25 ديسمبر 2010

مبادرات: ورشة القراءة..في دمشق


(المصدر: جريدة الحياة، 16 ديسمبر 2010)

«ورشة قراءة»... مشروع سوري لترميم العلاقة بين الناس والكتاب

دمشق- عامر مطر
Related Nodes: خالد خليفة متحدثاً في إحدى ورش المشروع.jpg
«أمضي نحو ترميم العلاقة بين الناس والكتاب»، بهذه العبارة يُلخص شادي أبو كرم فكرة مشروعه «ورشة قراءة» الذي نقله من الإنترنت إلى الواقع.

بدأ المشروع بعد إدمان أبو كرم على دخول موقع «فيسبوك» الاجتماعي الشهير، واشتراكه في عشرات الحملات السوريّة الثقافية، التي جعلته يدرك قدرة هذا الموقع على الوصول إلى آلاف السوريين. يقول: «حينها، طرحت بعض الكتب الإلكترونية للنقاش على صفحتي الشخصية، ثم أنشأت مجموعة «ورشة قراءة». ترسل المجموعة إلى أكثر من 700 عضو، كُتباً إلكترونية، لقراءتها، ومناقشة أصحابها حول مضمونها.

قبل ثلاثة شهور بدأت أول جلسات النقاش مع الروائية اللبنانية رشا الأمير التي تصف المشروع بالنهضوي، لكنه «لن يستطيع التأثير ضمن بحر وسائل الاتصال الحديثة كالسينما والتلفزيون... نحن بحاجة إلى ألف ورشة قراءة لترميم العلاقة بين الناس والكتاب»، بحسب تعبيرها.

تضيف الأمير بصفتها كاتبة وصاحبة دار نشر: «الناس في العالم العربي يشترون كل شيء إلا الكتب، فسوق الكتاب مُدمّر، وغير موجود... ومن المخجل أن لا يبيع أي كتاب عربي أكثر من ثلاثة آلاف نسخة».

في سورية يوجد أكثر من 300 دار نشر، بحسب مصادر وزارة الإعلام السوريّة، لا تنتج كلها ألف عنوان سنوياً، لأن غالبيتها محدودة النشاط، ولا تقدم الجديد للقارئ لأسباب اقتصادية في الدرجة الأولى.

ربما يتوجب على دور النشر في العالم العربي أن تفكّر بما فعلته دائرة المعارف البريطانية التي قررت منذ عام 2000 الاكتفاء بالطبعة الإلكترونية، وإلغاء الطبعة الورقية من إصداراتها.

لذلك يعتبر أبو كرم الكتاب الإلكتروني أساساً لمشروعه، ويقول: «كان الحجر وسيلة للتعبير عن العصر الحجري، والكتاب الورقي عن العصر الصناعي، ويأتي الكتاب الإلكتروني للتعبير عن العصر الرقمي».

أيضاً يعتقد الروائي السوري المغترب في النرويج محمد الحاج صالح أن طرح الكتاب الإلكتروني للتداول، هو بمثابة ثورة جديدة، سيستفيد منها الجميع. لكن ماذا عن فقدان الحميمية والألفة مع الورق؟ يُجيب الحاج صالح: «عندها سنكون كالعجائز الذين يتحدثون عن الماضي البعيد، وكأنه أفضل الأزمنة على رغم أن حاضرهم أفضل».

تقول أرقام قاعدة بيانات «نيومكس» للاستشارات، أن صفر في المئة هي نسبة القراء الذين يشترون الكتب في سورية عبر الإنترنت.

هذا الصفر يأخذ مشروع «ورشة قراءة» إلى القرصنة التي تحرم أصحاب الحقوق من مكافآتهم المالية، ما سيدفع إلى تراجع الإنتاج، لانتفاء الرغبة بالاستثمار في مشاريع خاسرة.

في الوقت ذاته تؤكد الأمير أن الحديث عن حقوق الناشر والمؤلف صار «مضحكاً»، ضمن الفضاء المفتوح الذي يعيشه العالم اليوم. لكنها ترفض هذه الطريقة في النشر، وتقول: «لا بد أن نعطي للناس حقوقهم». لذلك رفضت الأمير إرسال كتابها إلى أعضاء ورشة قراءة كما تجري العادة، إذ يعلن عن اسم الكاتب وعنوان مؤلفه على «فيسبوك»، قبل شهر من موعد الجلسة.

فما خطر النشر الإلكتروني على الكتاب؟ يُجيب الروائي السوري خالد خليفة، بصفته ثاني الأدباء الذين حاورتهم الورشة: «لا أرى أي خطر على الكتاب من النشر الإلكتروني، بل بالعكس، هو يساهم في الترويج للكتب... وكنت سعيداً لأن شادي وجد وسيلة ليرسل كتابي لقرّاء كُثر».

من جهة أخرى، تقول الأمير أنها ضد الكُتّاب الذين لا يهمهم سوى الترويج لكتبهم. لكن، للرقابة دور مهم في لجوء مشروع ورشة قراءة إلى الكتب الإلكترونية، وهي من يدفع أيضاً غالبية الكتّاب السوريين إلى طباعة كتبهم خارج البلاد.

إذ كتب الكثيرون من الأعضاء على جدار الورشة بصياغات مختلفة هذه العبارة: «لم أجد بعض الكتب في المكتبات السوريّة، لأنها ممنوعة، هل تستطيعون إرسال نسخاً إلكترونية منها؟».

في حال النشر الإلكتروني تصبح المصادرة مستحيلة، إذ لا يمكن منع الكتاب بقرار إداري. هذه الميزة أمّنت للورشة رواجاً واضحاً في بلد تطول لوائح الممنوعات فيه.

تعتقد الأمير بأن الكتاب في العالم العربي مقموع، وفاقد قيمته، لأن الأنظمة السياسية نشرت كُتباً أيديولوجيّة نفّرت الناس من القراءة، لذلك تؤكد أن فكرة الورشة خارجة عن الواقع، وأن ما تسعى نحوه هو حلم لن يتحقق. لكن أبو كرم يؤكد أن عدد أعضاء الورشة يزداد، وأنه يسعى إلى الاتفاق مع دور نشر تدعم المشروع بنسخ ورقيّة، لنشر الكتب في دوائر أوسع، وللحصول على موافقة هذه الدور لنشر كتبها إلكترونياً.

لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.