(المصدر: القدس العربي، 2 سبتمبر 2012)
صدور كتاب: سقوط آل الاسد للأكاديمي الامريكي ديفيد ليش
ابراهيم درويش
كيف سينظر التاريخ الى بشار الاسد، وكيف سيحاكمه، كل شيء مكتوب على الجدار، هل كان احد يتوقع انه سيدخل التاريخ كسفاح وقاتل وطاغية قتل شعبه وشرده، ولكن هل كان بشار مرشحا ان يكون طاغية يوم انتخبه مجلس الشعب السوري وبإجماع ـ لامجال الا الاجماع- وجاء محملا بالوعود، وبرنامج اصلاحات اقتصادية، شاب طلق مهنته التي احبها وهي طب العيون وقرر الاستجابة لداعي الوطن، لكن لم يدم ربيع دمشق الا اشهرا ثم عادت الامور الى ما كانت عليه، دولة اوتوقراطية يحكمها 16 جهازا امنيا.
وبين كل 240 مواطنا مخبر، حتى ‘الزبال’ فيها جندته المخابرات للعمل معها ورضي بذلك فعمله التجسسي كان يدر عليه دخلا اضافيا، مع كل هذا نظر الى هذا القائد المتردد نظرة امل في امكانية ان يتغير شيء ما وان يتغير معه الوطن. فالاسد مارس سياسة والده في توازن المصالح، وتأكيد دور سورية الاقليمي كوسيطة لحل المشاكل، واستمرار التأثير السوري في لبنان لان السياسة السورية ظلت قائمة على الحفاظ على تأثيرها في لبنان منعا لاية قوة اجنبية من الدخول اليه، فقد عملت سورية مع حلفائها اللبنانيين على خروج الاسرائيليين من لبنان ومعهم اخرجت المقاومة الفلسطينية. ودعمت حليفها حزب الله الذي اخرج الاسرائيليين من جنوب لبنان.
اللاعب
واستطاع بشار الاسد الذي كان يتعلم السياسة على تجنب مصير صدام حسين، حيث لعب على تناقضات الساحة العراقية، تغاضى عن الجهاديين، للدخول الى العراق لقتال الامريكيين ،واقام علاقات مع قبائل عراقية واستطاع ان يقيم مناطق تأثير له، وعندما ايقن ان الغزو الامريكي حقيقة وان حكومة المنفيين التي جلبتها امريكا معها على ظهور الدبابات مستمرة قام بتحسين العلاقات واقامة جسر من التعاون حيث سلمها سبعاوي ابراهيم وعشرين اخرين من المطلوبين الذي لجأوا الى سورية مع مليون عراقي اخر، ومع تحسن العلاقات جاءت الصفقات التجارية وفتح انابيب النفط التي اغلقتها امريكا بعد الغزو، كانت سياسة بشار الاسد ‘دقة على الحافر ودقة على المسمار’ كافية لان ينجز وهو في منتصف الاربعينات نصرا على ادارة بوش التي وضعته في مرمى هدفها، وكان بشار الاسد ذكيا في قراءته للمزاج السياسي الامريكي وما يجري فيه، واستطاع الرئيس السوري الشاب تجاوز الأزمة التي نتجت عن مقتل رفيق الحريري التي اتهمت فيها سورية، لان رئيس الوزراء اللبناني الاسبق كان ‘يتآمر’ لاخراج سورية من لبنان. اعطت حرب لبنان بشار الاسد الفرصة لان يركب موجة الانتصار التي انتشرت في العالم العربي، حيث ادهش حزب الله العالم العربي بصموده البطولي امام الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر في حرب تموز عام 2006، وهي الحرب التي جعلت من حسن نصر الله زعيم حزب الله اشهر شخصية في العالم العربي بل وفي المنطقة كلها، اصبح بشار الاسد مع ايران وحزب الله وحماس يمثلون معسكر الممانعة ضد ما يسمى معسكر الاعتدال، في عام 2008 جاء اوباما للحكم وانجلت الغمامة عن سورية، وكان بامكانها ان تتحرك الان دون خوف من تقدم 150 الف جندي امريكي واسقاط اخر نظام دولة يحكمها حزب البعث. بعدها قرر اوباما فتح السفارة الامربكية في دمشق وبدأت الوفود تتقاطر على سورية وحسنت دول الاتحاد الاوروبي علاقتها مع النظام السوري، وكما حسن الاسد علاقاته مع السعودية حيث ساءت العلاقات بين البلدين بعد مقتل الحريري، وفتح الاسد بلاده للاستثمار الخليجي.
