31 مارس 2010

فن القراءة: كتاب "القراءة الذكية" لـ(ساجد العبدلي)


قرأتُ عرضًا لكتاب يتناول موضوع القراءة وفنونها وأساليبها، ويبدو من خلال هذا العرض كتابًا شائقًا. العرض منشور في جريدة القبس الكويتية بتاريخ 30 مارس 2010. يمكنكم قراءته أدناه أو الاطلاع عليه من المصدر بالضغط هنا:

من خلال الإجابة عن: ماذا ولماذا وأين ومتى وكيف.. أقرأ؟
العبدلي يرسم خارطة طريق للقراءة الذكية



محمد حنفي
«بعد ثلاثة أيام من الانقطاع عن القراءة سيصبح الكلام بلا نكهة».بهذه الحكمة الصينية القديمة يبدأ د ساجد العبدلي كتابه الممتع والأنيق الإخراج «القراءة الذكية»، وهو من الكتب المطلوبة بشدة في هذه الأيام في عالمنا العربي حيث أصبحت القراءة بمنزلة فعل فاضح.
ولا أتفق أبدًا مع العبدلي في ما جاء في مقدمة الكتاب التي كانت بمنزلة تبرير من العبدلي لإصداره هذا الكتاب، فمثل هذه الكتب لا تحتاج إلى تبرير، فالعبدلي قام بما ينبغي أن يقوم به كل مثقف عربي مطلع في عالمنا العربي على الواقع المؤسف للقراءة والمأساوي للكتاب.

يقول المؤلف في مقدمة كتابه وكأنه يشير إلى هذا الواقع المأساوي للقراءة: «عندما قررت أن أكتب كتابا عن القراءة وجدت معارضة للفكرة ممن حولي، لأنها، وفق ما قالوه لي، لن تستهوي أحدا، ولن تجد لها جمهورا، وبالفعل فهذا الكلام منطقي إلى حد كبير، فكيف لي أن أقنع أناسا لا تقرأ، وربما تفعل ذلك لأنها لا تريد أن تقرأ أصلا».
هل القراءة هواية؟
عبر 100 صفحة من الإخراج النوعي يتجول الكاتب بالقارئ في رحلة مكونة من خمسة أبواب إلى عالم القراءة الذكية، يبدأ العبدلي الباب الأول من هذه الرحلة بالحديث عن «أهمية القراءة» وهنا يطرح السؤال: هل القراءة هواية؟ ويستشهد العبدلي بآراء عدد كبير من المفكرين والمثقفين للدلالة على أن القراءة أكثر من مجرد هواية نمارسها، وإنما القراءة هي الحياة، والقراءة السليمة هي فن الحياة.
إن العبدلي يرى أن القراءة تلك السنة الإلهية التي كانت أول كلمة في آخر رسالة (اقرأ) أدركها غير المسلمين وتناساها وأغفلها المسلمون في يوم من الأيام فكانت بداية النهاية للحقبة الماضية من عمر الحضارة الإسلامية.
ماذا ولماذا وأين ومتى وكيف؟
ويخصص د ساجد العبدلي الباب الثاني من الكتاب للحديث عن «فن القراءة» حيث يبدأ بتحديد خماسية فن القراءة: ماذا أقرأ؟ لماذا أقرأ؟ أين أقرأ؟ متى أقرأ؟ كيف نقرأ؟
ماذا أقرأ؟
يجيب العبدلي بأنه ينبغي قراءة كل ما نحبه ونستمتع به، وقراءة كل ما هو مفيد، كما يحذر من الفخ الذي يقع فيه الكثير من القراء وهو الرغبة في قراءة الكتاب كاملا، ويستشهد العبدلي بمقولة اوسكار وايلد: «إذا وجدت أنك لا تستمتع بقراءة الكتاب نفسه مرة بعد مرة فاعلم أنه لا داعي لأن تقرأه على الإطلاق».
لماذا أقرأ؟
يحدد العبدلي سبعة أهداف للقراءة: الرغبة في الاستمتاع والحصول على الثقافة العامة، استكشاف الصورة العامة للكتاب، المراجعة حيث يقرأ القارئ كتابا ويعود إليه بعد فترة لتثبيت ما فيه من معرفة في الذاكرة، البحث عن المعلومات، القراءة بدافع تدقيق المكتوب ومراجعته وتصحيحه كما يفعل المصحح اللغوي، الرغبة في السيطرة واستيعاب المادة المقروءة والقدرة على تذكرها، السعي لنقد محتوى الكتاب كما يفعل الناقد.
أين أقرأ؟
يحدد العبدلي مواصفات الجلسة السليمة للقراءة: فالمقعد ينبغي ألا يكون لينا ولا صلبا، وأن تكون القدمان ملامستين للأرض وان يكون الظهر مستقيما، كما يجب أن يكون المكان جيد الإضاءة والتهوية وأن تكون المسافة بين العين والمادة المقروءة في حدود 50 سم.
متى أقرأ؟
أفضل وقت للقراءة هي الساعة الذهبية، وهو الوصف الذي يستعين به العبدلي من د عبد الكريم بكار، وعلى القارئ البحث عن ساعته الذهبية هذه، وحين يجدها عليه أن يسارع فيحيطها بسياج من التقديس، ليمنع عنها المشاغل، ويحذر العبدلي من القراءة بعد أوقات الخمول وانحسار النشاط أو بعد تناول الوجبات الدسمة.
كيف أقرأ؟
يستشهد العبدلي بطقوس مجموعة من المفكرين في القراءة للإجابة عن هذا السؤال، فالشاعر شيللي كان يمزق أوراق كل كتاب يقرأه بعد أن يفرغ من قراءته ليصنع من الأوراق زوارق صغيرة يطلقها في مياه البحيرات والأنهار ليتفرج عليها وهي تبحر بعيدا.
أما الكاتب إدوارد فيتزجيرالد فكان يمزق الكتاب الذي لا يعجبه ويلقي به في سلة المهملات أو النار ولم يكن يضع في مكتبته إلا الكتب التي أحبها، بينما العالم داروين كان يقسم الكتاب إلى نصفين ويحمل كل نصف في جيب من جيوبه، وكان الكاتب الساخر برنارد شو يقرأ الكتاب أثناء ارتداء ملابسه، يلبس القميص ثم يجلس ليقرأ قليلا، ثم يرتدي البنطال ويعود للقراءة، ثم يلبس ربطة العنق ويعود إلى القراءة، وكان يفعل الشيء نفسه عندما يخلع ملابسه.
أساليب القراءة
يخصص العبدلي الباب الثالث من «القراءة الذكية» للحديث عن أساليب القراءة، فهناك قراءة الاستطلاع التي تعطي القارئ لمحة عامة عن الكتاب من خلال التعرف على قائمة المحتويات وعناوين الفصول والأبواب والصور والأشكال، وهناك القراءة العابرة التي يبحث القارئ من خلالها عن معلومة محددة أو إجابة سؤال، بينما القراءة التحليلية هي التي يستوعب القارئ من خلالها كل مادة الكتاب والنفاذ إلى أبعاده ودلالاته، والقراءة السريعة هي التي فرضتها تطورات عصر المعلومات وثورة الاتصالات والتي أصبح لازما على القارئ أن يتعلم كيف يزيد من سرعة قراءته ليواكب السرعة الفائقة التي تنتج وتنتقل بها المعلومات.
القراءة الذكية
يحمل الباب الرابع من الكتاب عنوان الكتاب نفسه» القراءة الذكية» وفيه يحدد د العبدلي خارطة طريق لهذه القراءة الذكية، يجب على القارئ أن يحدد هدفه من قراءة الكتب ثم عليه ألا يبتعد عن الهدف، وعلى القارئ الحصول على الخريطة الشاملة للكتاب بتفحص العنوان وقائمة المحتويات ومعلومات الغلاف وبيانات النشر، هذه الخريطة ستعطي القارئ القرار الواضح إن كان الكتاب الذي بين يديه سيوفر له ما يريد من معرفة أم لا وما إذا كان حقا يرغب في قراءته، فإذا قرر قراءة الكتاب فعلى القارئ أن يتفاعل مع ما يقرا فيعيش في عالم الكتاب وينصرف عمن حوله وان يضع علامات مميزة على تلك العبارات والأفكار التي تثير في نفسه التساؤلات أو الأخرى الجديرة بالبحث.
أنواع القراء
أخيرا يفرد د العبدلي الباب الخامس والأخير من كتابه لتصنيف القراء إلى سبعة أصناف:
العاجزون عن القراءة: الذين لا يستطيعون القراءة بسبب أميتهم وهذه الشريحة تمثل %43 من سكان العالم العربي.
القارئ الصدئ:الذي يجيد القراءة لكنه لا يقرأ معتذرا بأعذار كثيرة.
قارئ الديكور: الذي يصنع في بيته مكتبة مليئة بالكتب مما يعطي زائره الانطباع بأنه مهتم بالثقافة.
القارئ المتعالم: مثل سابقه جعل من داره مكتبة كبيرة لكنه تجاوز صاحبه فصار يدلي بدلوه في جلسات الثقافة.
المولع باقتناء الكتب: يقتني كل كتاب يسمع عنه أو يعرفه لكنه في غمرة انشغاله بتكديس الكتب لا يجد الوقت لقراءتها.
القارئ الناضج: الذي يمتلك حماسة صادقة للقراءة ويحرص على التنويع في قراءته .
القارئ الناقد: هو المرحلة المتقدمة التي تلي القراءة الناضجة .

كيف تقرأ بسرعة؟
• تأكد من سلامة نظرك فمشاكل النظر تحد من زيادة سرعتك في القراءة.
• لا تقرأ بصوت مرتفع فالقراءة الجهرية تستغرق الكثير من الوقت.
• استخدم دليل بصري تمر به تحت السطور فتمنع عينيك من التراجع عما تقراه.
• وسع مجال نظرك بحيث تلتقط وبنظرة واحدة عدة كلمات.
• عش مع المؤلف وأفكاره لكي تستغرق كليا في قراءة الكتاب وتزيد سرعتك.
• نوع من سرعتك بحيث يكون لكل مادة مقروءة سرعة معينة.

أرقام من الكتاب
• 1: عدد الكتب التي تصدر لكل ربع مليون مواطن عربي بينما يصدر كتاب لكل 15 ألف مواطن في العالم المتقدم.
• 6: متوسط الدقائق الخاصة بالقراءة للفرد في العالم العربي.
• 3000: عدد النسخ التي يقوم الناشر العربي بطبعها من أي كتاب.
• 50000: عدد الكتب التي تصدر في الولايات المتحدة كل عام.
• 300: عدد المقالات العلمية التي تصدر كل دقيقة.
• 10000: عدد المجلات التي تصدر في الولايات المتحدة وحدها.

