23 يوليو 2009

ضربٌ من التسويق الرديء

ناشرون يستغلّون أسماء المشاهير


بقلم: روث مورتيمر


دائمًا ما تلفت انتباهي كلمة "الموعد النهائي deadline"، وإن كنتَ صحفيًا فهذه الكلمة هي ما يحدد ساعاتك وأيامك وأسابيعك. وبينما كنت أستعرض الكتب في مكتبة "W H Smith" مؤخرًا، دُهشتُ لاكتشافي أن (دان براون) مؤلف الرواية الشهيرة جدًا "شيفرة دافنشي" قد أصدر كتابًا جديدًا عنوانه "Deadline" مع عنوان فرعي مثير جاء فيه "الوقت لا يصبح مهمًا إلا عندما ينقضي".

في الحقيقة لم أعتبر "شيفرة دافنشي" كتابًا جيدًا عندما ظهر عام 2003، ولكن لا أحد يمكنه إنكار شعبيته الهائلة والتي أنتجت العديد من المقلدين. ومع بيع أكثر من 81 مليون نسخة وظهور فيلمين سينمائيين من روايات دان براون، لا شك أن الرواية تُعتبر من أكثر المبيعات نجاحًا في هذا القرن.

وهكذا التقطت كتاب Deadline. يا تُرى هل سيحكي معاناة صحفية شابة؟ وعندها لاحظت اسمًا آخر على الغلاف تحت اسم دان براون: (سايمون كيرنك Simon Kernick). وقلت في نفسي: "أهاا، إذن فعنوان الرواية هو" Simon Kernick: Deadline. ربما يكون كيرنك هو المحقق البطل في الرواية".

ولكنني عندما نظرتُ من قربٍ أكثر، تبدّى لي أنه في الحقيقة لم يكتب (دان براون) هذا الكتاب، وأنّ كيرنك ليس المحقق البطل. الغلاف الأمامي الذي يخبرك بفخر أن الكتاب "حصري" لمكتبة W H Smith، جاء فيه: "دان براون. إذا كانت تعجبك الروايات المثيرة سريعة الأحداث والتي لا يمكنك التوقف عن قراءتها، فنحن واثقون بأنك ستحب رواية سايمون كيرنك: Deadline". إذن فقد فهمت الأمر برمته خطأً. (كيرنك) في واقع الأمر هو مؤلف Deadline وليس (دان براون).

ما حدث هو عملية بيع كتاب لمؤلفٍ ما مع وضع اسم مؤلفٍ آخر لشدّ انتباه المشتري. بدلا من الإشارة إلى (دان براون) في الغلاف الخلفي لتوضيح أوجه الشبه بين أسلوب الكاتبين، يوضع اسم (دان براون) في الغلاف الأمامي ليبدو لك من أول وهلة وكأنه هو مؤلف الكتاب.

إن الثلثين العلويين من الغلاف يشيران إلى (دان براون) بدلا من (سايمون كيرنك)، والمتسوقون الكُسالى -مثلي- قد يشترون الكتاب بكل سهولة معتقدين أنه لـ(دان براون)، ولا يكتشفون الحقيقة إلا بعد دفع ثمنه.
يحيرني هذا النوع من التسويق. بطبيعة الحال أتفهم تأثير المشاهير في عالم النشر، فـ(دان براون) بكل تأكيد نجم من نجوم الكتابة، ويشبه في ذلك إلى حد ما نجمة البوب (مادونا). لقد أصبح اسم (دان براون) ماركة تقول للقراء بأن الرواية ستكون مثيرة ومتسارعة الأحداث. وعندما تُنشر رواية (دان براون) الجديدة [في شهر سبتمبر القادم] سيشتريها الملايين بغض النظر عما سيكتب عنها.

في الجهة الأخرى (سايمون كيرنك) هو "نجم صغير صاعد"، وعليه بكل تأكيد أن يرضى بدورٍ ثانوي مساند، حيث أنه لم يحقق لنفسه ماركة تنافس ماركة (دان براون). ولا يعني ذلك أن (كيرنك) نكرة، فقد حقق قدرًا من النجاح في روايات مثل "Relentless" و "Severed"، ولكن شهرته لا تنافس (دان براون).

قد يقول قائل بأن هذا ليس إلا نوعٌ من حملات التوصيات التي يقوم بها بائعو الكتب على الإنترنت منذ سنين. فإذا اشتريت رواية لـ(دان براون) من مكتبة أمازون، قد يرشح لك الموقع كتابا مثل كتاب (كيرنك). من المنطقي أنك إذا اشتريت رواية من فئة "الجرائم والإثارة" لـ(دان براون) فقد تعجبك روايات مشابهة.

وقد يقول قائل أيضًا بأنه في عالم يصبح فيه العديد من المشاهير "كتابًا" بمساعدة مؤلفين يكتبون لهم، ليس غريبًا أن تجد اسم شخص يُستخدم لبيع كتاب شخصٍ آخر. عندما نشر (ديفيد بيكام) سيرة ذاتية بعنوان "My Side" كان قد كتبها له مؤلف اسمه (توم وات Tom Watt) والذي تكفل بأن يكون كلام لاعب الكرة ذا قيمة على الورق. رغم ذلك كان اسم (ديفيد بيكام) على الغلاف الأمامي.

ولكنني لستُ الشخص الوحيد الذي شعر بالخديعة من ربط هذه الرواية بدان براون. هناك تعليق في موقع أمازون من شخص اسمه (L. Darmon) يقول فيه: "أعلنت مكتبة W H Smith عن هذا الكتاب قائلة "إذا أعجبك دان براون، فستعشق هذا الكتاب". في الحقيقة، هذا الكتاب لا يشبه دان براون في أي شيء، ولو أنني لم أحصل عليه مجانًا بعد شرائي رواية دان براون الجديدة، لما كنت أخذته وشعرت بأنني قد ضُحك علي بإضاعة وقتي في قراءته".

أغلب التعليقات جاءت حماسية للغاية وتمدح رواية (كيرنك). يقول صاحب إحدى التعليقات أن لا شيء أوقفه عن قراءة الرواية إلا العمل. وكثيرون قالوا بأنهم استمتعوا بالشخصية الرئيسية ويتطلعون إلى قراءة روايات أخرى لـ(كيرنك).
ولكن هذه التعليقات لا تلائم شخصا له أسلوب غير مميز يستحق عليه أن يُكتب اسمه بحجم أصغر بثلاث مرات من اسم شخصٍ آخر لم يكتب الرواية أصلا. قد لا تكون هذه الرواية من الكتابات التي تستهويني كثيرًا، ولكن من الواضح أن (كيرنك) لديه معجبون ينتظرون أعماله.

أعتقد أن الناشر (كورغي Corgi) قد أخطأ. بدلا من ألصاق الرواية بماركة (دان براون)، كان يجب عليه أن يحاول بناء سمعةٍ وأسلوبٍ مميز للمؤلف بطريقة أفضل. أقدّر أنها محاولة لبيع الكتب في وقتٍ عصيب، ولكن هناك مساحة كافية لنجم آخر على الأرفف. ليس هناك من "موعد نهائي" للتسويق الإبداعي يا (كورغي).
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.