(المصدر:دار الفارابي)
كتاب: "الرواية العربية والتنوير"
تأليف: د. صالح زياد
يأتي تكسير نمط العلاقة الثقافية بالآخر أحد تجليات الرواية العربية، التي تفكك بها التعصب وتخرق متصل الخطاب لتوليد إثارة وخلق حدث بالمعنى الروائي والتداولي. وهو منظور ترامت به الرواية إلى ممارسة دور نقدي تجاه الثقافة لتوليد معان إنسانية ووطنية بمنجاة من التعصب والكراهية والاحتشاد بالبغضاء والمكائد المتبادلة. وقد غدا هذا المنظور مداراً من دلالة متداولة روائياً على أن فضاء التعصب متقارن مع الطغيان والمجتمعات البطريركية ولا يكف عن توليد أوهام الذات المشوِّهة لإنسانيتها وعقلانيتها. ولا يستقل تفكيك التعصب عن تفكيك التطرف الديني الذي حاولته المعالجات الروائية، لأنهما ينهلان من معين واحد وينطبعان بالطوابع الدوغمائية نفسها. ونموذج التفكيك للتطرف الديني روائياً يأخذ أهميته الظرفية في تصاعد عنف الجماعات الإرهابية المسيّسة التي أدلجت الدين الإسلامي وتمسّحت به زوراً وبهتاناً في تفجيرات غادرة وممارسات عنيفة طاولت الأبرياء حتى من أبناء الدين الإسلامي نفسه، واستمالت الشباب إليها لملاقاة حتوفهم بتزييف معاني الجهاد والشهادة. لكن النموذج الروائي في هذا الصدد لا يفصل الإرهاب عن سياق الواقع العربي الإسلامي الذي تغدو فيه الممارسة السياسية ضرباً من الاغتصاب والإكراه، وذلك في مدار يكشف عن دلالات الموت في واقع وجودي وثقافي مأزوم لم يعد يستشعر لذة الحياة وقيمتها، ويقرن بين الإرهاب والسلطة المستبدة والفاسدة قراناً واصلاً بين مكوناتهما في تولُّد أحدهما عن الآخر، وتبادلهما الفعل ورد الفعل.
(من مقدمة)
د.صالح زيّاد.
أستاذ النقد الأدبي الحديث في كلية الآداب، جامعة الملك سعود، الرياض.
من مؤلفاته:
o الأنواع الأدبية: تفاضلها وتراتبها، جامعة الملك سعود،الرياض، 2004.
o القارئ القياسي، دار الفارابي، بيروت، 2008.
o مجازات الحداثة، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2010.
o الشاعر والذات المستبدة، عالم الكتب الحديث، إربد، 2010.
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر
كتاب: "الرواية العربية والتنوير"
تأليف: د. صالح زياد
يأتي تكسير نمط العلاقة الثقافية بالآخر أحد تجليات الرواية العربية، التي تفكك بها التعصب وتخرق متصل الخطاب لتوليد إثارة وخلق حدث بالمعنى الروائي والتداولي. وهو منظور ترامت به الرواية إلى ممارسة دور نقدي تجاه الثقافة لتوليد معان إنسانية ووطنية بمنجاة من التعصب والكراهية والاحتشاد بالبغضاء والمكائد المتبادلة. وقد غدا هذا المنظور مداراً من دلالة متداولة روائياً على أن فضاء التعصب متقارن مع الطغيان والمجتمعات البطريركية ولا يكف عن توليد أوهام الذات المشوِّهة لإنسانيتها وعقلانيتها. ولا يستقل تفكيك التعصب عن تفكيك التطرف الديني الذي حاولته المعالجات الروائية، لأنهما ينهلان من معين واحد وينطبعان بالطوابع الدوغمائية نفسها. ونموذج التفكيك للتطرف الديني روائياً يأخذ أهميته الظرفية في تصاعد عنف الجماعات الإرهابية المسيّسة التي أدلجت الدين الإسلامي وتمسّحت به زوراً وبهتاناً في تفجيرات غادرة وممارسات عنيفة طاولت الأبرياء حتى من أبناء الدين الإسلامي نفسه، واستمالت الشباب إليها لملاقاة حتوفهم بتزييف معاني الجهاد والشهادة. لكن النموذج الروائي في هذا الصدد لا يفصل الإرهاب عن سياق الواقع العربي الإسلامي الذي تغدو فيه الممارسة السياسية ضرباً من الاغتصاب والإكراه، وذلك في مدار يكشف عن دلالات الموت في واقع وجودي وثقافي مأزوم لم يعد يستشعر لذة الحياة وقيمتها، ويقرن بين الإرهاب والسلطة المستبدة والفاسدة قراناً واصلاً بين مكوناتهما في تولُّد أحدهما عن الآخر، وتبادلهما الفعل ورد الفعل.
(من مقدمة)
د.صالح زيّاد.
أستاذ النقد الأدبي الحديث في كلية الآداب، جامعة الملك سعود، الرياض.
من مؤلفاته:
o الأنواع الأدبية: تفاضلها وتراتبها، جامعة الملك سعود،الرياض، 2004.
o القارئ القياسي، دار الفارابي، بيروت، 2008.
o مجازات الحداثة، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2010.
o الشاعر والذات المستبدة، عالم الكتب الحديث، إربد، 2010.
0 comments:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.