31 أغسطس 2010

قراءات: كتاب "ألزهايمر" لـ(غازي القصيبي)



قبل أسابيع قليلة رحل عن دنيانا الأديب الشاعر والوزير السعودي (غازي عبد الرحمن القصيبي) لينتهي صراعه الطويل مع المرض، و لتنتهي سبعون سنةٍ من عمره قضى كثيرًا منها شعلة من النشاط لا تهدأ، ما بين قول الشعر، وتأليف الكتب والروايات، والعمل سفيرًا ووزيرًا مراتٍ عديدة. كان صاحب "سبع صنايع" كما وصف بطل قصته الأخيرة، لكنّ بخته وإرثه الأدبي لم يضيعا، وظلّ غازي شخصًا قد يختلف معه وحوله الكثيرون ولكنهم لا يقدرون إلا على احترامه وحبّه. عرفناه روائيًا ساخرًا بامتياز، صاحب أسلوب قد لا يضاهيه أسلوب آخر في سلاسته، وحكمةٍ عميقة يبثها من بين السطور. روايته "العصفورية" صُنّفت من ضمن أفضل مائة وخمس روايات عربية على الإطلاق، وروايته "شقة الحرية" لاقت إقبالا كبيرًا وتم تحويلها إلى مسلسل درامي أذاعته قناة "MBC" قبل سنين. ظلّ القصيبي يكتب حتى الرمق الأخير، وهكذا أخرج لنا كتابه الأخير "ألزهايمر" وهو على فراش المرض، ليصدر عن دار بيسان في بيروت بُعيد وفاته.

اختار القصيبي أن يصنّف كتابه هذا على أنه "أقصوصة" وهو في الحقيقة قصة طويلة، كان يُمكن -لو شاء مؤلفها وشاء القدر- أن تتحول إلى رواية. تدور أحداث القصة حول (يعقوب العريان) المريض بمرض "ألزهايمر" في مصحٍ في أميركا، اختار أن يواجه المرض هناك بعيدًا عن أهله، رفقًا بهم. والقصة مكتوبة بطريقة الرسائل، حيث يُرسل (يعقوب) اثنتي عشرة رسالة- في اثني عشر فصلا- إلى زوجته الأخيرة (نيرمين) يحدّثها عن أحواله وانطباعاته وحواراته في المصحّ مع زملائه.

من يقرأ الكتاب يستشف أنّ القصة ما هي إلا حيلة كتابية يستخدمها (غازي القصيبي) لينقل إلينا حالته الفكرية أثناء المرض الطويل، وليتحدث عن أفكارٍ وجودية مؤلمة، وأفكار أخرى متفرقة يشير إليها في عجالة كعادته. (يعقوب العريان) مريض في السبعين من عمره، وغازي أيضًا مريض في العمر نفسه، والاثنان يقتربان من النهاية. ما يفعله غازي في هذا الكتاب هو إلقاء الضوء على الفزع والألم الذي يكتنف الإنسان في شيخوخته عندما يعرف بأنه مقبل على وهنٍ وعجزٍ ومذلة تأباها كرامته وعنفوانه. أما لماذا اختار القصيبي مرض ألزهايمر بالذات، فربما ليستخدم رمز "النسيان" للدلالة على الضعف والوهن والألم، إذ أي قوة وعزّة وكرامة تبقى لدى المرء (والأمّة) إن تلاشت ذاكرته؟

ومن الصفحات الأولى يعرف المؤلف بذكائه أن القارئ سوف يعتقد أنّ غازي قد يستغلّ هذا الكتاب ليتحدث عن نفسه وسيرته، فيجيب على لسان بطله قائلا: "هذه ليست سيرة ذاتية؛ هذه رسائل من زوج إلى زوجته" (ص30)، ثم ينتقد كتّاب السيرة الذاتية بسخرية لاذعة: "والسيرة الذاتية ليست مبررًا كافيًا، أو ناقصًا، للتعري وإيذاء الناس. لا أدري لماذا كتب أستاذ الفلسفة الشهير سيرة ذاتية لم يترك فيها أحدًا من الذين عرفهم إلا تعرض له بسباب بذيء يأنف منه السوقة. ولا أدري لماذا قال كاتب شهير في سيرته الذاتية أنه كثيرًا ما كان يرى أباه، إمام مسجد الحيّ، يتأبط غلامًا مليحًا. ولا أدري لماذا أخبرنا كاتب شبه شهير أن أباه الكاتب الإسلامي ذائع الصيت لم يكن يصوم ولا يصلي. حسنًا! هذا الموضوع يرفع ضغط الدم عندي..." (ص30).

كعادة القصيبي يحبّ أن ينسج المواقف والحوارات الكوميدية التي تتضمن بعض الرسائل الناقدة الساخرة، وهكذا يعرّفنا على زملائه في المصحّ، مثل ذاك الذي يعتقد نفسه (هنري كيسنجر)، والممثل السينمائي الشهير الذي يفشل في تذكر بعض علاقاته النسائية. ويتحدث البطل (يعقوب) عن سنوات المراهقة، وعن فشله في تذكر التجربة الأولى في أمور عديدة، وحتى اسم زوجته الثانية. ولكنّ هذا الحس الكوميدي يبدأ بالاختفاء من الفصل التاسع حين يبدأ يعقوب بالحديث عن الذكريات السيئة التي يتمنى أن يمحوها المرض، ويزداد الحسّ الأليم في الفصل العاشر حين يذكر لنا تجربة روائية أميركية وعذابها في التعامل مع والدتها المصابة بمرض ألزهايمر. ويستمر في الفصل الحادي عشر بسرد تجربتين أخريين يستخلص منهما أن هذا المرض لا يصرعه شيء، ولا حتى الحبّ ولا الإيمان.

ربما لأول مرة أشعر بالألم والحزن الشديد وأنا أقرأ كتابًا للقصيبي، وخاصة حين يتحدث عن تجهيز المرضى نفسيا للدخول في المراحل المتقدمة من المرض. كم هو مؤلم ومُبكي أن يشبّه القصيبي ذلك بدخول الجحيم في ملحمة "الكوميديا الإلهية" عندما يقول دانتي : "يا من تدخلون هذا المكان اتركوا وراءكم أي أمل في الخروج". ويبلغ الحزن أشدّه في الفصل الأخير عندما يتحدث البطل عن كوابيسه عندما يفكر في ما سيحدث له، وكيف سيتحول هو وزملاؤه إلى "خضروات بشرية" لا تستطيع أن تفعل شيء بنفسها، وتغدو كائنات لا نفع منها ولا قدرة لها على أي شيء.

كتاب جميل سلس جدًا يثير فيك أسئلة كثيرة مقلقة حول المستقبل والشيخوخة، وستعرف كم أنت محظوظ بِنِعَم الله عليك في صحتك، وشبابك، وذاكرتك.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدارات: "الأوجه المتعددة للثقافة الصينية"


في الوقت الذي تتجه كل التوقعات والإشارات إلى أنّ الحضارة القادمة هي الحضارة الصينية تظهر أهمية التعرف إلى الصين عن قرب وفهمها جيدًا. في هذا السياق صدر مؤخرًا عن الدار العربية للعلوم كتاب بعنوان "الأوجه المتعددة للثقافة الصينية" تأليف "زانغ ياجون" وترجمة (تيا معوض). وفيما يلي ما جاء عن الكتاب في موقع الدار:

عبر صفحات هذا الكتاب سوف نحلّق بعيداً مع "زانغ ياجون" نذهب معه في رحلة ممتعة ومشوقة في آن، لنحط رحالنا في الصين، ذلك البلد العريق بحضارته، فنتعرف على أوجه متعددة للثقافة الصينية وفضائها الرحب، فنحقق بذلك المعرفة والفائدة لحضارة نجهلها. فيفتح لنا "ياجون" الأبواب وهذه الأبواب هي ما يضمها كتابنا هذا، فما علينا إلا أن نفتحها باباً باباً لنصل إلى الباب الرابع عشر. وفيه: 1- مكعبات شرقية سحرية، 2- المزيد حول الأحرف الصينية، 3- اللفظات المجانسة، 4-المحرمات والتعابير الملطفة في اللغة الصينية، 5- الأرقام، 6- حيوانات حقيقية وخرافية، 7- رمزية النباتات، 8- الألوان، 9- الطعام، 10- العادات الشعبية في احتفال قوارب التنين، 11- اليوم الثامن من الشهر القمري الثاني عشر وطبق العصيدة لذلك اليوم، 12- الأسماء والشهرات، 13- الكلمات الدخيلة في الصينية والتبادلات الثقافية، 14- التواصل بين الثقافات.

وفي هذا الكتاب سوف نجد الأجوبة على أسئلة كثيرة فيما يخص الثقافة الصينية، مثل: ما هي بعض العادات في حفلات الزفاف الصينية؟ هل من موقف متناقض حيال الكلاب في الثقافة الصينية؟ لماذا يتفادى التاجر الصيني قول كلمة "إغلاق"؟ لماذا يفضل الشعب الصيني الرقم ثمانية؟ لماذا لا يسمح بوضع ربطات العنق البيضاء في حفلات الزفاف الصينية؟

هذا وقد جاء الكتاب باللغتين العربية والصينية بهدف سهولة الفهم والإيضاح.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدارات: "الكتاب بين الأمس واليوم والغد"


صدر حديثًا عن الدار العربية للعلوم كتاب بعنوان "الكتاب: بين الأمس واليوم والغد" يتحدث عن تاريخ الكتب وحاضرها ومستقبلها لمؤلفه (روبرت دارنتون) وترجمة (غسان شبارو). وإليكم نبذة الكتاب من موقع الدار:

شكل اختراع الكتابة فتحاً في تاريخ الإنسانية في ميادين العلم والثقافة والاجتماع. وعبر الكتاب المطبوع انتشرت المعلومات والأفكار بطريقة أسرع وأكثر فاعلية من أي وقت مضى -والتي كان لها في بعض الأحايين تأثير على مجريات التاريخ نفسه.

واليوم يتم نشر أكثر من مليون كتاب سنوياً. ولكن هل سيدوم عصر الكتاب. أم هو إلى أفول؟ وفي هذه الحال، هل علينا تحضير مراسيم دفنه لنحتفل بنشوء مستقبل رقمي جديد. أم لنندب خسارة لن تعوض؟ وفي هذا الكتاب يحاول "روبرت دارنتون" التأكيد على أهمية وموقع الكتاب في عالم البيئة الرقمية التي تحولت اليوم إلى شكلٍ من أشكال المعرفة الأكثر تطوراً والأسرع استخداماً في حياة ملايين من البشر. سوف نكتشف عبر صفحات هذا الكتاب العوامل المشتركة التي تجمع ما بين الكتاب التقليدي والكتاب الإلكتروني، فضلاً عن أهم المزايا التي تجمع بين المكتبات والإنترنت.

ومن موقعه كأستاذ جامعي قضى معظم أوقاته في أجواء القرن الثامن عشر حيث كان يدرس موضوعاً أصبح اسمه "تاريخ الكتب"، فضلاً عن شغله مناصب عدة في أهم دور جامعات العالم مثل جامعة برينستون وأكسفورد ومن ثم مديراً لمكتبة جامعة هارفارد، يقدم لنا "دارنتون" حصيلة تجربته وخبرته العملية ورؤيته للمستقبل. فيقول: "أعتقد أنه يجب دراسة الماضي ومقاربته عند محاولة استشراف المستقبل أثناء مقارعة المشاكل الآنية لذلك وضعت هذه المجموعة من المقالات في ثلاثة أبواب، عبر العودة إلى الماضي، بعيداً عن تخمين مستقبل عالم الكتاب الذي سيسود بعد خمس أوعشر سنوات من النقاش حول مسائل مستجدة أو عائدة لعصور معلومات قديمة ذات أنظمة تواصل خاصة لها. ولا أقصد أني أردت لهذه المقالات أن تناسب قوالب محددة سابقة التجهيز، ولكنها كُتبت في مناسبات محددة استدعت الرد المباشر والسريع".

هذا ويعتبر الكاتب أن استمرار سيطرة الكتاب لا زال يجسد قاعدة عامة في تاريخ التواصل المعرفي وأن وسيلة واحدة لا تلغي أخرى وعلى الأقل في المدى القريب، فالمكتبات برأيه كانت وستبقى مراكز للمعرفة يكرسها مركزها الوسيط في عالم المعرفة ساحة توفيقية مثالية بين وسيلتي التواصل الطباعية والرقمية، إذ يمكن للكتاب استيعاب الوسيلتين، فإذا كان مطبوعاً على الورق أو مخزناً في "سيرڤر" فهو يضم في النهاية معرفة.

أما محتويات الكتاب فيقسمها الكاتب إلى ثلاثة أبواب رئيسة جاءت تحت العناوين الآتية: الباب الأول بعنوان: المستقبل ويضم أربعة فصول: الأول: غوغل ومستقبل الكتاب، الثاني: واقع المعلومات، الثالث: مستقبل المكتبات، الرابع: مفقود وموجود في الفضاء السيبراني.

الباب الثاني جاء بعنوان: الحاضر ويضم ثلاثة فصول: الأول: الكتاب الإلكتروني والكتاب التقليدي، الثاني: مشروع غيتنبرغ الإلكتروني، الثالث: الولوج المجاني.

