد يكشف الكثير من أنثربولوجيا الربع الخالي، وبالتالي الإنسان الذي عشان في تلك المرحلة من تاريخ المنطقة.
ومن الروايات العمانية التي أبهرتني كثيرا وقرأتها هذا العام رواية " همس الجسور" لعلي المعمري. ورغم أن الرواية تتماس في الكثير من جوانبها مع رواية " وردة" لصنع الله إبراهيم إلا أن علي المعمري كانت له عوالمه الخاصة التي استطاع أن يبدع من خلالها ويبهر القارئ ويمسك بحدقة عينيه منذ الصفحة الأولى في الرواية إلى الصفحة الأخيرة، رغم الكثير من المفاجآت التي حفلت بها الرواية والتي قد يخيل للقارئ أنها لم تخلو من تدخل الكتاب، إلا أن العمل يعد من الأعمال المتميزة في الرواية العمانية.
ولا أنسى الرواية المتميزة الأخرى للصديق محمد بن سيف الرحبي " الخشت" الرواية التي استطاع الرحبي فيها توظيف لعبة تقليدية معروفة في السلطنة في بنائه الروائي. أكثر ما أعجبني في رواية الخشت بناءها الروائي حينما تنظر إليه وفي ذهنك لعبة " الخشت" هذا البناء ربما هو المدخل الجمالي لقراءة الرواية من ناحية المتعة القرائية أو من ناحية فنيات وجماليات العمل الروائي.
***
أعرف أن إحراجي سيكون أكبر في العالم القادم أعرف ذلك يقينا لأن كتبي تحيط بي في غرفة نومي أراها قبل النوم وحينما استيقظ . لكن هل تصدق أيها القارئ أن ذلك فال طيب لي فقد أمسكت من أيام بكتاب أدونيس " الثابت والمتحول" وبدأت أعيد قراءته وحتما سيكون ذلك بوعي مختلف فيما تنتظرني مجموعة كتب لعلي حرب أتمنى أن أنجزها مطلع العام القادم.
لكن هل سيحدث كل ذلك ، وهل ستكون الرغبة في القراءة رغبة مستمرة مع كل ما يمكن أن يحدث خلال العام القادم. أتمنى أن يكون عام قراءة بالنسبة لي قبل أن يكون عام كتابة.

كل الأسماء.. من مفرق شعرها إلى رقبته
عبدالحكيم عبدالله


لا أتذكر تحديدا ما قرأت خلال هذا العام، وإن كان ما قرأته قليلا، ولكن لأتحدث عن أكثر ما أعجبني من قراءاتي في هذه السنة. كان الكتاب الأول هو رواية (كل الأسماء) للروائي البرتغالي جوزيه ساراماجو الحاصل على جائزة نوبل للآداب. هذه الرواية المذهلة والرائعة عشت في أجوائها متماهيا في زخمه السردي الآسر، مع الشخصية المحورية والمركزية التي تدور حولها الرواية، وهي شخصية (دون جوزيه)، إنها قصة هذا الرجل البسيط والموظف الصغير الذي يعمل في تلك المؤسسة المسماة بـ(المحفوظات العامة للسجل المدني) وهو في الخمسين من عمره، يقع في حب امرأة مجهولة ليس لها وجود سوى في بطاقة على رفوف السجل المدني في أرشيف تلك المؤسسة. إنه لا يتمكن من التخلص من سطوة الرغبة الملحة في البحث عنها ومعرفة تفاصيل حياتها. ومن هنا تبدأ رحلة البحث عن المرأة المجهولة ونستمتع نحن القراء بذلك السرد الباهر الرائع ونحن نمضي مع دون جوزيه في رحلته المضنية في البحث عن الآخر، وهو في الحقيقة كأنما يبحث عن ذاته هو.
أعجبني كثيرا الوصف الحقيقي للمكان عبر صور بصرية لم تغفل جزئيات المشهد لينتقل القارئ إلى مكان الحدث، ومعايشة الحياة الصغيرة التي يحياها دون جوزيه في مكان عمله وفي شقته الصغيرة الملحقة بتلك المؤسسة.
تأثرت انفعاليا مع شخصية الرواية في المشهد الذي ينام فيه مهدود الجسد ومصابا بالبرد مستلقيا على ظهره، متذكرا ما مر به من تعب ومعاناة، ويبكي على نفسه مشفقا على حاله، يتحدث مع سقف الغرفة حديثا مطولا وحوارا مؤثرا.
والكتاب الثاني الذي أعجبني كثيرا هو المجموعة القصصية (صبي على السطح) لجوخة الحارثية. قرأت قصص جوخة في هذه المجموعة باستمتاع بالغ ووقعت في أسر السرد البارع والسلاسة الرائقة في الحكي. أتابع كل كتابات جوخة لأتذوق جمال الكلمة عندها، وهي لا تخذلنا أبدا، ففي كل نص ترشنا بماء الدهشة. وأرى أن جوخة قد اكتسبت حكمة وحنكة الكبار مبكرا، وعملت بصبر وذكاء على تطوير أدواتها دون الوقوع في إغراءات النشر المتعجل والظهور الباهت الذي قد يقع فيه الكتاب الشباب.
وفي هذه المجموعة الجميلة (صبي على السطح)، وجدت المتعة القرائية في جميع قصصها، وأكثر ما أعجبني فيها قصة (صبي على السطح)، إنها قصة مذهلة في بساطتها ومثيرة في حدثها المتوتر وتلك الشحنة من الانفعالات. لا يمكن أن يبقى تنفسك منتظما وأنت تمضي مع الصبي في متابعة تطور المشهد. وكم كانت جوخة بارعة في إثارة الرهبة في قلب القارئ وهي تزرع الألغام في أرض تظنها آمنة، فإذا بها تطلق عليك نار المفاجأة من وراء الجدران الصامتة. كنت أقرأ مستغرقا في جو الحدث، وأتوقف أحيانا لأقرأ الجملة من جديد، فقط لأتأكد أن التوتر الذي أشعر به ليس من جراء إرهاق العمل، وإنما من جرعة الإدهاش في السرد الآسر.
يعجبني في جوخة براعتها في الحكي الهادئ والسير الصموت دون تعثر بعوائق من الإخلال في الصياغات والتداعيات المتكلفة، بل هي تمضي على رسلها دون التفات لتعجل القارئ المتلهف لمعرفة التفاصيل القادمة.
أحسدها على هدوئها المراوغ وهي تكتب لنا مثل (انساب العرق من مفرق شعرها إلى رقبته)، تصف هذا التماهي في المشهد بين الصبي وبين المرأة الراقصة، تركتنا في انبهار الصورة وهي غير مبالية ولا محتفية بمهارتها؛ لأنها تكتب بحماسة الشباب ولكن بروح الكبار من الكتاب وحكمتهم وحنكتهم.

