23 نوفمبر 2011

إصدارات: كلمة تترجم "تاريخ الأزياء العربية"



(المصدر: ميدل إيست أونلاين، 21 نوفمبر 2011)

'كلمة' يترجم دراسة وصفية تحليلية لتاريخ الأزياء العربية

ستيلمان: الكتاب خلاصة لجمع آرائي وأفكاري وأطروحاتي عن الألبسة العربية كما أنه تتويج للجهد الدؤوب الذي بذلته في هذا المجال لمدة ثلاثين عاماً.

أبو ظبي ـ من رضاب فيصل

قل لي ماذا ترتدي، أقل لك من أنت؟ هذه حقيقة اجتماعية أثبتت صحتها مع تطور الأزمنة والأمكنة.. فالأزياء لا تدل فقط على فوارق طبقية، بل تدل أيضاً على حياة نفسية واجتماعية وثقافية وتاريخية.

وبالنظر إلى أهمية الأزياء في حملها لمعلومات توثيقية عن تاريخ وحياة الشعوب، أطلق مشروع "كلمة" في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، ترجمة كتاب "تاريخ الأزياء العربية ـ منذ فجر الإسلام إلى العصر الحديث"، من تأليف: ي. ك ستيلمان وترجمة: د. صديق محمد جوهر.

وكما قالت المؤلفة التي خطته هي: "إن دراسة الأقمشة والألبسة تشكل جزءاً لا يتجزأ من حقل الدراسات الاجتماعية والتاريخية التي تندرج في إطار الدراسات الثقافية أو دراسة الثقافة المادية.

وي. ك ستيلمان واحدة من أبرز الخبراء في مجال الأزياء والألبسة العربية والإسلامية، ولها مجموعة من الدراسات الأساسية ذات الطابع الإنثوغرافي في تاريخ الأزياء والملابس الشرقية. وقد سعت في كتابها هذا إلى الحديث عن تطور الزي العربي منذ بداية الإسلام وما قبله وحتى عصرنا الحالي، وذلك عبر 9 فصول متسلسلين وفق التطور التاريخي و الزمني.

وإذ نبدأ من الفصل الأول من هذا الكتاب وهو "جزيرة العرب بين الجاهلية ونشأة الأمة الإسلامية"، فإننا نبدأ من قراءة للثياب العربية في مرحلة ما قبل ظهور الإسلام. لنكتشف أن العرب وقتها كانوا متأثرين بالثقافة الاجتماعية لواحدة أو أكثر من الامبراطوريات الكبيرة التي كانت موجودة، وبالتالي فإن أزياءهم جاءت محاكية للأزياء التي كانت سائدة بين شعوب هذه الامبراطوريات. ونلاحظ أيضاً أن أزياء الجنسين كانت متشابهة قليلاً، وكان يساعد على تمييزها عن بعضها وجود الزينة والثنيات والحلي بالإضافة لنعال القدمين.. وفي هذا الفصل أيضاً، نكتشف أن الإسلام في بدايته لم يغيّر أو يعدّل إلا القليل على هذه الأزياء، وذلك نظراً للقيم الأخلاقية التي كان ينادي بها. حيث كانت في غالبيتها فضفاضة ومتهدلة ومحتشمة نوعاً ما.

وأما بعد انتشار الإسلام على مدىً واسع، وامتداده لأماكن وامبراطوريات الشرق الأوسط بأسره تقريباً. وجد العرب أنفسهم تائهين بين التقليد تارةً وفرض الزي الخاص بهم وفقاً للشريعة الإسلامية تارةً أخرى. وهو ما تتحدث عنه ي. ك ستيلمان في الفصل الثاني من الكتاب والذي حمل عنوان: "نشأة منظومة الألبسة الإسلامية في عهد الخلفاء المسلمين الأوائل". كما تعرض هذا الفصل لتطوّر الزي العربي بين العصر الأموي والعصر العباسي، بالإضافة لتوضيحه الفرق بين ملابس المسلمين وغير المسلمين، وبالطبع شرحه لتطور لباس المرأة في مرحلة تطبيق الشريعة الإسلامية.