أقوال ذكية
• يجب عليك قبل أن توجه الناس إلى قراءة الكتب العظيمة، أن تعلمهم حب القراءة» بوروس سكينر عالم النفس الأميركي.
• «إن من تيسرت له أسباب القراءة يصير ولا شك سعيدا لأنه يقطف من حدائق العالم» جون هرشل الفلكي والكيميائي الانكليزي.
• «القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة» عباس محمود العقاد الأديب المصري.
• «إن ارتفاع نسبة قراء الكلمة المطبوعة، هو الأساس الحضاري لتصنيف البلدان في العالم إلى دول متخلفة أو نامية أو متقدمة» أرنولد توينبي المؤرخ البريطاني.
• «إن الحكام الدكتاتوريين يخافون الكتب أكثر من أي اختراع بشري أخر على الإطلاق» ألبرتو مانغويل الكاتب الأرجنتيني.

الكتاب: القراءة الذكية
الكاتب: د ساجد العبدلي
الناشر: شركة الإبداع الفكري للنشر والتوزيع – الكويت
الصفحات: 100 صفحة

كيف تشتري كتابا؟
• توقف عند العنوان: لا تلتزم بالحكمة القائلة المكتوب يبان من عنوان.
• تعرف على المؤلف والناشر: ابحث عن المؤلف الموثوق به لكن تذكر أن هذا لا يعني ألا تشتري كتابا لمؤلف جديد، كما يجب أن تبحث عن دار النشر ذات السمعة الجيدة.
• أقرأ الغلاف: الكثير من أغلفة الكتب تعطي نبذة عن الكتاب والمؤلف وأقوال بعض المفكرين فيه.
• تعرف على تاريخ النشر: ابحث عن تاريخ النشر الأحدث خاصة عند اقتناء الكتب العلمية.
• اطلع على المقدمة وقائمة المحتويات: المقدمة تعطي عرضا مركزا لما يتحدث عنه المؤلف كما أن قائمة المحتويات ترشدك إلى موضوعات الكتاب إن كانت تهمك أم لا.
• استعرض فقرات انتقائية: مرورك بسرعة على بعض الفقرات الانتقائية تعطيك صورة عن محتوى الكتاب واسلوب المؤلف.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

29 مارس 2010

إصدارات: كتاب "تهويد القدس" لـ(أنور محمود زناتي)


صدر مؤخرًا عن مركز دراسات الوحدة العربية كتاب "تهويد القدس: محاولات التهويد والتصدي لها من واقع النصوص والوثائق والإحصاءات" للأستاذ (أنور محمود زناتي). وفيما يلي نبذة عن الكتاب من موقع المركز:

تستهدف المخططات الإسرائيلية تهويد مدينة القدس، من خلال مؤامرات عديدة ومحاولات يهودية، مستمرة، لتزوير هوية العاصمة الدينية والتاريخية والسياسية والاقتصادية لعرب فلسطين ومسلميها. وقد بدأت هذه المخططات الإسرائيلية الإجرامية بعمل "حفريات" تحت المسجد الأقصى، وبناء الكنس اليهودية، ومحاولات عدة لحرق وهدم المسجد واجتياحه، وحتى "تهويد السكان" عن طريق طرد العرب والمسلمين من المدينة، واستقدام يهود آخرين لتغليب تعداد اليهود فيها، ومروراً بـ "تهويد ملامح المدينة" عن طريق هدم المنازل وردم الآثار الإسلامية، وبناء مستوطنات على أنقاضها.

وتهدف هذه الدراسة إلى تقديم وصف وقائعي، يستند إلى أوثق المصادر الإحصائية المتوافرة، وتفنيد بعض الروايات المضلِّلة، وتحليل المضمون عن طريق استيعاب النصوص والوثائق والأرقام، ثم تحليلها.

وقد عُني الفصل الأول بالتشديد على عروبة القدس من خلال النصوص والمصادر اليهودية والتوراتية قبل العربية والإسلامية، وكلها تشهد بعروبة فلسطين، ومدينة القدس.

وجاء الفصل الثاني "آليات التهويد" ليبيّن الأساليب الإسرائيلية الشيطانية في التحريف والتزييف، حيث تتعرض مدينة القدس، بصفة عامة، والمسجد الأقصى المبارك، بصفة خاصة، لاعتداءات يومية من قِبَل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي تعمل ليل نهار على إزالة وطمس الهوية العربية – الإسلامية، لكي ينجح المحتلون في تركيب تاريخ يهودي مزوّر، وبالتالي فرض أغلبية يهودية مطلقة، وجعل القدس عاصمة الكيان الإسرائيلي، ومركز الحكم بحلول العام 2020، وتحقيق "حلم الآباء"!.


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

قراءات: رواية "Solar" لإيان مكيوان


(نُشر هذا العرض في ملحق شرفات بجريدة عمان بتاريخ 24 مارس 2010)

رواية كوميدية..بنكهة التغير المناخي
عرض لرواية "Solar" لـ(إيان مكيوان)


بقلم: جيسن كولي
ترجمة: أحمد حسن المعيني


إن رواية "شمسيّ Solar" رواية مراوغة وساخرة تدور أحداثها حول عالم فيزياء و زير نساء إنجليزي بغيض اسمه (مايكل بيرد)، ألفنا أمثاله في روايات (إيان مكيوان Ian McEwan)، حيث شخصية العالِم أحاديّة البعد التي تخدع نفسها بنفسها، مثل (جو روز) كاتب المقالات العلمية الذي يسرد رواية "Enduring Love" أو (هنري بيرون) جرّاح الأعصاب بطل رواية "Saturday"، ولكنهم جميعًا ليسوا كريهي الطباع مثل (مايكل بيرد). ربما كان يجدر بمكيوان أن يكتب شيئًا يخالف التوقعات، أن يختار لبطولة روايته عالِمًا يملك حساسية فنية عالية مثل صديقه العالِم (ريتشارد دوكنز)، أو فنانا ذا طلاقة في لغة العلوم مثل مكيوان نفسه. إذن فمكيوان ما يزال مصرًا على الثنائيات الحدية التي تثير اهتمامه حيث الصراع والتفاعل بين المتضادات، فدائمًا ما يضع مكيوان في رواياته المنطق مقابل إبطال العقل، والعلم مقابل الفن،والعقل مقابل الجسد، والتقانة مقابل الطبيعة.

و (مايكل بيرد) الذي نعرف في الرواية أنه حصل على جائزة نوبل في الفيزياء في شبابه لوضعه نظرية تُسمى "نظرية بيرد-آينشتين المشتركة" هو رجل قصير بدين أصلع، مزواج، كثير الرغبات الجسدية، قليل انضباط النفس، يستهلك الطعام والنساء والشراب بنهم دون تفكر في العواقب. وهو إنسان يهوى النزوات السريعة يرعبه الالتزام ويخشى أن يصبح أبًا، فيعيش ليومه ومتعة لحظته. وسلوكه هذا يُعد مثالا لفرط الاستهلاك البشري؛ فمثلما يلتهم بيرد كل شيء حوله، نحن كذلك نلتهم عالمنا بموارده المحدودة وأنظمته الحيوية الهشة.

أما السمة المميزة للرواية ونقلتها الكوميدية الرئيسة فتتجسد في أنّ بيرد النهم الأناني الفائق الاستهلاكية يصبح خبيرًا في التغير المناخي وعلاقته بتطور البشر. ومن خلال خبرته كعالم فيزياء وبعد ذلك انتهازيته في سرقة الأفكار البحثية لطالب دراسات عليا يعمل معه في معهد علمي نعرفه باسم "المركز"، يُكلف بيرد بإدارة برنامج لإنشاء طاقة متجددة رخيصة عن طريق عملية تمثيل ضوئي اصطناعية (كي تفهم هذه العملية تحتاج لقراءة الشرح العلمي في الرواية).

وأما المغامرة الكبرى التي يخوضها مكيوان فهي سرد هذه الرواية، والتي تقع في ثلاثة أجزاء وتحكي قصة تمتد ما بين عام 2000 إلى 2009 من وجهة نظر مايكل بيرد. وهذا الاختيار السردي موفق من ناحية النجاح في سرد الشروح العلمية، فمكيوان الذي يمتلك لغة الفنيين التهم كتب الفيزياء ودرسها جيدًا إلى مستوى يصل لمستوى الدكتوراة في الفيزياء، كما فعل في علم جراحة الأعصاب لروايته "Saturday"، وعلوم الموسيقى لروايته "Amsterdam" والبيولوجيا الجزيئية لرواية "Enduring Love". وهذا التعلم الذاتي لم ينعكس في سردٍ رتيب ثقيل، خاصة عند مقارنته برواية مثل "The Information" لـ(مارتن آميس)، حيث يبدو الحديث عن اللانهائية والثقوب السوداء والكواكب القزمة والفلك مُقحمًا وغير مقنع، في حين يبدو لدى مايكل بيرد جزءًا مُركبًا في وعيه.

في كتابات إيان مكيوان الأولى، في قصصه ورواياته القصيرة الغريبة التجريبية التي تحتوي على أبطال ذكور انعزاليين منحرفين جنسيًا، كان يكتب كما تُرى الشخصية من الخارج. وكانت شخوصه دائمًا ذكية جدًا، ذكورية على نحو عدائي، وكان دائمًا ما يتبع أبطاله الذكور الشباب في أفعالهم أكثر من أفكارهم، شارحًا اغترابهم وابتعادهم النفسي عن الواقع بطريقة تفصل نفسها عما تشرحه كمحققٍ يفحص جثة هامدة. كانت تلك الكتابات فارغة من العواطف، بحيث كانت قراءتها تبدو نوعًا من الفرجة على شيء ما. لقد كان مكيوان يبدو كأنه لا إحساس لديه تجاه شخوصه، بل كان يشرّحها كأنها فئران في معمل تجارب، وهكذا نجد، كما قال (جون أبدايك) عن مارتن آميس في سياق آخر: "مؤلفًا ذا عقل مشبع بالفظاعة"، إلا أنه يملك أسلوبا سرديًا قد يكون الأكثر انضباطًا ودقة واهتماما بالتفاصيل من بين جميع الروائيين البريطانيين المعاصرين.

