عن القارئات الإلكترونية
مادة مكتوبة بشكل حصري لمدونة [أكثر من حياة]
حتى هذه اللحظة لا نزالُ في حالةِ غفلة عن الأثر الفادح الذي نوقعه بالعالم كُلَّ صباح تسمح فيه أنانيتنا الشخصية بأن نحمل جرائد منفصلة، موزعة النسخ لنقرأ بعض رؤوس الأقلام، وحتى مع وجود الحواسب الآلية في كلِّ مكان لا تزال لذَّة القراءة متعلقة بقطعة صغيرة من المادَّة الناقلة للمعلومة يضعها المرء في يده ليقرأ منها ما تيسر من المعارف التي كتبها البشر الآخرون.
كانزو الكتب ــ كما يصفهم محقَّا أحمد المعيني ــ أيضا لهم طريقتهم الخاصَّة في تجميع بقايا الغابات المطرية في الجدران، ففي اللحظة التي تشتري فيها كِتابا تدرك أن نسبة مئوية كبير ذات دلالة إحصائية ستكون في صفِّ عدم قراءتك لهذا الكِتاب، باختصار دعوني أقول عندما تؤسس مكتبةً أنتَ تعرف جيدا أنك تؤسسها لخططك المستقبلية، ولا تحسب حساباً أنَّك ستكبر ووعيك سيتغير وكل تلك الكتب التي كنزتها ستكون زائدة عن الحاجة، ولن يهون عليك منحها مجَّانا أو تجاهلها.
يُدافعُ الكلاسيكيون للغاية عن الكِتاب، بسبب العلاقة الحميمة بينَك وبينَه، إلا أنَّهم ينسون أحيانا أنَّ الكتابة قبل اختراع جوتنبرج كانت عبارة عن صفحات مكتوبة على أوراق رديئة، أو على رقاع من الجلود وألواحٍ من العظم، فالأمر أيضا كانت له حميمته حتى بالنسبة لقارئي الرقاع أو موظفي المكتبات الأثرية القديمة الذين اعتادت صدورهم على العفن الذي يسكن الكُتب، مع القارئات الإلكترونية المسألة تختلف، هُناك إمكانيات عديدة لا توجد في الكتاب العادي وأذكر منها على سبيل المثال:
1. مع القارئ الإلكتروني لديك القدرة على تغيير نوع وحجم الخط، وبالتالي باستطاعتك أن توفر ما تبقى من بصر عينيك للمزيد من العُمر.
2. خدمة الترجمة الفورية ستسهل عليك الوقت الذي يضيع في الرجوع إلى القواميس المكتوبة، ومع أن الكلاسيكيين يحبون الطريقة القديمة إلا أن عدة أشجار في الأرض سوف تنقذ عندما تستبدل قاموسك بكِتاب إلكتروني يكلفك دولاراً أو أقل.
3. تكلفة الكتاب الإلكتروني أقل كلفة، وبالتالي شراؤه إلكترونيا أقل كلفة بكثير، وأيضا لا ننسى وجود عدد هائل من الكتب المتوزعة يمنة ويسرة عبر المهووسين بجعل مواقعهم لعرض الكُتب أكثر شهرةً.
&&&
استخدمت القارئات المعروفة كلها تقريبا، مع أمازون كندل تشعر أنك تمسك دفتراً خلقَ لكي يقرأ الناس عليه، يستخدم الكندل تقنية الحبر الإلكتروني وبالتالي يستهلك الطاقة بشكل أقل، ولكن عيبه الأكبر أنَّه لا يسمح لك بالتصفح أو بإضافة البرامج وإنما يحدد لك استخدامك بشكل كبير، كذلك إمكانية إيصاله بالنت أو وضع بطاقة فيه بها بعض الصعوبة.
بالنسبة للقارئ [آي باد] فهو لا يختلف عن الآي فون كثيرا، شركة الآي فون المتعالية والمتغطرسة والتي تريد منك أن تتبعَ مزاجها في كل شيء، كل شيء ممنوع ومقفول وعليك أن تقوم بكسر الحِماية لتبدأ باستخدام الجهاز كما تريد، معضلة الآي باد هي التركيبة المتغطرسة الإلكترونية التي تستخدمها الشركة، ولكنه يمتاز بحجم عال ووضوح ونقاء في الرؤية مما يجعله قارئا مثالياً لو يستخدم كقارئ فقط، إضافة إلى إمكانية استخدامه كمنظم شخصي، أو غير ذلك ولكن تبقى مشكلة الشركة المتغطرسة التي ترفض التعايش مع منتجات النوافذ من مايكروسفت وهذا ما يجعله بالنسبة لي منتجاً متغطرسا لا أحبه كثيراً.
