24 ديسمبر 2011
إصدارات: قضايا لها تاريخ
المصدر: الدستور بتاريخ 23 ديسمبر 2011
قضايا لها تاريخ» عنوان الكتاب الصادر حديثا للمؤرخ الدكتور "محمد صابر عرب"، رئيس دار الكتب والوثائق القومية، عن الدار المصرية اللبنانية.
والدكتور "صابر عرب"، مؤلف الكتاب، من المؤرخين البارزين الذين يمارسون الكتابة التاريخية بتمكن واقتدار، بلغة رصينة هادئة تتميز بالوضوح والبساطة والعمق في آن، ولولا انشغاله طوال أعوام بمسئولياته كرئيس لدار الكتب والوثائق القومية، لكان أفدنا بالكثير من كتاباته ومعالجاته التاريخية الشائقة.
وفي كتابه الجديد، الذي يجمع بين دفتيه عددا من المقالات والبحوث والمقدمات التي كتبها في فترات زمنية مختلفة، ومناسبات علمية وثقافية متباينة، ونشرها في العديد من الدوريات المتخصصة والصحف المصرية والعربية، وبعضها ظل حبيس الأدراج ولم ينشر من قبل، يقدم الدكتور "صابر عرب" رؤيته كباحث متميز ومثقف قدير، لعدد من الموضوعات التي تصب كلها في النهاية نحو الكشف عن مناطق مجهولة من تاريخنا الحديث والمعاصر، وإزالة غبار النسيان المتراكم على شخصيات وكتب وموضوعات وأحداث نحن في أمس الحاجة إلى استدعائها وحضورها مجددا في إطار البحث عن أسس للنهضة الحديثة التي لم نجاوز محاولات الحديث عنها والنقاش حولها دون الوصول إلى النقلة الحضارية التي نبغيها ونسعى إليها جاهدين.
يعالج الكتاب عددا من القضايا الحيوية التي سبق أن أثيرت في فترات زمنية متباينة في عدد من الموضوعات التاريخية والاجتماعية والسياسية، لعل من أخطرها التعليم والثقافة، كما يتضح من الفصول التي خصصها للحديث عن بواكير النهضة والبحث العلمي في مصر، والأمير أحمد فؤاد ونشأة الجامعة المصرية، ودور طه حسين التنويري وعلاقته بثورة يوليو 1952، والعقاد والسياسة، والأزهر مؤسسة لها تاريخ، وغيرها من القضايا التي تتصل بتاريخ النهضة والثقافة المصرية خلال القرن المنصرم.
كما يستعرض الكتاب أيضا رؤى أخرى تستهدف البحث عن وسيلة للعبور نحو مستقبل واعد، بالتركيز على طرح مجموعة من الأفكار التي تتصل بواقعنا التعليمي المتردي، وتناول نماذج تحديثية للعملية التعليمية في محاولة للخروج من هذه الأزمة المتفاقمة، عبر فصول عدة تبدأ بالإقرار والاعتراف بأن التعليم في أزمة، مرورا بـ"التعليم والمستقبل.. التجربة الكورية نموذجاً"، و"التعليم والطريق نحو المستقبل".
إن المؤلف في كتابه الجديد لا يدعي أنه يملك الحقيقة الكاملة، كما أنه ليست لديه حلول سحرية لمختلف القضايا والمشكلات المعقدة التي يعاني منها المجتمع، ولكنه حاول جاهداً ومخلصاً أن تأتي رؤاه معبرة بموضوعية ونزاهة عن قناعاته الشخصية وخبراته العلمية والعملية الطويلة، من واقع ممارسته للعمل الأكاديمي باعتباره أحد المؤرخين المعاصرين البارزين، وبصفته مسؤولاً عن أعرق المؤسسات التوثيقية والأرشيفية في مصر والعالم العربي، وهو ما سيلمسه القارئ للكتاب من صدق الطرح وجديته.
ويلفت المؤلف الانتباه إلى ملمح مهم، وهو ضرورة أن يخرج الأكاديميون من عزلتهم لكي يتفاعلوا مع قضايا مجتمعهم ومشكلاته الملحة، ومحاولة البحث عن حلول لها، خاصة أن لديهم الكثير من الأفكار البناءة والمعرفة المتقدمة وامتلاكهم لأدوات المنهج العلمي وسبل تطبيقه، والتي من الممكن أن تسهم في اجتياز الوطن لعثراته والمضي قدما في اتجاه التطوير والتحديث.
يقدم الكتاب، عبر فصوله المتنوعة وموضوعاته المثيرة والجاذبة للقراءة، دعوة حقيقية إلى المشاركة في حوار موسع شريطة أن يكون حوار ديمقراطيا إنسانيا صادقا بين المجتمع بمؤسساته المدنية وصناع القرار، خصوصا في تلك المرحلة التاريخية الفارقة والحساسة من تاريخ مصر الثورة.
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
0 comments:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.