31 أكتوبر 2011

قراءاتكم: رواية "الزواج من بوذا" (قراءة: حاتم سالم)


(نُشر هذا العرض أولا في موقع الحوار المتمدن بتاريخ 28 أكتوبر 2011)

الزواج من بوذا : للحب ثمرة

عندما رأيت هذه الرواية لأول مرة قلت ان وي هيوي لديها ما تود قوله فعنوان كـ (الزواج من بوذا) لن يجعلنا نتساءل عن أي نوع هذا من الزواج الذي يستغرق سرد تفاصيله ثلاثمائة صفحة. مؤكد جدا ان قرار الزواج من إله ليس قرارا صغيرا لنعلنه بعد صفحتين !

كوكو الشابة الصينية التي تتسابق دور النشر على طرح وترجمة اصداراتها المثيرة للغرائز ولدت في معبد بوذي ملئ بالحكمة والروائح الجميلة. تقرر العودة لشنغهاي مدينتها الأم جيئة ً من نيويورك , فتجد ان الكثير قد تغير الا السُلطة القدرية التي مازالت تحجر كتابها الأول (شنغهاي بيبي) من التداول.

لم تتوانى لحظة عن ابداء الدهشة مع ذاتها حينما رأت اكسير التي كانت قبل ذلك شابا ملئ بالبثور ويبحث عمن تشاركه النشوة , رأته هذه المرة شابة مزهوة بنفسها وتمتلك مطعما غير عادي , كل شئ كان يبدو لـ كوكو انه يتغير بسرعه في هذه المدينة العامرة بالنزوات والنساء.

تولي (الزواج من بوذا) الجنس والحب أهمية جوهرية وفعليه , بدئا من ذلك المشهد الذي تجد فيه كوكو نفسها نائمة إلى جانب شاب بعد ان كان يقوم بتدليك اقدامها في احد الصوالين. ولم تدع لنفسها مجالا أن تصدق نفسها ان الذي فعلته كان مع صبي لم يتعدى الخامسة عشرة !

وتمضي كوكو متنقلة ما بين المدينتين نيويورك حيث يقيم حبيبها الياباني ذو القامة الطويلة (موجو) وما بين شنغهاي. وفي حلها وترحالها لا تفارقها تلك الرغبة العارمة بالامتزاج مع حرارة جسد موجو. الا ان هنالك ما كان يقلقها فعلا حول حقيقة مشاعرها اتجاه موجو وحقيقة مشاعر موجو اتجاهها.

كانت تتسائل وتكرر السؤال ذاته في زوايا عديدة من الرواية , عمّا اذا كان يجب ان تنجب طفلا من موجو ام لا , وهل يجب ان ينتهي ما بينهما إلى قدر الزواج ؟!
لطالما احتد الموقف بينهما في مواقف معينة , آخرها عندما كانت هي وموجو في أحد الاسفار واتهمها بأنها تغالي في الغطرسة. في المقابل تبدو شخصية كوكو بالرواية كانسانة حساسة يمكن ان تثيرها كلمة قالها موجو فتركن غاضبة وترميه بكل سلبياته !
مع كل خلاف تشرع كوكو في إعادة النظر بعلاقتها بموجو. ورغم الفتور الذي كان يصيب العلاقة بينهما الا انها لم تفكر في يوما ما في أن تهتم ببناء حياتها من جديد باتخاذ رجل آخر. الا في حالة واحدة عندما تمكن زير النساء نِك من اختلاس لحظات دافئة معها في شنغهاي بعد أن أجهدها وهو يتبعها إلى كل بقعة تسافر فيها زاعما انه يحبها. الا انها بقيت علاقة جسدية ولم يظهر على كوكو انها تحب نِك كما تحب موجو.

الزواج من بوذا رواية تضج بالرهبنة والتعاليم الحكيمة , رواية تضج بالسفر والمدُن, تضج بالمطاعم وقوائم الطعام , وتضج بالصُدف التي تجعل كوكو تلتقي بأناس عرفتهم في السابق كخطيبها السابق.

القارئ للرواية قد يعتقد انها سرد عادي جدا لأحداث متفرقة , وحتى الفصل الذي يسبق الفصلين الأخيرين لا يدلل بشئ واضح على ان الرواية تتبع نهجا روائيا خالصا. لكن وي هيوي وهي كاتبة الرواية تفاجئ القارئ بنوعية أخرى من الاحداث تجعل عملها الروائي هذا ذو مغزى في الفصل قبل الأخير تحديدا.

قررت كوكو في احدى اللحظات ان تترك موجو وتعود لبلدها الأم بعد خلافهم الأخير وحتى تتمكن من معرفة شعورها الحقيقي ومدى شوقها لهذا الرجل. لكن سرعان ما اثبت لقائهم الاخير باليابان ان كلاهما يحب بعض وزادت العلاقة رسوخا , حينما (قذف) موجو لأول مرة في اثناء ممارسة علاقتهم الحميمة فأحست كوكو بأمر قادم يقترب !

وبالفعل , كانت كوكو مقبلة على عاطفة من نوع آخر , على مرحلة لطالما كانت تشغل جزءا من تفكيرها. لقد تم تشخيص حملها طبيا , بينما شخصته وي هيوي على انه ثمرة الحب. وحتى الوقت الذي تنتهي فيه الرواية لم تكن تعلم كوكو حقا من هو أب الطفل الفعلي هل كان نِك أم موجو , لكن حلما ما كان يراودها في احد الليالي يشبه تلك الأحلام التي كانت تراودها ايام تواجدها بمعبد المطر الورع. وقبل ان يشارف الحلم على الانتهاء رنّ في اذنها نداء , لطالما تردد في احلامها , لكنه كان اوضح هذه المرة , قائلا " تزوجي بوذا " !!


حاتم سالم عبدالله



لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

2 comments:

غير معرف يقول...

جميل يا حاتم

لكنني لم احب هذه الرواية
وقد لاقت صدى يفوق حجمها


أزهار أحمد

حاتم يقول...

اهلا استاذتي ازهار :)
لم تعجب الكثير لأنها كما اشرت تبدو سردا لا نهائيا من الاحداث وكأنها لن تنتهي ..

ما يجب الاشارة اليه , ان جمالية واهداف الرواية كلها ستتبين في الفصلين من آخر الرواية ..

شكرا لوجودك :)
حاتم

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.