مقعد في الساحة الدولية
كانت كل الامور تسير على ما يرام وكان كل ما يبحث عنه الاسد هو مقعد في السياسة الدولية. فعلاقاته مع كل الدول كانت في اعلى مستوياتها، وفي بعض الاحيان تحولت الى علاقة شخصية كما في حالة قطر وتركيا حيث تجاوزت سورية كل مشاكلها التاريخية وحلت تقريبا ملفات المياه والاكراد المتعلقة بحزب العمال التركي بي كي كي- واصبحت هناك شراكة اقتصادية وامنية بين البلدين، كما واصبح الاسد وزوجته اسماء الاسد الجميلة والمتعلمة والمولودة في بريطانيا حديث الاوساط الاجتماعية، وتسابقت مجلات الازياء العالمية على مقابلة ‘زهرة في الصحراء’ وحلت اسماء وبشار ضيفة على الاليزية بدعوة من نيكولا ساركوزي وزوجته النجمة هي الاخرى كارلا بروني. في الداخل كان بشار يحظ بشعبية بين السوريين وان تكون لديه شعبية، فلم يكن هناك من يكرهه، فقد بنى صورة عن رئيس بسيط يقود سيارته بنفسه ويخرج مع زوجته الى المطاعم الراقية التي بدأت تنتشر بسبب الاستثمارات الواسعة في قطاع السياحة، فقد تغيرت دمشق كثيرا خاصة في ساحتها الرئيسية حول فندق ‘فور سيزونز’، وتم ترميم الاثار التاريخية والمعالم السياحية، فسورية لديها اكثر واهم معالم سياحية في العالم ولكنها الاقل زيارة مقارنة بدول اخرى، ومن هنا جرى التركيز على قطاع السياحة الذي اصبح يدر اكثر من 11 مليار دولار على الميزانية السنوية في البلاد.ونفس الشي في حلب، حيث كانت مع دمشق من المدن الرئيسية التي حصلت على الدعم من النظام ومن اموال الدعم الخارجي، واستطاع لاسد بناء توازنات سياسية في العلاقات مع الاقليات، فسورية هي اكثر الدول العربية تعقيدا من ناحية النسيج الاجتماعي، وكان الاسد قادرا على تجاوز الكثير من الازمات كما حصل عام 2004 في انتفاضة الاكراد في القامشلي.
محسوبيقراطي
ومن ناحية علاقة الدولة بالمال،واصل الاسد سياسة والده في علاقته مع الرساميل السنية والتجار خاصة في حلب بل ادخلها ضمن الدائرة السياسية المؤثرة في البلاد والمقربة منه، ولهذا يفهم تردد الكثيرين بدعم الانتفاضة وموقف الحلبيين من المقاتلين الذين ينظرون اليهم كمخربين وليس كمحررين. لعدم قدرة الاسد على مواصلة الاصلاح السياسي الذي وعد به، فربما حذره بعض من النخبة الحاكمة القديمة التي تريد الحفاظ على الوضع القائم وان سورية ليست بريطانيا التي درس فيها ركز الاسد على الاصلاح الاقتصادي والتعليمي حيث كانت مؤسسات الاقتصاد السوري مهلهلة وكما قالت اسماء الاسد التي عملت في جي بي مورغان، المؤسسة المصرفية المعروفة ان البنك المركزي ليست لديه اجهزة كمبيوتر حديثة ولا يعرف العاملون فيه ما يجري في العالم من تطورات في ادارة المؤسسات المصرفية وفوق كل هذا لم يكن لدى سورية سوق مالية. وفي نهاية عام 2010 كان لدى سورية عشرة بنوك خاصة منها بنكان اسلاميان وسوق مالي. لم تكن انجازات بشار الاسد بدون ثمن، فكما هي العادة في كل الانظمة