أخيرا في حالة الجالاكسي تاب، كل الميزات الموجودة بالآيفون تكاد تكون موجودة في الجالاكسي تاب، إلا أنَّ المشكلة التي به هي صغر حجمه مما يعطيه صفة المتصفح أكثر من القارئ، ثمة فارق واضح في الحجم بين الآي باد والجالاكسي تاب، فحجم الجالاكسي تاب يشبه كتابا من القطع الصغير، بينما القطع الذي يستخدمه الآي باد هو القطع الكَبير.
يمكنني تماما أن أقول أن تجربة القارئات الإلكتروني ستكون صعبة في البداية، ولكن الميزات التي تحتويها سوف توفر الوقت والمكان والمال الذي نضيعه في شراء الكتب التي نريدها، ولا ننسى عامل [ accessibility ] الذي لا أعرف كيف أترجمه للعربية، فالوصول للكتاب الإلكتروني أكثر سهولة من شراء الكتب مرَّة في العام. وليست التطبيقات الموجودة في الجهازين [آي باد ــ جالاكسي تاب] مخصصة للقراء أو للبشر، كذلك هُناك إمكانية لأن يستخدمه الموسيقيون مثلا، أو كل من لعمله علاقة بالأوراق، وعلى عكس قارئ كندال يمتاز المنتجان الأخيران بعملية أكثر، وباستخدامات متعددة، ويفوق كل القارئات جالاكسي تاب بسبب رشاقته، مع ثقل حجمه الطفيف، وإمكانية استخدامه كهاتف أيضاً، ولا أظن أننا سنحب المشي بطابوقة على جانب أذننا إلا أن وجود الخيار يجعل المنتج أقرب لنا.
أشجع تماما كل القراء في الأرض على التحول نسبيا للقراء عبر القارئات الإلكترونية، لأسباب بيئية في المقام الأول، ولأسباب لها علاقة بتطور ذلك، فمع الوقت لا أستبعد أن تصلنا جرائدنا، وأخبارنا ومقالاتنا التي نريد متابعتها عبر نوافذ التخصيص في هذه المنتجات، التنافس محموم وحارٌّ للغاية بين هذه الشركات، وربما مع الكثير من الحماسة يمكننا أن نرى أبناءنا وطلاب الجامعة في الغد يكتفون بحمل جهاز إلكتروني واحد بدلاً من آلاف الأشجار التي تقطع من أجل كتب المناهج الدراسية والكُتب الجامعية، نعم للورق لذة لا تعادلها لذة، ولكن مثلما تمكن الأجداد من الخروج من الرقاع الجلدية ومن ألواح العظم، يمكننا تَماماً أن نتعود على هذا العصر الجديد، الذي سينقذ الكثير من الأشجار والوقت ويخفف عنا آلاف الكيلوجرامات والأمتار المربعة من ما نحن لسنا بحاجة إليه فعلا من الكتب. في هذا العرض السريع آمل أنني قدمت نبذة سريعة عن القارئات الإلكترونية، مع أمنيتي قراءة تجربة الآخرين عنها، وأخيرا وافر الشكر للمعيني على هذا الجهد المذهل الذي يقوم به في مدونته.
معاوية الرواحي
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر
مادة مكتوبة بشكل حصري لمدونة [أكثر من حياة]
حتى هذه اللحظة لا نزالُ في حالةِ غفلة عن الأثر الفادح الذي نوقعه بالعالم كُلَّ صباح تسمح فيه أنانيتنا الشخصية بأن نحمل جرائد منفصلة، موزعة النسخ لنقرأ بعض رؤوس الأقلام، وحتى مع وجود الحواسب الآلية في كلِّ مكان لا تزال لذَّة القراءة متعلقة بقطعة صغيرة من المادَّة الناقلة للمعلومة يضعها المرء في يده ليقرأ منها ما تيسر من المعارف التي كتبها البشر الآخرون.