الباب الثالث يأتي بعنوان: الماضي، ويضم أربعة فصول: الأول: أنشودة شكر الورق، الثاني: أهمية أن تكون ببلوغرافياً، الثالث: خفايا القراءة، الرابع: ما هو تاريخ الكتاب؟






لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

29 أغسطس 2010

ترشيحات كتب من محمد العوضي


في رمضان الماضي خصّص الدكتور (محمد العوضي) حلقة من برنامجه "بيني وبينكم" على قناة الراي لترشيح الكتب سمّاها "كتب في الصميم"، وقد أشرنا إلى ذلك في تدوينة سابقة. وفي الحقيقة كانت الحلقة مفيدة جدًا بالنسبة لي على المستوى الشخصي، ويبدو أنها وجدت إقبالا كبيرًا دعى العوضي إلى تخصيص حلقتين هذا العام. شاهدتُ الحلقة الأولى وراقتني جدًا، وبإذن الله ستستفيدون من الكتب التي يستعرضها.

تجدون أدناه الحلقة الأولى التي أُذيعت بالأمس:














لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

28 أغسطس 2010

إهداءات موقّعة: حسن اللواتي يهديكم 10 نسخ من كتابه


(تحديث 28 أغسطس 2010: انتهت الاهداءات)
تواصلا لسلسلة الإهداءات الموقّعة التي يقدّمها الكتّاب والأدباء لقرّاء المدوّنة، تكرّم الكاتب العماني (حسن بن أحمد اللواتي) بتقديم عشر نسخٍ من كتابه "قصص للناشئة: أوراق من جديد".

هو كتابٍ صغير عبارة عن قصتين مدعمتين بالصور هما "أوراق" و "من جديد"، يخاطب المؤلف من خلالهما شريحة واسعة من القراء الأطفال والناشئة، وهي مساهمة مشكورة في أدب الطفل في عُمان، حيث ما يزال في أول خطواته. يُحاول المؤلف إرسال رسائل أخلاقية ومبادئ سامية بين ثنايا النصين. أتمنى لمن يحصل على الإهداءات أن يستمتع بالقراءة ويُمتع الأطفال من حوله.

للحصول على الإهداء:
سيتم تقديم الإهداءات لمن يطلبها أولا
1- اترك تعليقًا هنا في هذا الموضوع تذكر فيه اسمك الحقيقي أو المستعار.
2- أرسل رسالة إلكترونية فورًا إلى بريدي الإلكتروني.
amueini@gmail.com تنسخ فيها تعليقك الذي كتبته، مع ذكر اسمك الحقيقي الكامل وعنوانك البريدي كاملا.


كل الشكر للكاتب (حسن بن أحمد اللواتي) والذي بالمناسبة قد افتتح مدوّنة جديدة يمكنكم الاطلاع عليها من خلال هذه الوصلة: http://timefrs.blogspot.com/ . أتمنى ممن يحصل على الإهداء أن لا يبخل بإرسال انطباعاته للمدوّنة أو للمؤلف.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

25 أغسطس 2010

إصدارات: الجذور الثقافية للديمقراطية في الخليج لـ(حسين غباش)


صدر حديثًا عن دار الفارابي كتاب جديد للكاتب الباحث الإماراتي المميز د. حسين غباش بعنوان "الجذور الثقافية للديمقراطية في الخليج: الكويت والبحرين". وفيما يلي نبذة من الكتاب جاءت في موقع الدار:

ينقسم هذا العمل إلى فصلين: يتناول الأول مسار الإصلاح في الكويت، من عام 1921، حتى استقلال الكويت عام 1961. وما تلاه من ممارسات لثقافة وطنية سياسية مميزة. ويتتبع الثاني التجارب الإصلاحية في البحرين منذ عام 1923، حتى مرحلة التحول إلى النظام الملكي عام 1999.
سيحاول هذا العمل، تقديم قراءة أنثربولوجية سياسية للتاريخ السياسي للكويت والبحرين. سنحاول تقديم قراءة معمقة للثقافة الوطنية التقليدية ودورها في صوغ الرؤية وتشريع المطالب الإصلاحية. إلى أي مدى أسست التقاليد والأعراف للفكر الديمقراطي؟
يهدف هذا العمل إلى إلقاء الضوء على تاريخ الشعوب، لا التاريخ الرسمي. وعلى نحو خاص الثقافة الوطنية التقليدية، وليس الثقافة الرسمية وليدة الحقبة الكولونيالية. سنتأمل خصوصياتها وثوابتها التي ولَّدت الحركات الإصلاحية والحراك الديمقراطي، منذ عشرينيات القرن الماضي. هذا الحراك الذي مابرح فاعلاً على الساحتين الكويتية والبحرينية.
كما يأخذ على عاتقه تبيان كيفية التعامل الكولونيالي البريطاني مع هذه الظواهر التاريخية، وإيحاءات تشكل المجتمعات الحديثة. وبالتالي كيف عملت على إجهاضها في المهد، الواحدة تلو الأخرى؟ وكيف فرغت المجتمعات الخليجية من روافعها وقوى نهوضها، لتتحول إلى محميات بريطانية، مفرغة من هويتها الوطنية والثقافية؟
(من المقدمة)

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

24 أغسطس 2010

قراءاتكم: كتاب "غبار" (قراءة: ميساء الهنائي)


اسم الكتاب: غبار
الكاتب : بشرى خلفان
التصنيف: نصوص
الناشر : دار أزمنة للنشر



بشرى خلفان تنبش غبار الأمكنة

"عرض كتاب غبار لبشرى خلفان"

في 80 صفحة من القطع المتوسط تبث بشرى خلفان غبارها المحمل بالحنين و الشوق و الكثير من الحب لتحكي عبر نصوص غير مؤطرة بمسمى أدبي حكايات مختلفة وبلغة شاعرية عن الحب و الحنين ونداء الامكنة .

في نصوص غبار التي اصرت الكاتبة ان تجعلها مفتوحة وقابلة للتأويل بين يدي القارئ دون تأطير بقوانين و تقنيات الكتابة بشرى في مجموعتها هذه حاولت ان تكسر حاجزا آخر من حواجز الاحتكار التي تبنى عليها النصوص وتصنف فصنفتها للقارئ على أساس أنها نصوص .

" لم تعد مسقط نفسها في اليومين الماضيين زرت مسقط أكثر من ثلاث مرات في محاولة عقيمة للتعود على قسماتها الجديدة تلك المرسومة بدقة خبير تجميل عجوز تعود أن يعد الشباب الوهمي لوجوه غارقة في القدم ، قسمات زرعتها الجرافات وشكلها الاسمنت المسلح حتى تصبح السيدة النبيلة فتاة غيشا كل ما عليها أن تتزن لسيد الليلة"ص60...تبدو لغة الحنين للمكان السمة البارزة في هذا الغبار فبشرى بنصوصها الأربعة و العشرين تنبش في غبار الأمكنة تبحث في تفاصيل مسقط المدينة التي ماعادت كما تركتها المدينة التي شوهتها جرافات التحسين المدينة التي زينت بالمبالغة أفقدتها روح الجمال الذي كانت تعشقه فيه .

بشرى في غبارها تبدو كامرأة مكسورة مليئة بالحنين و الخذلان تتكلم تارة عن طفولتها التي غابت فيها أمها ذات الثوب الأبيض والوردات البنية في منعطف تاركة وراءها طفلة تائهة عند باب الإرسالية لتكبر بانكسار آخر انكسار محمل بالخذلان من التحسينات التي أضاعت مسقط، مسقط الحنين مسقط الحب مسقط المكان الذي تعشقه والذي الفت الحب فيه.

ولكن النصوص لا تخلو من امرأة عاشقة تتحدث لرجل غائب رجل على ما يبدو أنها أحبته و اختفى تتحدث فيه البطلة عن حنينها إليه وعن حبها له وعن أشياء لم يعد يسمعها ولكنها ترغب في البوح بها له أو للهواء الذي يحمل صورة وهمية عنه "سأدخل مسقط عبر الحزن المتأثر بغيابك الذي يصبح مع الوقت أكثر حدة وأكثر وضوحا. لكني لن ادخلها لأبحث عن ذكرياتي القديمة بل عن الذكريات الأكثر طزاجة ذكرياتي معك "ص42

في غبار هذا تجيد بشرى حياكة الكلمات من حروف الحياة تجيد تطريز الحبكات بخبرة امرأة أثقلتها الحياة و أفقدتها أشياء جميلة امرأة افتقدت الدهشة التي صاحبتها في أول يوم لها في الإرسالية افتقدت اللذة التي عايشتها مع رجل أحبته واختفى و لا تملك سوى الحديث بلغة شاعرية تدفعها بقايا المشاعر الجميلة التي كانت تحملها .

إلا أن الغبار ذا اللغة الشعرية المحبوكة بعناية ودقة لم يخل أيضا من حكايات ونصوص لأحداث يومية ومشاعر تحملها أنت او بشرى خلفان أو أنا أشياء تخصنا جميعا " أدخل من باب المبنى الخلفي أتذكر فجأة أني نسيت ابتسامتي في البيت فأخر من حقيبتي واحة جاهزة من النوع الذي يباع في السوبر ماركت بمئة بيسة للواحدة . ابتسامة لا بأس بها ، رخيصة وتمنح شعور مباغتا بالسعادة عيبها الوحيد فقط أنها لاتدوم طويلا ..." ص73.

كل ذلك تجده في كومة غبار في نصوص مغلفة بغلاف من لوحة زرقاء بريشة نعيمة الميمني و عنوان اصفر يصف الغبار تحت اسم بشرى خلفان .

تجربة جميلة.. ننصحكم بقراءته

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

23 أغسطس 2010

قراءاتكم: كتاب "أفكار وُجدت لتبقى" (قراءة: أميرة)


أفكار وجدت لتبقى .. كتاب اشتريته دون تخطيط مسبق .. جذبني غلافه البسيط والكلام الرائع المكتوب في صفحة الغلاف الخلفي .. " الإشاعات المحلية ونظريات المؤامرة والإنذارات الصحية المزيفة تنتشر كانتشار النار في الهشيم... بينما يكافح أشخاص يحملون أفكارا هامة – رجال أعمال وأكاديميين وسياسيين وإعلاميين وغيرهم – لجعل أفكارهم تصمد ".

"لماذا تزدهر أفكار معينة بينما تموت أخرى؟ وكيف نحسن من حظوظ نجاح الأفكار الهامة؟"
هذا الكتاب المكون من 309 صفحة، يجيب عن هذه الأسئلة بأسلوب جدا رائع يجعلك تتذكر كل الخطوات المهمة لنجاح أي فكرة ويقدم أساليب وقصص واقعية لجعل الأفكار تصمد .. مثل تطبيق قاعدة الملموس قابل للتذكر ... وسرد قصص غريبة لكنها صمدت لأنها لامست مشاعر الناس وواقعهم كذلك العالم الذي شرب كأسا من البكتيريا ليثبت نظرية في قرحة المعدة!!
وقبل الخوض في تفاصيل الكتاب، وجب ذكر نبذة بسيطة عن مؤلفيه وهما شيب هيث ودان هيث –أكاديميّين وجامعيّ الأفكار- شيب هيث: أستاذ السلوكيات الإدارية في كلية الإدارة في جامعة ستانفورد، ودان هيث: مستشار في مؤسسة ديوك للتعليم المشترك وباحث سابق في كلية الإدراة في جامعة هارفارد وشريك في مؤسسة thinkwell لابداع الكتب الأكاديمية المحدّثة.

يبدأ الكتاب بمقدمة طويلة (37 صفحة)، يوضح فيها الكاتبان السبب الذي جعلهما يسألان هذا السؤال : لماذا تنجح بعض الأفكار بينما يفشل بعضها الآخر؟
شرح الكاتبان بعد ذلك المبادئ الستة التي تجعل الأفكار أكثر قابلية للرسوخ والتذّكر وهي: البساطة، عدم التوقّع، إضفاء الطابع الملموس، المصداقية، ملامسة المشاعر وأن تكون على هيئة قصص. جاء الكتاب في ستة فصول لكل مبدأ فصل خاص به يشرحه ويحلل أهم القصص والأفكارالواردة فيه وكيفية تطبيق كل مبدأ لجعل الفكرة ناجحة.
الفصل الأول: البسيط:
وهنا يوضح الكاتبان صعوبة تقبّل الناس لفكرة ما وهي معقّدة، فيجب ان تكون بسيطة حتى يسهل فهمها وليس المقصود هنا التقليل من الكلام في شرح الفكرة بل ضرورة العثور على أساسها.. وتنوعت القصص والأفكار التي تدعم هذا المبدأ ومنها " العثور على الأساس في شركة ساوث ويست للخطوط الجوية" حيث من المعروف ان هذه الشركة ناجحة جدا وتحقق أرباح مستمرة والعامل المهم في نجاحها هو إصرارها على تخفيض التكاليف وذلك بالتنسيق مع آلاف الموظفين. وقد وضح أحد المديرين التنفيذيين للشركة سر النجاح بعبارة واحدة " نحن الشركة الأدنى تكلفة" وهو الأساس الذي بنت الشركة نجاحها عليه.
الفصل الثاني: غير المتوقع:
ركّز الكاتبان هنا على أمرين مهميّن جدا أولهما كيفية كسر نمط معين حتى نسترعي إنتباه الآخرين تجاه أفكارنا؟ وثانيا: كيف نحافظ على إنتباههم؟
وحتى نفهم الإجابة على هذين السؤالين يجب فهم شعورين أساسين وهما " المفاجأة والإهتمام" وهما بالطبع شعورين تثيرهما الأفكار القابلة للرسوخ. من القصص المهمة الواردة في هذا الفصل هي قصة "شركة سوني" عندما اقترح أحد مهندسيها صنع راديو يمكن وضعه في الجيب! كانت هذه الفكرة غير متوقعة إذ كيف يمكن للراديو ان يوضع في الجيب وهو الذي كان عبارة عم قطعة " أثاث" كبيرة!!
لكن الفكرة نجحت وأدخلت "سوني" في فترة إزدهار ونمو حيث إزداد عدد موظفيها إلى 1200 في عام 1957، مكنها هذا النجاح بعد ذلك لإطلاق العديد من الأجهزة الناجحة.

