10 يونيو 2010

قراءاتكم: رواية "زورو" لإيزابيل الليندي (قراءة: رافع)


زورو

الكتابة الجادة عن بطل تحتاج إلى شجاعة حقيقية، هي مغامرة، قبلتها (إيزابيل الليندي) كما نرى، بكل الشغف الذي يميز كتاباتها، فأولا ً تحتاج صناعة البطل الأدبي، إلى خلق الظروف التي يوجد فيها، خلقا ً لا يجعل صورته ساذجة، وهذه المهمة تصبح أكثر صعوبة عندما يكون البطل موجودا ً، لأن علينا عندها تحريره من ركام الكتابات السابقة التي ربما شوهت صورته، وأضافت لها الكثير من الخيال الذي أفقدها واقعيتها، وزورو من هذه الشخصيات التي كتب عنها الكثير منذ اختلقها (جونسون مكولي) سنة 1919 م بروايته (لعنة كابسترانو)، وصنعت عنه أفلام، كونت لدى القارئ صورة محددة ونمطية للبطل بقناعه الشهير، وحركاته البهلوانية.

فلذا لجأت إيزابيل إلى الكتابة عن ما يمكننا تسميته مرحلة (ما قبل زورو)، أو جذور زورو، وكأنها غادرت الصورة الكاملة المرسومة كجدارية عملاقة لهذا البطل، والتي ستأتي روايتها خطا ً جديدا ً من الخطوط التي تكونها، غادرتها لتكتب عن (دييغو دي لابغا) الشاب الكاليفورني المتحدر من زواج نادر جمع والده (أليخاندرو دي لابغا) بالمقاتلة الهندية (تويبورنيا)، هذا الشاب الذي سنعايشه طيلة الرواية، ونشاهد تكون مواهبه وقدراته التي ستؤهله يوما ً ما ليكون زورو (والتي تعني الثعلب في اللغة الأسبانية)، بل إننا سنفهم سبب إتخاذ دييغو لهذا اللقب، وسنعرف مصدر كل موهبة من مواهبه، وسنفهم تكون نفسيته، بل حتى سنعرف من أين اقتبس زيه الذي اشتهر به.

وهذه الرحلة الطويلة التي تبدأ من العام 1790 م، تاريخ هزيمة والدة دييغو، الثائرة الهندية وسقوطها أسيرة في يدي والده، وما نتج عن هذه الهزيمة من زواج، وتنتهي في عام 1840 م على لسان الراوي الذي يخبرنا بقليل اهتمام عن الحياة التالية لدييغو الذي صار زورو، ونلاحظ أن السرد امتد واقعا ً على مدى 25 عاما ً، وأن الراوي اهتم فقط بحكاية زورو غير المحكية أي ما قبل شهرته، وتوقف عند عام 1815 م، وقفز ليخبرنا بلمحات سريعة ما حل بشخصيات الرواية بعد 25 عاما ً، وهي عملية استغرقت 4 صفحات فقط، بينما امتدت الفترة الأولى على ما يزيد على 400 صفحة.

الامتداد كان مكانيا ً أيضا ً، حيث تنقل دييغو وأخوه من الرضاعة الهندي برناردو ما بين كاليفورنيا وبرشلونة حيث ذهب ليتلقى تعليمه، وكعادة إيزابيل أجادت وصف البيئة المكانية والزمانية التي يتحرك فيها أبطالها، بدءاً من كاليفورنيا تلك الأزمنة، والإرساليات التبشيرية فيها، جنبا ً إلى جنب مع المستعمرين الجشعين، مرورا ً بالرحلة إلى برشلونة والتي تتم على محطات، بنما، ومن ثم بورتوبلو، والسفينة (لامادر دي ديوس)، وحتى برشلونة ذاتها فترة الغزو الفرنسي لأسبانيا، أيام النابليونية، وفترة ما بعد الثورة الفرنسية، بكل الشعارات التي أطلقتها، ومن ثم فترة ما بعد الخروج الفرنسي، والإرهاب الذي مرت به أسبانيا، وتأثيرات ذلك على أبطال الرواية، والرحلة التي اضطرتهم إلى قطع أسبانيا من أقصاها إلى أقصاها، كل هذا تملؤه إيزابيل بأسلوبها الوصفي المذهل.

الرواية ممتعة وأفلتت بنجاح من الصورة النمطية لزورو.

زورو
إيزابيل الليندي
ترجمة: رفعت عطفة
من منشورات: دار ورد
الطبعة الأولى 2007 م (الطبعة الإنجليزية كانت في عام 2005 م)
عدد الصفحات: 430 صفحة
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

4 comments:

وردة يقول...

قرأت رواية زورو قبل عدة شهور، واستمتعت بها كثيرا، إيزابيل الليندي من الكاتيات المفضلات لدي، يعجبني أسلوبها في الكتابة، حيث تمزج بين اللغة السهلة والوصف، أكثر رواية لها أعجبتني هي "صورة عتيقة"

أم الخـلـود يقول...

شكرا لكم لهذه المعلومات وتحياتي لكم

غير معرف يقول...

علي الشوكري يقول...


الشكر الجزيل لصاحب القراءة،،

هل يمكن أن أحصل على هذه الرواية " زورو"

وردة يقول...

الأخ علي
الرواية تستطيع أن تجدها في أحد المواقع الإلكترونية التي تعرض نسخا الكترونية للكتب، للأسف لا أتذكر اسم الموقع الآن، ولكن يمكنك أن تبحث في جوجول

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.