إن أقسى روايات مكيوان، تلك التي يبدو فيها العنف فظيعًا وغير مبرر لأقصى حد هي رواية "The Comfort of Strangers"، وهي رواية قصيرة تحكي عن زوجين بريطانيين شابين منجرفين في أجواء من الوحشة والخوف، وتلك كانت نقطة التحول لدى مكيوان، حيث جاء بعدها بفترة طويلة من السكوت كاتبًا مختلفًا. لقد بقيَت نزعة القسوة، إلا أنها تشظت عند اصطدامها بإحساس أخلاقي وجمالي-وأنثوي أيضا- أكثر تعقيدًا. ومنذ رواية "The Child in Time" أصبح واقعيًا أكثر منه ما بعد حداثي، لديه نزعة القرن التاسع عشر في الاهتمام بالشخوص والأدوار المؤثرة والقصّ، وفي الماهيات والكيفيات والأسباب التي تغلف المآزق البشرية. وبالإضافة إلى ذلك فقد كان يكتسب اهتماما حداثيًا بالوعي، وبدأ يجرب طرقا مختلفة للتعبير عن جوهر ما أسمته (فيرجينيا وولف) "الجزء الحساس من العقل".

ومن هنا بدأ مكيوان يكتب من وجهة نظر داخلية، حيث الفكر يحدد السلوك، وبدأ أسلوبه يكتسب كثافة وصفية جديدة؛ فما كان يكتبه باختزال شديد أصبح يعبر عنه بتوسع وإسهاب. لم يعد مكيوان مولعًا بالصور المصغرة، إلا أنه كان ما يزال يهتم بالتفاصيل والتجارب المنغلقة على نفسها، كوصفه مثلا لركوب المنطاد في مقدمة رواية "Enduring Love"، أو اختفاء رضيع من سوبرماركت في رواية "The Child in Time" وهو مشهد يسجل حالة ارتباك قاسية تقطّع قلب أي أب أو أمٍ يقرآنه، أو ذلك المشهد الموسع في رواية "On Chesil Beach" حيث المتزوجان الجديدان "العذراوان" يحاولان ويفشلان في إتمام "الدخلة"، مما ينعكس سلبًا في عواقب وخيمة على حياتهما.

إلا أن الأمر الذي يجمع ما بين روايات مكيوان هو انشغاله بعشوائية السلوك البشري في عالم دارويني ما بعد ديني، ودائمًا ما يكون هناك حدث جلل مفاجئ غير متوقع أو إلغاز غامض مميت. في رواية "Solar" تأتي الكارثة حين يعود مايكل بيرد من رحلة إلى القطب الشمالي ليكتشف أن أحد طلابه في برنامج الدراسات العليا يلهو في منزله، فيبدو واضحًا أن هذا الطالب يقيم علاقة مع زوجة بيرد التعيسة المحبطة (حيث انتهت علاقة زواجهما إثر اكتشافها خياناته المتكررة)، وفي حالة الربكة تلك يقع الطالب أرضًا على رأسه "دون نفس، دون نبض". وبدلا من مساعدة الطالب أو طلب الإسعاف، يتدخل بيرد ليجعل المشهد يبدو وكأن الطالب قد قُتل، حتى يتهم أحد عشاق زوجته السابقين بقتله. ويستغل بيرد هذه الأحداث ليُخرج نفسه من زواجه، ويعاقب العاشق السابق، وينفخ الحياة في حياته العملية الساكنة وذلك بالاستيلاء على بحث الطالب في التغير المناخي والادعاء بأنه له.

تشبه هذه الرواية في أسلوبها رواية "Amsterdam" الفائزة بجائزة البوكر، خاصة في دقتها السردية وجوّها المؤنق ورغبتها في معاقبة الحمقى. ولكن "Amsterdam" كانت رواية قصيرة، بينما تبدو "Solar" وكأنها مُطّت لتصبح أكبر حجمًا، فالكثير من الجزء الأول الذي ينتهي بموت الطالب يبدو وكأنه تمرين على رسم المشاهد الطويلة دون غاية أو أثر واضح. أما القسم المطوّل الذي يحكي عن رحلة مايكل بيرد مع مجموعة من العلماء والفنانين والناشطين البيئيين إلى القطب الشمالي فكان الوصف فيه أكثر من اللازم، وهو يهدف في أغلبه إلى الإضحاك، حيث نجد مثلا بيرد يتبول خارجًا فيتجمّد شيئه، وفي مشهد آخر يكاد يتعرض لهجوم من دب قطبي. أما الكشف الفكري الرئيس للقارئ في رحلة القطب الشمالي فهو رؤيتنا كيف أن غرفة الأمتعة تتحول بعد أيام قليلة إلى فوضى عارمة، وهذا إسقاط على الجشع البشري حيث نأخذ نحن البشر كل ما نستطيع، متى ما استطعنا.

وفي الحقيقة فإنها مغامرة كبيرة أن يخلق الكاتب شخصية رئيسة كوميدية كريهة مشفقة على نفسها ذات أفكار شديدة التفاهة، ثم يترك القارئ هكذا متورطًا في صحبةٍ مع هذه الشخصية لحوالي 300 صفحة. في رواية "Atonement" نجد شخصية (بريوني) الروائية التي تهدف من كتابتها إلى "إظهار العقول المختلفة، حية كعقلها، تعاني من فكرة أن هناك عقولا أخرى حية مثلها". إن ما ينقص رواية "Solar" هو العقول الأخرى، الإحساس بوجود أشخاص آخرين غير بيرد حية مثله لديها شيء تقدمه. من دون هذه العقول يبدو الأمر -بعد فترة- وكأنك محبوس في غرفة صدى، لا تسمع إلا ترددات الصوت نفسه، تأوهات رجل بدين أناني في أواخر منتصف العمر ينخر في نفسه.



*نُشر هذا العرض في صحيفة "The Observer" البريطانية بتاريخ 14 مارس 2010، وهي ترجمة "بتصرف" حيث تم الاستغناء في الترجمة عن بعض الفقرات التي تفشي معلومات كثيرة عن تفاصيل الرواية، أو بعض المعلومات التي ارتأينا إمكانية الاستغناء عنها لأسباب تتعلق بمساحة النشر (المترجم).

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

23 مارس 2010

قراءات: كتاب "القوة الناعمة" لـ(جوزيف س. ناي)


(نُشر هذا العرض في ملحق شرفات في جريدة عمان بتاريخ 17 مارس 2010)


أن تكون قويًا دون دبّابات!
عرض لكتاب "القوة الناعمة"


أحمد حسن المعيني


لا بد أنك سمعتَ يومًا من أشخاصٍ أنّ الغربَ يحاول تدمير هوياتنا وقِيَمنا وديننا بما يصدّره لنا من "فجور وفساد"، أو سمعتَ المثقفين وهم يتحدثون عن الغزو الثقافي الغربي بنظرية المؤامرة وما إلى ذلك، إلا أننا نادرًا ما نجد من يحاول تحليل هذه الإطروحات وفق نموذج تفسيري إو إطار نظري واضح وموضوعي نفهم به الأمر كله في سياقه التاريخي والسياسي، إلى أن ظهر لنا (جوزيف س. ناي) بمصطلح "القوة الناعمة" عام 1990. وفي هذا المقال نستعرض كتابه الأخير "القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية" الصادر عام 2004، في ترجمته العربية التي أنجزها (محمد البجيرمي) وصدرت عن مكتبة العبيكان عام 2007. والمؤلف ليس مجرد مفكرٍ أو محلل سياسي، فهو عميد كلية كيندي للدراسات الحكومية في جامعة هارفارد، وكان رئيس مجلس المخابرات الوطني و مساعد وزير الدفاع في أميركا.

ولقد جاء هذا الكتاب ليوضّح مفهوم "القوة الناعمة" ويطوّره ويوضّحه بالأمثلة لأنّ الناس قد أساؤوا فهمه واستخدامه، وحصروه في نظرة سطحية لا تتجاوز تأثير الماكدونالدز والأفلام وتقاليع الأزياء وما إلى ذلك. أما التعريف الذي يضعه في الكتاب للقوة الناعمة فهو "القدرة على الحصول على ما تريد عن طريق الجاذبية بدلا من الإرغام أو دفع الأموال" (ص12)، وهكذا فهي تختلف عن القوة الصلبة المكونة من العتاد العسكري والثراء الاقتصادي واستعمالهما بالتهديد بالعقوبات أو الاستمالة بالمساعدات. أن تمتلك قوة ناعمة يعني أن تجعل الآخرين يعجبون بك ويتطلعون إلى ما تقوم به فيتخذون موقفًا إيجابيًا من قِيَمك وأفكارك وبالتالي تتفق رغبتهم مع رغبتك.

يبدأ الفصل الأول بتأصيل مفهوم القوة الذي يكثر الحديث عنه ويقل فهمه، وهو كما يقول المؤلف عبارة عن القدرة على التأثير في سلوك الآخرين للقيام بعملٍ ما يتفق مع ما نريده. بعد ذلك ينتقل الحديث إلى القوة السياسية الناعمة بالنسبة للدول، ليوضح أن بلدًا ما قد يكون قويًا ذا تأثيرٍ في السياسة الدولية "لأن هناك بلدانا أخرى-معجبة بمُثُله، وتحذو حذوه، وتتطلع إلى مستواه من الازدهار والانفتاح-تريد أن تتبعه" (ص24). وهكذا نفهم أنّ القوة الناعمة تعتمد على قدرة الدولة في صياغة رغبات الآخرين بعد أن تكون بمثابة قدوةٍ لهم يتبنون قِيَمها وأسلوب حياتها. ومن أهم مزايا القوة الناعمة أنها تغني عن استخدام أسلوب العصا والجزرة، وهناك دول لا تمتلك قوة عسكرية أو اقتصادية كبيرة، إلا أنها تتمتع بقوة ناعمة بسبب مشاركتها في قضايا عالمية جاذبة مثل محادثات السلام ومبادرات الحفاظ على البيئة ومكافحة الأمراض والأوبئة. ولكن ذلك لا يعني بالطبع التقليل من أهمية القوة الصلبة.

