(المصدر: موقع ميدل إيست أونلاين، 21 مايو 2011)
يوسف رزوقة يفوز بالجائزة العربية لأدب الطفل
تونس ـ "على إثر فقدان ابنتي الوحيدة في مارس/آذار 2010، عن 26 سنة وهي بصدد منح الحياة لحفيدتي "ياسمين" التي لم تر النور هي الأخرى، آثرت أن أواصل في طريق الكتابة للأطفال، محاولا أن أحوّل موتها إلى مادّة ضاجّة بالحياة وما الكتاب الأول (أرض المجاز) الذي أسهمت، قبل رحيلها، في تصميمه، والمهدى إلى ابنتها سيرين التي ظلّت على قيد الحياة، يضاف إليه هذا الكتاب (تفّاح نيوتن) إلا أوّل الغيث ممّا سيصدر، في باب أدب الطفولة، من وحي حياتها الزاخرة، على قصرها وعربون حبّ لحفيدة تحبّ الحياة".
بهذا، صرّح الشّاعر التّونسيّ يوسف رزوقة وهو يستلم، مؤخّرا، الجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل في دورتها العاشرة التي تنتظم سنويا ببادرة من اللجنة الثقافية بالمنازه والبنك العربي لتونس.
القصّة الفائزة تنطوي على إحدى عشرة تفّاحة (عوض التبويب بالفصول) واختار لها مؤلّفها عنوان" "تفاح نيوتن" مشفوعا بعنوان تفسيريّ: رحلة مع صديقي، أمير السّماء - وقد اعتبرته لجنة التحكيم برئاسة الكاتب الروائيّ عبدالقادر بلحاج نصر "تأليفا يخرج عن السائد من حيث الشكل والمضمون ويفسح المجال للقارئ الصغير لكي يسرح بخياله إلى عوالم أخرى تمنحه فرصة التفكير والتجريب وطرح السؤال لمعرفة حقائق الأمور".
ترشح لهذه الجائزة في دورتها العاشرة سبعون عنوانا من عدة بلدان عربية.
وكان رزوقة الّذي جاء من "الشّعر" إلى "أدب الطّفولة"، قد فاز العام الماضي، بجائزة مماثلة في هذا المجال هي جائزة "قنديل حياة" عن مؤلّفه "أرض المجاز"، الذي ضمّ خمسة كتب في كتاب، وصدر في 176 صفحة من الحجم الكبير، وفي طبعة فاخرة برسوم للفنانة المكسيكية عايدة إيمارت.
ويؤكد رزوقة اتجاهه لعالم الطفولة قائلا: ومن يومها، وطّنت العزم على الكتابة للأطفال ولليافعين معا فكانت روايتي "أرض المجاز" شفعتها لاحقا بقصّتي الطويلة هذه "تفّاح تيوتن" والبقيّة تأتي.
• صياغة المستقبل
عن التزامه المبدئيّ بالكتابة للأطفال وإلى أيّ مدى حالفه النّجاح، يقول رزوقة: ما أقدمت عليه، منذ البداية، أردته مشروعا مفتوحا على المستقبل، فالرّواية "أرض المجاز"، الّتي خضت عبرها المغامرة، أخذت منّي وقتا عكس ما تأخذه كتابتي للكبار وهذه القصّة "تفّاح نيوتن" أيضا.
ويضيف: لكلّ كلمة في ما كتبته، معنى يبرّر وجودها. في "أرض المجاز"، كان طموحي أن أحكي للأطفال واليافعين حكاية، هي عبارة عن كيمياء من الألوان، حتّى إذا قرؤوها، حرّكت فيهم سواكن وأثرت زادهم، على نحو لا يلغي مدى قدرتهم على استيعاب ما يكتب لهم وفكّ رموزه ومن هنا، لم أرد أن أكتب رواية بسرعة البرق كما يريدها عادة البعض من ناشري الكتب الموجّهة لأمثالهم بل أخذت وقتي وجمّعت من المراجع والمعلومات ما جعلني أحار أحيانا في توظيفها، لسبب أو لآخر. وكان لي اشتغال، ضمن ورشات اختصاص، على بسيكولوجيّة العالم الطّفوليّ وانتظاراته العاجلة والآجلة من صنّاع الكلمة، ولم أقف عند هذا الحدّ، بل سافرت إلى بعض المواقع المشار إليها في هذا الكتاب حتّى أنقل إليهم بصدق ما رأيت على عين المكان وارتأيت، وأنا أتوغّل في تفاصيل الرّواية، أن أراوح بين الفنون جميعها، فلم أقتصر على السّرد، بل طعّمته بنصوص شعرّية لي رأيتها تخدم السياق واعتبرت ذلك ترجمة وانتصارا لمقولة "الشّعر ديوان العرب".
