25 أكتوبر 2010

قراءات: كتاب "العولمة" لـ(جلال أمين)


انتهيتُ قبل ساعات من قراءة كتاب "العولمة" للدكتور (جلال أمين)، الصادر في طبعة جديدة مزيدة عن دار الشروق عام 2009، بعد أن كان قد صدر عام 1999 و 2000 و 2001 في ثلاث طبعات من دور أخرى.

الكتاب فيما يبدو لي عبارة عن مجموعة مقالات كثيرة جمعها المؤلف في أبواب أو فصول خمسة هي: حقيقة العولمة، و العولمة والهوية الثقافية، والعولمة وثورة المعلومات والاتصالات، و العولمة والمجتمع الاستهلاكي، و العولمة وحضارة السوق، و العرب بعد مائتي عام من العولمة.

هو أول كتاب أقرأه للدكتور جلال أمين- وهو المفكر الاقتصادي والأكاديمي الكبير- بعد أن سمعت عنه في حلقة للدكتور (محمد العوضي)، وكنتُ قد سمعت عن كثرة ما كتب هذا المؤلف في العولمة.

قد يكون الفصل الأول هو الأفضل والأهم في الكتاب كله، حيث يفكك المؤلف ظاهرة العولمة ويبين حقيقتها، فيتحدث جلال أمين عن قِدَم ظاهرة العولمة، وبروزها بشكلٍ قوي في العقود الأخيرة على يد الشركات الكبيرة المتعدية الجنسيات. وأعجبني كثيرًا تحليل المؤلف لأسباب ظهور العولمة بشكلها الحالي، وتعملق الشركات الكبرى ونفوذها، وانحسار دور الدولة أمامها. كما أبدع المؤلف في مقال "ما الذي يجري عولمته؟" حيث يستنكر كثرة الحديث عن العولمة بشكل يصورها على أنها باب الحرية والانفتاح وحقوق الانسان والديمقراطية والرفاهية وما إلى ذلك عن طريق التكنولوجيا الحديثة، مما جعلنا ننسى أن التكنولوجيا هي وسيلة إنتاج عظمناها كثيرا وتغنينا في فوائدها ولكننا لم نتوقف لنسأل أنفسنا ما الذي يتم إنتاجه أصلا تحت ظل العولمة؟!

أما الفصول التالية فتتراوح في درجة قوتها وإقناعها-طبعا في رأيي الشخصي- ولكنني وجدتُ إشارة المؤلف إلى وهم "عصر المعلومات" هامة جدًا. يقول المؤلف إننا نصف عصرنا العولمي الحالي بأنه عصر المعلومات، ونفرح كثيرًا، ولكن المعلومات لا تعني بالضرورة المعرفة أو الفهم، وفي الحقيقة فإن كثرة المعلومات غير المترابطة التي تأتينا عبر وسائل الإعلام لا تجعل لنا مجالا للتفكير فيها أو معرفة أسبابها أو الخروج بأية حكمة. كثرة المعلومات تجعل المرء مستقبلا أبله. في الحقيقة أتفق جدًا مع المؤلف، وأرى أنّ هناك الكثير من الغث وغير المهم مما تقنعنا وسائل الإعلام والإنترنت بأهمية معرفته.

ومن أهم الفصول كذلك فصل "العولمة وحضارة السوق" حيث يحلل فيه المؤلف أثر التسويق وحضارة السوق على الأخلاق والأسرة والقيم والسياسة وأشياء أخرى كثيرة. سيدهشك أن تفكر فيما يفعله التسويق وحضارة الربح والتجارة في الإنسانية، إذ إنها هي المستفيدة أولا وأخيرًا من انسلاخ الأفراد من قيمهم وأسرهم ودياناتهم.

ليس هذا عرضًا للكتاب بالطبع بل مجرد انطباع عنه، وهو كتاب جيد يستحق القراءة، وإن كان يعيبه بعض التكرار في الأفكار، والميل إلى أسلوب المقالات الصحفية الباهتة أحيانا، والتي لم أكن أنتظرها من شخص أكاديمي.

لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

5 comments:

زوّان السبتي يقول...

صدر الكتاب في عام 1999... وقد حرك فيني كثير من الأسئلة للسبب أدناه..

فاجئتني حين حدثتني عن مقارنته بين مفهوم عصر المعلومات مقابل مفهوم عصر المعرفة ففي مجال عملي بدأ هذا الأمر يشغلنا كثيرا وأكاد أجزم أن هذا الهم أصبح عالميا على مستوى الأمم المتحدة الاتحاد الدولي للاتصالات في العام 2003 ووعيت أنا به في عام 2004 في بداية عمري الوظيفي..

وغدونا نتحدث عن المعلومات كثيرا وكيف نوظفها لدعم اتخاذ القرار وبحيث تصبح معرفة لمتلقيها ولازال التحدي قائما ...

~ سَمَا يقول...

قراءة جميلة, لكن لم أستطع إستنتاج رأيك النهائي

هل هو من النوع الخفيف الذي يناسب من لم يقرأ عن العولمة من قبل ؟

غير معرف يقول...

شكرا أحمد على عرض الكتاب
فقط اسأل: هل جلال أمين هو نفسه صاحب كتاب (ماذا علمتني الحياة) فقد نصحني شخص بقراءته
يبدو انه كتاب مهم في ادب السيرة الذاتية حسبما فهمت

أحمد حسن المعيني يقول...

سما..
الكتاب مكتوب للعامة، وهو من النوع الخفيف والسلس جدًا (مقالات صحفية). قد يكون هذا كتابًا جيدًا للبدء في القراءة عن العولمة.

أحمد حسن المعيني يقول...

وليد..
نعم هو نفسه الدكتور جلال أمين مؤلف ذلك الكتاب، وقد سمعتُ عنه أنا أيضًا الكثير الكثير، وعادة ما يُقال أنه من أفضل كتب السيرة الذاتية.

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.