31 مارس 2010

فن القراءة: كتاب "القراءة الذكية" لـ(ساجد العبدلي)


قرأتُ عرضًا لكتاب يتناول موضوع القراءة وفنونها وأساليبها، ويبدو من خلال هذا العرض كتابًا شائقًا. العرض منشور في جريدة القبس الكويتية بتاريخ 30 مارس 2010. يمكنكم قراءته أدناه أو الاطلاع عليه من المصدر بالضغط هنا:

من خلال الإجابة عن: ماذا ولماذا وأين ومتى وكيف.. أقرأ؟
العبدلي يرسم خارطة طريق للقراءة الذكية



محمد حنفي
«بعد ثلاثة أيام من الانقطاع عن القراءة سيصبح الكلام بلا نكهة».بهذه الحكمة الصينية القديمة يبدأ د ساجد العبدلي كتابه الممتع والأنيق الإخراج «القراءة الذكية»، وهو من الكتب المطلوبة بشدة في هذه الأيام في عالمنا العربي حيث أصبحت القراءة بمنزلة فعل فاضح.
ولا أتفق أبدًا مع العبدلي في ما جاء في مقدمة الكتاب التي كانت بمنزلة تبرير من العبدلي لإصداره هذا الكتاب، فمثل هذه الكتب لا تحتاج إلى تبرير، فالعبدلي قام بما ينبغي أن يقوم به كل مثقف عربي مطلع في عالمنا العربي على الواقع المؤسف للقراءة والمأساوي للكتاب.

