الكتاب: المجتمع والتاريخ
المؤلف: المفكر الإسلامي الشهيد مطهري
لم يكن في خلدي أن أوَفق في أيما يوم لعرضِ مؤلَفٍ عظيم لأحد الأعمدة الأساسية للفلسفة الإسلامية الحديثة. فقد كان الشهيد مطهري فيلسوفاً عظيماً، وثورياً حكيماً، ومؤلفاً غزيراً. فالأهمية الكامنة في مؤلفاته تنبع من محاولاته في عرض النظرة الإسلامية لكثير من متشعبات المسائل الفكرية الحديثة.
في كتابة المعنون بـ ” المجتمع والتاريخ” والذي هو تبييض لمحاضراته القيمة في هذا المجال، يعرض – رحمه الله – لمسألة المجتمع والتاريخ من ناحية تعريفه وحدوده وأصالته من عدمها.
ثم يعرج إلى التطرق إلى قوانين المجتمع والتاريخ في قبال قوانين الفرد، ليطرح نظرية إسلامية فريدة هي نظرية الفطرة في اختيار الأشياء، تلك التي تحيي في الانسان ذوقية الاختيار تجاه المجتمع بتفصيل أتقن الشيخ في طرحه.
بعدها، وفي معالجته لتقسيمات طبقات المجتمع، يتطرق للنظرية السائدة حتى وقت طويل، وهي المادية التاريخية والتناقض الديالكتيكي. فيشرّح النظرية بأدوات الخبير الفهيم، ويعرض مبادئها نقلا عن أعاظم كتبها وكتّابها، ليتبع ذلك كله بنقضها عبر الأفكار الإسلامية الثابتة. ولا يفوته عبر ذلك، أن يشير لمؤلفات المسلمين ممن حاولوا اسقاط فهمهم المادي وتأثرهم بالديالكتية والمادية على التعاليم الإسلامية.
وفي خضم معالجة كل هذه الأفكار، يعرج الشهيد إلى أمور كثيرة عميقة لكنها سلسة وممتعة وصميميّة، كقضية الأفكار، والتفكير، واللغة، والمُثل في المتجمع، وغيرها.
كما أنه يذهب أبعد من ذلك، فتراه يطرح بعض نقاط الرأسمالية هنا وهناك ويبين وهنها، ليضيفها في الرف، تماماً مع أختها الماركسية، وإن كان التركيز على الأخيرة بسبب انتشارها في زمن الشهيد وسعة تأثر الشباب المسلم بها.
والجميل في الكتاب، إضافة إلى سلاسة الطرح للقضايا العميقة المتداولة حتى الساعة، شعورك بأنك ترفل وتتقلب بين يدي أمينة في فهم تلك القضايا، تدعم نظرتها بكثير من الآيات القرآنية الواضحة، والتي طالما تقرأها لكن لا تعرف – بقراءتك العابرة غير المتفحصة – أنها تكتنف كلّ تلك المضامين الموغلة في العمق الدلالي التافع للحياة الفكرية.
حقيقة، كانت تجربة شيقة لي أن قرأت هذا السفر العظيم، ما دعاني للبحث عن بقيته الباقية، لأفجع بأن اغتياله – رحمه الله – قد كان أسبق إليه من أن يوفق إلى إكمال انتاجه الغزير، فبقي سِفره غير مكتمل، رغم غناه في نفسه وفيما وصل إليه. وحين تصل وتكتشف عدم الاكتمال هذا، وقد مررتَ على كل هذا الاسلوب الشيق للشهيد السعيد، تعرف فداحة الخطب، وعمق المأساة والخسارة والثلمة التي سببها اغتياله للساحة الفكرية الإسلامية.
أعتذر للإطالــــــة
المير دامــاد
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر
المؤلف: المفكر الإسلامي الشهيد مطهري
لم يكن في خلدي أن أوَفق في أيما يوم لعرضِ مؤلَفٍ عظيم لأحد الأعمدة الأساسية للفلسفة الإسلامية الحديثة. فقد كان الشهيد مطهري فيلسوفاً عظيماً، وثورياً حكيماً، ومؤلفاً غزيراً. فالأهمية الكامنة في مؤلفاته تنبع من محاولاته في عرض النظرة الإسلامية لكثير من متشعبات المسائل الفكرية الحديثة.
في كتابة المعنون بـ ” المجتمع والتاريخ” والذي هو تبييض لمحاضراته القيمة في هذا المجال، يعرض – رحمه الله – لمسألة المجتمع والتاريخ من ناحية تعريفه وحدوده وأصالته من عدمها.
ثم يعرج إلى التطرق إلى قوانين المجتمع والتاريخ في قبال قوانين الفرد، ليطرح نظرية إسلامية فريدة هي نظرية الفطرة في اختيار الأشياء، تلك التي تحيي في الانسان ذوقية الاختيار تجاه المجتمع بتفصيل أتقن الشيخ في طرحه.
بعدها، وفي معالجته لتقسيمات طبقات المجتمع، يتطرق للنظرية السائدة حتى وقت طويل، وهي المادية التاريخية والتناقض الديالكتيكي. فيشرّح النظرية بأدوات الخبير الفهيم، ويعرض مبادئها نقلا عن أعاظم كتبها وكتّابها، ليتبع ذلك كله بنقضها عبر الأفكار الإسلامية الثابتة. ولا يفوته عبر ذلك، أن يشير لمؤلفات المسلمين ممن حاولوا اسقاط فهمهم المادي وتأثرهم بالديالكتية والمادية على التعاليم الإسلامية.
وفي خضم معالجة كل هذه الأفكار، يعرج الشهيد إلى أمور كثيرة عميقة لكنها سلسة وممتعة وصميميّة، كقضية الأفكار، والتفكير، واللغة، والمُثل في المتجمع، وغيرها.
كما أنه يذهب أبعد من ذلك، فتراه يطرح بعض نقاط الرأسمالية هنا وهناك ويبين وهنها، ليضيفها في الرف، تماماً مع أختها الماركسية، وإن كان التركيز على الأخيرة بسبب انتشارها في زمن الشهيد وسعة تأثر الشباب المسلم بها.
والجميل في الكتاب، إضافة إلى سلاسة الطرح للقضايا العميقة المتداولة حتى الساعة، شعورك بأنك ترفل وتتقلب بين يدي أمينة في فهم تلك القضايا، تدعم نظرتها بكثير من الآيات القرآنية الواضحة، والتي طالما تقرأها لكن لا تعرف – بقراءتك العابرة غير المتفحصة – أنها تكتنف كلّ تلك المضامين الموغلة في العمق الدلالي التافع للحياة الفكرية.
حقيقة، كانت تجربة شيقة لي أن قرأت هذا السفر العظيم، ما دعاني للبحث عن بقيته الباقية، لأفجع بأن اغتياله – رحمه الله – قد كان أسبق إليه من أن يوفق إلى إكمال انتاجه الغزير، فبقي سِفره غير مكتمل، رغم غناه في نفسه وفيما وصل إليه. وحين تصل وتكتشف عدم الاكتمال هذا، وقد مررتَ على كل هذا الاسلوب الشيق للشهيد السعيد، تعرف فداحة الخطب، وعمق المأساة والخسارة والثلمة التي سببها اغتياله للساحة الفكرية الإسلامية.
أعتذر للإطالــــــة
المير دامــاد
0 comments:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.