الفصل الثالث: الملموس:
الملموس قلبل للتذّكر، وحتى تكون الفكرة قابلة للرسوخ يجب أن تحتوي على كلمات وصور ملموسة وذلك لأن الدراسات أثبتت أن الذاكرة أكثر فاعلية في تذّكر الأسماء الملموسة والتي يسهل تصورها.
ومن أهم القصص التي أعجبتني في هذا الفصل هي قصة " العيون البنية والعيون الزرقاء": حيث اغتيل مارتن لوثر كينغ وأرادت "جاين" معلمة الصفوف الإبتائية ان تحكي لهم عن موته، كان الطلاب يقطنون في قرية للبيض فقط وكانوا معتادين على كينغ ولكنهم ما كانوا ليفهوا من قد يرغب بقتله ولماذا!
في الصف قامت بفصل الطلاب أصحاب العيون البنية بعيدا عن أصحاب العيون الزرقاء ثم أعلنت : ان الأطفال أصحاب العيون البنية أرفع شانا من أصحاب العيون الزرقاء! وأجبرت أصحاب العيون الزرقاء على الجلوس في آخر الصف بينما أصحاب العيون البنية في المقاعد الأولى وأعلنت انهم أكثر ذكاء وتم إعطائهم وقتا إضافيا في الإستراحة. وكان على أصحاب العيون الزرقاء إرتداء أطواق خاصة حتى يعرفهم الجميع!!
ذهلت "جاين" للنتائج السريعة التي حصلت فقد تحوّل الأطفال إلى بغيضين وفاسدين وعنصريين انحلت الصداقات بينهم وبدأ أصحاب العيون البنية بتوبيخ أصحابهم من العيون الزرقاء!!
في اليوم التالي أعلنت " جاين" أنها كانت على خطأ فأصحاب العيون الزرقاء هم الأفضل وأصحاب العيون البنية هم الأقل مرتبة ، تعالت أصوات الأطفال أصحاب العيون الزرقاء فرحا لهذا القرار فقاموا بوضع الأطواق على أصحابهم من العيون البنية!!
وصف الطلاب وهم في (المرتبة الأدنى) أنفسهم بالحزانى والأغبياء والبخلاء! وكانوا أقل أداءا في المهام الدراسية.
أرادت "جاين" التعاطي مع الأمر بطريقة ملموسة، وجعل هذا التمرين الحكم المسبق ملموسا بدرجة كبيرة حيث أظهرت الدراسات التي أجريت بعد 10 و20 عام أن الأحكام المسبقة لدى الأطفال الذي اجروا اتمرين كانت أقل أهمية من الذين لم يجروا التمرين.

الفصل الرابع: المصداقية:
ما الذي يجعل الناس يصدقون الأفكار؟
في هذا الفصل يوضح الكاتبان أهم الإستراتيجيات التي تساعد على إضفاء المصداقة على الأفكارالتي نطرحها وبالتالي تكون أقرب للتصديق ومنها: استخدام تفاصيل مقنّعة مثل عالم الطب " مارشال" الذي نفد صبره وهو يحاول أقناع الناس بالإكتشاف المذهل الذي اكتشفه هو وزميله "روبن وارن" أن القرحة سببها البكتيريا ! فقام في يوم ما بتناول كوبا مليئا بالبكتيريا وفي غضون أيام عانى من الألم والغثيان والقيئ وباستخدام المناظر وجد زملاؤه أن بطانة معدته زهرية اللون!! فهنا فضّل الباحث ان يلحق بنفسه الضرر حتى يؤكد للناس صحة نظريته!

الفصل الخامس: العاطفي:
اجعل الناس يتعاطفون ...يركز هذا الفصل على جعل الناس يتعاطفون مع الفكرة التي تطرحها مثال على ذلك عندما أختبر الباحثون صيغتين لرسالة طلب معونة كانت الاولى توضح المشاكل التي يواجهها اطفال أفريقيا مثل :"النقص في الغذاء في مالاوي يخلّف آثاره على أكثر من 3 ملايين طفل" أما الرسالة الثانية فكانت تشرح حال طفلة أفريقية " روكيا" لتأمين الغذاء والرعاية الصحية لها .
فكانت النتائج مذهلة حيث تعاطف الناس كثيرا مع روكيا وساهموا بضعف المبلغ الذي تم دفعه لأطفال أفريقيا !
استنتج الباحثون ان الإستجابة العاطفية في محنة روكيا هي التي ادت بهم إلى هذا الفعل !
ومن الإستراتيجيات التي تحدث عنها الكاتبان بصورة واسعة في هذا الفصل هي " مناشدة المنفعة الذاتية"حيث يكون الناس أكثر تقبلا لفكرة ما عندما يجدون فيها منفعة ذاتية لهم.

ينتهي الكتاب بمجموعة من القصص الشيقة والواقعية التي كان لها تأثير قوي على الناس على غرار تلك المذكورة في الفصول السابقة.


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

22 أغسطس 2010

دردشات: هل أدخلت أحدهم إلى عالم القراءة؟


هل حدث أن أدخلت أحدهم عالم القراءة وفتحت له عوالم الدهشة؟

في عائلتك من عزّت عليه القراءة بعد أن كبُر في السن، هل تذكرت أن تقرأ له؟

في عائلتك أمّي يتمنى أن يعرف ما تحتضن بين يديك، هل تقرأ له؟

في عائلتك تلك الطفلة المشاغبة الفضولية التي ترجوك أن تقرأ لها بصوت عال، هل تلبي تلك الأمنية؟

هل نقلت عدوى الولع بالكتب والقراءة لأحدهم؟

في انتظاركم هنا ..





لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدارات: صدور الرواية الأخيرة لغازي القصيبي


خرجت الصحف العربية في الأيام القليلة الفائتة بخبر جميل لمحبي الكاتب الجميل الراحل (غازي القصيبي)، وهو نبأ صدور الرواية الأخيرة له قريبًا عن دار بيسان في بيروت.

وإليكم الخبر كاملا كما جاء في مقال لعبده وازن في جريدة الحياة يوم الثلاثاء الماضي 17 أغسطس 2010:

«الزهايمر» روايته الأخيرة تصدر خلال أيام ... غازي القصيبي يكتب «وصيته» على فراش الموت
الثلاثاء, 17 أغسطس 2010
كتب عبده وازن

شاء غازي القصيبي أن تكون روايته الأخيرة «الزهايمر» التي لم يتسنّ له أن يشاهدها مطبوعة والتي تصدر في بيروت خلال أيام، أشبه بوصيته الأخيرة يعرب فيها باختصار عن نظرته الى أمور طالما شغلته سابقاً وشغلت أبطاله الروائيين ومنها مثلاً: الشيخوخة، الذكريات، الموت، الحبّ، النسيان، الألم... لكنّ هذه الرواية القصيرة التي أصرّ على تسميتها «أقصوصة» كما كتب بخطّ يده، وأصرّ أيضاً على توقيعها باسمه الكامل: غازي بن عبدالرحمن القصيبي، هي رواية عن الاحتضار الطويل الذي عاشه هو، مستخدماً قناع «بطله» الذي يدعى هنا «يعقوب العريان» والذي اختار له مرض «الزهايمر» ليعالج من خلاله هواجسه الوجودية.

رواية قصيرة ما كاد القصيبي ينهيها حتى رحل، مطمئناً الى انها ستحمل الى قرائه مفاجأة جميلة وحزينة في آن. والرواية، وإن بدت مجتزأة من مشروع روائي لم يتمكّن القصيبي من إنجازه، قد تكون من أعماله الفريدة جداً لسبب واحد هو طابع الشهادة الذي يسمها. انها شهادة القصيبي على أيام المرض والعلاج، لكنّ كبرياءه أو كرامته حالت دون أن يمنح هذا النصّ صفة السيرة الذاتية فاختبأ خلف بطله «يعقوب العريان» ليسرد وقائع المرض والعزلة والمعاناة اليومية. ولم يكن اختياره مرض «الزهايمر» الذي أصاب يعقوب إلا هروباً نحو النسيان الذي يجعل الحياة شريطاً واهياً من الذكريات المتداخلة.

اعتمد القصيبي فن «الرسالة» ليكتب هذه الرواية، فإذا هي عبارة عن اثنتي عشرة رسالة يكتبها «يعقوب» الى زوجته نرمين، من المصح الأميركي الذي يخضع فيه للعلاج من مرض «الزهايمر». لكن هذه الرسائل لن تصل الى الزوجة إلا بعد وفاته إثر جلطة في القلب، وقد أرسلها اليها طبيبه الذي يدعى الدكتور جيمس ماكدونالد من جامعة جورج تاون. وهذه الرسائل المتقطّعة لم تكن إلا ذريعة ليستعيد يعقوب (أو غازي) ملامح من الماضي وليواجه الحاضر إما بالسخرية منه وإمّا بالرثاء المضمر الذي يشي بنظرة وداعية أخيرة.

في الرسالة الأولى يسعى الى الاعتذار من زوجته عن الكذبة التي اختلقها قصداً ليبرّر سفره للعلاج وكأنّه على يقين أنه لن يعود إلا جثة. والزوجة لن تكتشف هذه الكذبة البيضاء إلا بعد وصول الجثة والرسائل، فهي كانت تظن أنه في رحلة عمل طويلة.

لم يشأ «يعقوب» إزعاج أحد بمرضه، لا زوجته ولا ابنه ولا الابنة. أراد أن ينهار وحيداً في لجّة النسيان والذكريات، وفي «أرض الماضي المحروقة» كما يقول. إلا أن أيام علاجه في المصح الأميركي لم تخل البتة من الطرائف التي يسردها لزوجته، وأبطالها مرضى أميركيون. أحد هؤلاء يتوهّم نفسه الرئيس الأميركي نيكسون وآخر هنري كيسنجر وآخر زوجاً للممثلة الشهيرة مارلين مونرو... انها طرائف أناس هم على حافة السقوط في عتمة الذاكرة، يهلوسون ويهذون... إلا أن الحياة في المصح لا تخلو أيضاً من الألم والكآبة، لا سيما عندما يجد المريض نفسه وحيداً، أمام مرآة مغبشة لا يبصر فيها صورته جيداً.

يكتب يعقوب قائلاً: «أفكار حزينة قاتمة تنتابني» أو: «أعيش يومي لحظة بلحظة، ساعة فساعة». استطاع يعقوب أن يتذكر زواجه الأول من قريبة له أيام المراهقة، هذا الزواج الذي أجبر عليه قسراً لغاية عائلية. تذكر يعقوب أيضاً جدّه. تذكر امرأته نرمين يسري التي تصغره كثيراً وكيف تعرّف اليها في شرم الشيخ خلال مؤتمر مصرفي شارك فيه بصفته رئيساًَ لمجلس بنك «الدهناء»، وشاركت هي فيه كموظفة في بنك يملكه أبوها. يتذكّر «يعقوب» أشياء كثيرة وينسى أشياء أخرى كثيرة. ينسى اسم زوجته الثانية، بل ينسى إن كان تزوج مرة ثانية ويشك في الأمر. ينسى الأحداث الأولى في حياته: الفيلم الأول، الكتاب الأول، الحذاء الأول... «تزعجني ذكريات المرة الأولى لأنها تجيء ثمّ تتملص وتهرب» يقول.

لكنه يتذكر جيداً كيف كان في طفولته يلعب «لعبة الموت» فيتظاهر انه مات ليخيف أهله. هذه الذكرى لم تفارقه، بل هي تلحّ عليه الآن في مرضه الذي دفع به الى حافة الفراغ: «بلا ذاكرة لا يوجد سوى الفراغ، فراغ الموت». ثم لا يتوانى عن مساءلة نفسه: «ألا توجد قوة تقهر النسيان»؟ ولا يضيره في أحيان أن يسخر من هذا المرض الرهيب فيسميه «الزهايمر المتلصّص» أو «العزيز ألزهايمر» وكأنه يستحضر الطبيب الألماني آلويس ألزهايمر الذي اكتشف هذا المرض العام 1906 وسمّي من ثم باسمه، كما يشرح لزوجته في إحدى الرسائل.

ولعلّ أبلغ ما يصف به مريض «ألزهايمر» هو وصفه اياه بـ «الخضار البشري». فشكل المريض «شكل إنسان» لكن عقله «عقل حبة طماطم أو كوسة أو بامية». هنا تبلغ السخرية ذروتها العبثية، المرّة والأليمة. ويتذكر يعقوب (غازي) تلك الجملة التي وضعها دانتي على مدخل «الجحيم» في «كوميدياه» الشهيرة: «يا من تدخلون هذا المكان اتركوا وراءكم أي أمل في الخروج». كأن هذا المرض هو جحيم أيضاً، جحيم العذاب والعزلة.

ليس نص «الزهايمر» أقصوصة، ولا أحد يعلم لماذا أطلق القصيبي عليه هذه الصفة، مع انه يتعدّى مئة صفحة. هذا النص يمكن وصفه بالرواية القصيرة أو بالقصة الطويلة، وتكمن فرادته في تقنية السرد التي تلبست هنا فن المراسلة، وهذا فنّ عريق روائياً. وقد يشعر القارئ أن هذه الرسائل كتبت لتكون جزءاً من رواية تكمّل رواية «حكاية حب» من خلال مكابدة البطل نفسه (يعقوب العريان) حال الاحتضار والموت.