الاوتوقراطية ذهبت الاستثمارات الى المحاسيب المقربين من النظام، وقصة رامي مخلوف الملياردير المعروفة وابن خال بشار الاسد معروفة، فهو مالك شركة الاتصالات السورية ‘ سيرياتيل’ فيما اصبح نجل مصطفى طلاس، ملك السكر من ضمن مجموعة اثرت من الاستثمارات وبنت مقاهي ومطاعم ومحلات في الاسواق الحرة. وصار رجال الاعمال الذين يريدون الاستثمارات يبحثون عن اكثر من وسيط، فكما يقول رجل اعمال انه قابل وزير الاقتصاد ووزيرا اخر من اجل بحث مشروع استثماري وعندما سئل عن السبب قال ان العقد سيكون موضع تنافس ومن يربح منهما سيدعم المشروع. تحولت سورية بل ظلت سورية بلدا ‘ محسوبيقراطي’ لا يربح فيه الا من له واسطة. اما بالنسبة للبقية من السكان وهم الغالبية فهم اما تحت خط الفقر او من الذي يستطيعون ضمان معيشتهم اليومية، كما ان نسبة البطالة في سورية ارتفعت بمعدلات كبيرة خاصة في قطاع الشباب تحت سن الخامسة والعشرين، ومما زاد في تفاقم الأزمة قدوم مليون عراقي، فقد نافسوا العمال المحليين وزادوا من الضغوط على القطاعين الصحي والتعليمي. وادى تراجع تصدير النفط الذي يذهب معظمه الى اوروبا والجفاف الذي ضرب المناطق الزراعية (النفط والزراعة عماد الاقتصاد السوري) الى هجرات كبيرة للمدن مما ادى الى نشوء مدن الصفيح وارتفاع معدلات الجريمة. على الرغم من هذه الصورة كان هناك امل في ان تنجح سياسة لبرلة الاقتصاد، فقد توجه بشار الى الهند والبرازيل والصين ومتن علاقاته مع روسيا التي استطاع التفاوض معها حول الديون السورية المتراكمة منذ عهد والده، وعززت روسيا من مصالحها، قاعدة طرطوس، وصفقات اسلحة جديدة ومشاريع اقتصادية اخرى. كان هناك امل في ان يحقق هذا الديكتاتور المتردد او رئيس الصدفة الطموح الغربي منه وما يطمحه شعبه من اصلاحات سياسية وتقييد الدولة البوليسية.
الوجه الاخر من القصة
الى هنا تبدو القصة شبه عادية كما يرويها الاكاديمي الامريكي ديفيد دبليو ليش في كتابه الجديد الذي صدر قبل اسابيع تحت عنوان ‘سورية: سقوط بيت الاسد’، او سقوط آل الاسد ايا منهما فالنهاية معروفة، وليش مؤلف كتاب عن بشار الاسد اصدره عام 2005 ‘الاسد الجديد في دمشق: بشار الاسد وسورية الحديثة’، هو صديق لبشار، حيث جلس معه وحادثه وناقشه حول سورية وبرنامجه وطموحاته السياسية والوطنية، والصورة الاولى تبدو شبه ايجابية، فالاسد كان جادا في تحقيق اصلاح لكنه قيد واضطر على ان يعمل مع النظام ويستخدم ما يسمح به النظام لتحقيق ما يمكن تحقيقه. وان الرجل فعلا كان يحاول ان يكون قريبا من الشعب، فعلى الرغم من انه لا يعطي حضورا او كاريزما الا انه كان يقابل ويحادث كل من يقف امامه، مشيرا الى حادث شهده عندما تم افتتاح بيت الاوبرا في دمشق حيث قابل الاسد كل من كان حاضرا وتحادث معه قبل بداية العرض. ولكن الانتفاضة التي جاءت غيرت الصورة واعادت الاسد الى الابن الذين ولد وعاش فترة