14 فبراير 2012

مقالات: ماذا يقرأ السيد الرئيس؟




(جريدة القبس الكويتية، 14 فبراير 2012)

البعض يعتبره سراً من أسرار الدولة
ماذا يقرأ السيد الرئيس؟

محمد حنفي
«لائحة كتب الرئيس».. واحدة من التقاليد السائدة في البيت الأبيض خلال العطلات الرئاسية، حيث يقوم أحد المتحدثين باسم البيت الأبيض بإبلاغ وسائل الإعلام بقائمة الكتب التي سيقرأها الرئيس خلال العطلة، ثم تقوم وسائل الإعلام بفرد مساحات طويلة للنقاد لتحليل هذه الكتب، لكن ماذا عن الكتب التي يقرأها الرئيس العربي؟

ربما كان شعب الولايات المتحدة أكثر شعوب العالم معرفة بالكتب التي يقرأها زعماؤهم، وحول هذه الكتب تنتشر عناوين لا حصر لها لدراسات ومقالات ومواقع على الإنترنت على غرار: «نادي كتاب البيت الأبيض»، «أفضل 20 كتابا قرأها كلينتون»، «أهم الكتب التي سيقرأها الرئيس اوباما هذا الصيف»، «أفضل ما قرأه الرؤساء».

ربما يرتبط هذا الهوس الأميركي بمعرفة ماذا يقرأ الجالس في البيت الأبيض، بالدراسة الأميركية التي توصلت منذ سنوات إلى وجود علاقة إيجابية بين الرؤساء الأميركيين والقراءة، فالدراسة توصلت إلى حقيقة مهمة، وهي كلما كان الرئيس قارئا جيدا كانت فترة رئاسته ناجحة ومثمرة.

الرئيس يرفع معدلات القراءة
ربما كان الرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما دعاية جيدة لهذه الدراسة السابقة، فأوباما الذي ألف كتابين وصلا إلى قوائم الكتب الأكثر مبيعاً، معروف عنه أنه قارئ نهم، وهو يمثل أيضا دعاية جيدة للعديد من الكتب التي كانت قراءته لها سببا في رفعها إلى قوائم الكتب الأكثر مبيعا، بعد إقبال الأميركيين على قراءتها بمجرد ذكر اوباما لعناوينها.
فبعد أسابيع قليلة من فوزه بالانتخابات الأميركية، قال أوباما في مقابلة تلفزيونية أنه يقرأ حاليا كتاب «المائة يوم الأولى للرئيس روزفلت».

وسرعان ما حقق الكتاب الذي لم يكن معروفا لدى الشعب الأميركي قفزة هائلة في المبيعات.
وفي مرة أخرى التقط المصورون لقطة لأوباما وهو يحمل كتاب بعنوان «لنكلون: قصة حياة كاتب»، وبمجرد نشر الصورة أصبح الكتاب من بين الكتب الأكثر توزيعا في الولايات المتحدة.
والأمر نفسه موجود وإن كان بدرجة أقل في دول العالم الغربي، فعندما تولى طوني بلير رئاسة الوزراء في بريطانيا، كان من أشهر الكتب التي نالت إعجابه كتاب بعنوان «الطريق الثالث: تجديد الديموقراطية الاجتماعية»، الذي ألفه أنتوني غيدنز في النصف الثاني من التسعينات، وكانت سياسة الطريق الثالث هي نفسها التي اتبعها بلير ومكنته من تطوير حزب العمال البريطاني واحتفاظه برئاسة الوزراء لثلاث مرات متوالية.

ناصر.. الرئيس القارئ
كيف هي الصورة في عالمنا العربي؟ هل يعرف الشعب ماذا يقرأ السيد الرئيس؟ وهل يهتم الرئيس بمشاركة شعبه في عناوين الكتب التي يقرأها؟ في عالمنا العربي الصورة إلى النقيض تماما، حيث يصبح الحديث عن الكتب التي قرأها أو يقرأها السيد الرئيس سر من أسرار الأمن القومي، لا يجوز الاقتراب منه ولا يجوز إفشاؤه.

ويعتبر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حالة استثنائية وفريدة في تاريخ السياسة العربية، فكل من اقترب من ناصر اكتشف نهمه اللامحدود للقراءة منذ أن كان طفلا، عبد الناصر العاشق للقراءة، عندما يصبح رئيسا سيكون صاحب فكرة إصدار كتاب كل أربع وعشرين ساعة في مصر ويكون في متناول أي شخص.