أيها الغبي: من سيقرأ كتاباً باللغة العربية في كمبوديا؟
ناصر المنجي


بدايةً لم نعد فئران كتب كالسابق نظراً لظروف الحياة وقساوتها، أحياناً أجلس أمام مكتبتي فقط لأزيل الغبار حتى إنني تخيلت أنها قبور، ولكن ولله الحمد كان عام 2009 عودة جميلة للقراءة مجددا، رغم أنني سابقاً وخلال الأعوام المنقضية من عمري لم تخل يدي وعقلي من كتاب أقرأه أو أتمنى قراءته، خلال هذا العام قرأت كتاب كنت أقتنيته عدة مرات وكلما قرأت جزء منه فقدته أو سرقه أحدهم (لم أكن أنا) أو ربما نسيته، وهو كتاب تاريخ الملح لمؤلفه مارك كيرلانسكي، كتاب جميل وشيق ورائع لشيء لا نتبه له في حياتنا رغم أهميته، كتاب شعري بامتياز شديد، الملح صنع حضارات وليس مادة للطبخ وتاريخ العالم هو تاريخ الملح، الملح دين وليس مذهباً، والمفارقة الغريبة أنني نسيت هذا الكتاب في كمبوديا وغضبت كثيراً وبعدها ضحكت فمن أيها الغبي سيقرأ كتاباً باللغة العربية في كمبوديا ؟ ولكن هل النسيان أيها الغبي أيضاً متعمد، وكتاب آخر وهو رواية حياة باي ليان مارتل وهي رواية تريد أن تقول لك أن عليك أن تكون قارئاً بنسبة 70 بالمائة و30 بالمائة فقط هي ما يتبقى لتكون كاتباً، وكتاب شعري رائع وجميل أقرأه دائماً ولا أمل من قرائته وهو السفر الشعري (سيأتي الموت وستكون له عيناك) سيرة مائة وخمسين شاعراً انتحروا في القرن العشرين، ترجمة جمانة حداد، وسأظل أقرأه دائماً، كتب كثيرة أو قليلة ولكن دائماً ستظل المعرفة ناقصة.