ولعل القصيبي وجد في هذا البطل صورة لنفسه فحمّله معاناته وهذه الرسائل الموجهة الى قرائه. ومَن يطلع على المخطوط الذي يملكه الناشر اللبناني عيسى أحوش صاحب دار «بيسان» التي حصلت على حق النشر من القصيبي مباشرة، يلحظ كيف تمعّن القصيبي في كتابة النص وتقسيمه بدقة تامة. لعله شاءه فعلاً وصيته الأخيرة على فراش الموت.


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

20 أغسطس 2010

إهداءاتكم: في شهر الخير.. 8 كتب لمن يطلبها أولا


في شهر الخير، تتواصل إهداءات أهل الخير. أرسل إليّ صديق طلب عدم الإشارة إلى هُويته رسالة يقول فيها أنه ينوي إهداء بعض الكتب لقرّاء هذه المدوّنة، وهي ليست المرة الأولى حيث سبق وأن أهدى مجموعة كتبٍ قبل شهور. هذه المرة ولظروف خاصة ستكون الإهداءات مقتصرة على القاطنين في سلطنة عمان، فنرجو من جميع أصدقائنا خارج عُمان المعذرة.

أما طريقة الحصول على الإهداءات فوفقا للأسبقية، من يصل أولا ويطلب الكتاب يكون له:

1- اكتب تعليقا على الموضوع تحجز فيه الكتاب المراد، مع ذكر اسمك الحقيقي او المستعار
2- بعدها مباشرة أرسل رسالة إلكترونية إلى amueini@gmail.com تنسخ فيها تعليقك، مع ذكر اسمك الحقيقي وعنوانك البريدي كاملا حتى يصلك الكتاب بالبريد



وأما الكتب المُهداة فهي كالتالي:



1- المجموعة القصصية "كأني لا أراك" للكاتبة (فاطمة العبيداني)
2- المجموعة القصصية "دموع في ليلة الزفاف" للكاتبة (قماشة العليان)

3- كتاب "قطوف من الإبداعات الشبابية 2007" وهو عبارة عن قصائد فصيحة ونبطية وقصص

4- رواية "بلا والي" للكاتبة (حوراء حبيب)
5- المجموعة القصصية "سرير يمتطي سحابة" للكاتب (حمود الشكيلي)
6- المجموعة القصصية "سفر هو حتى مطلع الشمس" للكاتب (سمير العريمي)
7- رواية "الأحمر والأصفر" للكاتب (حسين العبري)

8- كتاب "قصص مؤثرة للفتيات" للكاتب (أحمد سالم بادويلان)



شكرًا لصاحب الإهداءات...وعسى أن يوفقه الله إلى ما يحب ويرضى

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

16 أغسطس 2010

يرحمك الله يا غازي..


رَحَلَ غازي..

فقدتُ اليوم شخصًا عزيزًا جدًا، خاصًا جدًا، تجمعني به ذكريات رائعة جدًا.

كان أول لقاء جمعني بالقصيبي في المرحلة الإبتدائية، في قصيدة قالها احتفالا بافتتاح جسر الملك فهد بين السعودية والبحرين، ما زلتُ أذكر مطلعها الرائع:

ضربٌ من العشق لا دربٌ من الحجرِ....هذا الذي طار بالواحاتِ للجُزُرِ


ومضت السنين لأصل إلى المرحلة الإعدادية، ويصل هو إلى حفل زفاف ابنته الكبرى، فيكتب لها قصيدة من أجمل القصائد، غنّتها فرقة (سلطانيز) البحرينية بلحنٍ بديع رغم تكسير المطرب في لغتها:
العمرُ أنتِ وريّاهُ ورونقهُ...وأنتِ أطهرُ ما فيه وأصدقهُ
يارا؟ أم الحلمُ في روحي يهدهدها...يارا؟ أم اللحنُ في قلبي يموسقهُ
أمن عيونكِ هذا الفجرُ مشرقهُ...أفديه فجرًا يظلّ الفجرُ يعشقهُ
أطفلةُ الأمسِ هذي؟ أين دميتها؟...وأين مهدٌ أباتُ الليلَ أرمقهُ
أين الحصانُ الذي كانت تلقّبهُ...بابا، تكبّلهُ حينًا وتعتقهُ
وأين كومة أشيائي تبعثرها...وأين دفتر أشعاري تمزّقهُ
وأين في الرمل بيتٌ كنتُ أصنعه...لها فتسكن فيه ثم تسحقهُ
وأين راحت أساطيرٌ ألفقها...في عالمٍ من خيالاتٍ أنمّقهُ
تصغي إليها قبيل النوم في زمنٍ...تتلو على أمها سحرًا وتسرقهُ

تسعٌ وعشر رعاك الله كيف جرى...بنا الزمانُ يكاد البرق يلحقهُ
أطفلة الأمس هذي؟ أين لثغتها...تصيّر الحرف عيدًا حين تنطقهُ
وأين قفزتها إن عدتُ من سفرٍ...تهوي على عنقي عقدًا يطوّقهُ

أهي العروسُ التي يختال موكبها؟...شيء أراه ولكن لا أصدقهُ
يا وردة القلب حيّتكِ الورود وما...للورد نفح عبير منك أنشقهُ
تمازج الوردُ في دمعي فيالَ أبٍ...يلقاكِ بالدمعِ والأفراحُ تخنقهُ



ومضى الزمان ونسيتُ القصيبي الشاعر، حتى عثرتُ على روايةٍ له اسمها "شقة الحرية"، ولا أذكر أين قرأتها أول مرة (ربما في المكتبة الإسلامية التي اكتشفتُ فيها كتبا ومؤلفين لا حصر لهم) ولكنني أذكر أنها أذهلتني جدًا جدًا، وهي الرواية الوحيدة التي قرأتها 3 مرات في حياتي. بها سحرٌ عجيب لا أعرف مكمنه بالضبط، ربما لأنّ الفترة الناصرية تأسرني؟ ربما لأن بها شيئا من رائحة البحرين التي تشكّل جزءا من هُويتي؟ ربما لأنها تلقي الضوء على التحولات الفكرية في الخليج العربي؟ لا أدري!

وكم كنتُ سعيدًا عندما اكتشفتُ بالصدفة رواية أخرى في المكتبة الإسلامية اسمها "7"، والتهمتها بسرعة واستمتعتُ بها كثيرًا. وعندما بدأتُ أشتري الكتب اقتنيتُ عددًا من كتبه، فقرأتُ "العصفوية" وهي من أفضل الروايات العربية، وقرأتُ "أبو شلاخ البرمائي" وضحكتُ كثيرًا مع القصيبي، وقرأتُ "هما" و "سعادة السفير" و "الجنية" و "دنسكو" و "استراحة الخميس" و غيرها الكثير. أسلوبه الأدبي الساخر يذهلني، وهو أسلوب متفرد مميز لا أجد لذته مع أي كاتب عربي آخر.

وأما الكتاب الذي يقفز إلى ذهني مباشرة حين يطلب مني الأصدقاء ترشيح كتب عربية لهم فهو الكتاب الرائع "حياة في الإدارة". رحلة إدارية ممتعة وفي قمة الفائدة يأخذك فيها القصيبي دون توقف من الغلاف إلى الغلاف، ولم أعرف أو أسمع عن أحد ندم لقراءته هذا الكتاب أو لم يبد إعجابه الشديد به.

أحببتُ غازي القصيبي كثيرًا، وكنتُ أتمنى أن أقابله يومًا ما. كان بالنسبة لي كثيرًا من الأشياء، فهو روائي ساخر تروقني رواياته وقفشاته، وهو شاعر مميز تطربني قصائده، وهو إداري فذ تعلمتُ منه الكثير، وهو إنسان نبيل يشجّع الأدباء الشباب (مثلا كتب تعليقًا على غلاف أول رواية لعبده خال، وأصدر كتابا كاملا بعنوان "الخليج يتحدث شعرا ونثرا" يشير فيه إلى إبداعات أدباء الخليج الشباب).

بكل صدق..حزنتُ كثيرًا لوفاته، ولكن هكذا شاء الله أن يريحه من صراعه مع المرض.

رحمك الله يا غازي

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

11 أغسطس 2010

دردشات: هل تجعل بيتك أو أرضك وقفا ثقافيا؟

كنت أظن أن الوقف الثقافي اندثر منذ زمن بعيد إلى أن تناهى إلى علمي خبر مركز بدر خان للثقافة والفنون في مصر (اقرأ هذه التدوينة)، والذي "وقف" له فيلته وكانت نواته أيضا إرث عائلي من الكتب والتراث السينمائي.

الأمر الذي جعلني أسأل نفسي، لو كنت أملك بيتا أو قطعة أرض هل كنت سأجعلها وقفا لعمل ثقافي؟

ماذا عنكم أعزائي زوّار المدونة؟ هل سيفعلها أحدكم؟

في انتظار ردودكم.


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

10 أغسطس 2010

مبادرات قرائية: بدر خان للثقافة والفنون


في المرة القادمة التي تزور فيها مصر، لاتنسى أن تضع مركز بدر خان للثقافة والفنون جنبا إلى جنب مع النيل والأهرام وأبو الهول ومدبولي ومعالم مصر الثقافية والتاريخية الأخرى.

فيلا رقم 7 في شارع استوديو الأهرام ملك سابق للمخرج علي بدر خان حولها لى مركز ثقافي بالشراكة مع الكاتب الشاب ايهاب عبدالحميد في منتصف شهر ابريل 2009.

الفكرة التي بدأت كمكتبة غدت مركز ثقافي متكامل لا يبيع الكتب فقط بل يتعدى ذلك ليوفر مكان للقراءة وعقد أنشطة ثقانية تتنوع بين ندوات وأمسيات شعرية ومحاضرات لفنانين ومثقفين.


وللأطفال نصيب مع بدر خان من خلال أنشطة وفعاليات تهدف لتعليمهم كيف يسهموا في تنمية المجتمع وذلك من خلال تسليط الضوء على حلول بعض المشاكل كإعادة تدوير الورق.

الهدف الرئيسي من انشاء بدر خان للثقافة والفنون كان اعادة الشباب إلى هواية القراءة من خلال تبادل الأفكار بين الأدباء والمفكين والفنانين من جهة والشباب من جهة أخرى.

لمعرفة المزيد عن المبادرة، نرفق لكم الروابط أدناه.

المصدر الأول
المصدر الثاني
صور للمركز



لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

09 أغسطس 2010

قراءاتكم: رواية "The Kite Runner" (قراءة: هالة)


لطالما أردت أن أحكي رواية "سبّاق الطائرات الورقيّة" ، عن ذلكَ الشيء الذي يتسللُ إلينا من تلكَ الأوراق ويبقى فينا أمداً طويلاً !

"سباق الطائرات الورقيّة" هي من أكثر الروايات التي لا أستطيع أن أنسى أنني يوماً ما قرأتُها !، وبالرغم من أنني قرأتُها قبلَ عدّة أشهر إلا أن تلكَ السحريّة لا تزال باقية .. غضّة !

الرواية لـ كاتبها خالد حُسيني .. من أصلٍ أفغانستانيّ ، مُقيم في الولايات المتحدّة،
تتحدث الرواية عن صديقين مسلمين مع كلّ تلكَ المفارقات حول طبقاتهما الإجتماعية والمذهبيّة الكبيرة بينهما .. وتدور الأحداث في أفغانستان !

يصوّر خالد حُسيني بعبقريّة مدى قدرته على نسج تلك التفاصيل الصغيرة حول بلده من خلال "الطائرات الورقيّة" بين أيدي الأطفال في المسابقات الموسميّة المخصصة لذلك ، مع كل تلك الطائرات وهي ترتفع لـ السماء يصوّر حُسيني مقداراً كبيراً من الخير والشرّ ، الجمال والقبح ، السلم والحرب، الصداقة والخيانة، الوطن والغربة ، ومعنى أن تكونَ شخصاً بين كل تلكَ التضادات !!

يخبرُنا عن أرضه الجميلة التي دمّرتها حرب جائرة ، وعن كل تلكَ القيم الإنسانيّة التي تتبدل سريعاً حينما يكون ُخلفها آلات معنويّة مصممة لـإسقاطها !

عن عاداتٍ وتقاليد وتراث يختبئ خلف الأسوار الشائكة ، والتي تتهالك خلف دباباتِ العدو !
أكثر الأشياء التي يريدُها خالد حُسيني وراء كل من يقرأ روايته ؛هي أن يعرف أنّه مهما مضت قرون خلّفها الإستبداد الروسي لأرضه فإنّ الألم لايزال طريّاً .. جدّاً .. جدّاً !!

ما إذا لم تقرأوا "The Kite runner " فـ هلموا لـقراءتها !
هالة ~

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

07 أغسطس 2010

قراءاتكم: رواية "غرف للإيجار" (قراءة: هدى الجهوري)


(نُشر هذا العرض في ملحق شرفات بجريدة عمان بتاريخ 3 أغسطس 2010)


من يقرأ رواية "جوع"، ويعقبها برواية "غرف للإيجار"، بالإضافة إلى المجموعات القصصية التي تخص الكاتب محمد البساطي يكتشف أن كتاباته ترتبط بالفئات المسحوقة والمهمشة في المجتمع.
" الشقة في بيت قديم. من ثلاث غرف بكل غرفة عائلة. الباب الخارجي مفتوح ليل نهار. لا يوجد في الصالة ما يُخشى عليه، وكل عائلة تغلق باب غرفتها على نفسها وأشيائها..". هكذا يُدخلنا البساطي إلى الجو العام لروايته "غرف للإيجار" التي صدرت عن دار الآداب. يستعرض حياة بأكملها، من خلال الغرف التي تشرح أزمة السكن. فلم تعد الأسر تبحث عن شقة، بل تكتفي بغرفة واحدة، ضمن شقة تتشارك فيها أكثر من عائلة، بالإضافة إلى حمام وصالة مشتركة بين الجميع.

