03 مايو 2009

الفردوس على الناصية الأخرى (ماريو بارغاس يوسا)

قراءات: رواية "الفردوس على الناصية الأخرى" لـ(ماريو بارغاس يوسا)

ملحوظة: يوجد وصف تفصيلي للكتاب قد يُفسد على القارئ الذي لم يقرأ الكتاب متعة القراءة!



ترجم الكتاب: صالح علماني

تُحفةٌ أدبية هي هذه الرواية!!
لم اقرأ من قبل لهذا المؤلف البيروفي رغم أنني سمعتُ الكثير عنه وعن روايته الأشهر "حفلة التيس". وعرفتُ عنه أكثر بعد زيارته لعددٍ من الدول العربية مؤخرًا.

ما يثبته (ماريو يوسا) في هذه الرواية هو أن الكتابة الروائية فنٌ وعلمٌ وحياة. أمضى أربع سنين في كتابة هذه الرواية ليقدّم للعالم ما يسميه الغرب MASTERPIECE.

عندما تبدأ في قراءة الرواية تجد أن الفصول تتوزع بين قصتين، واحدة لمناضلة تسعى لتحرير العمال وإحلال المساواة وإقامة عالمٍ دنيوي عادل، والأخرى لفنانٍ يهيمُ في جزر بعيدة باحثًا عن السعادة والإلهام والفنّ الذي يحرر العالم من تعقيدات الحياة الأوروبية.

ولا يكتشف القارئ الرابط بين الحكايتين إلا بعد فصولٍ عديدة، حيث يتبيّن أن المناضلة هي جدة الفنان، ويحكي لنا (ماريو يوسا) الحكايتين معًا رغم الاختلاف الزمني!! ألا ترون معي هذا الإبداع ؟؟!! كيف يجعلك الكاتب تنسجم مع حكايتين لشخصين يربطهما الدم والهدف، وتفصل بينهما سنون عديدة؟؟

والأهم من ذلك أن الرواية عن أشخاصٍ حقيقيين، فما الفنان إلا الرسام الفرنسي الشهير (بول جوجان)، وما المناضلة إلا جدته فلورا تريسيان. يحكي لنا (يوسا) عنهما يمزيجٍ من الواقع والخيال، فهو يرى أن الرواية ليست وثيقة تاريخية بل تخيّل إبداعي ينسج على الحقائق.

أما الثيمة الرئيسية في الرواية فهي البحث عن السعادة، عن الفردوس. كلٌ منا يبحث عن فردوسٍ في حياته، على اختلاف أهدافنا ومشاربنا. والعنوان "الفردوس على الناصية الأخرى" مأخوذ من لعبة يلعبها الأطفال في إسبانيا وغيرها من الدول، حيث تُرسم دوائر على الأرض ويُغمض أحد الأطفال عينيه ثم يتقافز على الدوائر بحثًا عن الدائرة المطلوبة. وفي كل مرة يسأل: "هل الفردوس هنا؟" فيجيبه أصحابه: "كلا يا سيدي..جرّب مرة أخرى فربما الفردوس على الناصية الأخرى".

الرواية طويلة تقع في 462 صفحة، مليئة بالشخوص والأحداث والأماكن، ولكن الأهم برأيي هو الأسلوب الروائي. ربما يجدر بكل روائي أو قاصّ أن يقرأ هذه الرواية. لستُ خبيرًا أدبيا، ولكنني أظنّ بأن في هذه الرواية تقنيات كثيرة جديدة رائعة يجب أن يستفيد منها الروائيون.

الشكر كل الشكر للمترجم الرائع (صالح علماني) على ترجمته الجميلة، رغم بعض الأخطاء والحرفية هنا وهناك. الرواية صعبة ولا بدّ أنها أجهدته.

أوصي بقراءة هذه الرواية، لمن له نفسٌ طويل وحبٌ للأدب الحقيقي لا الأدب الذي يقتصر على الإمتاع.

10/10 يا يوسّا..
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.