كم يلزمنا من تركيز لتدمير مبرر وجودنا
سعيدة بنت خاطر الفارسي


أفضل ما قرأت عالميا هذا العام: هو كتاب مختارات من الأدب الصيني الحديث الصادر من وزارة الثقافة، الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة، ترجمة الأديب والناقد ربيع مفتاح وأسباب تفضيلي للكتاب كونه يعرفنا على عالم طالما جهلنا إبداعاته الثقافية.. وهو بذلك يمدّ الجسور بين القارئ العربي وثقافة من أعرق الحضارات الإنسانية العالمية هي الثقافة الصينية هذا بالإضافة إلى نضج ذلك الإبداع وارتفاع الحساسية الشعرية به والقيمة الفكرية.. كما أعجبني كتاب (المياه كلها بلون الغرق /أو مقايسات المرارة) للكاتب: أميل سيوران الفيلسوف الروماني ترجمة الشاعر التونسي آدم فتحي والصادر عن منشورات الجمل، ألمانيا.. والكتاب يحتوى على خلاصة فكر سيوران وحكمته الحياتية العميقة وقد كتب بلغة جميلة آسرة كقوله (كم يلزمنا من تركيز وصناعة وحصافة لتدمير مبرر وجودنا) أما عربيا فقد أعجبتني رواية عزازيل ليوسف زيدان الصادرة من دار الشروق، القاهرة، وقد أعجبتني كثيرا وذلك لأنها عمل مبدع مكتوب بحساسية مرهفة تمتزج فيها العاطفة بالمتعة وعمل يتضمن دراسة في نشأة وتطور الصراع المذهبي بين الطوائف المسيحية في المشرق، إن الكاتب يوسف زيدان يتميز بالموهبتين موهبة المبدع وموهبة الباحث وكثيرا ما تتداخل الموهبتان في هذا المجال كما قال عن هذه الرواية المرحوم الأديب سامي خشبة. كما أعجبني الكتاب النقدي المميز(مخاضات الخطاب الشعري المعاصر، مقاربات أسلوبية، وقراءة في التقنيات والخرائط) للزميل الناقد د.حسام عقل والصادر عن دار شمس للنشر والتوزيع، القاهرة وذلك لجودة المادة العلمية وتنوعها ونظرا لسعة ثقافة الكاتب الناقد وانفتاحه على الثقافة العالمية وتأصيله لثقافته العربية النقدية ولوضوح لغة الناقد العلمية ويسرها على المتلقي مما يسم الكتاب بالمتعة الإبداعية والفائدة العميقة. وعلى المستوى المحلي استمتعتُ بقراءة حكايات جدتي حكايات شعبية من ظفار للكاتبة خديجة بنت علوي الذهب الصادر من دار الانتشار العربي، بيروت إصدارات النادي الثقافي وتأتي أهمية الكتاب في جمعه لتراث الحكي والحكايات للأطفال من تلك المنطقة، وما يحمله من مزاوجة فلكلورية أسطورية تخيلية تجذب خيال الطفل واهتمامه، ورغم أن الكتاب بحاجة إلى نظرة تربوية نوعا ما وذلك لتخليصه من بعض الهنات التي لا تتناسب مع بعض السلوك التربوي، لكنه في مجمله عمل ممتع يستحق الإشادة والقراءة.