الغرف هي البطل الرئيسي في هذه الرواية. فهو لا يترك تفصيلا من تفاصيلها إلا ويذكره، الباب، القفل، مساحة الغرفة، الأثاث، فالعائلات المتنقلة بالكاد لديها سرير ودولاب كرسي وترابيزة. ينتقي بشرا من مهن وظيفية بسيطة للغاية فوّال، فرّان، ومشتغل على سكة الحديد، يحاولون جاهدين أن يبقوا متمسكين بهامش الحياة الضيق، ضمن أبسط الشروط المتاحة لهم حتى إن الواحد منهم قد يفقد خصوصيته في بيته لأن الغرباء يسكنون في الغرفة المجاورة تماما، كأنهم يعدون له أنفاسه وحركاته.

لغة البساطي بسيطة وسهلة إلا أنها مشحونة بالدلالات، كما يكتب الحوار بالعامية المصرية. تبدو اللغة ووصف الشخصيات مع حركة الحوار أشبه بمشاهد سينمائية. الشخصيات بسيطة، وأحلامها لا تتجاوز أن تعيش يومها، ليس لديها الكثير لتتحدث عنه. الرجال يميلون إلى الصمت، النساء الباقيات لحين عودة الأزواج يملن للتحدث كثيرا. يُضيء البساطي شخصية المرأة من الداخل أكثر مما يعتني بإضاءة شخصية الرجل، كما أنه يعتني بسرد تاريخها منذ طفولتها بتقنية "الفلاش باك"، بينما يقدم لنا الرجل في حاضره الآني. ربما لأن الرجل يتحرك خارج الغرف، بينما تتحرك المرأة داخلها. الغرف هي مكان الحكاية، أما الزمن فلا يسير في اتجاه واحد، بل يعود إلى الوراء، ويذهب سريعا إلى الأمام.

فاطمة والفوّال

تبدأ الحكاية بالحديث عن الغرفة الأولى بالطرف الأيسر التي يشغلها فوّال اسمه عوض عربته على ناصية البيت وزوجته تبيع العيش في كشك حكومي، وكان أول من سكن الشقة، يخرج البساطي من حديثه عن الشقة إلى اللقاء الذي جمع بين الفوّال، وفاطمة، و"الحلال" الذي ظلت تطالب به، لأنها زهقت من الكلام الكثير. يقع عوض عند رغبتها من أجل الحلال، فيفرش لها غرفة النوم بالفراش الذي كانت تحلم به طوال حياتها، الصالة كانت لهما والمطبخ والحمام، بينما الغرفتان المجاورتان مغلقتان، مع لافتة مكتوب عليها غرفة للإيجار.

كان الفوّال رجلا لا يهتم إلا أن ينال متعته، لا يصدق أن يعود عن عربة الفول حتى ينال منها ما يريد، وكان على درجة عالية من الغيرة، إذا لمحها تطل من الشباك يضربها ضربا مبرحا. تخشى فاطمة أن ترد عليه فيطلقها. تزوجت أمها أربعة، وكانت تضطر أن تكون في غرفة واحدة مع أمها والزوج، وتتعرض لنصيبها من التحرشات. الصالة هي فسحتهما التي يجدان فيها الراحة والمتعة معا "يا سلام..يا سلام الصالة دي فيها حاجة لله"، كما قال عوض الفوّال.

عطيات والفرّان

حضرت العائلة الثانية، عطيات مع فرشها القليل على عربة الكارو، إلا أن الغرفة كانت أصغر من أن تضم جميع أغراضها. تعود الحكاية إلى الوراء قليلا لتضيء قصة عطيات في غرفتها في الشقة السابقة، "تكدست بالأولاد الذين احتلوا الصالة للعب. الأمهات لا يزجرن الأولاد، وكان طبع عطيات أن تسمع الشتيمة وتمضي، بواب العمارة كان يحاول أن يغريها، ربما لأن زوجها يقضي وقتا طويلا خارج الغرفة، وصاحب البيت يطلب زيادة في الإيجار". لذا اضطرت أن تترك غرفتها السابقة. عاد البساطي أكثر إلى ماضي عطيات حيث كانت تعمل خادمة عند نوال ادخرت جزءا من راتبها لشراء المقعد والدولاب والسرير، والجزء الثاني كان والدها يأخذه منها أول كل شهر. كانت تبادل ماجد ابن السيدة نوال الود، وكانت بينهما رغبة متبادلة لتجريب الجسد.
عندما خافت عطيات من أن تكشفهما الأم صارت لا تعطيه إلا ظهرها فخف مجيئه إليها رغم اشتياقها له. لكن الحظ أخذها إلى الفرّان الذي كان يرقبها، وهي تشتري الخبز، فتزوجها. ذات يوم شب حريق في الفرن فاحترق وجه زوجها من الجانب الأيسر، أكلت النار أذنه وركن فمه وتهدل لحم خده. لكن الغريب أن الحريق ساهم في تغير العلاقة الباردة الجسدية التي كانت تجمعهما. كان لا يقربها كثيرا في الفراش، ولا يشعر بحاجته إليها، ولكن ما أن أصيب بتشوه في وجهه، حتى بدأ بلهاث محموم لإقامة علاقة جسدية معها، كأنه يرمم بها جسده المعطوب. هوسه الكبير بها ولّد لديها النفور، من دون أن تمنعه من الاقتراب منها.

تعرفت فاطمة على عطيات، فانفتح قلباهما لبعضهما. جلستا في أول لقاء في الصالة، حكت كل واحدة حكايتها للأخرى. التقى عوض زوج فاطمة بجاره الجديد بدوي زوج عطيات إلا أن علاقتهما لم تتوطد كما حدث مع الزوجتين. يُلمح البساطي، دون إسهاب كبير في التفاصيل إلى علاقة شاذة تنشأ بين فاطمة، وبين عطيات، تبدأ بمحاولات من عطيات، وتستجيب لها فاطمة بسهولة كبيرة، وهذا ربما يبرر نفور عطيات من زوجها، كما يبرر حاجة فاطمة إلى الحنان والغزل الذي كانت تفتقر إليه مع زوجها الفوّال.

هانم وعامل سكة الحديد

في الغرفة الثالثة دخلت هانم وابنها يوسف، عمره 6 سنوات، وزوجها عثمان الذي يعمل في سكة الحديد، بعد أن تنقلت هذه الأسرة كثيرا من مكان إلى آخر.

في الانتقال الثاني أعجبت هانم بصورة الرجل العاري الموجودة على جدار الغرفة، لم تستطع كشط الرسم لكي لا تدفع تعويضا للمالك، فغطت الصورة بالستارة لكي لا يراها ابنها الصغير يوسف. إلا أن الرجل الذي أعجبت به في الصورة تسلل إليها ليلا. ترجع الرواية إلى الوراء أكثر، لتخبرنا أن هانم عملت وهي صغيرة في أحد البيوت، ثم بدأت تفكر بالزواج، فرح والدها بالخطيب "عنده بيت ميري (أي حكومي)، ويقبض مرتب أول الشهر، عايزين إيه أكثر من كده". وهي أيضا وافقت عليه. لكنها كانت تريد فرح وفستان وزفة، إلا أن الجدع كان على قد حاله، جاءت زينب القرعة لتغني في العرس، واستأجرت لها أمها أرخص فستان.

يصور لنا البساطي هذه الغرف التي لا تكفل الخصوصية، لا يمكن الحصول عليها بسهولة، فقد طارت إحدى الغرف من يدي عثمان في يومين لأنه لم يدفع عربونا عندما ذهب ليحضر زوجته وابنه، وعندما اسودت الدنيا في وجهه، قبل أن يسكن في غرفة بدورة مياه مشتركة ليصبح الجار الثالث. في تفصيل دقيق، يطلب عثمان من زوجته ترك الجلابيب الواسعة، وارتداء الملابس القصيرة المغرية فترفض رفضا باتا ذلك.

الدخول إلى الغرفة الخطأ

عاشت النسوة الثلاث في وئام معا، لم يرتفع صوت شجار بينهن. بالرغم من أن هانم ظلت تشعر أنها غريبة بين فاطمة وعطيات، وغمزاتهن السرية. لم توافق على الاشتراك في إعداد الطعام أو حتى شرب الشاي معهن، وتتحجج أنها مشغولة، حتى زوجها لم يكن يميل للجلوس مع الرجلين الآخرين في الصالة. ولأن بدوياً لا يحصل على ما يريد من زوجته ذهب إلى حجرة مختنقة بالأنفاس، وشرب كثيرا تلك الليلة، عاد ودرجات السلام تهرب من تحت قدميه.

كثيرا ما كانت تطلب هانم من زوجها أن يغير موقع الترباس لكي يتمكن يوسف من الذهاب إلى الحمام، إلا أنه كان ينسى، وكانت تضطر لترك الباب مواربا لأجل ابنها. في تلك الليلة، وبعد أن شرب بدوي كثيرا، أخطأ الطريق إلى غرفته، ودخل غرفة هانم، فعلا صوت صياحها، ودخل الجميع دفعة واحدة.

ذلك اليوم فقط غير عثمان مكان الترباس المرتفع إلى أسفل ليكون مناسبا لطول يد ولده، لكي تغلق الزوجة بابها كل ليلة.

في الفصل الثاني نكتشف أن هانم وابنها استأجرا غرفة أخرى على السطوح، بعد أن اختفى زوجها عثمان، وتسبب في اكتئاب كبير لابنها يوسف، من دون أسباب واضحة.

عباس: الشخصية المعادلة

يقدم لنا محمد البساطي "غرف للإيجار" في فصلين، الفصل الأول يروي السارد العليم بضمير الغائب، بصيغة الحاضر بالرغم من أنه يذهب بكل شخصية إلى ماضيها البعيد الذي أوصلها إلى الراهن الذي تعيشه، ويمنح الشخصية مبررات قوية تدفع بها إلى الرضا بالحصول على غرفة بدلا من شقة. في الفصل الثاني تظهر لنا شخصية عباس الذي يتكلم بضمير المتكلم، يقول على لسانه: "غرفتي فوق السطح، تشغل ركناً من الجانب الأيمن، تطل على رأس السلم، أوارب الباب وأرى من رقدتي الأقدام التي تهبط وتصعد، وقد يمر يومان أو ثلاثة لا أرى قدماً، وعندما أراها أظل في رقدتي لا أتحرك"، يبدو واضحا أن عباس من مستوى آخر، فهو ليس فرّان أو فوّال، ولا يعمل في سكة الحديد، بل يملك شخصية واعية، ويحلم بكتابة مقالات جيدة، كما أنه لا يبدو كالآخرين المشغولين بيومهم واللهاث وراء لقمة العيش، بل هو معني بالآخرين إذ يتعاطف مع جيرانه، فنراه يساعد جارته عزيزة في تنظيف زوجها المشلول، ومن ثم يستمع لشكاوي هانم عن ابنها يوسف، ثم يتعاطف مع الموسيقي العجوز وحفيدته، التي ترافقه في جولاته الغنائية كل مساء.

الرواية لا تبتعد كثيرا عن الواقع المعاش، تغرق في تفاصيل الوجع الإنساني والتشتت الاجتماعي دون أن تقول ذلك صراحة، لم يأت البساطي بتفاصيل كبيرة عن حياة هذه الفئة المسحوقة، ولكنه ركز كثيرا على حياتهم الجنسية، وكأنها انعكاس حقيقي عن الجانب الأعمق في هذه الشخصيات.. بين من يضرب زوجته لأنه عاجز، وبين يريدها كثيرا لأنه مشوه من الخارج، وبين من يريدها في شكل آخر غير الجلابيب الواسعة.

عباس أيضا له جـرحه الخاص، فزوجته بعد طلاقها، حرمته من رؤية ابنته، وهذا ما جعله يتعاطف مع حفيدة الرجل العجوز، ويتكفل بها، بعد اختفاء الجد، الذي أبلغه أنه سيتغيب ليومين، لأمر طارئ، فذهب ولم ويعد. الغريب أن البساطي يهدي الرواية إلى حفيدته فريدة الحقيقية، وتظهر شخصية فريدة مع جدها الذي يعزف على العود، فيهديها عباس الدمية التي خبأها لابنته. يحكي الجد قصة فريدة: "أبوها مات من زمن. بلهارسيا وكبد. القصد. أمها صغيرة. اتجوزت. ماشي، جوزها معاه ابن في سن فريدة من زوجة ماتت. وفريدة موش ساهلة. الولد يضربها تضربه، يشتمها تشتمه. شهر والثاني وقال موش عايز فريدة في البيت. يقول ما أصرفش على واحدة موش بنتي. آه. فيه ناس كده. وبنتي تمانع، نكدّ عليها عيشتها. ويضرب البنت. آه. على الفاضي والمليان. ضرب ضرب، عينها تورم. مناخيرها تنزل دم. أنا شوفت كده أخذت البنت عندي"

الحياة البسيطة..الكتابة الصعبة

الكتابة عن البشر المهمشين، بالرغم من بساطة حياتهم، وتفاصيلهم اليومية إلا أنها كتابة صعبة، وقد تقع في فخ أن تصبح بوقا للدفاع عنهم، إلا أن البساطي يكتبها كما هي، دون أن يسعى لأن يحرض القراء على التعاطف، بينما يأتي التعاطف من العمق الداخلي للعمل، وليس من الأحداث الخارجية.

