كما تم إقرار لجنة استشارية تدير البرنامج، وتتألف من أحمد بن عبدالله الفلاحي، ود. عبدالله بن ناصر الحراصي، ود. سعيدة بنت خاطر الفارسية، ومحمد بن حمد المسروري، وسعيد الهاشمي.
وأشارت التوصيات إلى ضرورة مطالبة وزارة الإعلام مراجعة قانون المطبوعات والنشر، بما ينسجم مع مواد النظام الأساسي للدولة، ويلبي مطلب الحق في التعبير والمشاركة في الشأن العام، وخلصت التوصيات إلى ضرورة تبني برامج ومشاريع وطنية لتشجيع القراءة الحرة في المناهج الدراسية والقطاعات المهنية، وتفعيل قطاع النشر بمؤسسات التعليم العالي، والجامعات وإعطاء الأولوية لكتاب الطفل، وتخصيص جوائز وطنية تقديرية وتشجيعية، وتشجيع ودعم وتأصيل النقد والاحتفاء بالكتاب.
وناشدت الندوة في توصياتها ضرورة أن تضطلع وسائل الإعلام بدور أكبر في إبراز وتقديم وإنتاج برامج تخصصية في الكتاب، كما وجهت مناشدة للجهات المعنية بإعداد وتنفيذ خطة وطنية شاملة لإنشاء مكتبات عامة، في مناطق ذات كثافة سكانية، تغطي السلطنة بدأت بمشروع المكتبة الوطنية العامة في محافظة مسقط، والعمل على النهوض بالمكتبات الأهلية العامة، وذلك بدعمها ماليا لشراء الكتب والمواد العلمية الأخرى والمستلزمات المكتبية، وتوفير دورات لتأهيل العاملين فيها، وإشراك ممثليها في البرامج الثقافية في المكتبات ودراسة إمكان تخصيص جائزة سنوية للمكتبات الأفضل في أداء دورها، ودعم دور النشر الخاصة عن طريق إحالة طباعة الكتب إليها، مع المحافظة على حقوق الكاتب في التوزيع والتسويق والمشاركة في معارض الكتب داخل وخارج السلطنة، وتبني المؤسسات الحكومية والهيئات العامة والخاصة برنامجاً لتفرغ موظفيها وفقاً لمعايير وضوابط يتم الاتفاق عليها، ونقل وإقامة معارض الكتب إلى ولايات السلطنة المختلفة، ومعالجة المشكلات لدى الكاتب ودور النشر وشركات التوزيع والتسويق من خلال مخاطبة والاتصال بالجهات ذات الصلة وتنظيم حلقات النقاش وندوات عامة.
لا إبداع بدون حرية
وطالبت التوصيات ضرورة التأكيد على الصلة الوثيقة بين الإبداع والحرية باعتبارهما متلازمين يرتقي بهما الوطن إلى مقامات الشراكة والإثراء والإفادة بنتاج الحضارة الإنسانية، وكذلك تنفيذ مشروع إعداد دراسة مستقلة وشاملة يقوم بها فريق مستقل يتاح له من الموارد والمصادر التي تمكنه من تشخيص الواقع وتقديم الحلول لمواجهة كافة العناصر ذات الصلة بمشكلات الكتاب في السلطنة.
ويعتمد نجاح هذا البرنامج وفعالياته على تجاوب المعنيين مع هذا المسعى الوطني الهام، على أساس الشروط والمعايير الميسرة للتأليف، وعلى درجة رفيعة من الأصالة والإثراء والموضوعية، وذلك باعتباره أحد ثمار النهضة التي شملت كل مجالات الحياة في عمان، وأهمها المجال التعليمي والثقافي بمستوياته المختلفة وهو ما أدى إلى تحقيق نقلة كبيرة في مستوى الوعي والمعرفة الأمر الذي يسمح لمثل هذا البرنامج بالاستفادة من تلك النقلة عبر دعم ونشر الكتاب.
الكتاب .. المشكلات والحلول
وكانت حلقة النقاش قد وضعت خطة عمل لإعداد تقرير وطني عن مشكلات الكتاب من خلال وضع ثلاث مراحل، تستغرق المرحلة الأولى شهرين من العمل، يتم فيها جمع البيانات، وتوفير الإحصائيات من الجهات المسؤولة مثل وزارة التراث والثقافة، ووزارة الإعلام، ودور النشر الخاصة، والمكتبات الأهلية والحكومية، وكذلك صياغة الاستبيانات وتوزيعها بغية استجلاء صورة الواقع لدى مقتني وقراء الكتاب، والناشرين والمؤلفين، وإقامة حلقات النقاش، وحلقات العمل المتخصصة، ومبدئيا تم طرح حلقة نقاش مع الناشرين العمانيين، وأخرى قانونية تناقش قانون المطبوعات والنشر، والقوانين الأخرى ذات العلاقة، وحلقة نقاش أخرى حول الكتاب والمؤلف العماني، وأخرى مع المكتبيين.
وفي المرحلة الثانية التي تستغرق من العمل ثلاثة أشهر، يتم فيها تحليل البيانات التي تم جمعها إلكترونيا ويدويا، ودراسة توصيات حلقات النقاش وندوات العمل، وعقد ندوات مصغرة مغلقة لتدارس صورة الواقع (حسب المعلومات المتاحة) لأطراف القضية واقتراح مخارج متفق عليها، والبدء في صياغة المسودة الأولى للتقرير، بتوظيف الإحصاءات، ونتائج الاستبيانات، وتوصيات حلقات النقاش في قراءة الواقع والحلول المقدمة.
