25 أبريل 2012

إصدارات: "الثورة الصناعية الثالثة"




صدر حديثا عن الدار العربية للعلوم كتاب "الثورة الصناعية الثالثة: كيف تغير القوة الموازية الطاقة والاقتصاد والعالم" لمؤلفه (جيريمي رفكين) بترجمة سعيد الحسنية.

فيما يلي عرض للكتاب الأصلي من جريدة البيان الإماراتية بتاريخ 4 مارس 2012:

الثورة الصناعية الثالثة

يتفق كُثر على القول ان الباحث الاقتصادي الأميركي الشهير جيريمي ريفكين، هو أحد أبرز الوجوه التي شاركت وتشارك، في النقاشات حول مسائل تبدّل المناخ ومستقبل الأرض ونتائج الثورة التكنولوجية الحالية على الإنسان والمجتمعات الإنسانية.

وهو يكرّس كتابه الأخير لـ"الثورة الصناعية الثالثة"، كما جاء في عنوانه. وهو يحاول أن يشرح فيه كيف أن تكنولوجيات الثورة الرقمية ومصادر الطاقة المتجددة، هي بصدد إنتاج الثورة الصناعية الثالثة.

ويحدد المؤلف القول منذ البداية ان الثورة الصناعية الكبرى التي انطلقت من أوروبا، منذ القرن الثامن عشر، واعتمدت بشكل رئيسي على مصادر الطاقة المخزونة في باطن الأرض من نفط وغاز، دخلت منطقة أخطار حقيقية. ذلك أن أسعار مواد الطاقة المعنية هي في ارتفاع كبير وهي تدفع في اتجاه الزيادة نفسه، أسعار المواد الغذائية، والبطالة تتعاظم وسوق المساكن فجّرت الأزمات.

والاستهلاك والديون العامة "تزدهر أكثر فأكثر". باختصار هناك علامات كثيرة، كما يشرح ريفكين، تدل على جود أفق ينذر بـانهيار جديد للاقتصاد العالمي .

ولا بد من البحث عن حلول. ما يفعله جيريمي ريفكين على مدى صفحات هذا الكتاب الثلاثمائة، هو محاولة تبيين كيف أن تكنولوجيات الثورة الرقمية، وفي مقدمتها الأنترنت ومصادر الطاقة المتجددة، بصدد خلق ما يسميه الثورة الصناعية الثالثة. وهو يقدم لنتائج هذه الثورة صورة لمئات الملايين من البشر وهم ينتجون طاقتهم النظيفة في بيوتهم ومكاتبهم ومصانعهم.

بل ويتصوّر إمكانية أن يتقاسموا ذلك مع الآخرين، في إطار مشروع تنمية اقتصادية مستدامة، يمكنها أن تقود البشر نحو مستقبل أفضل. مفهوم المشاركة في الطاقة النظيفة يرى فيه المؤلف نوعاً من انترنت الطاقة، حيث يتم تبادلها على النمط نفسه، الذي يتم في يوم تبادل المعلومات، على الشبكة العنكبوتية.

كذلك يشرح جيريمي ريفكين، الكيفية التي يمكن فيها للثورة الصناعية الثالثة، أن تقدّم الكثير من الحلول للمآزق الكبرى التي تواجهها البشرية اليوم. ويرى أنها يمكن أن تخلق آلاف المشاريع والمؤسسات، ما سيسمح بتشغيل العاطلين عن العمل عبر توفير ملايين الفرص. كما أنها ستفتح آفاقاً جديدة لعلاقات إنسانية أكثر انفتاحاً على الآخر، بدلاً من العلاقات التي أنتجها اقتصاد السوق والليبرالية العشوائية.

ويناقش ريفكين فكرة مفادها أن مصادر الطاقة الحالية، مهما كان حجم الاكتشافات الكبيرة لوجود مخزونات جوفية منها، ستكون عاجزة ذات يوم عن تلبية حاجات سكان العالم الذين تجاوز عددهم الـ 7 مليارات نسمة، وهو عدد في تزايد مستمر. وتتم الإشارة في هذا السياق إلى أن المتفائلين يرون أفق استهلاك مصادر الطاقة الحالية، مفتوحاً، حتى سنوات العشرينات أو الثلاثينات من القرن الحالي.

بينما يميل المتشائمون إلى تحديد الأفق نفسه، في العام 2020. إن المؤلف يدعم تحليلاته بعدد من دروس التاريخ. ويقول مثلاً ان كلفة تقنيات الطباعة أصبحت أقل كلفة بأوروبا، خلال القرن التاسع عشر، عندما جرى الانتقال من الطباعة اليدوية إلى "السرعة الصناعية"، مع اختراع آلية "لينوتيب" وغيرها.

ثم إن السرعة في الطباعة أمّنت الكتب المطلوبة للمدارس، وانتشار التعليم ومحاربة الأمية نتج عنهما قوة عمل نوعية جديدة. بكل الحالات يشرح ريفكين وجود علاقة بين تطوير مصادر الطاقة وتطوير آليات التواصل، مبيناً أن الجمع بينهما يخلق مجالاً تكنولوجياً جديداً تماماً. بشكل إجمالي يحدد المؤلف عدة ركائز أساسية لا بد منها، حسب رأيه، للانطلاق في الثورة الصناعية الثالثة، انطلاقاً من أوروبا كخيار يجده ممكناً. والركيزة الأولى هي إنتاج نسبة 20 بالمائة من الطاقة المتجددة المتوفرة واستثمارها.

ويتم تحديدها في "الطاقة الشمسية" ضمن بلدان حوض المتوسط الأوروبية، مثل: أسبانيا وإيطاليا واليونان. وكذلك فإن الإيرلنديين عندهم "الرياح" والنرويجيين وغيرهم من سكان المنطقة الاسكندنافية، لديهم "المياه"، المهم هو الشروع بخطوات متواضعة في مسيرة تحقيق الثورة الصناعية الثالثة.

ويقول المؤلف: "إن حضارتنا الصناعية القائمة هي على مفترق طرق". ويحدد اتجاه المستقبل الآمن في انتهاج سبل البحث عن إيجاد منظومة فعالة وشاملة لمصادر الطاقة المتجددة والمتوفرة.

كما يشرح، لدى الجميع. ولا بد للعالم من البحث اليوم عن سبل تحقيق الثورة الصناعية الثالثة، بالاعتماد على التكنولوجيات التي توفرها شبكة الأنترنت. أما الفائدة الكبرى من تغيير العالم، فستصب في مصلحة الدول النامية، كما يختم جيريمي ريفكين تحليلاته.


The third industrial revolution

Jeremy Rifkin

Palgrave MacMillan- New York- 2011

304 p.

لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.