يقول المؤلف في مقدمة كتابه وكأنه يشير إلى هذا الواقع المأساوي للقراءة: «عندما قررت أن أكتب كتابا عن القراءة وجدت معارضة للفكرة ممن حولي، لأنها، وفق ما قالوه لي، لن تستهوي أحدا، ولن تجد لها جمهورا، وبالفعل فهذا الكلام منطقي إلى حد كبير، فكيف لي أن أقنع أناسا لا تقرأ، وربما تفعل ذلك لأنها لا تريد أن تقرأ أصلا».
هل القراءة هواية؟
عبر 100 صفحة من الإخراج النوعي يتجول الكاتب بالقارئ في رحلة مكونة من خمسة أبواب إلى عالم القراءة الذكية، يبدأ العبدلي الباب الأول من هذه الرحلة بالحديث عن «أهمية القراءة» وهنا يطرح السؤال: هل القراءة هواية؟ ويستشهد العبدلي بآراء عدد كبير من المفكرين والمثقفين للدلالة على أن القراءة أكثر من مجرد هواية نمارسها، وإنما القراءة هي الحياة، والقراءة السليمة هي فن الحياة.
إن العبدلي يرى أن القراءة تلك السنة الإلهية التي كانت أول كلمة في آخر رسالة (اقرأ) أدركها غير المسلمين وتناساها وأغفلها المسلمون في يوم من الأيام فكانت بداية النهاية للحقبة الماضية من عمر الحضارة الإسلامية.
ماذا ولماذا وأين ومتى وكيف؟
ويخصص د ساجد العبدلي الباب الثاني من الكتاب للحديث عن «فن القراءة» حيث يبدأ بتحديد خماسية فن القراءة: ماذا أقرأ؟ لماذا أقرأ؟ أين أقرأ؟ متى أقرأ؟ كيف نقرأ؟
ماذا أقرأ؟
يجيب العبدلي بأنه ينبغي قراءة كل ما نحبه ونستمتع به، وقراءة كل ما هو مفيد، كما يحذر من الفخ الذي يقع فيه الكثير من القراء وهو الرغبة في قراءة الكتاب كاملا، ويستشهد العبدلي بمقولة اوسكار وايلد: «إذا وجدت أنك لا تستمتع بقراءة الكتاب نفسه مرة بعد مرة فاعلم أنه لا داعي لأن تقرأه على الإطلاق».
لماذا أقرأ؟
يحدد العبدلي سبعة أهداف للقراءة: الرغبة في الاستمتاع والحصول على الثقافة العامة، استكشاف الصورة العامة للكتاب، المراجعة حيث يقرأ القارئ كتابا ويعود إليه بعد فترة لتثبيت ما فيه من معرفة في الذاكرة، البحث عن المعلومات، القراءة بدافع تدقيق المكتوب ومراجعته وتصحيحه كما يفعل المصحح اللغوي، الرغبة في السيطرة واستيعاب المادة المقروءة والقدرة على تذكرها، السعي لنقد محتوى الكتاب كما يفعل الناقد.
أين أقرأ؟
يحدد العبدلي مواصفات الجلسة السليمة للقراءة: فالمقعد ينبغي ألا يكون لينا ولا صلبا، وأن تكون القدمان ملامستين للأرض وان يكون الظهر مستقيما، كما يجب أن يكون المكان جيد الإضاءة والتهوية وأن تكون المسافة بين العين والمادة المقروءة في حدود 50 سم.
متى أقرأ؟
أفضل وقت للقراءة هي الساعة الذهبية، وهو الوصف الذي يستعين به العبدلي من د عبد الكريم بكار، وعلى القارئ البحث عن ساعته الذهبية هذه، وحين يجدها عليه أن يسارع فيحيطها بسياج من التقديس، ليمنع عنها المشاغل، ويحذر العبدلي من القراءة بعد أوقات الخمول وانحسار النشاط أو بعد تناول الوجبات الدسمة.
كيف أقرأ؟
يستشهد العبدلي بطقوس مجموعة من المفكرين في القراءة للإجابة عن هذا السؤال، فالشاعر شيللي كان يمزق أوراق كل كتاب يقرأه بعد أن يفرغ من قراءته ليصنع من الأوراق زوارق صغيرة يطلقها في مياه البحيرات والأنهار ليتفرج عليها وهي تبحر بعيدا.
أما الكاتب إدوارد فيتزجيرالد فكان يمزق الكتاب الذي لا يعجبه ويلقي به في سلة المهملات أو النار ولم يكن يضع في مكتبته إلا الكتب التي أحبها، بينما العالم داروين كان يقسم الكتاب إلى نصفين ويحمل كل نصف في جيب من جيوبه، وكان الكاتب الساخر برنارد شو يقرأ الكتاب أثناء ارتداء ملابسه، يلبس القميص ثم يجلس ليقرأ قليلا، ثم يرتدي البنطال ويعود للقراءة، ثم يلبس ربطة العنق ويعود إلى القراءة، وكان يفعل الشيء نفسه عندما يخلع ملابسه.
أساليب القراءة
يخصص العبدلي الباب الثالث من «القراءة الذكية» للحديث عن أساليب القراءة، فهناك قراءة الاستطلاع التي تعطي القارئ لمحة عامة عن الكتاب من خلال التعرف على قائمة المحتويات وعناوين الفصول والأبواب والصور والأشكال، وهناك القراءة العابرة التي يبحث القارئ من خلالها عن معلومة محددة أو إجابة سؤال، بينما القراءة التحليلية هي التي يستوعب القارئ من خلالها كل مادة الكتاب والنفاذ إلى أبعاده ودلالاته، والقراءة السريعة هي التي فرضتها تطورات عصر المعلومات وثورة الاتصالات والتي أصبح لازما على القارئ أن يتعلم كيف يزيد من سرعة قراءته ليواكب السرعة الفائقة التي تنتج وتنتقل بها المعلومات.
القراءة الذكية
يحمل الباب الرابع من الكتاب عنوان الكتاب نفسه» القراءة الذكية» وفيه يحدد د العبدلي خارطة طريق لهذه القراءة الذكية، يجب على القارئ أن يحدد هدفه من قراءة الكتب ثم عليه ألا يبتعد عن الهدف، وعلى القارئ الحصول على الخريطة الشاملة للكتاب بتفحص العنوان وقائمة المحتويات ومعلومات الغلاف وبيانات النشر، هذه الخريطة ستعطي القارئ القرار الواضح إن كان الكتاب الذي بين يديه سيوفر له ما يريد من معرفة أم لا وما إذا كان حقا يرغب في قراءته، فإذا قرر قراءة الكتاب فعلى القارئ أن يتفاعل مع ما يقرا فيعيش في عالم الكتاب وينصرف عمن حوله وان يضع علامات مميزة على تلك العبارات والأفكار التي تثير في نفسه التساؤلات أو الأخرى الجديرة بالبحث.
أنواع القراء
أخيرا يفرد د العبدلي الباب الخامس والأخير من كتابه لتصنيف القراء إلى سبعة أصناف:
العاجزون عن القراءة: الذين لا يستطيعون القراءة بسبب أميتهم وهذه الشريحة تمثل %43 من سكان العالم العربي.
القارئ الصدئ:الذي يجيد القراءة لكنه لا يقرأ معتذرا بأعذار كثيرة.
قارئ الديكور: الذي يصنع في بيته مكتبة مليئة بالكتب مما يعطي زائره الانطباع بأنه مهتم بالثقافة.
القارئ المتعالم: مثل سابقه جعل من داره مكتبة كبيرة لكنه تجاوز صاحبه فصار يدلي بدلوه في جلسات الثقافة.
المولع باقتناء الكتب: يقتني كل كتاب يسمع عنه أو يعرفه لكنه في غمرة انشغاله بتكديس الكتب لا يجد الوقت لقراءتها.
القارئ الناضج: الذي يمتلك حماسة صادقة للقراءة ويحرص على التنويع في قراءته .
القارئ الناقد: هو المرحلة المتقدمة التي تلي القراءة الناضجة .

