01 فبراير 2010

قراءاتكم: رواية "الحياة الجديدة" لأورهان باموق (قراءة رحمة آل خليفين)


الحياة الجديدة
وهم/كتابة/عشق/بحث/الماورائيات/المؤامرة الكبرى/الزمن



ليله البارحة فرغت من رحلة بها الكثير من المغامرة والوهم اللذيذ استمرت ما يقارب الأسبوعين بالرغم من أنها كانت يمكن أن تنتهي في فترة زمنية أقل..

"الحياة الجديدة " رواية عميقة ومتداخلة جدا للتركي أُورهان باموق ..

تتحدث الرواية عن شاب جامعي في بداية العشرينيات من عمره، يحيا حياة بسيطة للغاية كباقي اقرانه من الشباب في قرية (طاش قشله) التركية مع والدته القليلة الكلام...يقرأ السيد عُثمان (شابنا الجامعي بطل الرواية الذي لم يظهر اسمه إلا في آخر خمسين صفحة من الرواية) كتابا يقع بين يديه مصادفة ليغير هذا الكتاب مجرى حياته البسيطة بأكملها.. يعاود قراءة الكتاب عشرات المرات ثم إعادة صياغته وكتابته بلغته الخاصة .. في كل مرة كان يقرا فيها الكتاب ثمة ضوء قوي ساطع ينبثق منه يصعب على الشاب مقاومته. يُصاب بعدها البطل بوحدة وانعزال حقيقي .. بالإضافة إلى حالة من التشتت الرهيب والتفكير بلا شيء سوى بالكتاب ..

في مطلع الحياة الجديدة يقول الراوي"قرأت كتابا في يوم ما فتغيرت حياتي كلها. من الصفحات الأولى شعرت بقوة الكتاب إلى حد اعتقادي بأن جسدي انتزع عن الكرسي والطاولة وابتعد".
ولكن ما هو هذا الكتاب ؟ ومن مؤلفه؟ وما هي الأفكار التي تختبئ في ثناياه ؟ كانت جميعها أمورا مجهولة وغامضة .. يأخذنا الراوي في رحلة مشوقة للغاية مع السيد عثمان استغرقت عشرة سنوات من البحث عن الإجابات الممكنة لهذه المجاهيل ..

الرحلة:
يغادر السيد عثمان (طاش قشله) مع فتاه جميلة يقع في غرامها وتدعى (جانان)التي فقدت عشيقها (محمد) الذي راح ضحية البحث عن الحياة الجديدة التي تحدث عنها الكتاب..
مُعظم أحداث الرحلة تدور في الحافلات و تحكي تقاصيلا دقيقة أبرع الكاتب في سردها، وفي كل مرة تصطدم الحافلات وتتحطم ليلقى عدد كبير من ركابها حتفهم .
يصل السيد عُثمان وجانان إلى منزل السيد نارين القابع في مدينه (غودول) التركية، ويحدثهما السيد نارين عن أمور كثيرة وتفاصيل عميقة عن ابنه الذي فقده وقتل بعد أن قرأ كتابا قلب حياته رأسا على عقب. يكتشف بطل روايتنا وجانان أن هذا الابن ليس سوى محمدا (عشيق جانان السابق).

يغادر بطلنا منزل السيد نارين تاركا وراءه جانان وقد كوتها حمى شديدة إثر علمها بوفاة محمد، ليكمل مسيره في فهم مكنونات الحياة الجديدة ويبحث عن محمد الذي كان موقنا أنه لم يمت، فيلتقيه ويتحدثان مطولا عن كل شيء . عن الكتابة و الكتاب، عن جانان والعشق، عن الملاك والزمن .. يموت بعدها محمد مقتولا وهو في إحدى صالات السينما بعد أن يُطلق عليه بطلنا ثلاث طلقات متتالية ليعود هاربا ومنتصرا ويحظى بجانان إلى الأبد . يُصعق بأنها غادرت منزل السيد نارين ..

يعود السيد عُثمان إلى (طاش قشله) متمنيا إيجاد الحبيبة، وطامعا في العودة لحياته السابقة (قبل قراءة الكتاب) ولكن الرياح شاءت أن تعاند سفنه...

تمر سنوات طوال يتزوج فيها السيد عثمان ويرزق بطفلة، ويعود فيها للسفر في حافلات كثيرة للبحث عن سر آخر من أسرار الحياة الجديدة، وفي طريق عودته إلى (طاش قشله) تصطدم الحافلة بعمود إنارة لتتحطم مدركا وقتها بطلنا أنه منتقل إلى حياة جديدة أخرى تختلف كليا عن جميع حيواته السابقة....

في آخر فصول الرواية يسلك الكاتب نهجا مختلفا عما بدأها به، ويستفهم من القارئ عن أشياء كثيرة، يربط أحداث الرواية بواقع راهن نعيشه الآن..

بدأت الرواية بأحداث بطيئة مليئة بتفاصيل مُطولة تتراوح لغة سردها بين ضميري الغائب والمُتكلم، تدريجيا بدأت الأحداث تتسارع مع الإبقاء على ذكر تفاصيل بدت أقل دقة ...
رواية أقل ما يمكن أن أصفها به هو أنها مُذهلة...

أنصحكم بقراءتها وستعيشون معها حياة جديدة، جميلة بكل تفاصيلها...
دامت أيامكم عامرة بالقراءة و الحيوات الجديدة...
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

1 comments:

Noor يقول...

لم اقرا الموضوع لاني لا اريد ان اقرا شيئا يفضح القصة لاني قرات "اسمي أحمر" لاورهان باموق و كانت رواية ذات عميق كبير و لقد اعجبتني كثيرا و احب ان اقرا المزيد له ان شاء الله

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.