الحرب مع اسرائيل عام 1973، ابن نظام خائف وعائلة تشعر انها مستهدفة كما اشار باتريك سيل في كتابه عن اسد سورية والد بشار. ويرى ليش انه يتفهم حديث بشار عن الجماعات الارهابية الخارجي والقوى التي تتآمر على سورية وهي الرواية التي لم تتغير حتى الان منذ بداية الانتفاضة، يتفهم هذا الموقف لان سورية تتسم بعقدة الخوف او البارانويا، وهذا لا يقتصر على الاسد والمؤسسة الحاكمة والاسد بل على الشعب الذي يرى ان دولته مهد القومية العربية مهدد دائما. ولكن الاسد تغير او غيرته الانتفاضة مع انه لم يكن خائفا من الريبع العربي لانه كما قال ان سورية حالة مختلفة وبالتاكيد فهي مختلفة، ليست مصر ولا تونس ولا حتى ليبيا، فقد اكد الاسد انها لن تحدث لان من يكون قريبا من شعبه فلن يواجه نفس مصير الحكام الاخرين. كان الاسد قادرا في البداية على تجاوز الأزمة لو استمع وتحرك سريعا لكان الوضع احسن. درعا في مارس 2011 غيرت كل حسابات النظام. ولو – هذه اللو اصبحت في خبر كان- قام الاسد بتدارك الامر، مع انه عزل الحاكم ومدير المخابرات لكان الوضع غير ذلك، يتفق ليش مع كل المحللين وكل مراقب لتطورات الازمة السورية ان الانتفاضة كانت في البداية تحمل مطالب حقيقية واصلاحات من درعا الى بانياس التي احتج فيها المواطنون على منع النقاب قبل عام من الانتفاضة. كاتت المطالب الاصلاحية حقيقية،مع ان صورة الاسد مزقت وديس عليها الا ليش يرى ان الاسد ربما صدم بما حدث في الدول العربية الاخرى وشعر انه في مأمن من الربيع العربي، نظرا لموقفه من اسرائيل ودعمه المقاومة وشعبيته النسبية في سورية، لكنه كان مخطئا في هذا الاعتقاد مثلما اخطأ في كل الخطوات التي اتخذها منذ بداية الانتفاضة، لم يكن لدى الاسد بعد نظر القائد الذي يرى ان التغيير قادم، مع ان بعض مستشاريه عرفوا بحقيقة الامر مثل بثينة شعبان المستشارة السياسية للرئيس والتي تقيم علاقة جيدة مع بشرى شقيقة بشار. فقد ربط الثورات بموقف الحكومات التي انهارت من القضية الفلسطينية. يعرف ليش ان الاسد يحب ان يوازن الامور قبل اتخاذ قراراته لكنه في هذه المرة تأخر، فمع تزايد التظاهرات ظل الجميع يتساءلون اين بشار. وظهر في نهاية الشهر اي بعد اسبوعين ليلقي خطاب مهزلة لم ير احدا. في قراءته لسبب تأخر الاسد على الرد على المطالب الشعبية يعتقد ان النظام نفسه فوجىء بما حدث ولم يكن عارفا بأهمية وسائل الاتصال الاجتماعية ودورها في التحشيد. كان يجب على الاسد الظهور امام الشعب لكن يبدو ان الدائرة المحيطة به حذرته قائلة ان هذا ما فعله الاخرون، ويجب ان تفعل غير هذا، اي تقاتل حتى النهاية، وكالعادة فقد كان قرارا خاطئا. فالاسد لم يعرف ان ما يجب القيام به هو اصلاحات حقيقية وليس نصف ‘مطبوخة’، اصلاحات وليس سياسة العصا والجزرة، او اصلاحات تلغي نفسها، فقانون الطوارىء الذي الغاه ارفق بسلطات جديدة مقيدة وتؤكد الدولة البوليسية.