الشخصيات تعيش لأجل المتعة الحسية. شخصيات لا تحمل أي مستوى من الوعي. لا تذم للحكومة، ولا تلعن حظها العاثر، لا تقدم أي إشارات إلى الوعي الديني بالرغم من أن فاطمة كانت مصرة أن تقيم علاقتها مع الفوّال بالحلال، وبالرغم من أن عباس أراد أن يكتب مقالا عن الكروش الكبيرة، عن الأقدام التي تعبر في الشارع، أو تلك التي يشاهدها أثناء الصلاة. الشخصيات بالرغم من بؤسها لا تخفي جانبا من المرح فيها، ويتضح ذلك أكثر في الحوارات القائمة على اللهجة المصرية.

العمل ينتهي بالكثير من الأسئلة من دون إجابات محددة، غادر الجد وترك الحفيدة فريدة عند عباس، ولم يعد، كما لم يعد زوج هانم، وكما لم نعرف ماذا حدث بين فاطمة والفوّال، وبين عطيات والفرّان. النهاية مفتوحة كما هي الحياة التي تمنحنا الأسئلة أكثر من الإجابات، النهاية مفتوحة كما هي الغرف في انتظار مستأجر جديد.


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

05 أغسطس 2010

قراءات: كتاب "ألوان أخرى" لـ(أورهان باموق)


فرغت قبل قليل من قراءة كتاب "ألوان أخرى: قصة جديدة ومقالات" للكاتب التركي الشهير الحائز على جائزة نوبل في الأدب (أورهان باموق). صدرت هذه الترجمة العربية عام 2009 عن دار الشروق بترجمة (سحر توفيق) في 439 صفحة. الكتاب كما هو واضح من العنوان عبارة عن مقالات متفرقة نُشرت سابقًا، بالإضافة إلى قصة جديدة، وحوار صحفي، والكلمة التي ألقاها باموق في حفل استلامه لجائزة نوبل.

حاول المؤلف أن يجمع المقالات في موضوعات، فتجد أولا قسمًا بعنوان "الحياة والقلق" يحتوي على مقالات يتحدث فيها باموق عن مشاهدات وانطباعات من حياته الشخصية، عن والده، وابنته، وذكرياته وأشياء أخرى. أما القسم الثاني "الكتب والقراءة" فيحتوي على مقالات عن القراءة ومكتبة باموق الشخصية وانطباعاته عن بض المؤلفين والروايات. ونجد في القسم الثالث مقالات تتحدث عن تركيا والسياسة وأوروبا. ثم في القسم التالي نقرأ مقالات يتحدث فيه باموق عن رواياته وذكريات وانطباعات عن كتابتها. وفي القسم التالي مقالات عامة يجمعها موضوع الصور والنصوص. أما القسم الأخير فيحتوي على مقالين عن مشاهدات باموق للحضارة الأمريكية، ثم حوار في مجلة باريس ريفيو، ثم قصة جديدة، وأخيرًا كلمة نوبل.

هذا من الكتب التي لا تكون فيها مضطرًا إلى قراءتها من الغلاف إلى الغلاف، بل يمكنك اختيار المقالات التي تريد قراءتها وترك التي لا تجذبك عناوينها، أو يمكنك (كما فعلت أنا) أن تمرّ على الفقرات الأولى سريعًا لتحدد ما إذا كنت ستواصل القراءة أم لا. وهكذا فقد استغنيت عن قراءة عددٍ من المقالات لأسبابٍ مختلفة، أحيانا لم يجذبني الموضوع، وأحيانًا كان باموق يتحدث عن كتب لم أشأ أن أقرأ عنها قبل قراءتها، وأحيانا لم أكن في مزاج لقراءة قصة أو استرسال وجداني.

راقتني كثيرًا المقالات التي تحدث فيها باموق عن ابنته (رؤيا) حيث أطلعتني على عالم لم أجربه بعد ويبدو رائعًا فيه شغب الأطفال وبراءتهم وشقاوتهم ورائحتهم. علاقة باموق بابنته لامست شيئا داخلي.

ومن المقالات التي استوقفتني مقال "العدالة الشعرية" حيث يذكر فيه باموق كيف أن تجاربه مع بعض الشخصيات أو أصحاب المهن جعلته يصوّرها بطريقةٍ معينة انتقامًا أحيانًا، فمثلا كانت له تجربة سيئة مع الحلاقين والجزارين، فظهروا في رواياته أشرارًا.

استمتعتُ بمقاله عن عبّارات البوسفور وكيف تجوب اسطنبول لتنقل الناس يوميًا من قسمٍ من المدينة إلى قسمٍ آخر. تخيلتُ أن تكون هناك عبارات بين مدن صغيرة في مسقط.

هزّني كثيرًا مقاله عن الزلزال الذي أصاب تركيا عام 1999. هي أول مرة أقرأ سردًا لتجربةٍ حقيقية في كارثة زلزال. كان وصفه لمشاهداته مؤلماً وحقيقيا.

ومن المقالات التي استمتعتُ بها مقال "كيف تخلصت من بعض كتبي" حيث يقول بأنه شعر بأن مكتبته كانت متواطئة مع الزلزال حين ترجرجت أطراف منها، فقرر معاقبتها، والحقيقة أنه عاقب نفسه، أو بالأحرى كان يعاقب استثماره في الوقت والمال في تلك الكتب التي قرر التخلص منها. ويقول إنه ما يزال يتخلص من بعض كتبه ولكنه يشتري الكتب بنسبة أكبر. راقني ما قاله بأنه لا يشعر بعاطفة قوية تجاه مكتبته، ومن بين كتبه كلها هناك حوالي 15 كتابا يحبها بالفعل. يقول " وهي [أي المكتبة] كصورة، كمجموعة من الأثاث، ككومة من التراب، كعبء متجسد، لا أحبها على الإطلاق. والشعور بالألفة مع محتوياتها يشبه إقامة علاقات بنساء فضيلتهن الرئيسية هي أنهن على استعداد لتبادل الحب معنا دائمًا؛ فالشيء الذي أحبه كثيرًا في كتبي هي أنني أستطيع أن ألتقطها، وأقرأها متى أشاء. ولأنني أخشى "الارتباطات" بقدر ما أخشى الحب، فإنني أرحب بأي مبرر للتخلص من الكتب" (ص127).

ومن أجمل مقالاته أيضًا "أين أوروبا؟" الذي يناقش فيه الحيرة التي يعيشها الأتراك والتذبذب ما بين الشرق وأوروبا. لديهم رغبة في أوروبا كمستقبل، ولكن تُرى أي أوروبا؟. هل أوروبا التكنولوجيا والعلوم؟ أم أوروبا الحريات وحقوق الإنسان؟ أم أوروبا العنصرية؟ أم أوروبا المسيحية؟ الخ. وكما يقول "[هي] طيف أحيانا نتطلع إليه وأحيانا أخرى نخشاه".

ولا أنسى القول بأن الكلمة التي ألقاها في حفل جائزة نوبل ممتازة جدًا وجديرة بالقراءة.
ملحوظة: صحيح أنّ هناك مقالات يمكنك الاستغناء عن قراءتها حاليًا، ولكنّ يجب التنويه بأنّ لباموق لغة جذابة وفكرا فريدا يجعلك ترغب في أن تحتفظ بالكتاب في مكتبك للعودة إلى أجزاء منه يومًا ما.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

04 أغسطس 2010

قراءاتكم: كتاب "سفر المنظومات" (قراءة: حمد الغيثي)


(نُشر هذا العرض في ملحق شرفات بجريدة عمان بتاريخ 2 أغسطس 2010)


عرض لكتاب "سفر المنظومات"

صدر كتاب "سَفَر المنظومات"عن دار الانتشار العربي للكاتب العماني عبدالله المعمري عام 2009. يقع الكتاب في 122 صفحة من القطع الكبير، ويحتوي على دراسة تحليلية تاريخية لمنظومة الجوهر والعرض عند الشيخ أبي بكر أحمد بن عبدالله الكندي المتوفى 557 هـ.

مفهوم الجوهر والعرض هو تصور ديني لدى عدد كبير من علماء المسلمين يقتضي أن العالم مركب من أجزاء لا تتجزأ (الجوهر الفرد) ومن أعراض تدخل عليها، ثم تتفرق بعد ذلك رؤاهم وتصوراتهم بحسب ملابسات ومقايسات مختلفة ص 82. تعطي "منظومة" الجوهر والعرض تفسيرات مبنية على أسس منطقية للوجود وظواهره ومتغيراته. وقد وجد "الجوهر والعرض" كتصور فلسفي بأشكال شتى في الحضارات قبل إسلامية مثل: الإغريق، والهنود.

ولعل قاريء الكتاب يلاحظ ثلاثة مستويات (أو أعمال) أنجزها المعمري في "سَفَر المنظومات"، وهي:

1. مستوى اللغة النثرية العالي والدقيق الذي ظل المعمري محافظاً عليه رغم طبيعة الموضوع الذي يناقشه الكتاب. يقول مثلاً (ص 12): "إن ساحة المعركة عارية إلا من خصمين: الكندي ومنازعه، ليس المنازع في حقيقة الأمر ضمن أفق الكندي التحليلي أكثر من سؤال، قطعة فيروسية تحاول وضع جسده المعرفي في حالة نزيف وبالتالي تفكك وانهيار".

2. مستوى استخدام الرياضيات لتوضيح البنى والعلاقات المنطقية لمنظومة الجوهر والعرض في كتاب الجوهر المقتصر للكندي. يستشف ذلك في الفصول الأربعة الأولى من الكتاب حيث تظهر الدوال الرياضية، والأشكال الهندسية، ورسم المنظومات المفهومية.

3. مستوى تتبع شجرة النسب التاريخية لمنظومة الجوهر والعرض منذ أبي بكر الكندي حتى أصولها عند الإغريق، والهنود.

يبدأ الكتاب بتحليل الاستراتيجية المنطقية التي يسلكها الكندي إزاء خصومه (الأسئلة). يبدأ الكندي بوضع تعريفات للمصطلحات المناقشة كي يحدد الأسس المرجعية للنقاش ويحدد اللفظ بشكل لا لبس فيه. ولعل أبرز مثال هو كلمة "الجوهر" الذي وضعه الكندي:الجزء الواحد الذي لا يتجزأ. دقة التعريف تقصي ألاعيب اللغة ولدونتها، وما تجره من اختلاف في معاني المصطلحات، ما يقود إلى عدم إمكانية التفاهم وتبديد أي أثر إيجابي لحوار منطقي.

الخطوة الثانية في استراتيجية الكندي هي صنع جهاز ترشيح لأسئلة الخصم (بغرض إخضاعه لمنطق الكندي). يحدد جهاز الترشيح صحة السؤال من عدمه. تستثني المرشحات، أولاً، غير الأسئلة من الأسئلة. وبالخطوة الثانية تستثنى الأسئلة الفاسدة من الأسئلة الصحيحة والمخاتلة. وبالمرحلة الأخيرة تستثني الأسئلة المخاتلة من الصحيحة. يتم ذلك عبر الرجوع إلى تعريفات، وبنىً لغوية، وأسس منطقية وضعها الكندي لمحاوره في قضية الجوهر والعرض كي يتخلص من أسئلة من قبيل "هل يقدر الله أن يخلق مثله؟". قرب المعمري فكرة المرشحات للقاريء عبر رسم مخططات انسيابية Flow Charts. استخدم المعمري أيضًا العلاقات الرياضية (باعتبارها علاقات منطقية) لتوضيح استراتيجية الكندي، وأمثلة من إحدى لغات برمجيات الكمبيوتر، وتحليل منطقي لفحص إمكانية شراء مصباح جديد عوضاً عن آخر تالف.

مستخدماً الأدوات السابقة يطرح المعمري -بعد ذلك- مصطلح المنظومة المفهومية الذي يشير إلى كائنات تربطها علاقات محددة سلفاً، وتتميز بسمات "الاجتماع والترتيب والتمايز عن المحيط" ص26. تتشكل المنظومات المفهومية بفعل خبرة الإنسان الحياتية، ووضعه تصورات تفسيرية للظواهر المشاهدة. إلا "إن إحدى وظائف المناهج العلمية اختبار المنظومة في مواجهة الواقع، والتعديل في بنيتها على ضوء النتائج، وأهم ما يشترط في المنظومة هو سلامتها المنطقية، ولحمة مفاهيمها"، ص 31. يغذي المنظومة المفهومية مدخلات تمر عبر مجموعة من العلاقات، لتنتهي كمخرجات يمكن التنبأ بخاتمتها مسبقاً. يدرس المعمريُ الكنديَ باعتباره مجموعة من المنظومات المفهومية (منظومات الوجود، القدرة، الإنتاج). يورد المعمري أمثلة متعددة للمنظومات من علوم الميكانيكا والرياضيات والنفس لغرض التدليل أن مختلف الظواهر يمكن أن توضع في نظام معين لتستنتج العلاقات المجردة الرابطة للظواهر.

يتكون الوجود عند الكندي من: الله، الجوهر، العرض. وفي حين لا يوجد تعريف لله كونه مسلمة عند المتحاورين، فإن الجوهر له تعريفات شتى منها "الجزء الواحد الذي لا يتجزأ"، وهو محدود منته ص 45. أما العرض: هو كل محدث لا يقوم بنفسه، ومن صفاته التماثل والتضاد. وعلاقة الله (القادر) بالجوهر والعرض (المقدور) تكون من خلال "منظومة القدرة". فالله تعالى بموجبها إما أن يوجد الجوهر والعرض من العدم، أو يعدمهم من الوجود، ص52. لا يربط الله بالعالم علاقة أخرى سوى منظومة القدرة. أما التنوع والتباين والاختلاف الحاصل في العالم فمرده إلى تآلف الجواهر واختلاف الأعراض.

