ترجم الكتاب: باسم حجار
عندما بدأتُ أقرأ هذه الرواية لم أتشجع كثيرًا لإتمامها، ذلك لأن موضوعها يتعلق بمذكرات السجن السياسي، وقد سئمتُ من هذا الموضوع الذي تناوله الكثيرون مثل مصطفى أمين وعبدالرحمن منيف وتركي الحمد ونوال السعداوي وغيرهم الكثير. ولكنني أعجبتُ كثيرًا بهذه الرواية التي رسمت صور العذاب والمرارة والشقاء بشكل قد لا يفارق الذاكرة.
الطاهر بن جلون يستلهم وقائع هذه الرواية من شهادة أحد الناجين من سجن (تزمامارت) في المغرب، والذين سجنوا عقابا على انقلاب عسكري حاولوا تنفيذه.
نتعرف في الرواية على الراوي الذي يحكي لنا القصة (سليم)، وسجن (تزمامارت) الذي هو عبارة عن حفرة في مكانٍ ما في المغرب، كما نتعرف على زملاء (سليم) الذين مات أكثرهم من الأمراض والأوجاع وفقدان الرغبة في الحياة.
هناك (غربي) المسجون المتدين الذي كان يعلمهم القرآن ويتلوه عند وفاة أحدهم، وهناك المسؤول عن الوقت والذي قضى أيامه كلها في حساب الوقت ليعرف في أي يوم وأي شهر وأية سنة هم. في المعتقل لا ضوء أبدًا، ولا شيء غير الزنزانة الضيقة والماء والقهوة الرديئة والخبز اليابس وبعض النشويات وبطانيتين. وفي كل زنزانة حفرة صغيرة يفرغ فيها كل سجين مخلفاته، ولكم أن تتخيلوا سجنًا ضيقا تفوح منه مثل تلك الروائح طوال الوقت.
هناك الكثير ليُقال عن هذه الرواية، ومهما قلتُ هنا أظلمها. هي رواية من أروع ما قرأت في أدب السجون. الطاهر بن جلون روائي محترف يعرف كيف يضحكك وكيف يقززك، ويثير عواطفك كلها على أنواعها. لن أنسى مشهد الحمامة التي دخلت السجن بالخطأ فأخذها السجناء واعتنوا بها، ثم قرروا إطلاق سراحها. وقبل إطلاق سراحها قام كل منهم بتلقينها رسالة إلى شخصٍ ما. منهم من أرسل إلى أمه، ومنهم من أرسل إلى حبيبته، ومنهم من أرسل إلى منظمات حقوق الإنسان، إلا أن واحدًا منهم قال ما معناه "ليس لديّ من أرسل إليه!".
رواية رائعة...إن قرأتموها لن تنسوا مشاهدها المؤلمة لفترة طوييييلة!
4 comments:
من أجمل الروايات التي أطلعت عليها، لها أحداث وصور تحفر في الذاكرة ويصعب نسيانها!
حتى سقف غرفتك ستنظر له نظرة أخرى بعد هذه الرواية!
وتقول ياااه ما أجمل السقف المرتفع!
إيمان..
هذا بالضبط ما شعرت به بعد قراءة الرواية!
أحمد
عبقرية بن جلون كانت في تصويره الأدبي البليغ لمشاهد مؤلمة من حياة نزلاء سجن تزمامارت،
هذه العبقرية تجعلك تقف أمامها محتارا: هل تصفق للغة السردية الرائعة أم تبكي و أنت ترى كيف يتحول الإنسان
إلى مخلوق بائس و ذليل بسبب السجن و القهر و العذاب و المرض و الظلام .
رائع هذا الكاتب!
سكر مر
فعلا تلك العتمه كانت باهره يا الطاهر
لمى كنت اقراء الروايه كنت ارجع كم صفحه اتاكد كم سنه لهم !!!
سلام
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.