أما المرحلة الثالثة والأخيرة فتستغرق من العمل شهرين، وستشهد مرحلة الانتهاء من الصياغة الأولى للتقرير، متضمنا للتوصيات المقترحة منقسمة إلى حلول عاجلة، وحلول جذرية طويلة المدى. وعرض مشروع التقرير على اللجنة الاستشارية، وغيرها من الأعمال ذات العلاقة بالتقرير النهائي.
وكان النادي الثقافي قد شهد انعقاد الحلقة الأولى من النقاش بتاريخ 17 فبراير من هذا العام، حضرها عدد من المثقفين والكتاب والأكاديميين، ومؤسسات ودور النشر والمكتبات الأهلية تلبية لدعوات وجهت مسبقاً لضمان تمثيل أكبر شريحة للأطراف المعنية في عملية النشر والكتاب في عمان.
حيث خلصت تلك الندوة من اجتماعها الأول إلى أكثر من نتيجة مفادها أن ما يطبع وينشر من كتب في شتى العلوم الإنسانية والعلمية والإبداعية هو دون المرجو ودون الطموح الذي يشترك فيه الجميع، وعدم وجود توصيف دقيق لمشكلات الكتاب، إلى جانب عدم توفر إحصائيات دقيقة لما يطبع، يجعل من مشكلات الكتاب موضوعا أكثر تعقيدا، ويحتاج إلى عناية أكبر. ومما يضاعف من تعقيد الموضوع وعدم وضوحه بدرجة كافية، هو أن جزءا غير يسير من الإنتاج الكتابي في السلطنة يطبع في الخارج، وهذا يشير إلى حاجة النظر في ظروف النشر في السلطنة وتعقيداتها المتعلقة بالناحية الرقابية وبأوضاع مؤسسـات النشـر، والى الجوانب الفنية التي تتعلق بالطباعة والنشر والتوزيع، والتـي تجعـل المؤلف، أو الناشر العماني أحياناً يفضل الطباعة خارج السلطنة لانخفاض كلفة الطباعة، أو لجودتها، أو لسهولة التصريح والنشر.
عوائق للمؤلف والكتاب
فيما يخص العوائق التي يعاني منها المؤلف والكتاب فهي كثيرة منها، غياب الدعم المالي الكافي الذي يعين المؤلف على تحمل تبعات التأليف والنشر والتسويق الأمر الذي يؤثر بصورة مباشرة في التزام الكاتب بالاستمرارية في التأليف، وتواجهه عقبات قانونية تتمثل في قانون المطبوعات والنشر الذي يعود صياغته إلى عام 1984م، ويفرض إجراءات تجعل من الرقابة الذاتية والحصول على رقم الإيداع بعد طول إنتظار سبباً للإحباط، ومن ناحية أخرى فإن هذا القانون لا يستوعب التوجهات الجديدة لحرية الكلمة وحرية الفكر الواردتين في النظام الأساسي للدولة.
ومن مشكلات الكتاب إلى عوائق أخرى تعاني منها حركة النشر في السلطنة ومنها عدم وجود دار نشر تملك إمكانيات كافية وقدرات فنية، ومنافذ للتوزيع والتسويق، الأمر الذي يدفع بالكاتب الى البحث عن دعم لطباعة عمله، أو تحمله بنفسه تكلفة عالية للطباعة، أو اللجوء الى دور النشر خارج السلطنة، ومما يؤسف له فإن المطابع المحلية في السلطنة لها هدف تجاري، وأما العمل الثقافي فليس في قائمة أولوياتها.
كما كشفت الندوة السابقة عن ظهور مشكلات في التسويق والتوزيع، ووصفتها أنها محدودية المنافذ، ومفتقرة إلى مقاييس الجودة والخدمات، وظهور نسب عالية من الربح يطالب بها الموزع، إلى جانب نسب عالية من الأرباح تطالب بها المكتبات، ناهيكم عن محدودية التوزيع داخل السلطنة ولفترات قصيرة.
غياب الاحتفاء والنقد والتكريم
وشكلت ظاهرة غياب تقاليد الاحتفاء والنقد والتكريم إحدى المشاكل التي يعاني منها المؤلف والكتاب، فالمهمة قاصرة على فعاليات تنظمها هيئات محدودة مثل وزارة التراث والثقافة والمنتدى الأدبي والنادي الثقافي وجمعية الكتاب والأدباء، على حين المطلوب مساهمة جهات أخرى أفراداً ومؤسسات مثل: الجامعات ومراكز الدراسات والبحوث، والمؤسسات الأهلية المهتمة بالثقافة.
وعدم أهلية العاملين في وسائل الإعلام في تقديم عرض أو دراسات نقدية عميقة بسبب محدودية العاملين فيها أو عدم وجود حوافز تقدم لهم مقابل ذلك، وغياب الجوائز التقديرية الثابتة في مجالات التأليف والترجمة والإبداع.
وإلى جانب غياب تقاليد الاحتفاء والتكريم ظهرت أيضا مشكلات في القراءة، وذلك أنها ليست سلوكاً متأصلاً في الحياة اليومية، وظهرت المشكلة هذه بصورة أوضح لدى الناشئة، وهي ظاهرة عامة تشترك فيها الدول العربية حسب تقارير منظمات إقليمية ودولية، القراءة سلوك نخبوي والقراءة الحرة في المدارس ضعيفة.
ولدى المكتبات الأهلية مشكلات أخرى تتلخص في عدم وجود الدعم المادي الكافي لها، وضعف ربطها بالمجتمع، من خلال غياب الأنشطة الثقافية بها.