أما الفصل الثاني فقد يكون الأكثر إمتاعًا حيث يستعرض فيه المؤلف العديد من العوامل التي يمكن أن تكون مصادر ثرية للقوة الناعمة الأميركية. فمثلا تحتوي أميركا على 62% من أهم العلامات التجارية في العالم، وبها 28% من جميع الطلاب الدارسين خارج بلادهم، وهي أكثر دولة تستقطب المهاجرين وتنشر الكتب والمؤلفات الموسيقية وتنتج البحوث العلمية، إضافة إلى كونها أهم مصدّر للأفلام والبرامج التلفزيونية. ولكن المؤلف لا يقف هنا بل يذكر أيضًا العوامل المنفرة من أميركا، ويوضّح أن وجود تلك المصادر الجاذبة لا يعني بالضرورة إنتاج قوة ناعمة متحققة، لأنها يجب أن تتناغم مع جاذبية السياسة العامة للبلد، فمثلا رغم الإعجاب الجماهيري العالمي بعلوم أميركا وتقانتها وأفلامها وموسيقاها إلا أنها خسرت كثيرًا من جاذبيتها في حرب فيتنام وعند غزو العراق عام 2003.

ومن أهم ما تحدث عنه المؤلف دور الثقافة النخبوية في إنتاج القوة الناعمة، فعرض على أهمية المبادلات الأكاديمية والعلمية وكيف أن الكثير من العلماء السوفييت الذين زاروا أميركا قد تأثروا بالأفكار الأميركية وأصبحوا لاحقًا ناشطين في حركات حقوق الإنسان في الاتحاد السوفييتي. بعد ذلك تحدث عن دور الثقافة الشعبية المتمثلة في الأفلام والأغاني والرياضة وما إلى ذلك مما يبثّ القيم الأميركية حتى وإن بدت سطحية مبتذلة، ولا يمكننا أبدًا التقليل من تأثير هوليوود "فالصور كثيرًا ما تنقل القيم بصورة أقوى مما تفعل الكلمات، وهوليود هي أكبر مروّج ومصدّر للرموز البصرية" (ص82). ويشير المؤلف إلى أنّ هذه الثقافة الشعبية هي التي تغلبت بقيم الحرية والديمقراطية والليبرالية والشبابية على مدّ الفكر الشيوعي، وهي التي اخترقت جدار برلين بزمن طويل قبل سقوطه. وفي الصين يذكر الكاتب مثالا إحدى المُعارِضات التي كانت تدندن بأغاني (بوب ديلان) في رأسها عندما تُجبر على الاستماع إلى الخطب الشيوعية، وكذلك أفلام هوليود المهربة التي دغدغت رغبة الشباب الصيني في إحداث التغيير والانفتاح السياسي. وتجدر الإشارة إلى أنّ الإعجاب بالقيم الأميركية لا يعني الرغبة في تقليد أميركا، فهناك ملاحظات سلبية كثيرة على الممارسة الأميركية لهذه القيم خاصة لدى المجتمعات التي تهتم بالقيم الأسرية والاجتماعية.

ولكن أميركا ليست الرائدة في كل نوعٍ من مصادر القوة الناعمة، وهذا ما يوضحه الفصل الثالث حين يتحدث عن الدول الأخرى مثل الاتحاد السوفييتي الذي كان له تأثير كبير تقوّيه الأحزاب الشيوعية في مختلف مناطق العالم، وكان ينفق كثيرًا لنشر ثقافته وفنونه ويشارك في القضايا الإنسانية الجذابة، إضافة إلى تقدمه العلمي الكبير. أما المنافس الحالي الأقوى لأميركا فهي أوروبا، حيث الفنون والآداب والأزياء والأطعمة الأوروبية تتمتع بجاذبية عالمية طاغية، إضافة إلى أن الدول الأوروبية تحتل المراكز الخمسة الأولى في عدد جوائز نوبل في الأدب، والمراكز العليا في مبيعات المؤلفات الموسيقية ونشر الكتب. هذا وتنفق جميع الدول الأوروبية أكثر مما تنفقه أميركا على مساعدات التنمية الدولية والدبلوماسية العامة، بالإضافة إلى جاذبية أوروبا كونها تميل للسلم وتدافع عن قضايا حقوق الإنسان وحفظ البيئة وغير ذلك، وكونها ذات خبرة أكبر وأفضل من أميركا في إدارة المؤسسات متعددة الجنسيات. بعد ذلك يتحدث المؤلف عن آسيا وخاصة اليابان التي لها قوة ناعمة كبيرة بسبب كونها صاحبة أكثر براءات اختراع في العالم، ورائدة الصور المتحركة وألعاب الفيديو، واحتلالها المركز الثاني في بيع الكتب والموسيقى وصادرات التقانة العليا واستضافة المواقع الإلكترونية، مع الإشارة إلى المستقبل الباهر الذي ينتظر الصين والهند. ويختتم المؤلف هذا الفصل بالحديث عن المؤسسات غير الحكومية التي تتمتع بقوة ناعمة كبيرة مثل المنظمات الحقوقية والشركات عابرة القومية، خاصة وأنها تستفيد الآن من الثورة المعلوماتية والاتصالات.

وأما الفصل الرابع فقد ركّز على إتقان استخدام القوة الناعمة، كما فعلت فرنسا حين نشرت لغتها وآدابها في الخارج في القرن التاسع عشر. ومن الأمثلة الهامة والمثيرة مكتب الخدمات الإستراتيجية في أميركا الذي كان يعمل على "نشر المعلومات المضللة...[و] تشكيل منتجات هوليود لتصبح أدوات دعاية فاعلة، واقتراح إضافة أشياء أو حذف أشياء، وحرمان أفلام أخرى من الرخصة" (ص153). ثم تحدث المؤلف عن تراجع الاهتمام الأميركي باستثمار القوة الناعمة مع مرور السنين إلى أن جاءت أحداث 11 سبتمبر حين بدأ الأميركان بمراجعة أنفسهم. وينصح المؤلف بأن تهتم أميركا بنشر صورة حسنة عن نفسها في العالم وعدم الاعتماد على أصدقائها من الحكّام، فغالبية الدول الآن تنتهج الديمقراطية ولديها برلمانات وجماهير تؤثر في السياسات الدولية. ولعلاج ذلك يقترح المؤلف استخدام ثلاثة أبعاد للدبلوماسية العامة وهي (1)الاتصالات اليومية، أي توضيح السياسات المحلية والخارجية عبر الإعلام، (2) الاتصال الاستراتيجي، أي الحملات السياسية الدعائية المركزة، (3) العلاقات الدائمة مع الشخصيات، وذلك عبر المنح الدراسية والمبادلات الأكاديمية والتدريب والمؤتمرات، على أن تتماشى هذه الأبعاد مع السياسة العامة للبلد لزرع صورة إيجابية. ويخصص المؤلف جزءًا للحديث عن الشرق الأوسط وصعوبة استخدام القوة الناعمة فيه لأسباب عديدة منها الفوارق الثقافية الكبيرة بين أميركا والشرق الأوسط ونزعة العداء لأميركا. رغم ذلك فهناك جوانب كثيرة من الثقافة الأميركية يحبها الشرق الأوسط تُعدّ أساسًا جيدًا للقوة الناعمة إلا أنّ أميركا أثبتت فشلها في استغلال هذه الفرص. لذلك فقد وضعت لجنة استشارية بعض التوجيهات لزيادة قوة أميركا الناعمة في البلاد العربية الإسلامية مثل إنشاء المكتبات وترجمة الكتب الغربية إلى العربية وزيادة المنح الدراسية والزيارات الأكاديمية، ويشدّد المؤلف على ذلك بقوله إن "أهم شيء هو تطوير استراتيجية بعيدة الأمد للمبادلات الثقافية والتعليمية التي تنمي مجتمعًا مدنيًا أغنى وأخصب وأكثر انفتاحا في بلدان الشرق الأوسط. إن أكثر الناطقين باسم أميركا فاعلية وتأثيرًا ليسوا هم الأميركيين، بل وكلاؤهم المحليون من أهل البلاد الأصليين الذين يفهمون فضائل أميركا وعيوبها كذلك" (ص181).

وأما الفصل الأخير من الكتاب فمخصص للحديث عن العلاقة بين السياسة الخارجية الأميركية والقوة الناعمة، وقد بيّن فيه المؤلف كيف أن هذه السياسة "المكروهة" أدت إلى انحدار القوة الناعمة وتناقص أثر الثقافة الشعبية الأميركية في العالم في مقابل تزايد الإقبال على الثقافات الأخرى والفاعلين الآخرين، مثل تنظيم القاعدة الذي زادت قوته الناعمة إثر معاداة أميركا. ويحذر المؤلف من تجاهل القوة الناعمة ويستنكر أن أميركا تنفق على القوة العسكرية أكثر من الناعمة ب17 ضعفًا. يناقش المؤلف الطريقة التي يجب التعامل بها مع القوة الناعمة مقدمًا نصائح مبنية على قراءة الأوضاع التي وصلت لها السياسة الخارجية الأميركية.

هو كتابٌ من أهم الكتب التي قرأتها مؤخرًا، مكتوب بأسلوب سهل ممتع ومدعّم بالأمثلة الواقعية التي تجعلك تفهم الأثر الذي تتركه المنتجات الحضارية في السياسة الدولية.


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

17 مارس 2010

مبادرات قرائية: برنامج "عصير الكتب" على قناة دريم


كنتُ دائمًا أنتظر برنامجًا تلفزيونيًا جميلا عن القراءة والكتب، شيئًا يحببني في التلفاز الذي صرتُ أبغضه مما صار فيه من تسطيح وتشليح وما إلى ذلك. وقرأتُ قبل ساعات مقالا لمحمد أنور في جريدة القبس الكويتية يتحدث فيه عن برنامج جديد اسمه "عصير الكتب" في قناة دريم يقدمه بلال فضل. فرحتُ أشاهد الحلقة الأولى على اليوتيوب وأعجبني جدًا جدًا ما رأيت. أحلى ما في البرنامج أنه يبتعد عن الطريقة التقليدية في عرض الكتب والحديث عنها، بل إنه يربط ما في الكتاب بقضايا واقعية ويستطلع آراء الناس ويلتقي بضيوف ليخرج لنا بشيء مفيد وممتع، ويستضيف مثقفين يرشحون كتبًا للقراءة. رائع يا بلال فضل!

شاهدوا هذا البرنامج..كل يوم أحد على قناة دريم في الساعة السابعة بتوقيت القاهرة.

