مع كتاب جديد في حملة "كتب تجمعنا"، وهذه المرة قراءة في أحد الكتب العمانية قدّمتها القارئة (ميّ خالد) من الكويت، ونُشرت القراءة أولا في مدوّنة "مكتبتي" الشريكة معنا في المبادرة. والكتاب هو رواية "تبكي الأرض يضحك زحل" للكاتب العماني (عبدالعزيز الفارسي).
نواصل القراءة عبر حملة { كتب تجمعنا }، مع رواية للفارسي ، يجسد فيها تقاليد المجتمع العماني وحياته في أسلوب روائي وطرح مختلف . لعباراته بلاغة مبهرة . ومن تلك الصور التي أعجبتني قوله :
أبناء قريتي يمشطون أحاديثهم بأسئلة كثيرة ، وتهزمهم الإجابات المقتضبة . ص 13
رقص الموج في أحضان الرمل الناعم حيث ذاك الشاطئ الخلاب الذي يلي مزارع النخيل . ص17
أحداث القصة تبدأ بمآساة وتمر بمأساة أخرى وتتنوع فيها الأحداث بين خبث وحسد وتآمر وغيرها من ألوان المآسي .
ورغم ذلك إلا أن الفارسي يحسن تصوير المشاهد والأحداث ويضفي عليها جمالا مشوقا..
سحبني من يدي ومضى بين نحو الوادي . وصلنا إلى حافته . اختار موقعا للجلوس وافترشنا الحافة الصخرية . للوادي نداء خفي يعترك في بطنه الصخر والسدر والظلام . كانت السماء قد وهبته بعض الماء فانساب برقرقة فضية استعار لونها من البدر . ص 27
ما يميز الرواية أنه جعل كل شخصية تعبر عن فئة معينة في المجتمع بأخلاقها وطباعها.. لكن السلبية الواضحة أنه جعل أبطال الرواية نماذج سيئة كما أن أغلب الشخصيات سلبية . مما ينقل القارئ لأجواء متعبة وسط تلك الفتن التي تموج بالقرية .
كما لفت انتباهي فلسفته التي ينثرها بين الفقرات ، من ذلك حديث خالد مع الشاعر الزحلي ، فيجعلني أقف عند عباراته ، وأحيانا أكرر قراءتها لما تحدثه كلماته في نفسي من أثر عميق يلامس ذكريات ومواقف الحياة .
حين يتحدث مع أمه يصف حواراتها وأسلوبها ..
قبلت جبينها ونظرت إلى عينيها . لم أزل مقتنعا أنها طفلة في كل شيء .. في حبها ، وكرهها ، في غضبها ورضاها . هؤلاء الذين يحيون بذاكرة الطفولة يعيشون طويلا ولا يكبرون .
الأحلام مقاطع سردية حبكت ببراعة تفوق ما تعودنا عليه ، وغالبا ما نعجز عن فك تلك الحبكات والدخول في عوالم الحلم لنعرف ما وراء نصه . إنه سرد راق جدا . أشبه ما يحدث مع أحلامنا بالذي يحدث حين يقرأ الناس نصا متطورا يسبق زمانه بعشرات السنين . يظنونه تافها أو معقدا وفي كلا الحالتين يهمشونه تماما حتى يمر الوقت ويكشف التاريخ روعة ذلك النص . ص 185
تتكرر إحدى فصول الرواية لتأتي ثانية في خاتمة ذكية تترك انطباعا لدى القارئ باستمرار القرية على ماهي عليه لكل ألوان المآسي .
0 comments:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.