كيف تقرأ بسرعة؟
• تأكد من سلامة نظرك فمشاكل النظر تحد من زيادة سرعتك في القراءة.
• لا تقرأ بصوت مرتفع فالقراءة الجهرية تستغرق الكثير من الوقت.
• استخدم دليل بصري تمر به تحت السطور فتمنع عينيك من التراجع عما تقراه.
• وسع مجال نظرك بحيث تلتقط وبنظرة واحدة عدة كلمات.
• عش مع المؤلف وأفكاره لكي تستغرق كليا في قراءة الكتاب وتزيد سرعتك.
• نوع من سرعتك بحيث يكون لكل مادة مقروءة سرعة معينة.

أرقام من الكتاب
• 1: عدد الكتب التي تصدر لكل ربع مليون مواطن عربي بينما يصدر كتاب لكل 15 ألف مواطن في العالم المتقدم.
• 6: متوسط الدقائق الخاصة بالقراءة للفرد في العالم العربي.
• 3000: عدد النسخ التي يقوم الناشر العربي بطبعها من أي كتاب.
• 50000: عدد الكتب التي تصدر في الولايات المتحدة كل عام.
• 300: عدد المقالات العلمية التي تصدر كل دقيقة.
• 10000: عدد المجلات التي تصدر في الولايات المتحدة وحدها.

أقوال ذكية
• يجب عليك قبل أن توجه الناس إلى قراءة الكتب العظيمة، أن تعلمهم حب القراءة» بوروس سكينر عالم النفس الأميركي.
• «إن من تيسرت له أسباب القراءة يصير ولا شك سعيدا لأنه يقطف من حدائق العالم» جون هرشل الفلكي والكيميائي الانكليزي.
• «القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة» عباس محمود العقاد الأديب المصري.
• «إن ارتفاع نسبة قراء الكلمة المطبوعة، هو الأساس الحضاري لتصنيف البلدان في العالم إلى دول متخلفة أو نامية أو متقدمة» أرنولد توينبي المؤرخ البريطاني.
• «إن الحكام الدكتاتوريين يخافون الكتب أكثر من أي اختراع بشري أخر على الإطلاق» ألبرتو مانغويل الكاتب الأرجنتيني.

الكتاب: القراءة الذكية
الكاتب: د ساجد العبدلي
الناشر: شركة الإبداع الفكري للنشر والتوزيع – الكويت
الصفحات: 100 صفحة

كيف تشتري كتابا؟
• توقف عند العنوان: لا تلتزم بالحكمة القائلة المكتوب يبان من عنوان.
• تعرف على المؤلف والناشر: ابحث عن المؤلف الموثوق به لكن تذكر أن هذا لا يعني ألا تشتري كتابا لمؤلف جديد، كما يجب أن تبحث عن دار النشر ذات السمعة الجيدة.
• أقرأ الغلاف: الكثير من أغلفة الكتب تعطي نبذة عن الكتاب والمؤلف وأقوال بعض المفكرين فيه.
• تعرف على تاريخ النشر: ابحث عن تاريخ النشر الأحدث خاصة عند اقتناء الكتب العلمية.
• اطلع على المقدمة وقائمة المحتويات: المقدمة تعطي عرضا مركزا لما يتحدث عنه المؤلف كما أن قائمة المحتويات ترشدك إلى موضوعات الكتاب إن كانت تهمك أم لا.
• استعرض فقرات انتقائية: مرورك بسرعة على بعض الفقرات الانتقائية تعطيك صورة عن محتوى الكتاب واسلوب المؤلف.
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

2 comments:

مكتبة خالدية يقول...

لا وعي بلا قراءة، ولن تنفع القراءة بلا منهجية تستطيع تأمين جني الثمار وتجاوز القراءة كوسيلة لـ قتل الوقت أو المتعة إلى استثمار القراءة كأداة قابلة للتفعيل والاستثمار في حياتنا اليومية وأيضا في مختلف المجالات..
بورك في الكاتب وفي صاحب المدونة ومزيدا من الإبداع والجهد فما أحوج عالمنا العربي لهذا الغوص الثري
تقبلوا فائق الاحترام وأسمى التقدير
http://khaldialibrary.blogspot.com

د.قلمـ يقول...

قرأت مقتطفات من الكتاب ووجدته ماتعًا ومشوقًا..

هذه الأيام أجد نفسي قارئة صدئة -أصلحني الله-
فمع المشاغل والمتطلبات الجامعية والعملية لا يسهل إيجاد وقت للقراءة المركزة ..
ثم إني أتساءل هل تغنى قراءة موضوعات في (الانترنت) جزئياً عن الكتاب ؟


سلمت يا صاحب المدونة ..
وطاب مساؤك~
http://dhyaa.blogspot.com/

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.