In the Country of Men, by Hisham Matar
صدرت الرواية الأولى للكاتب الليبي هشام مطر باللغة الإنجليزية عام 2006 ومرة أخرى عام 2007 وُترجمت إلى 22 لغة، كما تم ترشيحها لنيل جائزة (المان بوكر). وهشام مطر بريطاني الجنسية ليبي الأصل وُلد في نيويورك وأمضى طفولته في ليبيا ومصر، ويعيش في لندن منذ عام 1986.
كُتبت الرواية على لسان الطفل (سليمان)، يسرد لنا وقائع طفولته في ليبيا بعد ثورة معمر القذافي. ويغوص القارئ مع سردٍ محايد لعلاقة (سليمان) بأمه وأبيه وجيرانه وأصدقائه، والأحداث المثيرة التي مرّت بها أسرته وليبيا عمومًا في تلك الفترة الرهيبة. نجح هشام مطر بامتياز في كتابة سردٍ من وجهة نظر طفل، بلا انفعالات ولا عواطف ولا تقييم لأي شيء: سردٌ موضوعي وكأنك تستمع لطفلٍ صغير. فمثلا يشير (سليمان) إلى الزجاجة التي تشتريها أمه خفية بـ"الدواء" الذي تحتاج إليه بسبب "مرضها" والذي دائمًا ما يجعلها تقول وتفعل أشياء لا تذكرها في اليوم التالي. كما يسرد لنا (سليمان) وقائع القبض على جاره (الأستاذ راشد) والتحقيق معه ومن ثم مشهد إعدامه بكل تفاصيل القمع والدموية، ولا يشعر القارئ بأي تعاطف أو انفعال. و(سليمان) بسذاجته الطفولية كاد أن يشي بأبيه ربما رغبة في مساعدة رجال المخابرات! ويحكي لنا (سليمان) عن عودة أبيه من (رحلة عمل) تغيّرت إثرها معالم جسده، حتى أن أمه غطّت جميع المرايا في البيت لكي لا يرى الاب نفسه.
لا أريد أن (أحرق) الرواية، ولكنها بالفعل من أروع ما كُتب في السنين الأخيرة. ورغم أنها الرواية الأولى لهشام مطر، إلا أنها تشي بأديبٍ كبير قادم، وموهبة لغوية وسردية على مستوى عالٍ جدًا. هي رواية تضرب على وتر الاغتراب بكل مستوياته، السياسية والاجتماعية والنفسية. ومن أكثر ما أمتعني في هذه الرواية أن الكاتب استطاع أن يكتب رواية (عربية) بلغة إنجليزية، فلم يتجاهل الثقافة العربية بل ضمّنها بكل تفاصيلها وشوائبها. كما أنك تشعر في كثير من الأحيان أن اللغة بها نفسٌ عربي لا يتعارض مع رصانتها الإنجليزية.
خمس سنوات قضاها الكاتب في كتابة روايته، وأرى أنه أجاد إيما إجادة. (عشرة على عشرة يا هشام)!
لنشر الموضوع على الفيس بوك والتويتر
صدرت الرواية الأولى للكاتب الليبي هشام مطر باللغة الإنجليزية عام 2006 ومرة أخرى عام 2007 وُترجمت إلى 22 لغة، كما تم ترشيحها لنيل جائزة (المان بوكر). وهشام مطر بريطاني الجنسية ليبي الأصل وُلد في نيويورك وأمضى طفولته في ليبيا ومصر، ويعيش في لندن منذ عام 1986.
كُتبت الرواية على لسان الطفل (سليمان)، يسرد لنا وقائع طفولته في ليبيا بعد ثورة معمر القذافي. ويغوص القارئ مع سردٍ محايد لعلاقة (سليمان) بأمه وأبيه وجيرانه وأصدقائه، والأحداث المثيرة التي مرّت بها أسرته وليبيا عمومًا في تلك الفترة الرهيبة. نجح هشام مطر بامتياز في كتابة سردٍ من وجهة نظر طفل، بلا انفعالات ولا عواطف ولا تقييم لأي شيء: سردٌ موضوعي وكأنك تستمع لطفلٍ صغير. فمثلا يشير (سليمان) إلى الزجاجة التي تشتريها أمه خفية بـ"الدواء" الذي تحتاج إليه بسبب "مرضها" والذي دائمًا ما يجعلها تقول وتفعل أشياء لا تذكرها في اليوم التالي. كما يسرد لنا (سليمان) وقائع القبض على جاره (الأستاذ راشد) والتحقيق معه ومن ثم مشهد إعدامه بكل تفاصيل القمع والدموية، ولا يشعر القارئ بأي تعاطف أو انفعال. و(سليمان) بسذاجته الطفولية كاد أن يشي بأبيه ربما رغبة في مساعدة رجال المخابرات! ويحكي لنا (سليمان) عن عودة أبيه من (رحلة عمل) تغيّرت إثرها معالم جسده، حتى أن أمه غطّت جميع المرايا في البيت لكي لا يرى الاب نفسه.
لا أريد أن (أحرق) الرواية، ولكنها بالفعل من أروع ما كُتب في السنين الأخيرة. ورغم أنها الرواية الأولى لهشام مطر، إلا أنها تشي بأديبٍ كبير قادم، وموهبة لغوية وسردية على مستوى عالٍ جدًا. هي رواية تضرب على وتر الاغتراب بكل مستوياته، السياسية والاجتماعية والنفسية. ومن أكثر ما أمتعني في هذه الرواية أن الكاتب استطاع أن يكتب رواية (عربية) بلغة إنجليزية، فلم يتجاهل الثقافة العربية بل ضمّنها بكل تفاصيلها وشوائبها. كما أنك تشعر في كثير من الأحيان أن اللغة بها نفسٌ عربي لا يتعارض مع رصانتها الإنجليزية.
خمس سنوات قضاها الكاتب في كتابة روايته، وأرى أنه أجاد إيما إجادة. (عشرة على عشرة يا هشام)!
1 comments:
لقد رأيت هذا الكتاب في borders و شدني كثيرا حتى إني بدأت يقراءة أول صفحاته و أود كثيرا الان لو اقرأه بعد قرأة ما كتبته عنه.
و يوجد كتاب مشابه له اسمه On the Hills of God - Ibrahim Fawaal
كتاب لكاتب فلسطيني\أمريكي عن النكبة و قد نشره الكاتب باللغة الانجليزية و هو كتاب جميل جدا جدا مع أنه محزن و لكن الكاتب حافظ على الثقافة العربية و أسلوب كتابته كان راقيا جدا و من المؤسف أن الكتاب غير مشهور بالدرجة التي يستحقها، يتحدث الكتاب عن جميع تفاصيل النكبة و بالفعل تعيشها معهم من بدايتها حتى يتفككون شيئا فشيئا و يعود الألم و تتحسر من جديد على دولنا العربية!
أشجعك على أن تقرأ هذا الكتاب لأنه يستحق القراءة...
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.