هنا الإعلان عن البرنامج




وهنا الأجزاء الستة من الحلقة الأولى:


















لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

مبادرات قرائية: حملة فردوس القرائية في اللاذقية


أعجبني خبر عن مبادرة قرائية في سوريا أحببتُ أن أشارككم إياه، والخبر والصورة المقابلة منقولان من مجلة "الاقتصادي" السورية:


"فردوس" ينطلق في 15 آذار لتشجيع القراءة بـ 22 قرية لاذقانية

يطلق الصندوق السوري لتنمية الريف "فردوس" حملة لتشجيع القراءة في المناطق الريفية بمحافظة اللاذقية في 15 آذار الجاري بمدرسة قرية عين التينة الابتدائية بهدف ترسيخ عادة القراءة بوصفها وسيلة للوصول إلى المعلومات وأداة لبناء القدرات، كما نقلت وكالة سانا.
وتغطي الحملة 14 قرية هي عين التينة والقموحية والخالدية وجبلايا وحبيت والجديدة والكرس والجويز وبستا وبيادر الدرة والحجر والبراج وزنبورة وليفين إضافة إلى 8 قرى ضمن مدينة القرداحة.
وتتضمّن الحملة عروض مسرح كرتوني تفاعلي تروّج لأهمية القراءة من خلال تنفيذ عدد من الفعاليات المختلفة بمساعدة فريق من المختصّين في تقديم العروض المسرحية التفاعلية التي تعزز عادة القراءة عند الاطفال والكبار واليافعين إضافة إلى اطلاق المكتبة المتنقلة التي ستمكّن المجتمعات المحلية من الحصول على الكتب وغيرها من المواد المعلوماتية بما يساعد فى عملية تطوير الأفراد وتحسين ظروف حياتهم وذلك من خلال خبرة طويلة يملكها فردوس في ادارة المكتبة المتنقلة في الريف السوري.
وسيتم تدريجياً اطلاق حملات اعلامية تشجع القراءة على الصعيد الوطني ومعرض لمنتجات المستفيدين من مركز حاضنة أعمال المرأة الريفية ضمن المنطقة إضافة إلى نشاطات ثقافية للاطفال متعلقة بالقراءة مثل "اقرأ.. ارسم" وكتابة القصة كنشاطات رافدة لعروض المسرح التفاعلي تستمر لمدة أربعة أيام في القرى المذكورة.
وتقول مسؤولة برنامج القراءة الريفية في مشروع فردوس نورهان أمين إن الحملة تنطلق من أهمية القراءة فى بناء الشخصية وكون الكلمات المكتوبة هي الأساس في صناعة الإنسان والأمم وتشكّل حجر الزاوية فى بناء الحياة من خلال إغناء تجربة الانسان بالمعلومات وتغذيتها بالأفكار والمقترحات.
وسيطلق مشروع فردوس حملة تحفيزية قبل البدء بنشاطاته التنموية في مجموعة قرى منطقة عين التينة بهدف تمكين المجتمعات الأهلية فى المشاركة بعملية التنمية حيث سيتم خلال الحملة طلاء عدد من الصفوف الدراسية بمشاركة عدد من المتطوعين من أهالي المحافظة، كما سيتم اختيار عدد من الأطفال لرسم لوحات على جدران المدارس ولوحات أخرى تحمل في مضمونها رسائل حول المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية وأهمية التعليم ودور المجتمع في عملية التنمية.
وتنفّذ حملة القراءة الريفية بالتعاون بين مشروع فردوس والمجتمعات المحلية في إطار تشاركي يهدف إلى تعزيز ملكية المجتمعات المحلية لهذا البرنامج وكذلك ضمان استمرارية هذه المبادرة وتعميمها من أجل تحقيق الاستدامة في الريف السوري بالتعاون مع المنظمات الدولية وهيئات المجتمع السوري والقطاعين الخاص والحكومي.
والصندوق السوري لتنمية الريف "فردوس" أحد مشاريع الأمانة السورية للتنمية جاء تأسيسه بهدف لعب دور ريادي في تمكين الأفراد والمجتمعات المحلية من المشاركة بشكل فعّال في تعميم وتحقيق التنمية المستدامة في الريف السوري بالتعاون مع المنظمات الدولية وهيئات المجتمع والحكومة لتحقيق هذا الهدف.


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

قراءاتكم: العدد السادس من نشرة "إقرأ"


وصلني العدد الأخير من نشرة "إقرأ" التي تصدرها مجموعة مركز المعلومات في جامعة السلطان قابوس. يمكنكم الاطلاع عليها بالضغط على الصورة المقابلة أو تحميلها.







لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

14 مارس 2010

قراءات: كتاب "صورة العرب والمسلمين في مدارس إسرائيل"


(نُشر هذا العرض في ملحق شرفات الصادر عن جريدة عمان بتاريخ 10 مارس 2010)

نَحْنُ..في مدارس تل أبيب
عرض لكتاب "صورة العرب والمسلمين في مدارس إسرائيل"

أحمد حسن المعيني

جرى في السنين الأخيرة نقاش طويل في أروقة الثقافة العربية حول ترجمة الأدب العبري، ومن الإيجابيات التي يذكرها مناصرو هذا التوجه معرفة كيف يفكر الإسرائيليون وكيف ينظرون إلينا نحن العرب. سواء اتفقنا على الوسيلة أم لم نتفق يبقى الهدف هامًا وضروريًا، ولكن ربما الأهم منه في السياق الأشمل للصراع العربي الإسرائيلي هو معرفة كيفية تربية الأجيال الجديدة والصورة التي يتم غرسها في أذهانهم عن العرب والمسلمين، حتى نستطيع تفسير السلوكيات الإسرائيلية فيما يتعلق بتعاملهم معنا. من أحدث الدراسات التي تناولت هذا الموضوع كتاب "صورة العرب والمسلمين في مدارس إسرائيل: تحليل المناهج الدراسية في التعليم العام" للدكتور علي بن صالح الخبتي، الصادر عن مكتبة العبيكان عام 2009 في 206 صفحات.

جاء الكتاب في شكل بحثٍ أكاديمي يشتمل على مقدمةٍ تشرح مسوّغات البحث وسياقه وأهدافه الرئيسة، وفصلٍ لشرح الإطار النظري الذي يرتكز عليه البحث، وفصلٍ عن ما نُشر سابقًا في هذا الموضوع حتى يستطيع القارئ وضع هذا الكتاب ضمن سياق تلك الدراسات، وفصل لمنهجية البحث، وفصلٍ طويل للتحليل، ثم خلاصة وتوصيات وملاحق للاستزادة. ومما تجدر الإشارة إليه نجاح المؤلف في استخدام لغةٍ بسيطةٍ مباشرة بعيدة عن تعقيدات الكثير من البحوث الأكاديمية. ويبدو أن المؤلف قد اختصر الحديث في المقدمة والإطار النظري والدراسات السابقة ووجّه تركيزه على التحليل مراعاة لكون الكتاب موجهًا للقارئ العام. ويعلن المؤلف في المقدمة أن العالم "[لا] يحتمل النزاعات والخلافات والحروب" (ص17) فإذا ما أردنا تجنب ذلك علينا النظر في كيفية تأسيس الناشئة في المدارس وتحليل المناهج الدراسية بغية تصفيتها من الصور السلبية للشعوب الأخرى حتى يسود السلام والتسامح في عالم "بلا حروب ولا كراهية" (ص19). ولقد اختار المؤلف المناهج الدراسية لتحليلها كونها تحتل أهمية قصوى في تشكيل ثقافة الجيل الجديد وتعريفه بالثقافات الأخرى وتحقيق أهداف المجتمع من خلال تأسيس القيم والأخلاق وعادات التفكير والنظرة للحياة.

خصص المؤلف الفصل الثاني للحديث عن مفهوم الصورة الذهنية (النمطية) وتحليل التعريفات التي قدمتها الدراسات السابقة، وتبيان خصائص الصورة الذهنية النمطية وآثارها على الفرد والمجتمع. وكما يوضّح المؤلف فإن الصورة الذهنية النمطية هي عبارة عن أحكام وانطباعات متوارثة أو جديدة يتبناها شخص أو مجتمع ما عن شخص أو مجتمع آخر، مما يؤثر على تقييمه له وطريقة تعامله معه. ومن أخطر مشكلات الصور الذهنية السلبية صعوبة تصحيحها واستبدالها، لأنها تكون قد ترسخت في الذهن منذ الصغر.

وأما الفصل الثالث فقد يكون من أكثر أجزاء الكتاب متعة وثراءً، حيث يستعرض فيه المؤلف الركائز التي تقوم عليها فلسفة التعليم في إسرائيل، مع سردٍ لسمات التربية في إسرائيل والنظام التعليمي الإسرائيلي. ويرى المؤلف أن الفلسفة التربوية اليهودية تستقي قِيَمها من أربعة مصادر هي الحركة الصهيونية والديانة اليهودية ودولة إسرائيل والحضارة الغربية. أما الصهيونية فتحث على إحياء الثقافة العبرية في وطن قومي لليهود، وأما اليهودية فتؤكد على أن المرجعية الأولى والأساسية لليهود هي في التوراة والتلمود وأن الدين اليهودي هو الذي يوحّد جميع اليهود في أمة واحدة، ولذلك يوجد اهتمام كبير بتدريس المواد الدينية. وأما دولة إسرائيل فيُستمدّ منها التشديد على أهمية الأرض واستزراعها واستصلاحها، وأما الحضارة الغربية فهي التي تؤخذ منها قيمة العلوم والتقانة والأساليب التعليمية الحديثة. ويشير المؤلف في هذا الفصل إلى الانقسام الحادث في النظام التعليمي الإسرائيلي بين الجانب الديني والجانب العلماني والذي يتجسد في وجود مدارس حكومية وأخرى حكومية دينية تركز بشكل أساسي على الشعائر والطقوس الدينية. ومن المثير أن نجد كيف أن نظام التربية الإسرائيلي يرتكز على مبادئ تكفل استمرار الوجود اليهودي، وهي إحياء اللغة العبرية، وتعزيز الارتباط بالأرض (من خلال التعليم الزراعي، إضافة إلى وجود القسم الزراعي في الثانوية)، وتنمية الروح العسكرية (ص 49-50). وفي القسم الأخير من هذا الفصل الثري يستعرض المؤلف بعض القوانين المتعلقة بالتعليم وأهداف المراحل التعليمية المختلفة، ونلمس فيه اهتمامًا كبيرًا بالتعليم والتنشئة ورعاية المواهب وزيادة الإنفاق على التعليم (6.7% من الناتج القومي الإجمالي). ومن أهم الملاحظات التي نسجلها في هذا الفصل أن متوسط الساعات التي يدرسها الطالب الإسرائيلي في المرحلة الثانوية هو 58 ساعة أسبوعيًا!