اللعب في الوقت الضائع
وفي نفس السياق فكل القرارات التي اتخذها جاءت في الوقت الضائع، وكان بامكانه ان يعيد الامور الى نصابها في الوقت الذي لم تكن فيه المعارضة قد تقوت وهي التي اضعفت منذ اعلان دمشق وحتى لم تكن قادرة على الاتفاق على صيغة تجمعها، وظل الخلاف واضحا منذ بداية الأزمة. فالمعارضة السورية في الخارج ظلت محل شك في نواياها وعلاقاتها وحتى التحالف الذي اقامه فرع الاخوان المعتدل في الخارج مع عبدالحليم خدام لم يكن قادرا على تقديم جبهة قوية وبديل عن الاسد، فجناح الخارج من الاخوان ظن انه وبعلاقات خدام الخارجية يمكنه ان يؤسس لجبهة قوية ضد الاسد، ليكتشف ان خدام لا شيء عنده ولم يعرف الاخوان ان خدام الذي اقيل من منصبه كان جزءا من نظام فاسد وبوليسي تماما كما يحصل اليوم من انشقاقات من داخل النظام من رموز ظلت تقاتل مع النظام الفاسد ثم قررت تركه. على الرغم من محاولة الاسد سحب البساط من تحت اقدام المعارضة ومنع المعارضة في الداخل من اقامة منطقة آمنة لعملياتها الا انه كان يقويها، فالحوار الوطني الذي قاده فاروق الشرع، الذي يصفه الكاتب بالرجل الذي يغلب مصالح بلده الوطنية على مصالحه الخاصة وبالرجل غير الفاسد، فشل بسبب عدم شموله لكل اطراف المعارضة التي بدأت تظهر، فهو لم يدع الا قيادات معارضة معروفة وقديمة في نضالها ضده ومعزولة اما لكبرها او لسجنها الطويل عن الجيل الجديد الذي يقود الانتفاضة ولم يدع مشايخ العشائر ولا ممثلي مؤسسات المجتمع المدني. يظهر من تحليل الكاتب هنا ان الاسد زرع بطريقة غير مباشرة بذور الاحتجاج، فهو بكونه رئيس جمعية الكمبيوتر عزز من قدرة المواطنين على استخدام الوسائط الجديدة، فمع ان الدولة قامت بحظر ومنع استخدامها والتقييد على المواطنين الا انهم كانوا قادرين على ايجاد طرق اخرى للتحايل على الحظر وبالتالي التواصل مع الخارج. وبنفس السياق اعطى منظمات المجتمع المدني القدرة على التنظيم لكي تفاجئه بانها مستعدة للاحتجاج. كان النظام عدو نفسه في كل مرحلة من الانتفاضة فمنعه الصحافة الاجنبية من الدخول وتغطية الاحداث اعطى المعارضة الفرصة كي تبث للعالم ما يحدث في الداخل وتفبركه بل ونشر اخبار كاذبة ولم ينجح جيشه السوري الالكتروني في ربح المعركة الاعلامية. عداوة النظام لنفسه بدت واضحة في كل سياسة فتحذيره من القاعدة والقوى الخارجية ادى لولادة خلايا في داخل البلاد، ولعبه الورقة الطائفية وانه شريان الامان للاستقرار قاد الى حرب اهلية.
فقد البوصلة
في كتاب ليش يظهر بشار وكأنه رجل فقد طريقه وبوصلته، هل غطرسة النظام الشمولي ام نصائح من حوله ممن اقنعوه بأنه سيحقق الانتصار. اسئلة كثيرة يطرحها الكاتب لكن ما هو مكتوب على الجبين لازم تشوفه العين – الاسد راحل وبيته الذي حكم سورية انهار، سواء من خلال انقلاب او بقاء في الحكم لمدة طويلة يحكم شعبا لا يريده او حربا اهلية تستنزفه وهذا الخيار يبدو انه المنتصر الان.
ليس غورباتشوف
في نهاية كتابه يذكر ليش بما كتبه في كتابه ‘ الاسد الجديد لدمشق’ ان بشار ليس بامكانه ان يكون تجسيدا جديدا لوالده وان فعل فسيكون فعلا اسد دمشق وهو ما لا تريده سورية اليوم. وتساءل ان كانت الحوصلة التي صنعها والده- نظام ديكتاتوري اضطهادي قمعي ـ ستحول بشار الى ديكتاتور متردد ام انه سيكون قادرا على محو اسس الديكتاتورية الممأسسة في سورية. ومع ان ليش يقول ان الاسد كان في الحقيقة يريد الاصلاح لكنه ووجه بالنظام ولم يكن قادرا الا على اجراء اصلاحات تجميلية وعمل ما يمكنه في اصلاح التعليم والاقتصاد. في النهاية وعندما بدأت الانتفاضة او نذرها لم يكن الاسد قادرا على قراءة الوضع تماما كما فعل ميخائيل غورباتشوف الذي بدأ بسياسة الانفتاح بيرسترويكا- وحول مسار الاتحاد السوفييتي مع ان البديل عنه لم يكن احسن منه، لكن الزعيم الروسي كان يرى المستقبل وانتهز الفرصة، اما بشار فقد فشل بشكل ذريع، لانه قصير النظر واصبح اسير وهمه. وفي النهاية لقد غير النظام القمعي الاسد مع ان الكثيرين تأملوا منه ان يقوم هو بتغيير النظام ‘ لم يكن احد يتوقع ان تكون بهذه الطريقة لكنها كانت محتومة’.
Syria:
The Fall of the House of Assad
David Lesch
Yale University Press – 2012
0 comments:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.