اسم الرواية: قشور الباذنجان
الكاتب: عبد الستار ناصر
قشور الباذنجان، بالرغم من صغرها، تحمل معها مشاعر و أحداث زمنية امتدت لفترات. تدور أحداثها لتشمل فترة حكم صدام إلى ما بعد السقوط. ينقل الكاتب فيها أحداث مرّ بها العراق و شعبه و ما مرّ عليهما من مصائب خلال الحرب على إيران و الخوف الشديد من صدام و التفكك الذي حلّ بالمجتمع الذي أصبح يخاف و يحذر من كل من حوله و فقد الثقة بالجميع، و لا أحد يمكن أن يشك في كلام الكاتب عندما قال: "فما زالت هناك فجوة مؤكدة بين الواقع و الخيال، أما أن يكون الحال متوازيا بين الصحو و الكابوس فهذا أقصى حالات اللامعقول".
لم يحاول الكاتب أن يبتلع كل ما حدث في هذه الفترة و أن يضمنه كله خلال أحداث الرواية و لكن أخذ منها جانبا حتى يعطيه حقه.
بالنسبة لي لم يضيف لي الكاتب أي شيء لم أكن أعرفه و لكنه زاد معيار معرفتي بالأذى و الخراب الذي حلّ و مقدار العذاب و أنواعه الذي حلّ بالمواطنين.
أول ما انتهيت من قراءة الرواية، لم أظن أنها أعجبتني، و لكني كما تعودت أن لا آخذ أول انطباع عن الرواية، و عندما فكرت في الأحداث مليّاً و في الشخصيات أيضاً، اتضح لي أن الكاتب كان لديه الحق في الجرأة التي كانت لديه عندما كتب ما كتب. فخيانة أعز الأصدقاء و فقدان الأقرباء و الشعور بالغربة في الوطن كلها أحداث قد حدثت و قد كابدها الكثيرون.
و من الأمور التي لم تعجبني و بالرغم من أنني وجدتُ لها مبرر بعد مرور الوقت إلا أنها لا تزال تضايقني في الرواية ألا و هي فقدان الأمل التام، و تعتيم المستقبل الذي رسمه الكاتب بألوان قاتمة، ربما لأن هذا ما يتطلبه جو الرواية و بيئتها و لكن الأمل موجود، و أرفض أن أفكر غير ذلك.
هذه أول رواية أقرأها للكاتب عبد الستار ناصر و لا أظن أنها ستكون الأخيرة، لأنني أحتاج إلى هذه الجرعة من الواقعية المرّة التي تعيد الإنسان إلى الواقع و تجبره على تذكر ما يحاول أن يتناسى لكنه يخفي معرفته بفشله الذريع.
إلى من يريد أن يعرف أي شيء عن هذه الحقبة أنصحه بقراءة الرواية، و التركيز على أحداثها أكثر من مستقبلها و أفكار البطل لأنه عندما تركز في الأحداث و عواقبها يمكن أن تبرر للبطل أفكاره و يئسه.
و بالرغم من كل ما كتبت أعلاه إلا أن هذا الكتاب يبقى صعب وصفه و التعليق عليه لأننا ما زلنا نعيش هذه الأحداث و الكتاب بالنسبة لي لم ينتهي فهو ليس مجرد قصة ابتدعها الكاتب من بنيات أفكاره، لا بل هو واقع ما زال يُعاش و يتكرر... لذا أرجو أن تعذروني إن كانت مشاعري متضاربة، و قراءاتي هذه كانت عن الواقع أكثر مما كانت في نقد الكتاب.
أود أن أتررككم في النهاية لقراءة ما اخترت لكم من الرواية:
"الكلمات يمكنها أن تنام و يمكنها أن تستيقظ هناك، مفردات متوحشة ضارية و أخرى مكسورة و مسكونة بالخوف. إنها كائنات حية لا تختلف عن الإنسان إلا بكونها من نقاط و حروف و ليست لحم و دم، الكلمات لها شهيق و زفير يمكنها أن تسابق الريح أو تنكسر في أول الطريق. "
هدى سعيد
0 comments:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.