(المصدر: جريدة عُمان، 31 يناير 2012)
عزيزة الطائية في كتابها الجديد تبحث:ثقافة الطفل بين الهوية والعولمة
قراءة : خالد حريب :-- ضمن البرنامج الوطني لدعم الكتاب أصدر النادي الثقافي بمسقط كتابا مهما تحت عنوان “ ثقافة الطفل بين الهوية والعولمة للكاتبة عزيزة الطائي .
وهذا النوع من الكتابة ليس غريبا عن عزيزة الطائي ويمكن القول ان موضوع الطفل وثقافته يعتبر من أهم اهتماماتها وقد عالجته في الكثير من الإسهامات التي شاركت بها في مناسبات مختلفة.
والكتاب الذى يقع في 160 صفحة من القطع المتوسط يضم ثلاثة فصول رئيسية يضمهم محور واحد وهو بحث انعكاس مستجدات التواصل بين الناس على الطفل وثقافته ومن ثم محاولة تخيل ما سيكون عليه ذلك الطفل في المستقبل.
والمستجدات التي ترصدها عزيزة الطائية قد برزت خلال العقدين الأخيرين بشكل لافت للنظر مثل التوسع المذهل في الفضائيات وكذلك سيطرة الشبكة العنكبوتية على مصائر الأمور في كثير من الأحيان.
وتمسك الكاتبة بجدية واضحة أثر تلك المستجدات على هوية الطفل العربي وتكمن أهمية الكتاب الذى نحن بصدده في أن هذا النوع من البحوث والدراسات قلما التفت اليه مهتم في وطننا العربي رغم توافر الميزانيات التي تسمح بالاجتهاد في ذلك المجال .
ويضم كتاب " ثقافة الطفل بين الهوية والعولمة " ثلاثة فصول رئيسية حيث جاء الفصل الأول بعنوان " الثقافة فيعصر العولمة " أما الفصل الثاني فقد حمل اسم " التنشئة في عصر السماوات المفتوحة " ويأتي الفصل الثالث باسم " التربية في عصر المعلوماتية ".
وكما هو واضح أن الفصول الثلاثة تتجه إلى بؤرة محددة وهي بحث التحديات التي تواجه الأسرة العربية من أجل الاستفادة من تلك التقنيات الحديثة دون الانسحاق أمام مضامين بعيدة عن الواقع العربي وثقافته فالتدفق المتواصل عبر الفضائيات والانترنت يحمل عدد من المخاطر والتحديات حيث أغلب ما يبث من خلالهما هي برامج ومضامين واعلانات مستوردة لا تمت بصلة لثقافتنا العربية وكذلك الحال مع ألعاب الأطفال الإلكترونية وكلهم يمتازون بعناصر الجودة الفنية والإبهار مما يجعلها تحظى بنسب مشاهدة عالية إذا ما قورنت بالبرامج المنتجة محليا وعربيا ..
ذلك التدفق في رأى عزيزة الطائية ينتج عنه ازدواجية وتناقض يعيشه الطفل العربي ما بين واقعه المعاش والواقع المتخيل .
وكانت عزيزة الطائية قد دافعت عن وجهة نظرها في ندوة سابقة بالنادي الثقافي بمسقط عندما أكدت أنه ما من شك في أن الاهتمام بالطفولة العربية دليل واضح على تفتح الشخصية العربية ومواجهتها للعولمة الثقافية التي نتعايشها.
وأضافت أن الواقع الراهن يشير إلى تأثر أطفالنا ، ووقوعهم أسرى لثقافات ليست من موروثهم ومجتمعهم وعقيدتهم وعروبتهم، وكونهم جزءا من أطفال هذا العالم الكبير بكل التحديات التي يواجهونها يحتم علينا ألا نتقاعس عن العمل الجاد في سبيل مساعدتهم على النمو السليم الذي يقودهم إلى اكتمال التنظيم النفسي وبناء الشخصية العملية المتوازنة لنضمن قدرته على استغلال خصائصه الوراثية والطبيعية لتتفاعل وتتكيف مع العوامل البيئية (الأسرة والمجتمع والثقافة)،وبحسم ترى أن موضوعنا ليس مجرد مادة للبحث المحايد، ولكنه قضية حياة، كون الطفل قوام مسيرة الحياة الإنسانية، وثمرة جهود دائبة مخلصة ليتمكن من مواجهة التحديات التي تفرضها عليه الثقافة الجديدة، ويتكيف مع ما تحمله من متغيرات بكل مسؤولية واقتدار.
ونرجع إلى كتابها الذى أصبح الأن في متناول اليد لنتأمل مع الكاتبة موقع الطفولة من تيار العولمة.
ومن حيثيات ذلك التأمل هو أن الأطفال في عصر العولمة هم الفئة الأكثر حساسية وخطورة فيما يتعلق بالتأثيرات الثقافية والميديا الحديثة التي يفرضها النظام العالمي الجديد. فالسمات والخصائص الثقافية التي يكتسبها الفرد في مرحلة الطفولة تشكل الشخصية المرجعية لوجوده وحياته في مختلف مراحل الحياة القادمة.
الكتاب جدير بالقراءة في كل البيوت العربية كما هو جدير بأن يكون على طاولة البحث الرسمية والأهلية من أجل المساهمة في بلورة منهج مبتكر وآليةجديدة تعين على رسم ملامح المستقبل الذي لا يتخاصم مع التقدم ولا يتجاهل الخصوصية والهوية.
لقراءة نصّ الموضوع كاملا»