14 سبتمبر 2011

إصدارات: العقل والدين من الخطاب الإصلاحي إلى الخطاب العلماني




المصدر: الدستور

هل ما زالت إشكالية الدين والعقل هي الإشكالية الحاكمة في الثقافة العربية الإسلامية على امتداد تاريخها؟ ولماذا؟ وهل ثمة تيارات متمايزة في الفكر العربي المعاصر تنحاز لأحد طرفي ثنائية العقل والدين على حساب الطرف الآخر بما يفضي إلى الصدام بينهما بل ومحاولة أحدهما إقصاء الآخر أو إزاحته أو حتى تهميشه؟

في كتابه الجديد «العقل والدين.. من الخطاب الإصلاحي إلى الخطاب العلماني»، الصادر حديثا عن دار "رؤية" بالقاهرة، يناقش مؤلفه الدكتور أحمد محمد سالم إشكالية العلاقة بين الدين والعقل في الثقافة العربية الحديثة، انطلاقا من أن العلاقة بين الدين والعقل هي إشكالية حاكمة في ثقافتنا العربية الإسلامية على مدار تاريخها قديماً وحديثاً، فالثقافة العربية في عصور ازدهارها هي ثقافة تعطي أولوية للنقل على العقل، حتى وإن أوهم بعض نتاج هذه الحضارة بغير ذلك كما في عنوان كتاب ابن تيمية الموسوم بـ"درء التعارض بين العقل والنقل" والذي ينحاز فيه بشكل سافر لإلغاء العقل وتقديم النقل دون تأويل.

ولذلك فإن بعض المذاهب والفرق الإسلامية التي أعطت الأولوية الأولى والكبرى للعقل، كما نرى عند المعتزلة أو مجمل المشروع الفلسفي والفكر لدى ابن رشد مثلا لم تلق رواجا ولم تكن من القوة والنفوذ والانتشار بما يسمح لها بحفر مجرى عميق في مسار الفكر العربي، وذلك على الرغم من أن اهتماماتها نبعت من نفس إشكاليات ثقافتنا العربية، ولكن سلطة الفقهاء وسلطة السياسة كان لهما الدور الأبرز في وأد أي توجه في ثقافتنا ينحو نحو إعطاء الأولوية للعقل أو إعطائه السلطة المركزية ولهذا لم يكتب لمثل هذه المحاولات أو التيارات النمو والازدهار في ثقافتنا

من جانب آخر، وكما يرى مؤلف الكتاب، كانت ذات الإشكالية هي الحاكمة أيضا في ثقافتنا العربية المعاصرة حيث رأى دعاة الإصلاح ومفكري النهضة أن العقل يدور في رحى النص، فهو تابع له دائر في فلكه، يحتل المرتبة التالية له والمنقوصة عنه درجة وأحيانا درجات في حين رأت معظم التيارات الليبرالية والعلمانية في ثقافتنا الحديثة أنه من الضروي بل من اللازم أن نتبع أسس التقدم الغربي وأن نأخذ بأسبابه في كل مناحي الحياة في التقدم العلمي وفي النظم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

الفكرة المحورية البارزة في نتاج الدكتور سالم والتي سعى لإثباتها والتدليل عليها عبر كتبه ومؤلفاته جميعا، تنطلق من أن الإسلام لا يتعارض مع العلمانية في النظرة إلى الواقع، وذلك لأن ما بينهما من تقارب أكبر بكثير مما بينهما من تباعد، فكلاهما يعتبر أهمية كبرى لدور الزمن في إدارة شؤون الحياة الإنسانية، وكذا فإن كليهما يركز على الاهتمام بالدنيا.

مؤلف الكتاب الدكتور أحمد محمد سالم، أستاذ الفلسفة والفكر المعاصر بكلية الآداب جامعة طنطا، له مجموعة من المؤلفات التي تتبع فيها جذور الفكر الإصلاحي والدعوة إلى الدولة المدنية والنهضة الحضارية، ومعالجة إشكالية التراث والمعاصرة لدى عدد من أهم مفكري النهضة. وأولى مشروع الشيخ أمين الخولي الفكري وخطابه التجديدي عناية خاصة، واشتغل على عدد من نصوصه التأسيسة المهمة.. أخرج عددا من الكتب المهمة، منها «الإسلام العقلاني ـ تجديد الفكر الديني عند أمين الخولي»، 2008، «إشكالية التراث في الفكر العربي المعاصر ـ دراسة نقدية مقارنة بين حسن حنفي وعابد الجابري».




لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.