وأما الفصل الثالث من الكتاب، فقد حمل عنوان: "المشرق العربي تحت الحكم التركي ـ منذ أواخر العصور الوسطى إلى بواكير العصور الحديثة". ويتم التركيز في بدايته على ملابس النخبة العسكرية، التي جاءت إلى المنطقة العربية مع الأُسر العسكرية التركية التي حكمت الشرق الأوسط. ونجد في هذه الفترة أن ثمةَ استمرار ملحوظ لاتجاهات الفترات السابقة من حيث الأزياء، إلا أن بعض سكان المدن كانوا قد بدؤوا في تقليد الملابس التركية الرجالية منها والنسائية.

هذا ونعلم من عنوان الفصل الرابع والذي يقول "المغرب الإسلامي: شمال أفريقيا وإسبانيا"، إنه خصّص لدراسة خصائص المغرب العربي جغرافياً وسياسياً بعلاقته بنمط وشكل الأزياء لديه. كما خصّص الفصل الخامس لشرح ماهية لباس مواطني الدولة الإسلامية من غير المسلمين. حيث جاء عنوانه طويلاً نوعاً ما، دالاً على محتواه. وهو: "لباس غير المسلمين في ظل قوانين ("الغيار) ـ المعاهدة العمريّة ونشاة تشريعات اللباس إبان المراحل الباكرة من الدولة الإسلامية". وطبعاً فإننا بقولنا منظومة إسلامية وشريعة إسلامية، فإنه من الضروري الخوض في موضوع الحجاب والنقاب لنقرأه في ظروفه التاريخية والتشريعية.. وهو ما تم الحديث عنه بصورة وافية وشاملة في الفصل السابع، فصل: "الحجاب والبرقع ضمن منظومة الأزياء الإسلامية".

هذا ولم تهتم ي. ك ستيلمان بدراسة شكل الزي فقط في فصولها التسعة، بل درست النوعية والملامح الفنية من خلال تطور الأقمشة وفن التطريز. وقد أرفدت لهذا الموضوع فصلاً كاملاً وهو الفصل السادس وعنوانه: "دار الطراز: عالم الفخامة والترف والأزياء النفيسة".

وتنتقل في الفصل الثامن: "اللباس في العصر الحديث"، إلى دراسة الأزياء العربية التي ارتبطت وقتها بخطوط الموضة الأوربية والأميركية، بغض النظر إذا ما كان الزي تقليدياً أم رسمياً أم عسكرياً أم شبابياً. ولكن ستيلمان وجدت أن الرجال كانوا أكثر سرعةً من النساء في التخلي عن الملابس التقليدية، واستبدالها بأزياء الموضة الغربية الحديثة. كما تحدثت في هذا الفصل عن تطور اللباس العربي التقليدي إلى شكله اليوم لدى بعض الشعوب العربية التي لا زالت ترغب في الحفاظ عليه كجزء من الهوية العربية التراثية الأصيلة.

وأخيراً يأتي الفصل التاسع وهو "دراسة الملابس العربية: خاتمة بيبلوغرافية"، ليحاول أن يقدم ما يشبه االجرد للدراسات القديمة والجديدة التي تناولت تاريخ ونوعية الأزياء العربية، بما في ذلك النصوص الأدبية التي أعطت في بعض أماكنها صورةً هامة وبسيطة عن طريقة اللباس العربية في عصور مختلفة. كما يُذكر في هذا الفصل أمثلة لمؤلفين عرب وأجانب. هذا ولم تنس ي. ك ستيلمان أن ترفق صوراً للزي العربي ورسوماً توضيحية في مراحل مختلفة من التاريخ مع وجود صور للوحات تاريخية، استفادت منها المؤلفة لفهم نمط طبيعة الحياة العربية في تلك المراحل وطرق ارتداء الزي والتعامل معه.

في النهاية نجد أن ي. ك ستيلمان أعدت دراسة وصفية وتحليلية عن أنماط الأزياء والألبسة العربية، بعلاقتها مع التطور التاريخي والتوسع المكاني الذي رافق الإسلام في بدايته. وكما قالت هي: "يعد هذا الكتاب خلاصة لجمع آرائي وأفكاري وأطروحاتي عن الألبسة العربية كما أنه تتويج للجهد الدؤوب الذي بذلته في هذا المجال لمدة ثلاثين عاماً من البحث والدراسة".
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

1 comments:

أحمد طوسون يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.