كانزو الكتب ــ كما يصفهم محقَّا أحمد المعيني ــ أيضا لهم طريقتهم الخاصَّة في تجميع بقايا الغابات المطرية في الجدران، ففي اللحظة التي تشتري فيها كِتابا تدرك أن نسبة مئوية كبير ذات دلالة إحصائية ستكون في صفِّ عدم قراءتك لهذا الكِتاب، باختصار دعوني أقول عندما تؤسس مكتبةً أنتَ تعرف جيدا أنك تؤسسها لخططك المستقبلية، ولا تحسب حساباً أنَّك ستكبر ووعيك سيتغير وكل تلك الكتب التي كنزتها ستكون زائدة عن الحاجة، ولن يهون عليك منحها مجَّانا أو تجاهلها.
يُدافعُ الكلاسيكيون للغاية عن الكِتاب، بسبب العلاقة الحميمة بينَك وبينَه، إلا أنَّهم ينسون أحيانا أنَّ الكتابة قبل اختراع جوتنبرج كانت عبارة عن صفحات مكتوبة على أوراق رديئة، أو على رقاع من الجلود وألواحٍ من العظم، فالأمر أيضا كانت له حميمته حتى بالنسبة لقارئي الرقاع أو موظفي المكتبات الأثرية القديمة الذين اعتادت صدورهم على العفن الذي يسكن الكُتب، مع القارئات الإلكترونية المسألة تختلف، هُناك إمكانيات عديدة لا توجد في الكتاب العادي وأذكر منها على سبيل المثال:
1. مع القارئ الإلكتروني لديك القدرة على تغيير نوع وحجم الخط، وبالتالي باستطاعتك أن توفر ما تبقى من بصر عينيك للمزيد من العُمر.
2. خدمة الترجمة الفورية ستسهل عليك الوقت الذي يضيع في الرجوع إلى القواميس المكتوبة، ومع أن الكلاسيكيين يحبون الطريقة القديمة إلا أن عدة أشجار في الأرض سوف تنقذ عندما تستبدل قاموسك بكِتاب إلكتروني يكلفك دولاراً أو أقل.
3. تكلفة الكتاب الإلكتروني أقل كلفة، وبالتالي شراؤه إلكترونيا أقل كلفة بكثير، وأيضا لا ننسى وجود عدد هائل من الكتب المتوزعة يمنة ويسرة عبر المهووسين بجعل مواقعهم لعرض الكُتب أكثر شهرةً.
&&&
استخدمت القارئات المعروفة كلها تقريبا، مع أمازون كندل تشعر أنك تمسك دفتراً خلقَ لكي يقرأ الناس عليه، يستخدم الكندل تقنية الحبر الإلكتروني وبالتالي يستهلك الطاقة بشكل أقل، ولكن عيبه الأكبر أنَّه لا يسمح لك بالتصفح أو بإضافة البرامج وإنما يحدد لك استخدامك بشكل كبير، كذلك إمكانية إيصاله بالنت أو وضع بطاقة فيه بها بعض الصعوبة.
بالنسبة للقارئ [آي باد] فهو لا يختلف عن الآي فون كثيرا، شركة الآي فون المتعالية والمتغطرسة والتي تريد منك أن تتبعَ مزاجها في كل شيء، كل شيء ممنوع ومقفول وعليك أن تقوم بكسر الحِماية لتبدأ باستخدام الجهاز كما تريد، معضلة الآي باد هي التركيبة المتغطرسة الإلكترونية التي تستخدمها الشركة، ولكنه يمتاز بحجم عال ووضوح ونقاء في الرؤية مما يجعله قارئا مثالياً لو يستخدم كقارئ فقط، إضافة إلى إمكانية استخدامه كمنظم شخصي، أو غير ذلك ولكن تبقى مشكلة الشركة المتغطرسة التي ترفض التعايش مع منتجات النوافذ من مايكروسفت وهذا ما يجعله بالنسبة لي منتجاً متغطرسا لا أحبه كثيراً.
أخيرا في حالة الجالاكسي تاب، كل الميزات الموجودة بالآيفون تكاد تكون موجودة في الجالاكسي تاب، إلا أنَّ المشكلة التي به هي صغر حجمه مما يعطيه صفة المتصفح أكثر من القارئ، ثمة فارق واضح في الحجم بين الآي باد والجالاكسي تاب، فحجم الجالاكسي تاب يشبه كتابا من القطع الصغير، بينما القطع الذي يستخدمه الآي باد هو القطع الكَبير.