وفي الفصل السادس من الكتاب يقوم المؤلف بتحليل مضمون 23 كتابًا دراسيًا إسرائيليًا وخطابها للخروج برؤية واضحة عن الصورة التي تعرضها للعرب والمسلمين وفق خمسة محاور هي البعد الإسلامي والبعد القومي والبعد الصهيوني والبعد السياسي والنظرة العامة للكتب. ومن بين نتائج الدراسة أن الكتب الدراسية الإسرائيلية قامت بما يلي: (1) الربط بين الإسلام والعنف على أساس أنه انتشر بالسيف عبر "احتلال" (فتح) بلاد الكفار أي غير المسلمين، كما عرضت شخصية النبي (ص) على أنه هو من فرض الدين الإسلامي وأسس قواعده بتأثير من اليهودية والنصرانية وأن الإسراء والمعراج مجرد أسطورة خرافية، كما رسخت فكرة عدم قدسية القرآن لأنه ليس من عند الله وإنه مستوحى من التوراة ويضم نبوءات محمد (ص) ورؤاه، وأكدت على أن أركان الإسلام إنما وُضعت بعد وفاة النبي (ص)، وربطت بين الجهاد والإرهاب. (2) تغيير الحقائق التاريخية والجغرافية على أساس ما ورد في التوراة وما تؤمن به الحركة الصهيونية وذلك من خلال وضع دولة إسرائيل في خارطة الشرق الأوسط مستخدمة هذا المصطلح الجديد حتى عند الحديث عن أحداث تاريخية قديمة جدًا. (3) وضع خريطة جديدة لفلسطين تتناسب مع الفكر الصهيوني وذلك بتهويد المكان والزمان حيث تظهر المدن والقرى بأسمائها العبرية في التوراة وفي الكيان الإسرائيلي، إضافة إلى التأكيد على وجود اليهود الدائم في فلسطين، وأن اليهود كلهم أمة واحدة وأنهم يستحقون هذه الأرض الموعودة وأنهم طالما ارتبطوا بها عاطفيًا وتمنوا الرجوع إليها حتى وهم في الشتات، وأن اليهود شعب متميز متفوق طالما استعانت به الأمم الأخرى لذكائه وثقافته ومهارته وأن اليهود في خير طالما اعتزلوا الأمم الأخرى ولم يتأثروا بها لأنهم دائمًا ما يعادونهم ويودون إبادتهم لمجرد يهوديتهم، وأنهم كان لا بد أن يعودوا يومًا لفلسطين وعادوا وشاركوا في تحريرها واستحقوا أن يؤسسوا دولة فيها. (4) التشديد على أهمية القدس والهيكل تاريخيًا لليهود، وإظهار الفخر بقدماء اليهود ودورهم عبر التاريخ حتى في فتح الأندلس، وتشويه صورة العربي كي يبدو عنيفا وقاتلا، وإظهار فلسطين أرضًا قفرا خربة لا شعب فيها ولم تزدهر إلا بإحياء اليهود إياها بعد عودتهم، ووصف المقاومة الفلسطينية بالتطرف والإرهاب. (5) سوء تصوير الإسلام وأركانه ونبيه، والتأكيد على أن مقاومة المشروع الصهيوني إرهاب ومعاداة للسامية، ووصف المشروع الصهيوني على أنه كفاح وتحرير للأرض وحرب للاستقلال دون ذكر لأعمال العنف التي ارتكبتها العصابات الصهيونية المسلحة قبل عام 1948.

لقد خلص المؤلف من بحثه وتحليله إلى نتائج مثيرة جديرة بالانتباه، وما قدّمه من توصيات يجدر النظر إليها جديًا ليس في السياق الإسرائيلي فقط وإنما في كل العالم، إلا أن هناك بعض الملاحظات التي نأخذها على الكتاب. أولا: وجود بعض الاستنتاجات التي لا توجد عليها أمثلة كافية أو متوافقة من الكتب الدراسية، مما يثير سؤالا هل الخطأ في الاستنتاج أم في إيراد المثال؟ مثلا يقول المؤلف في الصفحة 103 أن الكتب الدراسية "تهدف إلى ترسيخ أفكار تتعلق بعدم قدسية القرآن الكريم؛ لأنه من نسج خيال محمد (ص)، واعتماده في جزء كبير منه على ما ورد في الكتب الدينية اليهودية"، ثم يورد الاقتباس التالي من أحد الكتب الدراسية ليؤكد ذلك: "الكتاب المقدس للمسلمين هو القرآن، وتسير حياتهم حسبه. وحسب التراث الإسلامي فقد وضع الله القرآن ونزّل من السماء إلى محمد أجزاء. وقد أبلغ محمد كلام الله إلى المؤمنين به في صورة مقولات صغيرة، التي دونوها على أوراق النخيل والقطع الخشبية والعظام" (واضح أن الاستدلال غير مسوّغ). ثانيًا: في خلاصة التحليل يورد المؤلف بعض الاستنتاجات التي لم يتناولها أبدًا في التحليل، ولا يعرف القارئ من أين أتت، مثل "التأكيد على عدم احترام حقوق المرأة ووحشية وعربدة الرجل العربي والمسلم" (ص165). ثالثا: هناك بعض "الاستنتاجات" التي تظهر استغراب المؤلف وانفعاله، إلا أنها لا تمثل جديدًا بل هي من ضرب "المعلوم"؛ كأن ينفي اليهود نبوة النبي محمد (ص) أو ينكرون كون القرآن وحيًا من عند الله، فهم لو آمنوا بذلك أصبحوا مسلمين لا يهود! رابعًا: على الرغم من صدور الكتاب في عام 2009، إلا أن البحث ليس جديدًا حيث مرت عليه حوالي 6 سنوات، مما يحث على النظر في الكتب الأحدث ومقارنتها بتلك التي تم تحليلها. خامسًا: يذكر المؤلف أن هناك مترجمَين قاما بترجمة النصوص العبرية، ولا يعرف القارئ ما إذا كان المؤلف نفسه يعرف العبرية أم لا، مما قد يثير تساؤلا حول الترجمة ودقتها وحياديتها، ولكن في الوقت نفسه يجب أن نحسب للمؤلف وضعه النص العبري إلى جانب الترجمة العربية لمن أراد المقارنة والتثبت. وأخيرًا نسجل ملاحظة على اللغة المستخدمة في الكتاب والتي تبدو في بعض المواضع عاطفية غير حيادية، وهذا لا يتماشى مع بحثٍ أكاديمي.


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

08 مارس 2010

قراءاتكم: مجموعة "أميرة" لمحمد سعيد العدوي (قراءة: مريم العدوي)


مرآة العمل /
أميرة – مجموعة قصصية
القاص / محمد بن سعيد العدوي
عدد القصص / 12 قصة
عدد الصفحات /87 صفحة
الناشر / مؤسسة الانتشار العربي ، الطبعة الأولى 2010م


عن الكاتب /

محمد بن سعيد العدوي
من مواليد ولاية بُهلاء 1984م ، ( 25عاما)
حاصل على بكالوريوس لغة عربية
يعمل حاليا محررا في جريدة الرؤية العٌمانية
صاحب مدونة ( ابن المرار) http://adawi123.blogspot.com/


أعمال أخرى /

مجموعة مقالات نشرت من قبل في جريدة الشبيبة
صدر في عام 2009م عن مطبعة نزوى الحديثة





حكايات شعبية ـ قيد الترجمة






من مقدمة المجموعة القصصية /
في هذه المجموعة القصصية المتواضعة ، قصص عشتها وعايشتها ، وأخرى تخيلتها وكتبتها على شكل الحكايات الشعبية التي ترويها لنا الجدات ، وحاولت قدر الإمكان أن أوثق بعض الكلمات الدارجة بمعان فصيحة ، ليفهمها القارئ الكريم .

القراءة /
للمكان يا صاحي سحر وما أدارك ما ذلك السحر ؟ فإنني للتو وأنا أقرأ هذه المجموعة القصصية أستطيع الجزم بأن مسقط رأس القاص محمد العدوي ( ولاية بهلاء) ، قد طبعت في روحه ما شاء الله لها من السحر والغواية .

قصص الجدات والسحر التي تحزم فكر أبناء هذه الولاية بالميثيولوجيا الساحرة كان لها النصيب الأوفر في ما صنعته في نفوسهم من غواية وولع بالقصص .

فنجد القاص ينتشي سحرا بالقصص المتناثرة بين ردهات الحارات وفي مجالس الجدات فيستمد منها سحرها ليبثه في قصصه التي جاءت كعودة الروح من جديد لتلك القصص والأساطير - إن صح التعبير- ، القصص يا صديقي متناثرة هنا وهناك وكل ما تحتاجه هو وقفة تأمل وصمت ليعيد الكاتب بما أوتي من فكر وملكة أدبية الروح إليها .

ولعل القاص الذي ملئ أذنيه بالقصص من قبل أصبح له من الخيال ما يعينه على استحضار الذاكرة ودعوة شخوص جدد ووقائع جديدة لقصة كانت بذورها واقعية إلى إنها كبرت وربت في رحم فكر القاص وهذا ما نجده في بعض القصص التي وإن حملت طابع القص الشعبي إلا إنها حديثة الحبك .

أميرة كما أطلق القاص على مجموعته القصصية ، قصة نجدها هنا وهناك ، ببساطة القلوب التي تعيش لتحلم وتحلم لتعيش ولكن ما إن تباغتها الحقيقة حتى تتبخر أحلامها كأحلام أميرة التي حلمت بقلب رجل تشغل قلبه ولكن الحقيقة لم تكن سوى كسراب بقيعة وأمال خاوية على عروشها بددت كل أحلامها بفارس رحل ولم يكن قد أمتطى صهوة حصانه الأبيض بعد !.

المزاح ، لا مزاح في الحب ، فتاة الماسنجر ، سارة والمشرفة ، شجرة الأمبا ، عيد الأم ، العصا لمن مرض ، بلا رحمة ، مسجد العابدة ، مدرسة السحر ، الحظ الملعون وختاما أميرة قصص تنوعت ما بين غواية استحضار الذاكرة وسحر الحبك بعون الخيال الذي لا ينضب ما دام قد سكن في فكر ابن ولاية تعيش في خيال السحر والأساطير .