وفي كتابه «خريف الغضب»، يذكر الكاتب محمد حسنين هيكل الفرق بين عصر عبد الناصر وعصر السادات، بأنه الفرق بين رئيس يقرأ حتى ما ليس هناك ضرورة لقراءته (ناصر)، ورئيس لا يقرأ حتى ما تقتضي الضرورة قراءته (السادات).

وليس سرا أن جمال عبد الناصر تأثر في شبابه برواية «عودة الروح»، التي أصدرها توفيق الحكيم عام 1933، وكان يتحدث في أحد أجزائها عن البطل المنتظر الذي سيعيد الروح للأمة ويبعثها من رقادها الطويل، وكانت الرواية من أكثر الكتب تأثيراً في وجدان عبد الناصر، بل يعتقد الكثير من المفكرين والنقاد أن ثورة يوليو ولدت في عقل عبد الناصر بمجرد انتهائه من قراءة الرواية.

كتب المخلوعين
ربما يبرر البعض عدم تناول وسائل الإعلام في بلادنا بما يقرأه الرئيس العربي من كتاب من خلال التماس العذر له، فالمهام الملقاة على عاتق الرئيس لا تترك له وقتا لهذه الرفاهية التي تسمى القراءة، وربما يقودنا هذا التبرير إلى استنتاج يتعلق بالرؤساء المخلوعين، حيث أصبح لديهم الكثير من وقت الفراغ ليمارسوا رفاهية القراءة، فيا ترى أي الكتب يقرأها حاليا؟

من الأخبار التي تم تسريبها إلى بعض وسائل الإعلام بعد هروب الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن على إلى السعودية، أنه يقضي وقته بقراءة كتاب «لا تحزن» لمؤلفه الشيخ عائض القرني، ربما ليجد في بعض نصائحه ما يعينه على تجاوز المتاعب النفسية الناجمة عن حزنه بذهاب حكمه.

أما حسني مبارك فقد أشتهر عنه أنه لا يحب القراءة، ولم يقرأ كتابا واحدا في حياته، بل إن الشعب المصري لم يضبط مبارك طوال فترة حكمه البالغة 30 عاما ولو مرة يستشهد بمقولة لكاتب أو حتى بعنوان كتاب في احد خطاباته.

على كرسي متحرك
وتقول أخبار أخرى تم تسربيها على ما يبدو من المحيطين به، ان مبارك يقضي أيامه بين الذهاب إلى المحكمة على كرسي متحرك والعودة إلى المستشفى الذي يقيم فيه وبجواره كتاب «قصص الأنبياء» للحافظ ابن كثير.

أما الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي رغم أنه كان يظهر في العديد من خطبه ولقاءاته مع الفضائيات، وهو يجلس أمام رفوف مكتبة ضخمة عامرة بالكتب، فلم يتم ضبطه في خطاب واحد يستشهد بعنوان كتاب، وكان الكتاب الوحيد الذي يستشهد به أو يقرأ مقاطع منه على الهواء مباشرة هو كتابه الأخضر.

بينما الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح فلم يعرف عنه عشقه للكتب أو القراءة، وربما يرجع ذلك لكونه لم يدخل المدرسة من الأساس، وإنما كما تقول سيرته الذاتية فقد عمل في طفولته المبكرة راعيا للأغنام، وكل ما تحصل عليه من تعليم حصل عليه في «معلامة»، أي «كُتاب» قرية بيت الأحمر التي ولد بها، ومنه التحق بالجيش الذي قفز من خلاله على السلطة قبل أن يخلعه الشعب اليمني.

الغريب أن الموقع الرسمي لصالح يقول انه واصل تعليمه وتنمية معلوماته، وهو في سلك الجندية، لكن الأغرب أن صالح الذي لم يحصل حتى على الشهادة الابتدائية حاصل على شهادة ماجستير فخرية من كلية القيادة والأركان اليمنية، وعلى شهادتي دكتوراه فخرية من السودان وكوريا الجنوبية.

لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

1 comments:

غير معرف يقول...

أعرف أن السلطان قابوس مولع بالقراءة،ولكن يا ترى ما هي نوعية الكتب المفضلة لديه؟
لم يذكر في التقرير!

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.