لِمَ لم يقدر كتاب عماني على التربع طويلا بين ناظريّ؟
يونس البوسعيدي


أُحِسُّ أنّ هذا السؤال صعبٌ عليَّ جِدًّا، ليس لأني قارئٌ غير شَرِه، كما أني بطيء القراءة، وخصوصًا أني لا أتذكر أني أنهيت قراءة كتاب من الغلاف إلى الغلاف منذ دراستي المنتظمة إلى اليوم، إنما أقرأ باجتزاءٍ منه، كما أني كيف أُصنّفُ الكتاب بأنه أفضل مِنْ غيرِه، هل بمقولةِ (اللهم هذا قسمي فيما أملكُ، ولا قسَم لي فيما أملكُ) أم بأيهم أفضلية في التخصصات التي أُحبُّ عادة قراءتها، أم الكتب التي سارت بها ركبان المدح والألسن و الإنترنتِ إنها جميلة.. سأكونُ مغايرًا وأقولٌ أنني قلبٌ شديد الحنين، فالكتبُ التي تلقفْتُها أول صباي، هي الكتب التي ما فلتت بعْدُ مِن راحة يدي، فلا أظنُّ أنّ شهرًا يمضي وأنا لا أقلّبُ صفحاتٍ من كتب (في ظلال القرآنِ لسيّد قطب) أو (الجنة في وصفِ الجنة للشيخ اطفيش) أو (قناطر الخيرات للشيخ أبي طاهر إسماعيل الجيطالي) أو (تحفة الأعيان للإمام السالمي) أنا دائم الرجوع لقراءة هذه الكتب، وقضيتُ أيامًا غير معدودة من سنة 2009م وأنا أغتنم أوقات الفراغ بقراءة تلك الكتب بطريقة الحلوى، وهي الطريقة التي أنوي مغادرتها، والتي بها قرأتُ صفحاتٍ منَ الكتب التي أراها مهمّةً في حقولٍ معرفية متفرقة كالأدب والتاريخ والفكر الإسلامي وشيئ من أبجديات الفلسفة.
مع نهايات 2009م أصدر (خميس العدوي، وخالد الوهيبي وزكريا المحرمي) كتابهم «السنة الوحي والحكمة» وهو الكتاب الذي أحدَثَ صدًى طيبًا، ورواجًا لدى قرائه جذبني مغناطيسُه لقراءةِ فصولٍ عديدةٍ منه، مما يدفعني إلى اعتباره من أفضل وأجمل الكتب الفكرية الإسلامية العُمانية، لما احتواه من حداثةِ طرح، واقتراب لغته من لغة المتلقي البسيط، وجعلني أتمتمُ أن بمثل هذا الكتاب وتلك العقول التي ألّفته نستطيعُ إعادة القلم العُماني إلى الواجهة الفكرية التي اعتلى دستها ذات زمن.
أدبيًا وعُمانيًا، لم يوجد كتابٌ عماني قدَرَ على التربع لفترةٍ طويلةٍ بين ناظريّ ربما لأني في سنة 2009 كان اكتشافي المتأخر لمحمود درويش، وفي هذه السنة (غرقتُ) في أعماله الكاملة بأجزائها الثلاثة، وصاحبتُ لفترةٍ كبيرةٍ من 2009 مجموعاتِه الشعرية (سرير الغريبة، لماذا تركتَ الحصان وحيدا، لا تعتذر عما فعلت، كزهرِ اللوزِ أو أبعد، حالة حصار وجداريتِه )، عام 2009م شهد اكتشافا كبيرًا لي، وأنا أعتذر من نفسي ومن محمود درويش أولا أني اكتشفتُه متأخرًا، مجموعاتِه الشِعرية نافست على طاولتي المبعثرة ديوان أبي الطيب المتنبي. و2009 ما زلتُ أتجرع فشلي في الدخول إلى التمتع بقراءة عالم الروايات الأدبية سواء الأدبية أو العالمية، لولا بعض المجاميع القصصية العُمانية لما كان لي أي علاقةٍ قرائية قوية بهذا العالم الأدبي الذي يوصف بالساحر، في باريس التقيت بالروائي العربي الشهير محمد برّادة وتشرفتُ بإهدائي روايتِه (حيوات متجاورة) لكني إلى اليوم لم أكملها، كما أني لم أكمل سوى بعض الصفحات الأولى من رواية (واسيني الأعرج) التي نشرتها دبي الثقافية. دعوني أقول ببعض الصدق أنني وجدتُ بعض الانجذاب في (عبد الفتاح المنغلق لا يحب التفاصيل) لسليمان المعمري، وبصدقٍ أيضًا أقولُ أني أنتظر أنْ تقع بين يدي رواية هدى الجهورية، فأنا أعرف أن لهدى لغة وخيال يقدران على جذب المتلقي.
هناكَ كتب في حقول معرفية، بِتُّ أَضعُ علامة على الورقة التي أنتهي من قراءتها أو أحب العودة إليها، كتب فارقتُ معها طريقة القراءة بالحلوى، أحسستُ معها –بشكل استثنائي - أنها ستشكل لي زادًا معرفيًا، وفتحت عليّ شبابيك الأسئلة على مصراعيها، على عجلٍ أستذكر وبلا ترتيب لغة السياسة في الإسلام لبرنارد لويس والكتب الصادرة عن عالم المعرفة الكويتي (كتاب تراث الإسلام ، وكذلك كتاب مفاهيم قرآنية، والإنسان بين الجوهر والمنظر، ضرورة العِلْم، إرتقاء الإنسان،) أفول الأصنام لِنيتشة، وشيء من صفحات كتب أدوارد سعيد (الآلهة التي تفشل دائمًأ) وهذا الكتاب هو الكتاب الذي شدني أكثر من كتاب الاستشراق وهو الكتاب الشهير لإداورد سعيد، بالإضافة إلى كتب لأركون مثل (نزعة الأنسنة في الفكر العربي، وكتاب رهانات المضي وإرادات الهيمنة) وكتب د.محمد عابد الجابري وخصوصًا كتاب مدخل إلى التعريف بالقرآن الكريم، وهذا كتاب أنا أنصح جدًّا بقراءته إنه كتاب (يُنْضِجُ الفكر) .. كما أعجبني للدكتور محمد عابد الجابري كتابه (المثقفون في الحضارة العربية).
مع كل هذا أنا لا أخفي شعوري بالتحسر والأسى، لسبب بسيط، وهو ما ثمرة هذا التشتت غير المنطقي الذي أحسه في قراءةٍ غير منتظمة. هل لمجرد أنْ أغور بين أجنحةِ تلك الورق، لا أدري والله أعلم؟

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»