لعلها بداية مغرية للقاص ليشحذ قلمه وينطلق لعالم القص الذي به مدد من الخيال ، مدد من السحر لا ينضب ، وما الحياة يا صاحي سوى قصة ستنتهي ولو بعد حين .
قراءه ساحرة أرجو لكم .

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

06 مارس 2010

إصدارات: مازن حبيب يصدر كتابا إلكترونيا


في مبادرةٍ فريدة من نوعها راقتني جدًا، وفي غمرة الإصدارات العمانية التي تم تدشينها في معرض مسقط للكتاب في الأسبوع الماضي، أصدر القاص والسينمائي العماني الصديق مازن حبيب كتابًا جديدًا، ولكنه هذه المرة إلكتروني لا ورقي.

جاء الكتاب بعنوان "خارج مناطق الألم..مراعاة لفارق الجرح"، وهو عبارة عن يوميات كتبها مازن ما بين يناير 2007 و يناير 2009 ثم جمعها في هذا الكتاب. يقع الكتاب في 110 صفحات، صمم غلافه عبدالباسط المعمري ودققه لغويا القاص سالم آل تويّة. جدير بالذكر أن لمازن حبيب مجموعة قصصية بعنوان "الذاكرة ممتلئة تقريبا" وكتاب مشترك مع سليمان المعمري بعنوان "سعفة تحرك قرص الشمس: أوراق نقدية من أماسي أسرة كتاب القصة في عمان".

المثير في الأمر أن الكتاب متوفر فقط في نسخة إلكترونية يمكن للجميع تحميلها من موقع مازن حبيب (www.mazinhabib.info)، والمثير أكثر من ذلك هو تصميم دعاية مصوّرة للكتاب موجودة في الموقع، وهذا شيء جديد في المشهد الثقافي العماني.

يقول مازن حبيب في خبر كتبه سليمان المعمري: "ان صدور هذا الكتاب بالتزامن مع معرض مسقط الدولي للكتاب يهدف إلى لفت الانتباه إلى النشر الإلكتروني الذي لا يقل أهمية عن النشر الورقي، في أهم تظاهرة سنوية معنية بالكتاب ، مضيفا أن فكرة الإصدار الإلكتروني تهدف إلى تجاوز العلاقة التقليدية التي تربط الكاتب بالقراء بواسطة الناشر الورقي فقط ، حيث أن هذا الكتاب متاح مباشرة إلى القارئ بواسطة الناشر الإلكتروني ، ويستطيع القارئ تصفحه من الموقع الإلكتروني للكاتب ، أو تنزيله في جهاز الحاسب الآلي الخاص به، وقراءته منه مباشرة، كما يمكنه نقله إلى هاتفه المحمول وقراءته من خلال التطبيقات الداعمة لصيغة الكتاب (PDF)، بالإضافة إلى إمكانية طباعته على الأوراق القياسية A5 وجها وظهراً".

مُبارك لك هذا الإصدار وهذه التجربة الجديدة يا مازن

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

قراءات: كتاب "بائع الكتب في كابول" لـ(آسني سييرستاد)

(نُشر هذا العرض في ملحق شرفات الصادر عن جريدة عمان بتاريخ 3 مارس 2010)

أفغانستان من الداخل
عرضٌ لكتاب "بائع الكتب في كابول"


أحمد حسن المعيني

من تبعات الغزو الأمريكي لأفغانستان في 2001 ونجاحه في إسقاط نظام "طالبان" أن تكوّن اهتمامٌ عالمي بهذه البقعة من الكرة الأرضية، بتاريخها وتراثها وتقاليدها ونظامها الاجتماعي، إضافة إلى الوضع السياسي بعد الحرب بطبيعة الحال. وفي الحقيقة فإن هذا الظرف المؤسف لأفغانستان كان فرصة سانحة لمن أراد أن يكتب كتابًا يحقق أعلى المبيعات عالميًا، وهذا ما حصل فعلا، فظهرت كتب كثيرة تتناول أفغانستان تاريخًا وحاضرًا وتكهنًا بالمستقبل. ومن بينها كتابٌ بعنوان "بائع الكتب في كابول"، صدر عام 2003 في النرويج واعتلى قائمة أفضل الكتب غير الأدبية مبيعًا في تاريخ النرويج، وتُرجم إلى الإنجليزية عام 2004 وغدا واحدًا من أفضل الكتب مبيعًا في العالم. نتناول هنا النسخة العربية الصادرة عام 2009 عن الدار العربية للعلوم ومنشورات الاختلاف، بترجمة حليم نصر.

أما مؤلفة الكتاب فهي (آسني سييرستاد)، صحفية نرويجية نشيطة ومغامرة، عملت مراسلة في العديد من المناطق الملتهبة كالعراق والشيشان وأفغانستان، وعُرفت في بلدها بتقاريرها الإخبارية من العراق بعد سقوط بغداد. صدرت لها حتى الآن أربعة كتب تتناول توثيقًا لمشاهداتها في صربيا وكابول وبغداد والشيشان. أما الكتاب الذي نحن بصدده، فقد تميّز بفكرةٍ إبداعية خارجة عن المألوف في الكتابة الصحفية، ويُعتبر تجربة فريدة ودرسًا صحافيًا مميزًا. فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وغزو أفغانستان، ذهبت المؤلفة إلى هناك مع قوات التحالف الشمالي تسجّل ملاحظاتها ومشاهداتها، إلا أنها لم تكتفِ بهذا الدور الصحافي التقليدي، وفكّرت في الكتابة عن المجتمع الأفغاني من الداخل: أسلوب الحياة، والعادات والممارسات والأفكار والتقاليد. جاءتها هذه الفكرة بعد أن التقت صاحب مكتبة اسمه "سلطان خان" وتعرفت إلى أسرته، فعرضت عليه أن تقيم في منزله مع عائلته كي تستطيع الكتابة من واقع الحياة عن المجتمع الأفغاني. وهكذا أمضت المؤلفة ثلاثة شهور في منزل "سلطان خان" ترى وتسمع من أهل البيت عن حاضرهم وماضيهم.

وأما جمالية الكتاب وصفته الإبداعية فتتجسد في أن المؤلفة اختارت قالبًا روائيًا تحكي فيه قصة عائلة سلطان خان، وهذا القالب قد منحها القدرة كساردة على الغوص في دواخل الشخصيات وتتبع تطورها وأفكارها ودوافعها. إضافة إلى ذلك، فقد اختارت المؤلفة أن تخصص كل فصلٍ لشخصيةٍ من الشخصيات ودورها في القصة، بدلا من سرد الوقائع بالترتيب الزمني، مما ساعد في تسليط الضوء على تفاعل الشخصيات وصراعها مع بعضها أو مع الآخرين. يبدأ الكتاب بفصل تمهيدي تحكي فيه المؤلفة مجيئها إلى كابول ولقاءها ببائع الكتب، وفكرة الكتاب الذي بين يدي القارئ. وهنا تختفي المؤلفة ولا نجدها أبدًا في بقية الفصول، وتتحول إلى مجرد صوت سارد يحكي في كل فصل جانبًا من شخصيةٍ من عائلة سلطان خان باستثناء فصلين اثنين نجد فيهما معلومات عن الخلفية الاجتماعية والسياسية التي تجري فيها الأحداث. وينتهي الكتاب بخاتمةٍ تعود فيها المؤلفة لتقول لنا ماذا حدث للشخصيات بعد رحيلها من كابول.

نتعرف في هذا الكتاب إلى قصة سلطان خان بائع الكتب الذي نذر نفسه للحفاظ على تراث بلاده وآدابها، وتوفير الكتب التاريخية والأدبية للافغان عبر عقودٍ طويلة وأنظمة سياسية وحروب مرّت بها أفغانستان من العهد الملكي، إلى الاحتلال السوفييتي، إلى الحرب الأهلية، إلى طالبان فالغزو الأمريكي. وسلطان خان هذا شخصية فريدة من نوعها، فنجده ليبراليًا جدًا منفتحًا على جميع الأطياف يؤمن بحق الجميع في نشر أفكارهم، فلا يجد غضاضة في بيع الكتب الشيوعية، ومنشورات المجاهدين، وكتب طالبان، رغم أنه عانى منهم جميعًا: "أقدم الشيوعيون على إحراق كتبي، ثم جاء المجاهدون بعد ذلك لتخريب المكتبة ونهبها، وأخيرًا أكملت جماعة طالبان إحراق ما تبقى مرة جديدة" (ص8). أما في بيته فسلطان خان ديكتاتوري متسلط، رغباته لا تقبل النقاش، ومن يعصي أوامره يُطرد من نعيمه. بعد عشرته الطويلة مع زوجته (شريفة) يتزوج وهو فوق الخمسين من فتاة في السادسة عشر، ويقرر إبعاد الزوجة الأولى إلى باكستان حتى إشعار آخر. هذا الرجل العصامي المكافح، والقاسي جدًا في أحيان أخرى يمكن أن يوصف في بيت شعر يحبه هو كثيرًا للفردوسي: "ومن أجل أن تعيش/ينبغي عليك/أن تكون/في بعض الأحيان ذئبًا/وأن تكون شاةً/في بعضها الآخر" (ص46).

ونتعرف في الكتاب إلى (منصور) ابن سلطان الذي يعمل في مكتبة ابيه رغمًا عنه ويتمنى أن يعيش حياته بعيدًا عن سلطة أبيه، و(ليلى) الأخت الصغرى لسلطان والتي تعمل في البيت مثل الخادمة لا تتوقف أبدًا، تتمنى الخلاص من حياة العبودية هذه إما بالحصول على وظيفة أو بالزواج من شخصٍ لا يكرر لها مأساتها. أما (إيمال) فهو أصغر أبناء سلطان يبلغ من العمر 12 عامًا، ويعمل اثنتي عشرة ساعة يوميًا طوال الأسبوع في "كشك" صغير في أحد الفنادق، محرومًا من المدرسة، ومن اللعب، ومن الرفاق. وإضافة إلى هذه الشخصيات هناك (بيبي غول) والدة سلطان العجوز، وإخوة سلطان العديدين.

