03 مايو 2009

الجنية (غازي القصيبي)

قراءات: كتاب "الجنية" لـ(غازي القصيبي)


لطالما استهوتني كتاباتُ (غازي القصيبي) بكل أنواعها، شعرًا ونثرًا وبحثًا، منذ أول قصيدة قرأتها له في المرحلة الإبتدائية، والتي كانت بمناسبة افتتاح جسر الملك فهد بين السعودية والبحرين، حيث يقول في مطلعها:

ضربٌ من العشقِ لا دربٌ من الحجرِ
هذا الذي سار بالواحات للجُزرِ


ثم عشقي الطفولي لقصيدته (أطفلة الأمس) من خلال الأغنية التي غنّتها فرقة (سلطانيز)، ثم افتتاني ب(شقة الحرية) و(العصفورية) و(أبو شلاخ البرمائي) و(7) و(حياة في الإدارة).

يعودُ (القصيبي) هذا العام بكتاب (الجنيّة)، ويصنّفه على أنه (حكاية) رغم إصرار الناشر على أنها (رواية). من قرأ للقصيبي رواية (العصفورية) يستنتج أنه تطرق للجنيات سابقًا، ولكنه تعمّق كثيرًا هذه المرة. باختصار هي حكاية شاب سعودي تزوج من جنيّة! ولكن القصيبي يُدهشك بالأحداث والتفسيرات والتفاصيل الطريفة. ولا ينسى أن يسخر ويبعث رسائل ساخرة انتقادية بين السطور بذكاءٍ شديد، خصوصًا على لسان الجنيّ (قنديش) الباحث الإنثروبولوجي.

سمعتُ أن الكثيرين أصابهم الإحباط بعد قراءة (الجنية)، وأنها جاءت على خلاف توقعاتهم. قد أتفق معهم في أنها ليست بمستوى (القصيبي)، ولكن يجب أن نعرف ماذا نقرأ. عندما تقرأ (للقصيبي) لا تبحث عن التركيب الروائي والثيمات والعقدة وما إلى ذلك، فهذا ما تجده عند (منيف) و (عبده خال) وغيرهم. أما كتابات (القصيبي) فتنتمي إلى نوعٍ غريب من الأدب، قد يندرج تحت أدب الهروب كما يسميه الغرب Escape Literature، والذي يهدف إلى إمتاعك وسرقتك من العالم الصاخب. ولكن ذلك لا يعني بحال أنك لا تستفيد من كتابات (القصيبي)، بل على العكس تجد ثقافة موسوعية ممتعة ومفيدة قد لا تجدها مع غيره.

وما فعله (القصيبي) هو أنه قام بتوظيف التراث الشعبي والدراسات الأكاديمية والكتب الفقهية ومزجها بحسّه الفكاهي الأدبي لينتج هذا الكتاب. هو كتابٌ لطيف ممتع، يصلح لمن يريد الهروب من (وجع الرأس). وشخصيًا لا أجد كاتبًا أفضل من (القصيبي) يخرجني من حالات الضيق والكآبة أو الإرهاق الاجتماعي.
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر Twitter Facebook

0 comments:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.