يمكنني تماما أن أقول أن تجربة القارئات الإلكتروني ستكون صعبة في البداية، ولكن الميزات التي تحتويها سوف توفر الوقت والمكان والمال الذي نضيعه في شراء الكتب التي نريدها، ولا ننسى عامل [ accessibility ] الذي لا أعرف كيف أترجمه للعربية، فالوصول للكتاب الإلكتروني أكثر سهولة من شراء الكتب مرَّة في العام. وليست التطبيقات الموجودة في الجهازين [آي باد ــ جالاكسي تاب] مخصصة للقراء أو للبشر، كذلك هُناك إمكانية لأن يستخدمه الموسيقيون مثلا، أو كل من لعمله علاقة بالأوراق، وعلى عكس قارئ كندال يمتاز المنتجان الأخيران بعملية أكثر، وباستخدامات متعددة، ويفوق كل القارئات جالاكسي تاب بسبب رشاقته، مع ثقل حجمه الطفيف، وإمكانية استخدامه كهاتف أيضاً، ولا أظن أننا سنحب المشي بطابوقة على جانب أذننا إلا أن وجود الخيار يجعل المنتج أقرب لنا.
أشجع تماما كل القراء في الأرض على التحول نسبيا للقراء عبر القارئات الإلكترونية، لأسباب بيئية في المقام الأول، ولأسباب لها علاقة بتطور ذلك، فمع الوقت لا أستبعد أن تصلنا جرائدنا، وأخبارنا ومقالاتنا التي نريد متابعتها عبر نوافذ التخصيص في هذه المنتجات، التنافس محموم وحارٌّ للغاية بين هذه الشركات، وربما مع الكثير من الحماسة يمكننا أن نرى أبناءنا وطلاب الجامعة في الغد يكتفون بحمل جهاز إلكتروني واحد بدلاً من آلاف الأشجار التي تقطع من أجل كتب المناهج الدراسية والكُتب الجامعية، نعم للورق لذة لا تعادلها لذة، ولكن مثلما تمكن الأجداد من الخروج من الرقاع الجلدية ومن ألواح العظم، يمكننا تَماماً أن نتعود على هذا العصر الجديد، الذي سينقذ الكثير من الأشجار والوقت ويخفف عنا آلاف الكيلوجرامات والأمتار المربعة من ما نحن لسنا بحاجة إليه فعلا من الكتب. في هذا العرض السريع آمل أنني قدمت نبذة سريعة عن القارئات الإلكترونية، مع أمنيتي قراءة تجربة الآخرين عنها، وأخيرا وافر الشكر للمعيني على هذا الجهد المذهل الذي يقوم به في مدونته.
معاوية الرواحي
6 comments:
هل توجد كتب باللغة العربية يمكن انزالها في القارئات الالكترونية؟
وهل تتوفر هذه القارئات في سوق السلطنة؟
نعم موجودة تباع في المجمعات حاليا
والأسعار شبه معقولة
بخصوص الكتب باللغة العربية توجد آلاف الكتب في آلاف المواقع الإلكترونية
وأستميح أحمد عذرا في الرد نيابة عنه ..
معاوية..الرد حقك وواجبك، فأنت صاحب الموضوع :)
أعرف أن الآيباد يُباع في عُمان، وأعتقد أن الجالاكسي تاب قد وصل أيضًا. أما الكندل فلا أعتقد أنه يُباع إلا من خلال موقع أمازون، أليس كذلك؟
نسيت أمرًا..بخصوص الكتب، في الحقيقة ما يزال عدد الكتب الإلكترونية العربية قليلا، وأقصد الكتب المعدّة لأن تكون إلكترونية. أما آلاف الكتب الأخرى الموجودة على الإنترنت فهي غالبًا ملفات (بي دي إف) مُصورة بالماسح الضوئي من الكتاب الورقي.
أشهر موقع لبيع الكتب الإلكترونية العربية هو:
http://www.arabicebook.com/default.aspx
شكرا أحمد ومعاوية على هذه المعلومات
الموضوع جميل وشيق ..
سبق أن اطلعت عليه بشكل عام وهاهو معاوية يمتعنا بطرح تجربته بشكل أكثر إفادة لنا ..
،
تشجعت للأمر
،،
الشكر لمعاوية
وشكر أوفر لأحمد المعيني على هذا الجهد الضخم
فعلا أحيي همتك ..
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.