لا بد لنا من الاعتراف للمؤلفة بنجاح الكتاب في تحقيق واحدٍ من أهم أهدافه، وهو تصوير المجتمع من الداخل، حيث نقلت إلينا (آسني سييرستاد) تفاصيل خاصة ومفصلة للعديد من الممارسات الاجتماعية المتعلقة بالخطوبة، وحفل الزفاف، والنميمة النسويّة، والتسوّق، وارتياد الحمّام العمومي، والتقاليد المتبعة في الملابس، وغير ذلك. ولا شك في أن المؤلفة استفادت من ميزة كونها أنثى، تستطيع التغلغل في الجانب النسوي من المجتمع الأفغاني، وهو ما لا يتوفر للصحافي أو الباحث من الرجال. واستطاعت المؤلفة بعد ارتدائها برقع العباءة الأفغاني من الوصول إلى الجانب الرجالي أيضًا في المزار الديني والسوق والمدارس ورحلات العمل إلى بيشاور ولاهور.

أما التركيز الأكبر في الكتاب فكان منصبًا على قضية الظلم الاجتماعي الواقع على المستضعفين في المجتمع، أي النساء والأبناء المكتوب عليهم طاعة الأب، ولعل الكفة هنا ترجح للنساء، حيث تخصص الكاتبة جزءًا كبيرًا من الكتاب للحديث عن معاناة النساء في المجتمع الأفغاني. نجد في الكتاب أن الافغانيات محرومات من حرية الاختيار في كل شيء، وأنهن تابعات للرجال، وأنهن كالسلع تُباع وتُشترى باسم الزواج، هذا إلى جانب القيود العديدة المفروضة عليهن في الملبس والحركة. ولا يفوت الكاتبة أن تخصص فصلا تتحدث فيه عن الحب المحرّم على الأفغانيات، وكيف أن ما يبقى من قصص الحب هذه هو الانتحار والأغاني الشعبية المتداولة. وتتبدى ثيمة الظلم على المرأة جلية في شريفة التي يتزوج عليها سلطان دون سبب، و ليلى التي لا تستطيع أن تختار من تريد زوجًا لها أو ترفض من لا تريد، وسليقة التي يعاقبها أهلها بشدة لأنها تبادلت بعض الرسائل مع شاب. ومن الناحية الأخرى تسلط الكاتبة الضوء على ابني سلطان (منصور) و (إيمال) الذين يسخّرهما أبوهما للعمل حارمًا إياهما من الدراسة ومن الاستمتاع بالحياة.

لا شك في أن كتابًا بهذه المواصفات يفترض تقديم الحقيقة وكشف المستور في المجتمع الأفغاني لا بدّ أن يحقق نجاحًا باهرًا، إلا أن هناك بعض الأسئلة الأساسية التي تفرض نفسها هنا. أولا، هل قالت آسني سييرستاد الحقيقة كلها؟ سؤال أجاب عليه بائع الكتب نفسه محمد شاه رايس (أي سلطان خان في الكتاب) بعد أن قرأ الترجمة الإنجليزية للكتاب، فرفع قضية في النرويج ضد المؤلفة متهمًا إياها بتشويه سمعته هو وعائلته، مكذبًا الكثير مما جاء في الكتاب وغاضبًا من خيانة المؤلفة لحسن الضيافة. صحيحٌ أن الأسماء الواردة في الكتاب مستعارة، ولكن بائع الكتب هذا شخصية معروفة في كابول ومن يعرف كابول سيعرف أن الكتاب يتحدث عن شاه رايس. هذا وقد نشر شاه كتابًا يحكي فيه "القصة الحقيقية" ويرد به على "افتراءات" المؤلفة، سمّاه "كان يا ما كان بائع كتب في كابول"، وتُرجم إلى النرويجية والبرتغالية. أما السؤال الثاني فيتعلق بمسألة أخلاقيات البحث والآثار المترتبة على قول "الحقيقة". يقول شاه بأنه تلقى العديد من الرسائل المهينة والتهديدات والمضايقات، مما دفعه إلى طلب اللجوء في أوروبا، في حين سافرت زوجته الأولى وبناته إلى كندا حيث إخوتها. من جهةٍ أخرى، قد يكون هذا الكتاب "الانتقائي" تقديمًا للمجتمع الأفغاني إلى الملايين من الناس حول العالم الذين لا يعرفون الكثير عن أفغانستان، فهل يصلح الكتاب هذا لهذا الدور، خاصة وأن الكاتبة تعترف بأن الكتاب "قصة عائلة أفغانية واحدة، وهنالك ملايين من العائلات. ولم تكن عائلتي هذه بأي حال من الأحوال لتعتبر عائلة نموذجية" (ص15). وأما السؤال الثالث فهو: هل تكفي المدة التي قضتها المؤلفة في أفغانستان لتفهم كل ما سجّلته من مشاهدات، أو لتعرف ما يكفي من تفاصيل المجتمع الأفغاني المعقد المتشابك اجتماعيا وسياسيا؟ إن قرار المؤلفة بالكتابة عن هذه العائلة فقط جعلها تركز على قضية المرأة وتهمل قضايا أساسية أخرى من أهمها التمييز العرقي في أفغانستان (رغم وجود إشارات هنا وهناك).

باختصار، نقول إن مشروع المؤلفة رغم فرادته وسلاسة سرده متسرعٌ وغير ناضج، وربما مُحمّل مسبقًا بنظرة استشراقية لأفغانستان. هذا ولم تستطع المؤلفة استغلال الميزات التي أعطيت لها في تصوير المجتمع الأفغاني بشكلٍ أكثر شمولية وتفصيلا، مثلما فعل الكاتب الأفغاني مثلا (خالد حسيني) في روايتيه "عدّاء الطائرة الورقية" و "ألف شمس مشرقة".


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

03 مارس 2010

معرض مسقط2010: حفل توقيع للكاتبة (أزهار أحمد)

يُقام في معرض مسقط الدولي للكتاب مساء اليوم حفل توقيع للكاتبة والقاصة أزهار أحمد على روايتها الأولى "العصفور الأول" الصادرة عن دار الجمل.

يبدأ حفل التوقيع في الساعة السادسة والنصف مساء في دار الجمل.









لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

معرض مسقط2010: حفل توقيع للكاتب (محمود الرحبي)

يُقام في معرض مسقط الدولي للكتاب مساء اليوم حفل توقيع للقاص والكاتب العماني محمود الرحبي على روايته الأولى "خريطة الحالم" الصادرة عن دار الجمل.

يبدأ حفل التوقيع في الساعة السادسة مساء في دار الجمل.








لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

الإصدارات الفائزة بجائزة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء 2009

في احتفالٍ جميل مساء أمس الثلاثاء (2 مارس 2010) في معرض مسقط الدولي للكتاب تم الإعلان عن الإصدارات الفائزة بجائزة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء لأفضل إصدار ثقافي لعام 2009 في مجالات القصة القصيرة والرواية والشعر والمسرح والفكر.

في مجال القصة القصيرة فازت مجموعة "وأخيرًا استيقظ الدب" لعبدالعزيز الفارسي.

في مجال الرواية فازت رواية "الأشياء ليست في أماكنها" لهدى الجهوري.

في مجال الشعر فاز ديوان "وحدك لا تسافر مرتين" لخالد المعمري.

في مجال المسرح فاز كتاب "بروفة لاثنين" لهلال البادي.

وفي مجال الفكر والنقد فاز كتاب "مساءلات سينمائية" لعبدالله حبيب.


ألف مبروك للجميع على هذا الاحتفاء والتكريم لإبداعهم.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

02 مارس 2010

عبده خال يفوز بجائزة البوكر العربية 2010

أعلن اليوم في أبو ظبي عن فوز رواية "ترمي بشرر" للروائي السعودي عبده خال بجائزة البوكر العربية في دورتها الثالثة، متفوقة على خمس روايات أخرى كانت في اللائحة القصيرة للجائزة. هذا وقد حصل كل مؤلف من المؤلفين الستة على 10 آلاف دولار، بينما سيستلم عبده خال الفائز خمسين ألف دولار، وستُترجم روايته إلى عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية.

ألف مبروك لعبده خال هذا الإنجاز.


*تعليق: يروقني عبده خال جدا جدا جدا وأستمتع برواياته كثيرًا، وعندما قرأت روايته "الموت يمر من هنا" أذهلتني وما زلت أعتبرها من أفضل ما قرأت على الإطلاق. ولكنني كنتُ في داخلي أرشح أميركا لربيع جابر أو يوم غائم في البر الغربي لمحمد المنسي قنديل، وذلك للجهد الكبير الذي بذلاه في البحث وبناء عالم الرواية. على أية حال، رواية ترمي بشرر راقتني كثيرًا وهي بلا شك تستحق التقدير والإعجاب. مبروك للروائي الخليجي المفضل لديّ.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

الفائز بالبوكر العربية..الليلة (ما توقعاتكم؟)

يُنتظر أن يُعلن مساء اليوم في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب عن الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر العربية) لهذا العام. والروايات هي:

1- السيدة من تل أبيب لمؤلفها ربعي المدهون
2- ترمي بشرر لمؤلفها عبده خال
3- أميركا لمؤلفها ربيع جابر
4- وراء الفردوس لمؤلفتها منصورة عز الدين
5- يوم غائم في البر الغربي لمؤلفها محمد المنسي قنديل
6- عندما تشيخ الذئاب لمؤلفها جمال ناجي


ما توقعاتكم؟


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

انطلاق معرض أبو ظبي للكتاب اليوم

ينطلق اليوم (الثلاثاء 2 مارس 2010) معرض أبو ظبي الدولي للكتاب ويستمر حتى السابع من مارس، وتشارك فيه 823 دار نشر مما يؤكد على ضخامة هذا المعرض وثرائه.

المثير أيضًا في هذا المعرض هو حضور شخصيات أدبية وثقافية عديدة مثل الجزائرية أحلام مستغانمي واللبنانية علوية صبح والهندي أميت شودري والفرنسي جيلبرت سينويه و الكويتية ليلى العثمان والكندي يان مارتل صاحب رواية "حياة باي"، والليبي إبراهيم الكوني والجزائري واسيني الأعرج وغيرهم كثير، بالإضافة إلى أصحاب روايات قائمة البوكر: ربيع جابر وجمال ناجي ومحمد المنسي قنديل وعبده خال ومنصورة عز الدين وربعي المدهون.

هذا وهناك الكثير جدا من الفعاليات الثقافية والأخرى المتعلقة بصناعة النشر. يمكنكم الاطلاع على برنامج الفعاليات (من هنا)، وزيارة الموقع الإلكتروني للمعرض (من هنا). جدير بالذكر أنه سيتم توزيع جوائز جائزة الشيخ زايد للكتاب يوم الأربعاء القادم 3 مارس، كما سيتم الإعلان عن الفائز بجائزة البوكر العربية لهذا العام مساء اليوم.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»