17 أبريل 2012

مقالات: قل لي ماذا تقرأ..أقل لك من أنت (جيمس غليسبي)




(جريدة القبس الكويتية، 13 أبريل 2012)

قل لي ماذا تقرأ.. أقل لك من أنت
جيمس غليسبي (التايمز)

قال أحد الخبراء في مجال علم النفس انه قد توصل أخيراً الى المبدأ، الذي ظل يؤمن به الناس منذ زمن بعيد، ألا وهو: ان الانسان نتيجة ما يقرأ.
فقد توصل كيث اوتلي، الخبير في مجال الادراك واستاذ علم النفس في جامعة تورنتو، الى ان ما يبدو من عملية عزلة ينقطع فيها الشخص مع كتاب يقرأه، يعد ممارسة لنوع من التفاعل الانساني.

ويقول اوتلي، في مقال نشره في مجلة ساينتفيك اميركان مايند العلمية، ان ذلك انما «يعزز الجانب الاجتماعي في الدماغ، وبالتالي فانه عندما نقوم بوضع الكتاب جانباً قد نكون بتنا أكثر استعداداً للتفاعل والتعاون، بل وحتى تبادل مشاعر الحب مع الآخرين».

أنت ومكتبتك
هل يعني ذلك اننا نستطيع في واقع الأمر الحكم على الانسان عن طريق الكتب التي يقرأها؟ يقول اوتلي: «أنا أفعل ذلك، فعندما أدخل بيت شخص ما فإنني أنظر الى الكتب التي يقتنيها».
وقد لاحظ اوتلي، من خلال سلسلة من التجارب التي اجراها، كيفية تغيير الادب لشخصية الانسان وعواطفه، والتأثيرات الأولية لذلك قد تكون قصيرة المدى، ولكنه يرى ان الانسان قد يطور سمات شخصية تم تشكيلها، وصياغتها بطريقة خفية وغير واعية عن طريق الكتب التي يقرأها.
وفي احدى تلك التجارب جرى تسجيل عادات القراءة لدى 94 مشاركاً من الراشدين، وذلك قبل اجراء فحص جانبي لـ«الادراك العاطفي» و«المفهوم الاجتماعي» لدى كل فرد من افراد المجموعة.
كما طلب من القراء محاولة استشفاف الحالة الشعورية للشخص المعني من خلال صور للعينين فقط، وطرحت عليهم كذلك سلسلة من الاسئلة حول لقطات فيديو لافراد يتفاعلون مع بعضهم البعض ومن بين تلك الاسئلة على سبيل المثال «أي من الطفلين الظاهرين في اللقطات ينتمي للشخص الراشد المعني أو ان كانا لا ينتميان اليه؟».

رأي الخبراء
وقد توصل خبراء علم النفس الى انه كلما زادت قراءة المشاركين للروايات، ارتفعت نسبة ادائهم في اختبار المجالين المذكورين.

ويقول اوتلي ان «السمة الاساسية في الرواية ليست في انها عمل مبتكر خيالي، بل سمتها الرئيسية هي انها تدور حول الناس ونواياهم وتفاعلهم.

وان قراءة الرواية تدرب الانسان في هذا المجال بالطريقة ذاتها التي توفرها الكتب الأخرى غير الروائية مثل الكتب حول علم الوارثة أو التاريخ التي تؤسس خبرة الانسان في تلك المجالات».

وتظهر تجارب فحص الدماغ ان القارئ يدمج في دواخله ما تعاني منه او تلاقيه الشخصية الروائية من خلال عكس تلك المشاعر والأفعال نفسها.

تمثل الآخر
وبالتالي فانه عندما يقرأ الشخص عن فعل ما قام به بطل الرواية، فان دماغ القارئ يستجيب وكأنه هو الذي يؤدي ذلك الفعل، ومع مرور الوقت يمكن لشخصيته ان تتغير بطريقة تدريجية جراء طبيعة المادة التي يقرأها.

السيدة والكلب الصغير
وفي تجربة خضعت خلالها مجموعة من الطلاب لاختبارات لتقييم الشخصية قبل قراءة قصة الكاتب الروسي انطون تشيكوف «السيدة والكلب الصغير» اتضح ان المشاركين باتوا اكثر انفتاحاً فيما يختص بالتجارب واكثر قدرة على التقمص النفسي بعد القراءة.

اما افراد المجموعة الأخرى التي قرأت تقريراً يحتوي فقط على الأحداث الواردة في القصة مصاغة بطريقة وقائع فعلية وخالية من أي عناصر ادبية لم تظهر عليهم اي تغيرات شخصية.
اما أسطورة القارئ المنعزل الوحيد مع كتابه فقد ثبت انها اسطورة ليست لديها صلة بالواقع، ويقول اوتلي «ان من يقرأون الرواية بصفة اساسية ليسوا معزولين عما يدور حولهم، بل في الواقع تجدهم أقل عزلة اجتماعياً مقارنة بمن يقرأون الكتب غير الروائية الأخرى بصفة عامة».

تغيير المفاهيم
ويعتقد اوتلي ان هنالك بعض الكتب التي غيرت شخصيته هو ايضاً، ويضيف مشيراً الى تلك الكتب ان «رواية جورج اورويل 1984 بسبب قصة الحب التي فيها، ورواية «ميديل مارش» للروائية جورج اليوت في تعاملها مع المشاعر، والانفعالات، و«البحث عن الزمن الضائع» رواية مارسيل بروست التي عرفتني على جوانب في المجتمع وفي التفاعل.

ولكن ماذا يحدث اذا ما كان الكتاب يحتوي على شخصيات سيئة ترتكب افعالاً كريهة؟، يرد أوتلي على ذلك انه «عند دخول القارئ في العالم الروائي فانه يتطور بطريقته الخاصة فهو يرى ما يدور وفق مفهومه للحق والباطل والخير والشر».

«اذ ليس كل من يقرأ رواية جون فاولز «جامع الفراشات» سيقدم على تنفيذ عملية اختطاف».
وعليه اذا رغبت معرفة الحقيقة فيما يختص بشخص ما، القي نظرة سريعة على ما يقرأ، كما انه عندما يزورك ضيوف في البيت لا تنسى ان تخفي كتاب الماركيز دوساد.
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

1 comments:

Unknown يقول...

موضوع ممتع، لقد اسمتعت كثيراً بقراءته، جزى الله من قام بترجمه ونقله إلى هنا
تحياتي

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.