بعد تحليل المعمري لمنظومات الكندي، يقوم المؤلف بتتبع المنظومات عبر الزمن. يكتشف أن تياراً عمانياً تبنى "منظومة الجوهر والعرض" عاش بالقرون 6-3 هجري. وتمتد أصولهم المعرفية إلى مدينة البصرة العراقية. ويكشف تعايش وتلاقح مجموعة مذاهب بالبصرة في تلك الفترة. وأن نظرية الجوهر والعرض ظهرت لأول مرة عند المسلمين على يد أبي هذيل العلاف توفي 235 هـ. ووجد من قال أن الجوهر يتجزأ لانهائياً (النظام)، وأيضاً من رفض منظومة الجوهر والعرض تماماً ص 79. ثم يتتبع تواجد المنظومة في المدارس الفكرية ما قبل الإسلام: مدرسة جنديسابور، حران، الإسكندرية، إنطاكية، ثم إلى مصدرها بلدة أبديرا اليونانية حيث عاش الفيلسوفين الماديين ديموقريطيس، ولوكيبوس الذين تحدثا عن الآتوموس Atomos، أي الجزء الذي لا يتجزأ. وقد وضع الفيلسوفان نظريتهما لتفسير الكون وظواهره بشكل منطقي، وتميزا بالقول أن الوجود لا يتكون إلا من الجواهر (الذرة) وهو خالد، ولانهائي. ثم يخلص المعمري إلى وضع خاتمة أن العقيدة الإسلامية لم ترفض منظومة ما لا يتجزأ بسبب تهديدها للعقيدة بل استدمجتها، وأعادت تشكيل وحداتها وعناصرها، لتصبح سلاحاً توحيدياً. إنها لم تلغِ العدو من الوجود بل طوعت العدو ليصبح جزءً من تركيبتها ص 96.

منازع الكندي ومشكلته الحضارية:

يواجه الكندي منازعاً في الدين له شعبية اجتماعية تدعم أطروحاته ص 58. إننا هنا بين خصمين يمثل أحدها تديناً شعبياً، والآخر تديناً عقلانياً. لا ندري تماماً ما هي نهاية السجال بين الفريقين في عصر الكندي. لكن الظاهرة تتكرر في عصرنا الحالي. ينتمي منازع الكندي للمذهب الإباضي، ويؤمن بنظرية الجوهر والعرض التي تفسر الوجود. إن الفرق الأساسي بين الكندي ومنازعه، هو أن المنازع يؤمن بإمكانية تجزئة الجزء الذي لا يتجزأ -أي الجوهر- إلى ما لا نهاية. ويرى الكندي في هذا نقضاً للعقل والإيمان.

وإن رسمنا الاختلاف بشكل أكثر وضوحاً، فسيكون: الجزء الذي لا يتجزأ هو القانون. والمنازع يقول بـ انكسار أو بطلان "القانون" إن شاءت القدرة الإلهية. أي أن منازع الكندي يؤمن بإمكانية رفع أو انكسار القوانين الكونية (باعتبار أن منظومة الجوهر هي قانون الوجود كما أسلفنا). كان سؤال خصم الكندي "هل الله قادر على تجزئة الجزء الذي لا يتجزأ؟"، والصيغة الحديثة له: "هل الله قادر على كسر القوانين الكونية؟". يمثل هذا معضلة حضارية. يقول المعمري ص 62 "إن فتح الباب على مصراعيه للإيمان المطلق الذي لا يحده عقل يؤدي إلى بطلان الحقائق، وعندها يتساوى كل شيء، ويصبح الصالح كالطالح، والمؤمن كالكافر".

يشملُ الكون المادة الحية وغير الحية. ورغم أن المادة الغير حية صماء جامدة إلا أن قوانيناً وعللاً متبدالة تنظمها جميعاً. يكتشف العلم باطراد هذه القوانين ليفهمها، ويعمل على استغلالها لصالح الإنسان. إدارك أن العلل والقوانين المادية هي التي تسير هذا الكون كفيل بتغيير الرؤية التي ننظر بها للكون. لكن مازال جزء مهم من العرب المسلمين يؤمن أن هذه القوانين قابلة للتعطيل، ما يفتح المجال لتصورات غير علمية للكون.

يمسي مجتمعنا العماني (وفضاءه الأعم العربي الإسلامي) مؤمناً بشكل غير واعٍ أن الله قادر على تجزئة الجزء الذي لا يتجزأ. وإن كانت هذه الرؤية الجمعية غير واعية، إلا أنها تحرك المجتمع وتحدد رؤيته للعلم. يقودنا هذا إلى التقليل من قيم العمل، والإنتاج، والإنجاز، والابتكار. إذ أن القانون يمكن أن يكسر، ويعطل. فتنتشر المحسوبية، وتتضخم الأجهزة البيروقراطية لإنجاز قدر معين من العمل.

إننا نعيش في هذا المأزق الحضاري، وهو مأزق عميق وسحيق. لكننا يجب أن نتجاوزه عبر إدراك الفلسفات والمنظومات الفكرية التي تحكمنا الآن، وتقييمها انطلاقاً من الواقع والمستقبل القريب. إن "سَفر المنظومات" يقدم -وإن بشكل موارب- هذا التساؤل الحضاري القديم: هل الله قادر على تجزئة الجزء الذي لا يتجزأ؟

ختاماً، أورد ملاحظات متفرقة على محتوى الكتاب:

- يمثل الفصل الأول من الكتاب درساً في أساسيات المنطق. بينما الفصول 4-2 تحوي شرحاً وافياً للمنظومات (الفرضيات\النظريات العلمية)، وعلاقاتها الداخلية، وتماسكها المنطقي. تمثل هذه الفصول زاداً مهماً لطلبة الثانوية، والجامعات. تدربهم على القواعد الأساسية للمنطق، فينتج لهم تفكيراً منظماً علمياً.
- المنظومة المفهومية في حقول العلم التطبيقي هي الفرضية (أو النظرية) العلمية. هذا ما يمكن أن يختبر عبر مناهج علمية متعددة. ومع تطوير هذه المناهج أو حدوث اكتشافات علمية يمكن لتلك الفرضيات/النظريات العلمية أن ترمم مراراً أو تستبدل تماماً.
- ما يؤكد عليه المعمري خفية هو ضرورة وضع المنظومات الفكرية (في حقولها الشتى) تحت اختبار المناهج العلمية.

- توسع الكاتب في إيراد أمثلة من علوم شتى توحي للوهلة الأولى أن الكتاب ذو تعقيد شديد.
- وجود ثغرات منطقية في "المنظومات المفهومية" عند الكندي. إذ لا يورد تعريفاً للعقل، وهو مصطلح جدلي في الفكر الإسلامي. هناك أيضًا خلل منطقي في منظومة القدرة التي توجد -بحسب الكندي- الجوهر والعرض. في حين أن العرض -بحسب الكندي أيضًا- ليس قائماً بذاته، بل هو ما قام بالجوهر ص 47. ولهذا الخلل تأثير كبير على البناء المنطقي لنظرية الكندي.

حمد الغيثي



لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدارات: جديد غازي القصيبي.. "الوزير المرافق"


صدر حديثًا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب جديد للدكتور الروائي الشاعر الوزير غازي القصيبي بعنوان "الوزير المرافق". وفيما يلي ما جاء في الخبر الذي نشرته جريدة الحياة بتاريخ 29 يوليو 2010:

«الوزير المرافق» كتاب للشاعر والروائي السعودي غازي عبدالرحمن القصيبي، صدر حديثاً عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر (بيروت - عمّان) ويضمّ نصوصاً ومقالات كان كتبها القصيبي في ظروف مختلفة.

ومن عناوين النصوص: البيت الأبيض... بين سيدين، مع سيدة الهند الحديدية، مع المجاهد الأكبر، مع المستشار «اللسان»! مع المستشار الذي «جاء من الأرياف»، مع الأخ العقيد... في الحافلة، على مائدة الملكة... أخيراً! بين المهندس والنحلة! مع قاهر الامبراطورية البريطانية، فاس... بين قمّتين. وكتب القصيبي في المقدمة: «قلت في كتابي السابق «حياة في الإدارة»: «كانت هناك، بين الحين والحين، مهام تأخذ الوزير من دوامة العمل الروتيني اليومي. أبرز هذه المهام مرافقة الملك وولي العهد، في الزيارات الرسمية، ومرافقة رؤساء الدول الذين يزورون المملكة والمساهمة في المؤتمرات المختلفة». وخلال عملي في وزارة الصناعة والكهرباء والصحة، كلفت بعدد كبير من هذه المهام. وفي هـذا الكتاب فصول تحمل انطباعاتي الشخصية عن عدد من رؤساء الدول والحكومات أتيح لي أن أشاهدهم عن كثب، من خلال مرافقتي الملك أو ولي العهد في زيارة لبلادهـم أو مـن خـلال زيـاراتـهـم هـم الـى الـمـمـلـكـة. وقد حرصت على أن تبقى الانطباعات كما دونتها أول مرة، منذ سنين طويلة، من دون أن أحاول تصحيح أو تعديل ما كتبته في ضوء التطورات اللاحقة.

ما كان لهذا الكتاب أن يكتب لولا الملوك الكبار جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز، رحمه الله، وخادم الحرمين الـشـريـفـين الملك فهد بن عبدالـعزيز، رحمه الله، وخادم الحرمين الـشـريـفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمدَّ الله في عمره - ولهم جميعاً في قلبي من الحب والتقديم والامتنان ما لا يعرفه إلا الله عز وجل.

أرجو أن أكون صادقاً إذا قلت مستشهداً بالآية الكريمة عما كتبته هنا «وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين».


لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

03 أغسطس 2010

دردشات: اعترف..من الكاتب الذي لم تقرأ له؟


في استطلاع قرائي للصحفية والكاتبة هدى الجهوري في ملحق شرفات بتاريخ 2 أغسطس 2010، لفت نظري ما قالته فتاة تُدعى نسيبة المكتومي بأنها قرأت لنجيب محفوظ فقط خجلا من أن يسألها أحدهم هل قرأتْ له ويكون جوابها بالنفي، علمًا بأنها لم تستمتع بما قرأته له.

هذا الشعور بالخجل والخوف من الوقوع في الإحراج ليس غريبًا، وربما شعرنا به جميعًا ذات يوم. نخشى أن نكون بين بعض الأصدقاء القرّاء أو المثقفين ويأتي ذكر كاتب شهير فيكتشفون أننا لم نقرأ لذلك الكاتب! يا إلهي، فضيحة!

وحدث أكثر من مرة أن صديقًا لي قال بأنه قرأ لفلان أو فلان، وأنا أعرف جيدًا أنه لم يقرأ له أبدًا، وربما سمع عنه أو قرأ عنه فقط. لماذا هذا الخجل والخوف؟ لماذا هذا الشعور بالفضيحة؟ كوننا لم نقرأ لكاتب أو كتّاب معينين لا يعني أننا جاهلون، أو غير مثقفين، فهناك ظروف عديدة تحكم قراءاتنا.

في هذه الدردشة نريد أن نعترف بما لم نقرأ ونعلنها على الملأ، ونتخلص من هذه العقدة. فمن لديه الشجاعة للاعتراف؟

سأكون أولكم، وأعترف (وليسامحني سَدَنة الثقافة) بأنني لم أقرأ بعد لدوستويفسكي، ولا تولستوي، ولا ماكسيم غوركي، ولا همنجواي، ولم أقرأ ليوسف إدريس ولا يحيى حقي ولا إبراهيم الكوني ولا إبراهيم نصر الله، ولم أقرأ لفيكتور هوجو ولا جان بول سارتر ولا نصر حامد أبو زيد، ولم أقرأ بعد لغسان كنفاني ولا الجاحظ (سوى بضع فقرات) .

ها أنا اعترفت ببعض المشاهير ممن لم أقرأ لهم..فمن يعترف أيضا؟

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

02 أغسطس 2010

إصدارات: كتاب جديد للدكتور وليد خالص


صدر حديثًا أيضًا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتاب جديد للدكتور وليد محمود خالص بعنوان "ذاكرة الورق: ستون عامًا من تاريخ العراق الحديث في يوميات محمود خالص" في مجلدين من 1700 صفحة من القطع الكبير. وإليكم الخبر كاملا من جريدة الدستور الأردنية:

صدر مؤخرا ، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، كتاب "ذاكرة الورق ـ ستون عاماً من تاريخ العراق الحديث في يوميات محمود خالص" ، ويقول د. وليد محمود خالص ، وهو محرر الكتاب: "هذا الكتاب يوميات رجل أمضى في القضاء العراقي قرابة أربعين سنة ، متنقلاً بين مراتبه المختلفة ، ومتجولاً في مدن العراق من جنوبه إلى شماله ، وهو ، وإن كان منبعه شخصياً ، إلا أنه يفسح مجالاً رحباً للنوازل الجسام ، والتفاصيل الدقيقة التي مرت بالعراق والوطن العربي والعالم ، تلك النوازل التي بدلت أنظمة وغيرت وجوها ، كما قدمت التفاصيل لوحات من الحياة القضائية والاجتماعية والثقافية ، التي كانت تلون المجتمع العراقي على مدى سنوات متعاقبة ، فهو ، بهذه الصورة التي هو عليها ، سجل حافل بالأحداث والشخصيات والصور من منظور شخصي ، لعل الإنصاف فيه هو أبهى آياته".