ويوضح رزوقة أنه حاول، قدر المستطاع، توظيف ما لدى الفنون الأخرى كالمسرح والسينما والفنون التشكيلية من تقنيّات رآها مفيدة، إلى جانب الإفادة من العلوم. كلّ هذا، من أجل تحقيق بعض جدوى ينشدها، بلا شكّ، قرّاء اليوم أمثالهم، فهم من طينة خاصّة جدّا وعلى أيّ مؤلّف في هذا المجال، أن يخوض مع مجتمع الأطفال واليافعين الحيرة اللازمة لصياغة مستقبل يلبّي تطلّعاتهم، كلمة ورؤية وخيالا.
ويشير الشاعر التونسي إلى باكورة أعماله في ميدان "أدب الطفولة" ويقول: أردتها مرآة عاكسة لعالمنا العربيّ، صدر الجزء الأوّل كلبنة أولى في سلسلة روايات مماثلة حول قارّات العالم، نرجو أن تلهمنا الأيّام القادمة نفسا طويلا وصبرا نواصل بهما الطّريق.
موضحا أنّ ما يهمّنا أساسا في هذا المشروع هو المستقبل، دون تجاهل ماضينا والواقع الذي نعيش. وهذا ما اشتغلت عليه أيضا في قصّتي الطويلة "تفّاح نيوتن" التي كتبتها على كرّتين، في المرّة الأولى، كتبتها بلغة الكبار كرواية للكبار ثمّ عمدت إلى تبسيطها، قدر المستطاع، كي تلائم القرّاء الصّغار (من 9 سنوات إلى 15 سنة) وفيها جعلت نيوتن، عالم الفيزياء، يعيش بيننا، في دور وظيفيّ، له يتناغم مع عصرنا هذا.
مضيفا: أنّ الكتابة للأطفال مسؤوليّة. لا يكفي أن تكون الكتابة للأطفال سهلة وممتنعة، فهذا من بدائه الأمور وشروط التبليغ بل عليها أيضا أن تكون هادفة وذات محمول فكري، جديد غير مستنسخ بأي شكل من الأشكال، من تجارب السابقين والمتقدمين في التجربة وإن صهرت في تلافيفها عناصر مضيئة من تراث الأجداد. ذلك أن أطفالنا في هذه الألفية الثالثة، بما تنطوي عليه من زخم معلوماتيّ هائل في حاجة ملحّة إلى مرايا غير صدئة عاكسة لتطلعات أطفالنا الذين لم تعد تهمهم كثيرا خرافات رأس الغول وما إليها، على خلفية أن العصر عصر علم وتكنولوجيا وثورة عاصفة بما هو شطح غيبي أو خرافي تجاوزه وعي القراء من أطفالنا، ذوي المفاتيح المعرفية الجديدة والمضامين الفكرية المشفرة.
لذلك فإن "الكتابة للأطفال لن تكون هادفة ما لم تع أو تتضمن حصاد المرحلة، أية مرحلة ومتغيراتها لتسمي الأشياء المستجدة، وهي أكثر من أن تحصى بأسمائها ومصطلحاتها فتتحقق بذلك الجدوى التي ينشدها أطفالنا في ما يطالعون".
يذكر أن هذا المخطوط الفائز تمّ طبعه في كتاب، محلّى برسوم لفنّان من بنما أوزفالدو هيريرا وانطوت هذه القصّة "تفّاح نيوتن" على أحد عشر فصلا أو كما بوّبها كاتبها في إحدى عشرة تفّاحة واختار لها عنوانا تفسيريا هو "رحلة مع صديقي، أمير السّماء".
من أجواء "تفّاح نيوتن":
• التفّاحة الثّانية
نيوتن، ألا تعرفه؟
إنّه صديقي الفيزيائيّ، جنّيّ أرقط في الرّياضيّات.
كان يتفلسف كثيرا.
مات أبوه وهو في بطن أمّه.
عاش مع جدّته
وأصبح مع الأيّام، جذّابا أعني أصبح ذا شخصيّة جذّابة.
أليس هو من اكتشف الجاذبيّة الأرضيّة وأشياء أخرى؟
• التفّاحة الثّالثة
لماذا لا تقول شيئا؟ كأنّك تسخر منّي وتشكّ في صداقتي لنيوتن.
انظر، ألا ترى كيف أصبح العالم قرية والبعيد قريبا؟
نيوتن هذا، صديقي.
أنت كذلك صديقي. إذن، هو أيضا صديقك. أليس كذلك؟
ذات يوم، قال لي نيوتن: "أفلاطون صديقي وأرسطو صديقي، لكنّ أفضل أصدقائي هو الحقيقة".
في الحقيقة، غضبت من كلامه، يومها، غضبا شديدا. لم يعتبرني صديقه مثل أفلاطون وأرسطو، هل تعرفهما أنت؟ والحقيقة، صديقته المفضّلة، هل تعرفها أنت من تكون؟
لقد خيّب ظنّي نيوتن. ومع ذلك، أنا أحبّه كثيرا وأحبّ أن ألعب معه في الحديقة لعبة "التّراشق بالتّفّاح".
هل تلعبها معي؟
0 comments:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.