23 أغسطس 2010

قراءاتكم: كتاب "أفكار وُجدت لتبقى" (قراءة: أميرة)


أفكار وجدت لتبقى .. كتاب اشتريته دون تخطيط مسبق .. جذبني غلافه البسيط والكلام الرائع المكتوب في صفحة الغلاف الخلفي .. " الإشاعات المحلية ونظريات المؤامرة والإنذارات الصحية المزيفة تنتشر كانتشار النار في الهشيم... بينما يكافح أشخاص يحملون أفكارا هامة – رجال أعمال وأكاديميين وسياسيين وإعلاميين وغيرهم – لجعل أفكارهم تصمد ".

"لماذا تزدهر أفكار معينة بينما تموت أخرى؟ وكيف نحسن من حظوظ نجاح الأفكار الهامة؟"
هذا الكتاب المكون من 309 صفحة، يجيب عن هذه الأسئلة بأسلوب جدا رائع يجعلك تتذكر كل الخطوات المهمة لنجاح أي فكرة ويقدم أساليب وقصص واقعية لجعل الأفكار تصمد .. مثل تطبيق قاعدة الملموس قابل للتذكر ... وسرد قصص غريبة لكنها صمدت لأنها لامست مشاعر الناس وواقعهم كذلك العالم الذي شرب كأسا من البكتيريا ليثبت نظرية في قرحة المعدة!!
وقبل الخوض في تفاصيل الكتاب، وجب ذكر نبذة بسيطة عن مؤلفيه وهما شيب هيث ودان هيث –أكاديميّين وجامعيّ الأفكار- شيب هيث: أستاذ السلوكيات الإدارية في كلية الإدارة في جامعة ستانفورد، ودان هيث: مستشار في مؤسسة ديوك للتعليم المشترك وباحث سابق في كلية الإدراة في جامعة هارفارد وشريك في مؤسسة thinkwell لابداع الكتب الأكاديمية المحدّثة.

يبدأ الكتاب بمقدمة طويلة (37 صفحة)، يوضح فيها الكاتبان السبب الذي جعلهما يسألان هذا السؤال : لماذا تنجح بعض الأفكار بينما يفشل بعضها الآخر؟
شرح الكاتبان بعد ذلك المبادئ الستة التي تجعل الأفكار أكثر قابلية للرسوخ والتذّكر وهي: البساطة، عدم التوقّع، إضفاء الطابع الملموس، المصداقية، ملامسة المشاعر وأن تكون على هيئة قصص. جاء الكتاب في ستة فصول لكل مبدأ فصل خاص به يشرحه ويحلل أهم القصص والأفكارالواردة فيه وكيفية تطبيق كل مبدأ لجعل الفكرة ناجحة.
الفصل الأول: البسيط:
وهنا يوضح الكاتبان صعوبة تقبّل الناس لفكرة ما وهي معقّدة، فيجب ان تكون بسيطة حتى يسهل فهمها وليس المقصود هنا التقليل من الكلام في شرح الفكرة بل ضرورة العثور على أساسها.. وتنوعت القصص والأفكار التي تدعم هذا المبدأ ومنها " العثور على الأساس في شركة ساوث ويست للخطوط الجوية" حيث من المعروف ان هذه الشركة ناجحة جدا وتحقق أرباح مستمرة والعامل المهم في نجاحها هو إصرارها على تخفيض التكاليف وذلك بالتنسيق مع آلاف الموظفين. وقد وضح أحد المديرين التنفيذيين للشركة سر النجاح بعبارة واحدة " نحن الشركة الأدنى تكلفة" وهو الأساس الذي بنت الشركة نجاحها عليه.
الفصل الثاني: غير المتوقع:
ركّز الكاتبان هنا على أمرين مهميّن جدا أولهما كيفية كسر نمط معين حتى نسترعي إنتباه الآخرين تجاه أفكارنا؟ وثانيا: كيف نحافظ على إنتباههم؟
وحتى نفهم الإجابة على هذين السؤالين يجب فهم شعورين أساسين وهما " المفاجأة والإهتمام" وهما بالطبع شعورين تثيرهما الأفكار القابلة للرسوخ. من القصص المهمة الواردة في هذا الفصل هي قصة "شركة سوني" عندما اقترح أحد مهندسيها صنع راديو يمكن وضعه في الجيب! كانت هذه الفكرة غير متوقعة إذ كيف يمكن للراديو ان يوضع في الجيب وهو الذي كان عبارة عم قطعة " أثاث" كبيرة!!
لكن الفكرة نجحت وأدخلت "سوني" في فترة إزدهار ونمو حيث إزداد عدد موظفيها إلى 1200 في عام 1957، مكنها هذا النجاح بعد ذلك لإطلاق العديد من الأجهزة الناجحة.