ويقع الكتاب في مجلدين ، تضمنا 1700 صفحة من القطع الكبير.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدارات: كتابان جديدان لعدنان الصائغ


صدر حديثًا عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر كتابٌ جديد للشاعر العراقي عدنان الصائغ بعنوان "القراءة والتوماهوك ويليه المثقف والاغتيال" في 780 صفحة من القطع الكبير، وهو عبارة عن كتابان في مجلد واحد. وإليكم الخبر كاملا كما جاء في جريدة الاتحاد بتاريخ اليوم 2 أغسطس 2010:

الاتحاد

صدر حديثاً للشاعر العراقي المقيم في لندن عدنان الصائغ كتابان جديدان ضمهما مجلد واحد بعنوان “القراءة والتوماهوك ويليه المثقف والاغتيال”، وذلك ضمن منشورات المؤسسة العربية للدراسات والنشر. وجاء الكتاب في 780 صفحة من القطع الكبير.

ويتساءل المؤلف في كتابه: “ما الذي يمكن أن يقوله أو يفعله شاعرٌ، إزاء ما جرى ويجري، لوطنه وشعبه وثقافته، بكل ما يخطر وما لم يخطر ببال؟.

وأين يقف، كذلك، من اصطراع العالم واضطراباته: سطوة التاريخ، وأبواق السياسة، وتابو الجنس، وطواحين الدين.

لقد اختنق العالم ولم يعد له من منقذٍ أو هواء إلاّ الشعر، بوصفه أعلى درجات السمو البشري، والحرية، والجمال، والتمرد، والتجدد.

في هذين الكتابين، محاولة لأن يؤسّسَ الشعرُ مملكته، والتي لن يطردَ منها افلاطونَ، ولا الفقهاء والسياسيين - كما طردوه - بل لن يطردَ أحداً..

محاولة لبناء مملكة الإنسان، بعيداً عن الحروب، عن الطغاة والغزاة، والظلاميين، عن الجهل والجوع والخنوع، وعن الشعارات أيضاً. ليكون العالم – الوطن – الروح واحةً مفتوحةً للخضرة والإبداع والشمس”.

وكان قد صدر للشاعر عدد من المجاميع الشعرية منها: “انتظريني تحت نصب الحرية” 1984 و”أغنيات على جسر الكوفة” 1986 و”العصافير لا تحب الرصاص 1986 و”سماء في خوذة” 1988 و”مرايا لشعرها الطويل” 1992 و”غيمة الصمغ” 1993 و”تحت سماء غريبة” 1994 و”نشيد أوروك” (قصيدة طويلة) 1996 و”تأبط منفى” 2001 وغيرها. وترجمت بعض أعماله إلى لغات عدة، وحاز عدداً من الجوائز العربية والعالمية منها جائزة مهرجان الشعر العالمي في روتردام عام 1997، والجائزة السنوية لاتحاد الكتاب السويديين - فرع الجنوب للعام 2005 في مالمو.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

قراءات: Fifty-Nine Seconds


قرأتُ في اليومين الماضيين كتابًا في تطوير الذات بعنوان "59 ثانية: فكر قليلا وغيّر كثيرًا Fifty-Nine Seconds: Think a Little Change a Lot" للبروفيسور البريطاني (ريتشارد وايزمان). صدر هذا الكتاب عام 2009 في 357 صفحة من القطع المتوسط.

في الحقيقة كنتُ دومًا أتجنب كتب تطوير الذات والبرمجة اللغوية العصبية وما شابهها، ولا أعطي قيمة كبيرة لما يأتي فيها، لأنها من وجهة نظري نادرًا ما تكون مستندة على بحوث وحقائق علمية، بل عادة ما تكون مبنية على التجارب الشخصية والحكايات وبعض المشاهدات. ما لفت نظري إلى هذا الكتاب هو ما جاء على غلافه بأنّه مستند على دلائل وحقائق وأبحاث علمية، وبأنه يفنّد الكثير من النصائح التي طالما روّجها مؤلفو كتب تطوير الذات. وهكذا اقتنيتُ الكتاب وبدأتُ في قراءته.

يقول المؤلف أنّ ما دفعه إلى كتابة هذا الكتاب كان سؤال من صديقة له اسمها (صوفي) عندما طلبت منه رأيه في كتب تطوير الذات، فأبدى تحفظه عليها، فسألته أن يقدّم لها نصائح بديلة، فراح يجترّ عليها ما تعلّمه من المراجع والبحوث الأكاديمية. قاطعته وقالت له إنها تريد شيئًا سريعًا غير معقد، وفي الوقت نفسه علميّ. ومن هنا جاءت فكرة الكتاب. راح المؤلف يبحث في مئات الأوراق البحثية فيما يتعلق بالسعادة والتحفيز والإقناع والإبداع واتخاذ القرار والتوتر وما إلى ذلك، ثم خرج باستنتاجات وطرق بسيطة يُمكن للمرء أن يتبعها في أقل من دقيقة.

كتابٌ ممتع جدًا جدًا، يبدأ في كل فصل بنقد ما جاء في كتب تطوير الذات حول قيمةٍ ما (الإبداع، الدافعية، الإقناع، الخ) ثم يسرد نتائج الأبحاث التي تثبت عكس النصائح المتداولة، وبعدها يقدّم طرقا بسيطة يمكن للقارئ أن يتّبعها ويلحظ التغيير على نفسه.

من النتائج المثيرة التي جاء بها الكتاب:
- التفكير الفردي يثمر نتائج أفضل وأكثر مما تثمره جلسات العصف الذهني.
- إن كنت تريد الخروج بأفكار إبداعية لمشكلة ما، شاغل عقلك بتمرين ذهني، ودع عقلك الباطن يفكر في المشكلة، وستجد بعدها أن أفكارا جديدة مبدعة ظهرت.
- الكتمان ليس أفضل الطرق لتحقيق تغيير في حياتك. من الأفضل أن تُعلن قراراتك أمام الملأ حتى تشعر بمسؤولية الالتزام بها.
- تخيّل صورة رائعة من الإنجازات (وهي نصيحة شبه دائمة في كتب تطوير الذات) لا ينفع في تحقيقها، بل قد يؤدي إلى نتائج عكسية.


للأسف لا أملك الوقت الكافي حاليًا لكتابة المزيد عن هذا الكتاب، ولكنني أنصح بقراءته.

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

01 أغسطس 2010

مبادرات: مشروع الجليس..100 نادي قراءة!


في الوقت الذي كنت فيه أفكر وأخطط لمبادرة قرائية حول الدعوة إلى إنشاء نادي قراءة عبر المدونة، أبهجني خبرٌ قرأته بالأمس عن مبادرة قرائية كويتية في قمة الروعة، أفضل و أكثر نضجًا بكثير مما وصلتُ إليه حتى الأمس.

المبادرة اسمها "مشروع الجليس" وقد نفذتها شركة "إنجاز للنشر والتوزيع" في الكويت بإدارة مجموعة من الشباب المتطوعين. الفكرة هي تشجيع أفراد المجتمع على إنشاء نوادي قراءة، حيث يكوّن كل مجموعة من الأشخاص ناديًا قرائيًا يقرؤون فيه كتبا ويلتقون للنقاش حولها وتوثيق أفكارهم وانطباعاتهم. ويطمح المشروع إلى إنشاء 100 نادي قراءة، وقد وصل عدد النوادي حتى الآن إلى 40 ناديًا.

الجميل أيضًا أنّ لهذا المشروع موقعًا إلكترونيًا، يمكنك من خلاله تسجيل نادي قراءة جديد، أو الانضمام إلى النوادي الموجودة والتي تختلف في مجالاتها أو اللغة التي تفضل القراءة بها، و ما إذا كانت للذكور أو الإناث أو الاثنين معًا.

مشروع رائد ومميز لا بد أن نستفيد منه جميعًا. شكرًا واحترامًا وتقديرًا بحجم السماء للقائمين على هذا المشروع. هكذا تكون المبادرات!

* لمن لا يعرف الكثير عن نوادي القراءة: تجمّع من حوالي 5 إلى 15 شخصًا يقرؤون الكتب نفسها ويلتقون بشكل دوري لمناقشة الكتب. رئيس النادي يكون مسؤولا عن اختيار الكتب (ولا مانع من التشاور مع الأعضاء) وتوفير نسخٍ منها ثم بيعها لأعضاء النادي. أما إدارة جلسات النقاش فيمكن أن يديرها عضو مختلف في كل مرة أو الرئيس.

موقع المشروع:
http://www.jalees.org/
صفحة المشروع على الفيس بوك:
www.facebook.com/pages/Aljalees-Project-mshrw-aljlys/475762995013






لقراءة نصّ الموضوع كاملا»

إصدارات: الفيلم الوثائقي: قضايا وإشكالات


صدر مؤخرًا عن الدار العربية للعلوم كتاب شائق عن صناعة الفيلم الوثائقي، وهو مترجم عن الإنجليزية لمجموعة من الباحثين، ترجمة حسن مرزوقي. إليكم ما جاء عن الكتاب في موقع الدار:

بين دفتي هذا الكتاب نشهد مشروعاً ثقافياً متكاملاً قل مثيله في وطننا العربي يرتكز على صناعة الأفلام الوثائقية التي تهدف إلى تعريف المشاهد العربي بشكل موضوعي على مواضيع علمية وتاريخية وجغرافية هامة. ويطلق على هذا النوع من الأفلام الجادة والتي صُنعت أصلاً لتعريف المتلقي بأمر معرفي يهمه "الأفلام التسجيلية أو الوثائقية". يضم هذا الكتاب أهم الأبحاث التي نشرت خلال عام 2009 بالمجلة الوثائقية الإلكترونية لقناة الجزيرة الوثائقية بهدف دعم المكتبة السينمائية العربية التي ما زالت تعاني فقراً ملحوظاً في المراجع السينمائية العربية والكتب التي تهتم بالسينما الوثائقية بشكل خاص. يعد هذا الكتاب محاولة للحوار والنقاش حول جنس من أجناس السينما الأصيلة وهو الفيلم الوثائقي، لهذا جاءت الدراسات المؤثثة لهذا الكتاب متنوعة من حيث الكتّاب والرؤى والمدارس. فالغاية الأولى من الكتاب هي فتح مساحة من النظر كانت قد بدأت على صفحات النت وانتقلت إلى صفحات الكتاب. ويعتقد الباحثون "أن قاعدة أي جدل فكري هي الرؤية الفلسفية القائمة على التأويل والنقد وإعادة القراءة". من هذا المنطلق يتميز كتابنا بأنه "ذو بعد إشكالي يتناول الوثائقي كحالة إبداعية لها تاريخها ومدارسها ونظرياتها. يطرح حول هذه الحالة الإبداعية الأسئلة التي تليق بها معرفياً وفنياً ونقدياً بعيداً عن التهويمات الإيديولوجية والإسقاطات الفكرية". ينقسم الكتاب إلى خمسة أبواب: الباب الأول يتضمن دراستين هما عبارة عن مقدمات نظرية "جاء زمن الصورة" تحاول أن تضع إشكاليات الفيلم الوثائقي في إطارها النظري والجدلي. أما الباب الثاني وهو الأكبر كمّاً حاول الباحثون من خلاله جمع المقالات التي سلطت الضوء على بعض مدارس الفيلم الوثائقي واتجاهاته. ونظراً لكثرة الإشكاليات المرتبطة بالفيلم الوثائقي تم اختيار الإشكاليات الجامعة والكبرى، لهذا خصص الباب الثالث لطرح إشكالية التصنيف بين الروائي والتسجيلي. وهذه الإشكالية مرتبطة نظرياً ونقدياً بإشكالية أخرى لا تقل عنها أهمية وهي إشكالية الموضوعي والذاتي في الفيلم الوثائقي. وقد جاءت دراسات القسم الرابع لتضيء جزءاً من ملامح هذه الإشكالية. أما الباب الخامس والأخير فكان أميل إلى التطبيق وبعيد عن التنظير بحيث إنه جمع مجموعة من الدراسات والتي هي عبارة عن قراءات في الفيلم الوثائقي العربي من خلال نماذج متنوعة في المشرق والمغرب. "لقد حاول كتّاب هذه المواد أن يقدموا رؤى نقدية وتحليلات علمية يمكن البناء عليها نقداً ومحاورة. لذلك فإن المواد الواردة في الكتاب تعبر عن الانتماءات الفكرية والتجارب الفنية لأصحابها. فمنهم من له رصيد في إخراج الوثائقي كقيس الزبيدي أو نعيم بن رحومة أو باسم قهار الذي اشتغل الروائي والوثائقي. ومنهم من هو قادم من حقل النقد السينمائي كأمير العمري وأحمد بوغابة وناصر ونوس. ومنهم من هو آت من مجال التنظير الأكاديمي كعدنان مدنات أو سيد سعيد أو غادة جبارة. ومنهم من يشتغل في ميدان البحوث متعددة الاختصاص كاللسانيات والسيميولوجيا وغيرها، واستثمروا بحوثهم لقراءة الوثائقي كالباحث أحمد القاسمي ورضا بن صالح وأحمد الصوصي وعاصم الجرادات وإبراهيم زرقاني. الكتاب مساحة تتلاقى فيها كل هذه الآراء التي تعبر عن التنوع النقدي والنظري كما هو فرصة لتطبيق بعض النظريات العالمية في الفيلم الوثائقي على تجارب عربية. وكل ذلك يهدف إلى وضع أسس معرفية لمناقشة ثقافة الفيلم الوثائقي في العالم العربي إنتاجاً وتقبلاً ونقداً".

لقراءة نصّ الموضوع كاملا»