الفصل الثالث: الملموس:
الملموس قلبل للتذّكر، وحتى تكون الفكرة قابلة للرسوخ يجب أن تحتوي على كلمات وصور ملموسة وذلك لأن الدراسات أثبتت أن الذاكرة أكثر فاعلية في تذّكر الأسماء الملموسة والتي يسهل تصورها.
ومن أهم القصص التي أعجبتني في هذا الفصل هي قصة " العيون البنية والعيون الزرقاء": حيث اغتيل مارتن لوثر كينغ وأرادت "جاين" معلمة الصفوف الإبتائية ان تحكي لهم عن موته، كان الطلاب يقطنون في قرية للبيض فقط وكانوا معتادين على كينغ ولكنهم ما كانوا ليفهوا من قد يرغب بقتله ولماذا!
في الصف قامت بفصل الطلاب أصحاب العيون البنية بعيدا عن أصحاب العيون الزرقاء ثم أعلنت : ان الأطفال أصحاب العيون البنية أرفع شانا من أصحاب العيون الزرقاء! وأجبرت أصحاب العيون الزرقاء على الجلوس في آخر الصف بينما أصحاب العيون البنية في المقاعد الأولى وأعلنت انهم أكثر ذكاء وتم إعطائهم وقتا إضافيا في الإستراحة. وكان على أصحاب العيون الزرقاء إرتداء أطواق خاصة حتى يعرفهم الجميع!!
ذهلت "جاين" للنتائج السريعة التي حصلت فقد تحوّل الأطفال إلى بغيضين وفاسدين وعنصريين انحلت الصداقات بينهم وبدأ أصحاب العيون البنية بتوبيخ أصحابهم من العيون الزرقاء!!
في اليوم التالي أعلنت " جاين" أنها كانت على خطأ فأصحاب العيون الزرقاء هم الأفضل وأصحاب العيون البنية هم الأقل مرتبة ، تعالت أصوات الأطفال أصحاب العيون الزرقاء فرحا لهذا القرار فقاموا بوضع الأطواق على أصحابهم من العيون البنية!!
وصف الطلاب وهم في (المرتبة الأدنى) أنفسهم بالحزانى والأغبياء والبخلاء! وكانوا أقل أداءا في المهام الدراسية.
أرادت "جاين" التعاطي مع الأمر بطريقة ملموسة، وجعل هذا التمرين الحكم المسبق ملموسا بدرجة كبيرة حيث أظهرت الدراسات التي أجريت بعد 10 و20 عام أن الأحكام المسبقة لدى الأطفال الذي اجروا اتمرين كانت أقل أهمية من الذين لم يجروا التمرين.

الفصل الرابع: المصداقية:
ما الذي يجعل الناس يصدقون الأفكار؟
في هذا الفصل يوضح الكاتبان أهم الإستراتيجيات التي تساعد على إضفاء المصداقة على الأفكارالتي نطرحها وبالتالي تكون أقرب للتصديق ومنها: استخدام تفاصيل مقنّعة مثل عالم الطب " مارشال" الذي نفد صبره وهو يحاول أقناع الناس بالإكتشاف المذهل الذي اكتشفه هو وزميله "روبن وارن" أن القرحة سببها البكتيريا ! فقام في يوم ما بتناول كوبا مليئا بالبكتيريا وفي غضون أيام عانى من الألم والغثيان والقيئ وباستخدام المناظر وجد زملاؤه أن بطانة معدته زهرية اللون!! فهنا فضّل الباحث ان يلحق بنفسه الضرر حتى يؤكد للناس صحة نظريته!

الفصل الخامس: العاطفي:
اجعل الناس يتعاطفون ...يركز هذا الفصل على جعل الناس يتعاطفون مع الفكرة التي تطرحها مثال على ذلك عندما أختبر الباحثون صيغتين لرسالة طلب معونة كانت الاولى توضح المشاكل التي يواجهها اطفال أفريقيا مثل :"النقص في الغذاء في مالاوي يخلّف آثاره على أكثر من 3 ملايين طفل" أما الرسالة الثانية فكانت تشرح حال طفلة أفريقية " روكيا" لتأمين الغذاء والرعاية الصحية لها .
فكانت النتائج مذهلة حيث تعاطف الناس كثيرا مع روكيا وساهموا بضعف المبلغ الذي تم دفعه لأطفال أفريقيا !
استنتج الباحثون ان الإستجابة العاطفية في محنة روكيا هي التي ادت بهم إلى هذا الفعل !
ومن الإستراتيجيات التي تحدث عنها الكاتبان بصورة واسعة في هذا الفصل هي " مناشدة المنفعة الذاتية"حيث يكون الناس أكثر تقبلا لفكرة ما عندما يجدون فيها منفعة ذاتية لهم.

ينتهي الكتاب بمجموعة من القصص الشيقة والواقعية التي كان لها تأثير قوي على الناس على غرار تلك المذكورة في الفصول السابقة.

لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

2 comments:

غير معرف يقول...

شكرا على القرآءة الطيبة والإختيار الموفق
ودادي

تشادي وافي يقول...

شكرا اذا كانت تكفي

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.